الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
أحوال العرب الدينية قبل البعثة وبداية ظهور الشرك
وتحته ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: العرب كانوا على شريعة إبراهيم عليه السلام قبل ظهور عمرو بن لحي الخزاعي
.
المطلب الثاني: ابتداء عبادة الأصنام.
المطلب الثالث: مظاهر الشرك عند العرب قبل البعثة المحمدية.
المطلب الأول: العرب كانوا على شريعة إبراهيم عليه السلام قبل ظهور عمرو بن لحي الخزاعي:
كان العرب قبل ظهور عمرو بن لُحَيّ الخزاعي يتقربون إلى الله ويتعبدون بشريعة إبراهيم عليه السلام، وقد تلقوها من ابنه إسماعيل عليه السلام، وهي الحنيفية التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم ودعا إليها.
فكانوا يعتقدون أن الله وحده لا شريك له، وكانوا يصلون ويصومون ويحجون ويزكون ويصلون الأرحام ويكرمون الأضياف.
وهذه أمور مشهورة في كتب السنة والسير والتاريخ.
فلما طال الأمد، وبعدوا عن زمن النبوة، كثر فيهم الجهل، وقلت معرفتهم بالحنيفية ملة إبراهيم عليه السلام، وجروا على
شهوات أنفسهم، واتبعوا الآراء الفاسدة والمقالات الضالة حتى افترقت كلمتهم، لا سيما بعد أن ظهر فيهم عمرو بن لُحَيّ الخزاعي.
قال هشام بن محمد الكلبي في بيان ما عليه العرب قبل ظهور عمرو بن لحي الخزاعي: "إن إسماعيل بن إبراهيم – صلى الله عليهما – لما سكن مكة وولد له بها أبناء كثير، حتى ملؤوا مكة ونفوا من كان بها من العماليق (1)(2) ضاقت عليهم مكة ووقعت بينهم الحروب والعداوات وأخرج بعضهم بعضًا، فتفسحوا في البلاد والتماس المعاش.
وكان الذي سلخ بهم إلى عبادة الأوثان والحجارة أنه كان لا يظعن بمكة ظاعن إلا احتمل معه حجرًا من حجارة الحرم تعظيمًا للحرم، وصبابة بمكة، فحيثما حلوا وضعوه وطافوا به كطوافهم بالكعبة، تيمّنًا منهم بها، وصبابة بالحرم، وحبًّا له، وهم بعدُ يعظمون الكعبة ومكة ويحجون ويعتمرون على إرث إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام (3) ثم سَلَخَ ذلك بهم إلى أن عبدوا ما اسَتحبُّوا، وَنسوا ما كانوا عليه، واستبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل غيرَه، فعبدوا
(1) هم بنو عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح، وهم أمم تفرقوا في البلاد، انظر: لسان العرب (10/ 271).
(2)
هم بنو عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح، وهم أمم تفرقوا في البلاد، انظر: لسان العرب (10/ 271). ') ">
(3)
سيرة ابن هشام، 1/ 8، وانظر: أخبار مكة (1/ 516 – 165)، البداية والنهاية (2/ 188). ') ">
الأوثان، وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم من قبلهم، وانَتَجثُوا (1) ما كان يَعْبُد قوُم نوح – عليه السلام – منها، على إرث ما بقيَ فيهم من ذكرها، وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم وإسماعيل ينتسكون بها، من تعظيم البيت والطواف به والحج والعمْرة والوقوف على عَرَفَةَ ومُزْدَلفَةَ وإهداء البُدْن والإهلال بالحج والعمرة مع إدخالهم ما ليس فيه منه (2).
فكانت نزار تقول إذا ما أهلَّتْ:
"لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، إلا شريكًا هو لك، تملكه وما ملك".
ويوحدونه بالتلبية ويدخلون معه آلهتهم، ويجعلون مِلْكَها بيده، يقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم:{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} ، أي ما يُوَحدُونَني بمعرفة حقّي إلا جعلوا معي شَريكًا من خَلْقي. . " (3)
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "وكان أهل
(1) أي استخرجوا؛ فالانتجاث: الاستخراج؛ كما في القاموس المحيط مادة (نجث) ص 226. ') ">
(2)
وينظر: أخبار مكة للأزرقي (5/ 161) وما بعدها. ') ">
(3)
انظر: كتاب الأصنام ص 54، وانظر: سيرة ابن هشام، (1/ 80)، والروض الأنف (1/ 167). ') ">