المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الوسيلة الثامنة: مشروعية الاستئذان عند إرادة دخول البيوت: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٨٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الفتاوى

- ‌ أسنان الذهب للنساء والرجال)

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله مفتي عام المملكة العربية السعودية

- ‌حكم صرف الزكاة لبناء المساجد

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخمفتي عام المملكة العربية السعودية

- ‌من فتاوىاللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

- ‌من الفتوى رقم 893

- ‌من الفتوى رقم 949

- ‌البحوث

- ‌المبحث الأولأحوال العرب الدينية قبل البعثة وبداية ظهور الشرك

- ‌المطلب الأول: العرب كانوا على شريعة إبراهيم عليه السلام قبل ظهور عمرو بن لحي الخزاعي

- ‌المطلب الثاني: ابتداء عبادة الأصنام عند العرب:

- ‌المطلب الثالث: مظاهر الشرك عند العرب قبل البعثة

- ‌أولاً: عبادة الأصنام:

- ‌ثانيًا: عبادة الملائكة والجن:

- ‌ثالثًا: عبادة الكواكب والشمس والقمر:

- ‌رابعًا: عبادة النار:

- ‌خامسًا: عبادة الشجر:

- ‌سادسًا: من العرب من كان على دين اليهود والنصارى:

- ‌المبحث الثانيدلالات الآيات القرآنية في بيان معنى إيمان المشركين وشركهم في الآية

- ‌المطلب الثاني: المشركون يدعون الله في الشدة ويشركون به في الرخاء:

- ‌المطلب الرابع: المشركون يؤمنون ويقرون بأن الله هو رب العالمين ومع ذلك يتخذون الأنداد:

- ‌المطلب السابع: المشركون يحتجون بقضاء الله وقدره على شركهم وأفعالهم القبيحة:

- ‌المبحث الثالثدلالات الأحاديث في بيان حال المشركين وإقرارهم بالربوبية

- ‌مطلب في ذكر أخبار وأشعار في الجاهلية تدل على إقرارهم بالربوبية:

- ‌المبحث الرابعذكر كلام المفسرين وأهل العلم في بيان معنى إيمان المشركينوشركهم في قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}

- ‌المبحث الخامستقريرات أئمة الإسلام والسنة في بيان إقرار المشركين بالربوبية وشركهم في الألوهية

- ‌المطلب الثاني: تقريرات علماء السنة في بيان خطأ المتكلمين في هذه المسألة، وأسباب خفاء ذلك عليهم:

- ‌المبحث السادسعدم الاغترار بالكثرة وعدم الزهد في القلة

- ‌الخاتمة

- ‌القنوط من رحمة اللهأسبابه – مظاهره – علاجه في ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة

- ‌المقدمة

- ‌المبحث الأول: تعريف القنوط

- ‌المطلب الأول: تعريف القنوط في اللغة:

- ‌المطلب الثاني: المراد بالقنوط من رحمة الله:

- ‌المطلب الثالث: الفرق بين اليأس والقنوط:

- ‌المبحث الثانيالتحذير من القنوط من رحمة الله في القرآن الكريم والسنة النبوية

- ‌المطلب الأول: التحذير من القنوط من رحمة الله في القرآن الكريم:

- ‌المطلب الثاني: التحذير من القنوط في السنة النبوية:

- ‌المبحث الثالثوسطية أهل السنة والجماعة في باب الخوف والرجاء

- ‌المبحث الرابع: أسباب القنوط من رحمة الله تعالى

- ‌المبحث الخامسمظاهر القنوط من رحمة الله سبحانه وتعالى

- ‌المبحث السادس: علاج القنوط من رحمة الله سبحانه وتعالى

- ‌الخاتمة

- ‌الوسائل الواقية من الوقوع في الفاحشة في ضوء سورة النور

- ‌مُقَدِّمة

- ‌التمهيد:

- ‌ اسم السورة وعدد آياتها

- ‌ نوع السورة ومناسبتها لما قبلها:

- ‌ مقصد السورة وأبرز موضوعاتها:

- ‌الوسيلة الأولى: تطهير الزناة والزواني بعقوبة حد الزنى:

- ‌الوسيلة الثانية: التطهر باجتناب نكاح الزواني وإنكاح الزناة:

- ‌الوسيلة الثالثة: تطهير الألسنة عن رمي المؤمنين بفاحشة الزنى:

- ‌الوسيلة الرابعة: تطهير لسان الزوج عن رمي زوجته بالزنى من غير بينة:

- ‌الوسيلة الخامسة: تطهير النفوس عن ظن السوء بالمؤمنين بفعل الفاحشة:

- ‌الوسيلة السادسة: تطهير الإرادة عن محبة إشاعة الفاحشة في المؤمنين:

- ‌الوسيلة السابعة: تطهير النفوس من الوساوس والخطرات التي توقع في الفاحشة:

- ‌الوسيلة الثامنة: مشروعية الاستئذان عند إرادة دخول البيوت:

- ‌الوسيلة التاسعة: وجوب غض البصر عن النظر المحرم:

- ‌الوسيلة العاشرة: وجوب حفظ الفروج عن المحرم:

- ‌الوسيلة الحادية عشرة: تحريم إبداء المرأة زينتها للأجانب:

- ‌الوسيلة الثانية عشرة: منع ما يحرك الرجل ويثيره:

- ‌الوسيلة الثالثة عشرة: الحض على النكاح:

- ‌الوسيلة الرابعة عشرة: الأمر بالاستعفاف لمن لا يجد النكاح:

- ‌الوسيلة الخامسة عشرة: النهي عن البغاء:

- ‌الخاتمة

- ‌مكانة المرأة في الإسلام

- ‌من أساليب الحملات ضد المرأة:

- ‌النصوص الشرعية في الحجاب:

- ‌سورة النور:

- ‌ سورة الأحزاب

- ‌الاحتشام تقتضيه الفطرة:

- ‌حجاب المرأة في وجهها:

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌الوسيلة الثامنة: مشروعية الاستئذان عند إرادة دخول البيوت:

وهو أيضًا سميع لمن ينكر ذلك ويطلب التطهر والتوبة مما تدعو إليه النفس من الوساوس والخطرات التي توقع في الفاحشة، عليم بحاله وبما في نفسه من كراهة ذلك فيجازي كل فريق بما قدم

فدلت الآية على أن الشيطان سبب كل معصية ومنكر وأن كل فاحشة تقع سببها خطرات الشيطان ووساوسه، ومتى انساق المؤمن وراء الشيطان سهل عليه الوقوع في كل فاحشة، وأن الواجب على كل مؤمن أن ينفر منها ويأخذ حذره ويزكي نفسه ويطهرها من ذلك.

ص: 274

حميدة، ولما يترتب على الإخلال به من مفاسد سيئة، فالاستئذان من أعظم الأسباب الواقية من الفاحشة؛ لأن طريقها هو النظر والخلوة والاطلاع على العورات، وكلُّها مظنة الوقوع في الفاحشة، وفي الحديث:«إنما جعل الاستئذان من أجل البصر» (1)(فبسبب الإخلال به، يقع البصر على العورات التي داخل البيوت، فإن البيت للإنسان في ستر عورة ما وراءه، بمنزلة الثوب في ستر عورة جسده، ولأن ذلك يوجب الريبة من الداخل، ويتهم بالشر سرقة أو غيرها، لأن الدخول خفية، يدل على الشر)(2)(3)

ومتى تأدب الداخل بهذا الأدب فقد دفع عن نفسه الريبة والتهمة بالشر وسلم من الوقوع في الفاحشة، كما أن فيه مراعاة لأحوال الناس، وحفظًا لأواصر الود والمحبة، وإبقاء على حسن العشرة، وسلامة للجماعة المسلمة من شر خطير، وفيه أنه يجعل الزائر محترمًا مكرمًا مستأنسًا به (4)

والآيات ترشد إلى الطريقة الحكيمة التي يجب أن يتبعها من أراد الدخول إلى البيوت وهي الاستئذان والسلام على أهلها لإيناسهم وإزالة الوحشة من نفوسهم قبل الدخول.

(1) رواه البخاري في صحيحه برقم (5772)، باب الاستئذان من أجل البصر.

(2)

تيسير الكريم الرحمن (ص565).

(3)

تيسير الكريم الرحمن (ص565). ') ">

(4)

انظر: روائع البيان (2/ 128)، التفسير المنير (18/ 200). ') ">

ص: 275

والاستئناس مشتق إما من الأنس وهو خلاف الوحشة لأن الذي يطرق باب غيره ولا يدري أيؤذن له أم لا؟ فهو كالمستوحش من خفاء الحال عليه، فإذا أذن له استأنس، وإما من الاستئناس الذي هو الاستعلام، من أنس الشيء إذا أبصره ظاهرًا مكشوفًا، والمعنى حتى تستعلموا وتستكشفوا الحال، هل يراد دخولكم أم لا (1)؟

فالاستئناس استئذان بدقة ولطف وترتيب، فكأن الآية تحض على عدم دخول البيوت إلا إذا علم من أهلها أنهم سيُسرُّون بالداخل وهو سيسرُّ بهم فتزول الوحشة عن الطرفين، وهذا من بلاغة القرآن العظيمة حينما استعمل {تَسْتَأْنِسُوا} ، بدلاً من تستأذنوا، لأن الأول أعم وأشمل، وهذا لا يخفي بأدنى تأمل، هذا هو الأدب الأول.

أما الأدب الثاني فهو السلام لقوله: {وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} ، بأن يسلم الداخل على أهل الدار، وقد وردت أحاديث في كيفية ذلك، ظاهرها تقديم السلام على الاستئذان منها: قوله صلى الله عليه وسلم: «السلام قبل الكلام» (2) وقوله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي دخل ولم يستأذن ولم يسلم: «ارجع فقل: السلام عليكم أأدخل؟» (3) وقد يفهم من هذه الأحاديث

(1) انظر: الكشاف (3/ 225). ') ">

(2)

أخرجه الترمذي في جامعة (ص612)، باب ما جاء في السلام قبل الكلام، برقم (2699)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2/ 346)، برقم (2854).

(3)

أخرجه الترمذي في جامعه (ص614)، باب ما جاء في التسليم إذا دخل بيته، برقم (2710)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2/ 348)، برقم (2865).

ص: 276

أنها تتعارض مع الآية، والحقُّ أنها لا تتعارض، بل هي بيان لها، فخير ما يفسر به القرآن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وبيان ذلك أن من أراد الدخول فإنه يستأنس أهل الدار ويستكشف حالهم ويعلمهم ويؤنسهم، وقد يحصل بالقول كالتسبيح والتحميد والتنحنح، أو بالفعل كقرع الباب أو الجرس ونحوه، فإذا علموا به واستأنسوا به وزالت الوحشة من الطرفين سلَّم ثم استأذن بالدخول، وبهذا تتفق الأدلة ويزول الإشكال، وقيل: إن في الكلام تقديمًا وتأخيرًا، أو إن الواو لا توجب الترتيب، فتقديم الاستئناس على السلام في اللفظ لا يوج تقديمه عليه في العمل (1)

وقوله: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ، بيان للعلة بالأمر بالاستئذان والسلام، أي: أنهما خير وأفضل للطرفين المستأذن وأهل البيت، من الدخول بغتة ومن تحية أهل الجاهلية، ولأنه يدفع خطر الريبة والقصد السيئ ويحمي المؤمن من الوقوع في الفاحشة فربما وقعت عينه على عورة تكون سببًا في تعريض النفس للفتنة، فكان الاستئذان عند الدخول خير سبيل للوقاية من الفاحشة، وهذا التوجيه من المولى جل جلاله والإرشاد شُرع تذكرة وموعظة دائمة للمؤمنين

(1) انظر: التفسير الكبير (23/ 196)، روح المعاني (18/ 134). ') ">

ص: 277

ليعملوا بموجبه (1)

لكن ربما تكون الدار خالية، أو يكون فيها أهلها ولم يردُّوا على المستأذن لسبب ما فيصدق على المستأذن أنه لم يجد أحدًا:{فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ} ، وهو إشارة لطيفة إلى عدم الإذن، وردٌّ غير صريح، وهذا اعتذار ضمني، وقد يكون الاعتذار صريحًا ولذا قال تعالى:{وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ} ، وهو تصريح بعدم الإذن، أي: إن لم يأذن لكم أهلها بالدخول فعليكم الرجوع دون غضاضة أو اتهام لأهل الدار بالإساءة إليكم أو النَّفْرة منكم، ولما كان ذلك قد يوقع في النفس شيئًا أو يجلب الكراهة في قلوب الناس بين أن الرجوع أزكى، أي: أطهر وأفضل من التدنس بالمشاحة على الدخول، لما كان في ذلك من سلامة الصدر والبعد من الريبة والفرار من الدناءة، وهو أطهر للسيئات وأنمى للحسنات (2).

وعليه فالآية تنهى عن الدخول في حالتين: حالة الاعتذار الضمني، وحالة الاعتذار الصريح، فلا يحل لأحد أن يدخل بيت غيره دون إذن صاحبه، لأن للبيوت حرمة، ولأن الاستئذان إنما شرع

(1) انظر: فتح القدير (4/ 20)، التفسير المنير (18/ 203). ') ">

(2)

انظر: إرشاد العقل السليم (4/ 108)، تفسير سورة النور للمودودي (ص148). ') ">

ص: 278

لئلا يطلع على العورات، ولئلا يوقف على الأحوال التي يطويها الناس في العادة عن غيرهم ويتحفظون من اطلاع أحد عليها، ولأن ذلك تصرف في ملك الآخرين دون رضاهم (1)

وقوله تعالى: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} ، بيان لسعة علمه فإنه يعلم ما يدور في النفوس، ويعلم ما فيه المصلحة، كما أن فيه وعدًا لمن امتثل أمره، ووعيدًا لمن خالف أمره، فيجازي كل عامل بعمله، كم كثرة وقلة، وحسن وعدمه (2).

كل ما تقدم في البيوت المسكونة، أما البيوت غير المسكونة فقد قال الله تعالى فيها:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ} ، رفع الحرج في الآية يدل على أن الدخول من غير استئذان في البيوت السابقة، مرم، والبيوت غير المسكونة كبيوت الكراء والأماكن العامة والمتاجر ونحوها، إذا كان فيها مصلحة وانتفاع بها للاتقاء من الحر والبرد وإيواء الأمتعة؛ لأن علة الاستئذان منتفية وهي عدم السكنى في هذه البيوت، ولأنها أماكن مشاعة بين الناس، ففيها تيسير عليهم ودفع للمشقة (3) وقوله:

(1) انظر: الكشاف (3/ 228)، روائع البيان (2/ 131). ') ">

(2)

انظر: تيسير الكريم الرحمن (ص565). ') ">

(3)

انظر: تيسير الكريم الرحمن (ص565). ') ">

ص: 279