الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عندها يُسَمُّونَها الأنصابَ، ويُسَمُّونَ الطَّوَافَ حولها الدَّوارَ)
وذكر ابن إسحاق في السيرة نحوًا من ذلك
ثانيًا: عبادة الملائكة والجن:
كانت شرذمة من العرب يعبدون الملائكة، وشرذمة أخرى منهم تعبد الجن، وقد رد الله عليهم بقوله:{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} .
قال السعدي في تفسير هذه الآية: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا} أي العابدين لغير الله والمعبودين من دونه من الملائكة: {ثُمَّ يَقُولُ} أي الله {لِلْمَلائِكَةِ} على وجه التوبيخ لمن عبدهم {أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} ؟ فتبرؤوا من عبادتهم {قَالُوا سُبْحَانَكَ} أي تنزيها لك وتقديسًا أن يكون لك شريك أو ندّ {أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ} فنحن مفتقرون إلى ولايتك ومضطرون إليها فكيف ندعو غيرنا إلى عبادتنا؟ أم كيف نصلح لأن نتخذ من دونك أولياء وشركاء؟ ولكن هؤلاء المشركون {كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ} أي الشياطين يأمرون بعبادتنا أو
عبادة غيرنا فيطيعونهم بذلك " (1)
وكان أهل الجاهلية إذا نزلوا منزلاً بوادٍ مخيف في أسفارهم استعاذوا بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه من الجن، وقد حكى الله ذلك عنهم فقال:{وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} كبرًا وعتوًّا، أو غيًّا وضلالاً.
وقال ابن جرير في تفسير هذه الآية: " يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل هؤلاء النفر: وأنه كان رجال من الإنس يستجيرون برجال من الجن في أسفارهم إذا نزلوا منازلهم
…
"
وقال السعدي في تفسير هذه الآية: " أي: كان الإنس يعبدون الجن ويستعيذون بهم عند المخاوف والأفزاع، فزاد الإنس الجن رهقًا، أي: طغيانًا وتكبرًا لما رأوا الإنس يعبدونهم ويستعيذون بهم، ويحتمل أن الضمير في زادوهم يرجع إلى الجن ضمير الواو أي: زاد الجن الإنس ذعرًا وتخويفًا لما رأوهم يستعيذون بهم، ليلجئوهم إلى الاستعاذة بهم، فكان الإنسي إذا نزل بواد مخوف قال: أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه "
(1) تفسير السعدي ص 650، وانظر تفسير ابن جرير (22/ 102).