الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك لأهداف تربوية سامية تفضي إلى حياة القلوب بالتعلق بالله سبحانه وتعالى كما أن فيها التودد إلى أفراد المجتمع صغيرة وكبيرة، وإبراز محاسن هذا الدين.
المبحث الأول:
مزاحه صلى الله عليه وسلم مع أهل بيته
في هذا المبحث بعض ملاطفاته ومزاحه المليء بالتربية، وهذا نتيجة حتمية لما عرف عنه صلى الله عليه وسلم من الخيرية لأهله ولأمته عامة.
فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي (1)»
ومن الخيرية بعد أداء الواجبات، الصفح والألفة وحسن المعاشرة وطلاقة الوجه وهذا بعض تلك الأخلاق.
الحديث الأول:
روى البخاري ومسلم.
بسندهما إلى عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما: «يا عايش هذا جبريل يقرئك السلام، فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته (2)»
(1) أبو داود في السنن (4899)، والترمذي: 5/ 709 وقال: حسن غريب صحيح وأورده الشيخ ناصر الدين في صحيح جامع الترمذي برقم: 3057
(2)
متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب الفضائل باب فضل عائشة. الفتح: 7/ 106، ومسلم في فضائل الصحابة باب فضل عائشة، حديث 91/ 2447
قال النووي: (فيه أي في هذا الحديث من الفوائد فضيلة ظاهرة لعائشة رضي الله عنها، وفيه دليل لجواز الترخيم (1) وقال الحافظ: (في هذا الحديث منقبة عظيمة لعائشة)(2).
قلت: فترخيمه صلى الله عليه وسلم لاسم عائشة من باب المزاح والملاطفة للأهل.
(1) شرح النووي على مسلم: 8/ 227
(2)
فتح الباري: 7/ 108
الحديث الثاني:
ومن طيب معاشرته صلى الله عليه وسلم لأهله والمبالغة في حسنها وطيبها قوله لعائشة: «كنت لك كأبي زرع لأم زرع (1)» وهذا جزء من حديث طويل اقتصرنا على محل الشاهد منه.
(1) متفق عليه، البخاري في النكاح باب حسن المعاشرة مع الأهل من حديث عائشة قالت: جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا. . . الفتح: 9/ 254، ومسلم في الفضائل باب ذكر حديث أم زرع: 92/ 2448. قال القرطبي معلقا على هذا الحديث: الصحيح أنه كله من قول عائشة رضي الله عنها إلا قول النبي صلى الله عليه وسلم لها (كنت لك كأبي زرع لأم زرع) هذا هو المتفق عليه عند أهل الصحيح، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم: 6/ 333 وكذا قال الحافظ في الفتح: 9/ 276 وقال: وجاء باقيه خارج الصحيح مرفوعا كله
قال النووي: قال العلماء هو تطييب لنفسها، وإيضاح لحسن معاشرته إياها ومعناه: أنا لك كأبي زرع. . . وقال: قال العلماء في حديث أم زرع هذا فوائد، منها: استحباب حسن المعاشرة للأهل، وجواز الإخبار عن الأمم الخالية، وأن المشبه بالشيء لا يلزم كونه مثله في كل شيء. ومنها: أن كنايات الطلاق لا يقع بها طلاق إلا بالنية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة:«كنت لك كأبي زرع لأم زرع (1)» ومن جملة أفعال أبي زرع أنه طلق امرأته أم زرع. ولم يقع على النبي صلى الله عليه وسلم طلاق بتشبيهه لكونه لم ينو الطلاق (2). وقال الحافظ: في هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم حسن عشرة المرء أهله بالتأنيس والمحادثة بالأمور المباحة ما لم يفض ذلك إلى ما يمنع.
وفيه المزح أحيانا وبسط النفس به ومداعبة الرجل أهله وإعلامه لمحبته لها ما لم يؤد ذلك إلى مفسدة تترتب على ذلك من تجنيها عليه وإعراضها عنه. . وجواز الانبساط بذكر طرف الأخبار ومستطابات النوادر تنشيطا للنفوس (3).
(1) صحيح البخاري النكاح (5189)، صحيح مسلم فضائل الصحابة (2448).
(2)
شرح النووي على مسلم: 8/ 238
(3)
الفتح 9/ 276
الحديث الثالث:
ومن مزاحه صلى الله عليه وسلم لأهله حتى ولو كان ذلك في
حالة الشكوى والمرض ما رواه الإمام أحمد بن حنبل في المسند من طريق محمد بن إسحاق بسنده إلى عائشة رضي الله عنها قالت: «رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم من جنازة بالبقيع وأنا أجد صداعا في رأسي وأنا أقول: وارأساه فقال: (بل أنا يا عائشة، وارأساه) ثم قال: (ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك، ثم صليت عليك ودفنتك) قلت: لكأني بك، والله لو فعلت ذلك لقد رجعت إلى بيتي فعرست فيه ببعض نسائك. قالت: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بدئ بوجعه الذي مات فيه (1)» .
(1) رواه أحمد في المسند: 6/ 228 ومن طريقه ابن ماجه في سننه حديث: 1465 والبيهقي في دلائل النبوة من طريق ابن إسحاق قال: حدثنا يعقوب بن عتبة 7/ 167 - 169، وفي سننه الكبرى 3/ 530، وأورده المزي في تحفة الأشراف 11/ 482 حديث (16313)، وعزاه للنسائي في الوفاة من سننه الكبرى، وابن هشام في السيرة: 4/ 292، ورواه ابن حبان في صحيحه كما في التلخيص: 2/ 107، ونقل عن البيهقي أنه أعله بابن إسحاق، وقال الحافظ: لم يتفرد به، بل تابعه عليه صالح بن كيسان عند أحمد: 6/ 144 عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بدئ فيه فقلت: وارأساه، فقال: وددت أن ذلك كان وأنا حي فهيأتك ودفنتك، قالت: فقلت غيرى: كأني بك في ذلك اليوم عروسا ببعض نسائك، قال: وأنا وارأساه. . . ورواه البخاري في كتاب المرضى باب ما رخص للمريض أن يقول: إني وجع، أو وارأساه، واشتد بي الوجع من طريق القاسم بن محمد عن عائشة. البخاري مع الفتح 10/ 123 حديث (5666)، وأورده البوصيري في زوائد ابن ماجه وقال إسناد رجاله ثقات وأشار إلى رواية البخاري بقوله ورواه البخاري من وجه آخر عن عائشة مختصرا، ورواه النسائي في كتاب الوفاة وليس في روايتنا. مصباح الزجاجة على زوائد ابن ماجه 2/ 25، وصححه الشيخ ناصر الدين في إرواء الغليل: 3/ 160 وأيضا صحح إسناده د / بشار عواد في تعليقه على سنن ابن ماجه ونبه على تصريح ابن إسحاق بالتحديث في سيرته: 4/ 292، وعند البيهقي في دلائل النبوة: 7/ 168، 169 كما ذكر ذلك قبله الشيخ ناصر الدين
الحديث الرابع:
ومن مزاحه وملاطفته لأهله، ما رواه أبو داود بسنده إلى هشام بن عروة عن أبيه وأبي سلمة عن عائشة رضي الله
(1) رواه أبو داود في سننه، حديث: 2578، والنسائي في الكبرى: 5 / حديث (8945) والبيهقي في السنن الكبرى: 10/ 31، ورواه أحمد في المسند: 6/ 39 كلهم عن أبي إسحاق الفزاري عن هشام بن عروة، ورواه ابن ماجه في سننه، حديث (1979)، والنسائي في الكبرى: 5/ 303، حديث: 8942، والطبراني في الكبير: 23/ 47 حديث: (125)، وابن حبان في صحيحه، حديث:(4672) كلهم من طريق سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة به. ورواه النسائي في الكبرى: 5/ 304 من طريق هشام بن عروة عن رجل عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة، قال المزي: فيه اختلاف على هشام وغيره. تحفة الأشراف: 12/ 374. وذكر قبل هذا أنه اختلف فيه على أبي إسحاق الفزاري وغيره. تحفة الأشراف: 12/ 369، والحديث رواه هشام بن عروة عن أبيه عروة وأبي سلمة بن عبد الرحمن وقد رجح ابن التركماني رواية سفيان بن عيينة عن هشام على رواية أبي إسحاق الفزاري فقال: أخرجه النسائي من حديث أبي إسحاق الفزاري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وكذلك أخرجه النسائي وابن ماجه من طريق سفيان بن عيينة، عن هشام عن أبيه، عن عائشة، فينبغي أن يكون هذا هو الصواب، لاجتماع عدة من الرواة عليه، ويحتمل أنه سمع الحديث من أبيه ومن أبي سلمة. انظر: الجوهر النقي بهامش السنن الكبرى للبيهقي: 10/ 31 والحديث صحح سنده الشيخ ناصر الدين في تعليقه على المشكاة، حديث (3251) والدكتور بشار عواد في تعليقه على سنن ابن ماجه، حديث:(1979)
الحديث الخامس:
ومن مزاحه مع أهل بيته ما رواه النعمان بن بشير قال: «استأذن أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم فسمع صوت عائشة عاليا، فلما دخل تناولها ليلطمها، وقال: لا أراك ترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يحجزه من الرجل. قال: فمكث أبو بكر أياما ثم استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدهما قد اصطلحا، فقال لهما أدخلاني في سلمكما كما أدخلتماني في حربكما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد فعلنا (2)» .
(1) الحديث رواه أحمد في المسند، حديث:(18394) وأبو داود في السنن، حديث:(4999)، والنسائي في الكبرى، حديث:(9155) وقد صحح إسناده شعيب الأرناؤوط، فقال: إسناد صحيح على شرط مسلم وأورده الخطيب التبريزي في المشكاة، حديث:(4891) ولم يعلق عليه المحقق الشيخ ناصر الدين
(2)
(1)، وخرج أبو بكر مغضبا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج أبو بكر: كيف رأيتني أنقذتك