الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
دلالات الآيات القرآنية في بيان معنى إيمان المشركين وشركهم في الآية
وتحته سبعة مطالب:
المطلب الأول: المشركون يؤمنون ويقرون بأن الله هو الخالق المدبر الرازق المحيي المميت.
المطلب الثاني: المشركون يدعون الله في الشدة ويشركون به في الرخاء.
المطلب الثالث: المشركون يؤمنون ويقرون بأن الله هو منزل المطر ومحيي الأرض بعد موتها.
المطلب الرابع: المشركون يؤمنون ويقرون بأن الله هو رب العالمين ومع ذلك يتخذون الأنداد.
المطلب الخامس: المشركون يتقربون إلى الآلهة ويعبدونها لكي تشفع لهم عند الله.
المطلب السادس: المشركون في الأمم السابقة لم يردوا على أنبيائهم ورسلهم بعدم الاعتراف بالربوبية.
المطلب السابع: المشركون يحتجون بقضاء الله وقدره على شركهم وأفعالهم القبيحة.
المبحث الثاني
دلالات الآيات القرآنية في بيان معنى إيمان المشركين وشركهم
تنوعت الآيات القرآنية في بيان أن المشركين يصدقون ويؤمنون بأن الله هو ربهم وخالقهم ومالكهم ورازقهم ومدبرهم وهو المحيي المميت الذي ينزل المطر ويحيي به الأرض، ومع ذلك يصرفون العبادة لغيره وإليك بيان ذلك في المطالب التالية:
المطلب الأول: المشركون يؤمنون ويقرون بأن الله هو الخالق المدبر الرازق المحيي المميت:
المشركون يؤمنون بأن الله هو الخالق المدبر ويشركون به، قال الله تعالى لهؤلاء الذين أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانًا محتجًّا عليهم بما أقروا به من توحيد الربوبية على ما أنكروه من توحيد الألوهية، قال تعالى:{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمْ مَنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} .
قال الإمام البغوي في تفسيره: {فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ} هو الذي يفعل هذه الأشياء {فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} أفلا تخافون عقابه في شرككم. وقيل:
أفلا تتقون الشرك مع هذا الإقرار، {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} ، أي: فأين تصرفون عن عبادته وأنتم مقرون به " (1)(2)
وفي سورة المؤمنون: يقول الله للمشركين المكذبين بالبعث العادلين بالله غيره محتجًّا عليهم بما أثبتوه وأقروا به من توحيد الربوبية وانفراد الله بها على ما أنكروه من توحيد الألوهية والعبادة، وبما أثبتوه من خلق المخلوقات العظيمة على ما أنكروه من إعادة الموتى، قال تعالى:{قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} .
قال ابن جرير الطبري: (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المكذبين بالآخرة من قومك: لمن ملك الأرض ومن فيها من الخلق إن كنتم تعلمون مَنْ مالكها؟ ثم أعلمه أنهم
(1) انظر: تفسير البغوي (4/ 132).
(2)
انظر: تفسير البغوي (4/ 132). ') ">
سيقرّون بأنها لله ملكًا، دون سائر الأشياء غيره {قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} ، يقول: فقل لهم إذا أجابوك بذلك كذلك: أفلا تذكرون فتعلمون أن من قدر على خلق ذلك ابتداء فهو قادر على إحيائهم بعد مماتهم وإعادتهم خلقًا سويًّا بعد فنائهم) (1)
وقال ابن كثير – رحمه الله: " ولهذا قال لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين العابدين معه غيره المعترفين له بالربوبية وأنه لا شريك له فيها، ومع هذا فقد أشركوا معه في الإلهية فعبدوا غيره معه، مع اعترافهم أن الذين عبدوهم لا يخلقون شيئًا ولا يملكون شيئًا ولا يستبدون بشيء، بل اعتقدوا أنهم يقربونهم إليه زلفى:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ، فقال:{قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا} {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} ، أي فيعترفون لك بأن ذلك لله وحده لا شريك له، فإذا كان ذلك:{قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} أنه لا تنبغي العبادة إلا للخالق الرازق لا لغيره، {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} أي فكيف تذهب عقولكم في عبادتكم معه غيره مع اعترافكم وعلمكم بذلك)
(1) تفسير ابن جرير (18/ 47)، وانظر: تفسير السعدي (ص557). ') ">