الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من فتاوى سماحة الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
مفتي عام المملكة العربية السعودية
س: النبي: عليه الصلاة والسلام – بعث إلى الثقلين يدعو إلى التوحيد، ويحذر من الشرك، لكن الرسل الذين قبله، هل بعثوا إلى الجن أم للجن أنبياء منهم بعثوا إليهم، حفظكم الله؟
ج: الجمهور على أن الرسل كلهم من البشر، من بني الإنسان ومن الرجال فقط، ومن أهل المدائن والأمصار لا من أهل البادية لغلبة الجفاء والقسوة والجهل عليهم، قال الحسن البصري – رحمه الله: - لم يبعث الله نبيًّا من أهل البادية قط ولا من النساء ولا من الجن: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} ، فالرسل من بني آدم، لكن الجن بلغتهم الدعوة لما دعا الأنبياء الإنس، والله سبحانه وتعالى بلغ دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى الجن كما قال جل وعلا:{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} ، وقال تعالى:
س: هل سيلحق بالناس الذين يدخلون الجنة من يحبونهم ممن دخل النار، أي هل من الممكن إخراج المحبوبين من النار حيث إن جميع مطالب أهل الجنة تُلبى؟
ج: تُلبى مطالب أهل الجنة في حدود ما شرع الله، وتقبل شفاعتهم فيمن رضي الله عنه وأذن له، لكن أن يدخل المشركون الجنة فلا. المشرك قال الله تعالى عنه:{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} ، فلا يشفع الشافعون إلا في الموحدين الذين عظمت ذنوبهم وخطاياهم لكنهم موحدون لم يخرجوا من ملة الإسلام، هؤلاء يمكن الشفاعة فيهم، يقول الله تعالى لملائكته «أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله ومن في قلبه مثقال ذرة من إيمان» (1)، أما المشركون العابدون غير الله الكافرون بالله فهؤلاء لا يرحمهم أحد، ولا يشفع فيهم أحد، قال تعالى:{وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} .
(1) صحيح مسلم الْإِيمَانِ (91)، سنن أبي داود اللِّبَاسِ (4091).
س: ما الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر من حيث التعريف والأحكام؟
ج: هناك فرق: فالشرك الأكبر عبادة غير الله مع الله، وإشراك غير الله مع الله فيما هو حق لله وحده، والشرك الأصغر: دون ذلك كالحلف بغير الله، وكالحلف بالكعبة، والحلف بالنبي، ونحو ذلك، والرياء، فالشرك الأصغر أهون من الأكبر، والشرك الأكبر ينقل من الملة، ويوجب الخلود في النار، والشرك الأصغر لا ينقل من الملة، ولا يوجب الخلود في النار بمشيئة الله تعالى، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه.
س: ما معنى شهادة أن لا إله إلا الله؟
ج: معناها أن تشهد أن الله وحده هو المستحق للعبادة وحده، وأن لا معبود بحق إلا الله، لأن كل معبود سوى الله فهو معبود بالباطل، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} .
س: عندما أغتسل بماء مقروء فيه، هل من الإهانة لكلام الله أن أترك الماء يجري مع المجاري أكرمكم الله؟
ج: الأفضل للإنسان إذا استحم بماء مقروء فيه من القرآن أن يجعله في وعاء خاص، ويريقه في مكان طاهر خارج دورات المياه، هذا أكمل وأفضل وأحوط.
س: إذا مر رجل بين يدي المصلي، ولم يستطع المصلي رده وذلك لسرعة مروره فهل يقطع صلاته؟
ج: النبي صلى الله عليه وسلم أولاً حذر ونهى عن المرور بين يدي المصلي وسترته، فقال «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرًا له من أن يمر بين يديه» (1) متفق عليه، قال أبو النضر أحد رواة الحديث: لا أدري قال أربعين يومًا، أو شهرا، أو سنة. وقال صلى الله عليه وسلم:«إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحره، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان» (2) أخرجه الإمام مسلم، بمعنى دافع قدر الاستطاعة؛ لكن إذا فلت منك ومر بسرعة تحمّل هو الإثم، ولا شيء عليك؛ لكن شريطة أن تكون هناك سترة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس» (3)، أما إذا صلى من غير سترة فأنت والمار كلاكما آثمان.
(1) صحيح البخاري الصَّلَاةِ (510)، صحيح مسلم الصَّلَاةِ (507)، سنن الترمذي الصَّلَاةِ (336)، سنن النسائي الْقِبْلَةِ (756)، سنن أبي داود الصَّلَاةِ (701)، سنن ابن ماجه إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَالسُّنَّةِ فِيهَا (944)، مسند أحمد (4/ 169)، موطأ مالك النداء للصلاة (365)، سنن الدارمي الصلاة (1417).
(2)
صحيح البخاري بَدْءِ الْخَلْقِ (3275)، صحيح مسلم الصَّلَاةِ (505)، سنن أبي داود الصَّلَاةِ (697)، مسند أحمد (3/ 63)، موطأ مالك النِّداءِ لِلصّلاةِ (364)، سنن الدارمي الصَّلَاةِ (1411).
(3)
صحيح البخاري بَدْءِ الْخَلْقِ (3275)، صحيح مسلم الصَّلَاةِ (505)، سنن أبي داود الصَّلَاةِ (697)، مسند أحمد (3/ 63)، موطأ مالك النِّداءِ لِلصّلاةِ (364)، سنن الدارمي الصَّلَاةِ (1411).
س: ما واجب المسلم تجاه حدوث مصيبة؟
ج: على المسلم الذي أصيب بمصيبة أن يصبر ويحتسب ويرضى عن الله عز وجل ولا يتسخط، يقول الله تعالى:{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} .
س: ماذا يقصد بإصلاح ذات البين، وما أجر من قام بذلك؟
ج: هو التوفيق بين المسلمين عموما لأنهم كالجسد الواحد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» (1).
س: ما هو فضل العفو والصلح بين المتخاصمين؟
ج: الصلح بين المتخاصمين له فضل عظيم، يقول الله تعالى:{لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} .
س: هل العفو يسقط الحق عند الله عز وجل؟
ج: قتل النفس يتعلق فيه ثلاث حقوق: حق لأولياء المقتول،
(1) صحيح البخاري الأدب (6011)، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2586)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 270).
وحق لله عز وجل، وحق للمقتول نفسه، فحق الأولياء يسقط بالقصاص أو بالدية أو العفو، وحق الله عز وجل يسقط بالتوبة، ويبقى حق المقتول فيقتص منه يوم القيامة.
س: هل أخذ المال مقابل العفو مسقط للأجر والثواب، وهل يجوز الجمع بينهما؟
ج: نعم، إذا أخذ المال سقط الأجر المترتب على العفو المطلق.
س: ما هي الآثار المترتبة على الصلح والعفو في المجتمع؟
ج: للعفو آثاره الظاهرة في المجتمع، منها: قطع دابر الشر والفساد بين المسلمين، ولم شعث الأمة، وتوحيد الكلمة، ونشر خلق العفو والتسامح بين الناس.
س: ماذا يقصد بقوله صلى الله عليه وسلم: «وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا» ؟
ج: معنى الحديث أن من عفا عمن ظلمه فإن الله يثيبه على عفوه هذا بالعز والرفعة في الدنيا والآخرة على عكس ما يظنه كثير من الناس أن في العفو ذلاًّ أمام من اعتدى عليه.
س: يعتقد البعض عندما يعفو لوجه الله، أن هذا العفو يسقط حق المجني عليه في الآخرة؟
ج: حق المجني عليه حق خاص لا يسقطه العفو بل يبقى حتى يقتص من الجاني يوم القيامة.