الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السنة، فأنكر عليه الزيادة على فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان فيها تعظيم. ذكر ذلك القاضي أبو يعلى في الجامع الكبير، وحكاه عنه ابن مفلح في غير موضع من آدابه وفروعه (1).
(1) الآداب الشرعية لابن مفلح ج 2 ص 295، والفروع له أيضا ج 1 ص 195
الخلاف في حكم تحلية المصحف:
أ -
القائلون بالمنع:
لقد ذهب إلى القول بحظر تحلية المصاحف بالنقدين جمهور أهل العلم على اختلاف بينهم في كون الحظر على سبيل التحريم أو على سبيل الكراهية، وهل يقتصر الحظر على التحلية بالذهب أم يشمل التحلية بالفضة أيضا؟ وهل يختص المنع ما كان من المصاحف في حق الرجال أم يتناول مصاحف النساء كذلك؟ وهل الكتابة بالذهب تعطى حكم التحلية، أم أن لها حكما يخصها؟ وهل للتمويه بالنقدين حكم التحلية بهما؟
فقد صرح جماعة من أهل العلم بتحريم ذلك كله ففي المهذب عد في محرم الاستعمال ما يحلى به المصحف وأوجب فيه الزكاة، لأنه عدل به عن أصله بفعل غير مباح فسقط حكم فعله
وبقي على حكم الأصل (1).
وعده في المجموع الأصح (2). وذكره في روضة الطالبين وجها من أربعة أوجه، ونقل التحريم عن نصه في سير الواقدي (3)، وهو الذي جزم به ابن قدامة في المغني، وقال:(لا يجوز تحلية المصاحف ولا المحاريب)(4). وذكره في الآداب قولا رابعا لأصحاب أحمد، وعبر عنه ب (قيل) إشارة إلى تضعيفه (5)، وذكر في الفروع نحوا منها وعزاه إلى الموفق وغيره قال: قال ابن الزاغوني: (يحرم كتبه بذهب لأنه من زخرفة المصحف، ويؤمر بحكه، فإن كان تجمع منه ما يتمول زكاه).
قلت: فظاهر كلام ابن الزاغوني تحريم التحلية مطلقا قياسا على قوله بتحريم الكتابة بالذهب بل أولى، لأنه إذا قال بتحريم الكتابة بالذهب، والأمر فيها أوسع فلأن يقول بتحريم التحلية من طريق الأولى.
والقول بتحريم التحلية هو مقتضى الوعيد، الذي انطوت
(1) المهذب لأبي إسحاق الشيرازي ج 1 ص 158.
(2)
المجموع للنووي ج 6 ص 35 وص 42.
(3)
روضة الطالبين للنووي ج 2 ص 344
(4)
المغني ج2 ص 611
(5)
الآداب الشرعية ج 2 ص 343، 344
عليه الآثار السالف ذكرها، عن أبي الدرداء وأبي بن كعب وأبي هريرة وأبي ذر وعمر رضي الله عنهما أجمعين -.
وذهب فريق من أهل العلم إلى القول بكراهة تحلية المصاحف، وهو مقتضى المروي عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما على ما مر في حجة المانعين، والقول بكراهة التحلية محكي عن أبي أمامة، وإبرهيم النخعي، وأبي يوسف ومحمد بن الحسن صاحبي أبي حنيفة (1)، ورواية ثانية عن الإمام مالك وهي في مقابل المشهور عنه (2)، وهو وجه عند الشافعية، وهو المذهب عند أصحابنا الحنابلة. وجزم في الإقناع وشرحه بالكراهة، قال البهوتي في الكشاف:(وتكره تحليته بذهب أو فضة - نصا لتضييق النقدين (3)، وقال في موضع آخر من الكشاف
(1) بدائع الصنائع للكاساني ج 2 ص 16، 17، وفتح القدير لابن الهمام ج 1 ص 299، ج7 ص 244.
(2)
البيان والتحصيل لابن رش ج 17 ص 34، 35، والخرشي على خليل ج 1 ص 98، 99.
(3)
كشاف القناع ج 1 ص 155 للبهوتي.