الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال تعالى: {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} أي: قليلاً، وقال تعالى:{أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} .
هذه بعض الأمور التي يمكن أن يعالج بها القنوط، نسأله سبحانه وتعالى ألاّ يجعلنا من القانطين، وأن يجعلنا ممن يخافونه ويرجونه، ويؤمنون به ويتوكلون عليه، ويعبدونه ويستعينون به، إنه أجود مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والشكر له على التوفيق والامتنان والفضل والإنعام لما يسّر من إكمال هذا البحث الذي كان من أهم نتائجه ما يلي:
1 – القنوط في اللغة هو أشد أنواع اليأس.
2 – تنوعت عبارات العلماء في بيان المراد بالقنوط من رحمة الله عز وجل، وترجع كلها إلى أنه اليأس من رحمته.
3 – اختلف العلماء في الفرق بين اليأس والقنوط؛ فمنهم من قال: بأن اليأس أشد من القنوط لأن الله حكم على أهل اليأس بالكفر بينما حكم على أهل القنوط بالضلال، ومنهم من رأى أنه لا فرق بينهما ولا يلزم من الحكم على أهل اليأس بالكفر والقنوط بالضلال أن يكون اليأس أشد فربما اجتمع الوصفان في حق طائفة واحدة، وذهب بعضهم إلى أن الفرق في بعض الصفات لا أصل المعنى، ولعل الراجح - والله أعلم - وجود الفرق بينهما حال اجتماعهما في لفظ واحد، أما إذا افترقا - فالذي يظهر - أنهما بمعنى واحد.
4 – حذّر القرآن الكريم من القنوط من رحمة الله عز وجل بطرق متنوعة، وأساليب مختلفة زجرًا من الوقوع فيه؛ فنهى جميع العباد عنه، ووصف أهله بالضلال، وبيّن أنه حال أهل الغفلة عن الله سبحانه وتعالى وتذكر نعمه، كما أنه يستولي على أهل الكفر ومن سار على دربهم.
5 – جاء تحذير السنة النبوية من القنوط من رحمة الله عز وجل بليغًا وقويًّا في النهي عنه؛ إذ جعله النبي صلى الله عليه وسلم، من الكبائر، وبيَّن أن من وقع فيه فقد وقع في أمر مهلك هلاكًا شديدًا يُخشى ألَاّ تكون معه نجاة.
6 – أهل السنة والجماعة وسط في باب الخوف والرجاء بين من
أمنوا مكر الله سبحانه وتعالى ومن قنطوا من رحمة الله، فمسلكهم في ذلك هو المسلك المعتدل، وطريقتهم هي الطريقة التي كان عليها الأنبياء والمرسلون عليهم السلام.
7 – للقنوط من رحمة الله عز وجل أسباب عديدة، منها:
الإسراف في المعاصي، والجهل بسعة رحمة الله، وظنه أن الله لا يغفر له، وإغلاق باب الرجاء بالكلية، والاقتصار على الخوف، ونسيانه قدرة الله عليه وتمكنه منه حال عصيانه، والاستماع إلى المُقَنِّطين من رحمة الله، والجرأة على محارم الله، وعدم معرفة الأسباب الجالبة لرحمة الله، وكذا الإقامة على الأسباب المانعة من رحمة الله.
8 – من مظاهر القنوط من رحمة الله عز وجل القنوط من رحمة الله ومغفرته، وعند تأخر الغيث واحتباس المطر، وفي حال الفقر والمرض والبلاء، وعند تأخر إجابة الدعاء، وكذا تأخر إنجاب المولود، ومن مظاهره - أيضًا - القنوط من فضل الله ورزقه عند رؤية النعيم على أهل الفسق والكفر في الدنيا، وكذا القنوط من نصره وفرجه لأهل الإسلام في الدنيا عند رؤيته لغلبة الكفار في زمن من الأزمنة واشتداد وطأتهم على المؤمنين، وظنه أن نعيم الله ونصره للمؤمنين إنما يكون في الخرة فقط، ومن مظاهر القنوط من رحمة الله
عز وجل القنوط من هداية الله لمن ضل عن سبيله.
9 – يعالج القنوط من رحمة الله سبحانه وتعالى بالإقلاع عن المعصية، والمبادرة إلى التوبة، وحسن الظن بالله، والأخذ بالرجاء المحمود الداعي إلى العمل، والنظرُ إلى المصالح العظيمة والمنافع الكثيرة عند احتباس المطر، وتأخر إجابة الدعاء، وعدم حصول الولد يدفع القنوط من رحمة الله في مثل هذه الأمور، كما يدفع اليقين بوعد الله ونصره للمؤمنين في الدنيا والآخرة، والعلم بحكمة الله سبحانه وتعالى البالغة، وكمال عدله، وتمام فضله ومنته يدفع ما يكون من القنوط من فضله عند رؤية النعيم على بعض أهل الكفر والفسق في الدنيا، ويعالج من يقنط هداية الضال عن سواء السبيل بدعوته إلى النظر في سيد المرسلين وإمام المتقين عليه الصلاة والسلام، حيث استمر في دعوة عمه أبي طالب، ومحاولة أن يهتدي حتى قبيل وفاته، فلم ييأس أو يقنط من إيمانه، وأن الواجب هو الإرشاد والدلالة للخير والصلاح، وأما التوفيق لقبول ذلك فهو لله وحده سبحانه وتعالى.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.