الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بوصف غالب أفراده لأن اليأس من رحمته لا يتأتى إلا من الكافر أو من سلك مسلكه
المطلب الثاني: التحذير من القنوط في السنة النبوية:
جاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، تذكّر بسعة فضل الله ورحمته، وتذم القنوط وأهله، وتحذّر من سلوكه، وتبيّن خطره، وأن الواجب على المسلم ترك القنوط من رحمة الله تعالى، مع عدم الاتكال على سعة رحمته عز وجل وإن كثرت أعماله، فمن تلك الأحاديث:
1.
ما رواه أبو هريرة [ت 57 هـ] رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللًَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنَطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَحَدٌ» (1) قال ابن حجر رحمه الله [ت 852 هـ] مبينًا معنى الحديث: " قيل: المراد: إن الكافر لو يعلم سعة الرحمة لغطى على ما يعلمه من عظم العذاب فيحصل له الرجاء، أو المراد أن متعلق علمه بسعة الرحمة مع عدم التفاته إلى مقابلها يطمعه في الرحمة، فمن علم أن من صفات الله – تعالى – الرحمة
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب الرجاء مع الخوف ح 6469، ومسلم في كتاب التوبة، في سعة رحمة الله – تعالى -، وأنها سبقت غضبه ح 4948.
لمن أراد أن يرحمه والانتقام ممن أراد أن ينتقم منه: لا يأمن انتقامه من يرجو رحمته، ولا ييأس من رحمته من يخاف انتقامه، وذلك باعث على مجانبة السيئة ولو كانت صغيرة وملازمة الطاعة ولو كانت قليلة " (1)(2)
2.
حديث فضالة بن عبيد [ت 53 هـ] رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثَلَاثَةٌ لَا تَسْأَلْ عَنْهُمْ رَجُلٌ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ وَعَصَى إِمَامَهُ وَمَاتَ عَاصِيًا، وَأَمَةٌ أَوْ عَبْدٌ أَبَقَ فَمَاتَ، وَامْرَأَةٌ غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا قَدْ كَفَاهَا مُؤْنَةَ الدُّنْيَا فَتبَرَّجَتْ بَعْدَهُ فَلَا تَسْأَلْ عَنْهُمْ، وَثَلَاثَةٌ لَا تَسْأَلْ عَنْهُمْ رَجُلٌ نَازَعَ اللَّهَ سبحانه وتعالى رِدَاءَهُ فَإِنَّ رِدَاءَهُ الْكِبْرِيَاءُ وَإِزَارَهُ الْعِزَّةُ، وَرَجُلٌ شَكَّ فِي أَمْرِ اللَّهِ، وَالْقَنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ» (3).
فهذا ظاهر في أن القانط من رحمة الله مصيره إلى الهلاك، وقوله:«لا تَسْأَلْ عَنْهُمْ» (4) مبالغة في بيان مآلهم، والتحذير من سلوك نهجهم وسبيلهم، والبعد عن طريقتهم وحالهم حيث وصلوا في الهلاك والبعد درجة لا يُسأل معها عن مصيرهم وعاقبتهم؛ لأن القنوط يُبعد المطلوب، ويورث الحسرة، إذ هو يقنط الإنسان من
(1) فتح الباري 11/ 303.
(2)
فتح الباري 11/ 303. ') ">
(3)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 6/ 19، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد 1/ 207.
(4)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 6/ 19، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد 1/ 207.