الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة ان لا إله إلا الله. وفي رواية - إلى أن يُوَحِّدوا الله". [متفق عليه]
4 -
إِن التوحيد يتمثل في شهادة أن لا إِله إِلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ومعناها لا معبود بحق إلا الله، ولا عبادة إِلا ما جاء بها رسول الله، والشهادة يدخل بها الكافر الإِسلام، لأنها مفتاح الجنة، وتُدخل صاحبها الجنة إِذا لم ينقضها بناقض كالشرك أو كلمة الكفر.
5 -
لقد عرض كفار قريش على رسول الله الملك والمال والزواج وغيرها من مُتع الحياة مقابل أن يترك دعوة التوحيد، ومهاجمة الأصنام، فلم يرض منهم ذلك، بل استمر في دعوته يتحمل الأذى مع صحابته إِلى أن انتصرت دعوة التوحيد بعد ثلاثة عشر عامًا، وفُتحت مكة بعد ذلك، وكُسرت الأصنام، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:{جاء الحق وزَهَقَ الباطلُ إِن الباطِلَ كان زَهوقًا} . [الإسراء: 81]
6 -
التوحيد وظيفة المسلم فى الحياة فيبدأ حياته بالتوحيد، ويُودِّعها بالتوحيد، ووظيفته في الحياة إِقامة التوحيد، والدعوة إِلى التوحيد، لأن التوحيد يُوحد المؤمنين، ويجمعهم على كلمة التوحيد، فنسأل الله أن يجعل كلمة التوحيد آخر كلامنا من الدنيا، ويجمع المسلمين على كلمة التوحيد.
مِن فضل التوحيد
1 -
قال الله - تعالى: {الذين آمنوا ولَم يَلبِسوا إيمانهم بظلمٍ أولئكَ لهم الأمنُ وهم مُهتدون} . [الأنعام: 82]
عن عبد الله بن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية شق ذلك على المسلمين، وقالوا: أينا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ليس ذلك، إنما هو الشرك، ألم تسمعوا قول لقمان لابنه: {يا بُنَي لا تُشرِكْ باللهِ
إِن الشِّرك لَظُلمٌ عظيمٌ} [لقمان: 13][متفق عليه]
فهذه الآية تبشر المؤمنين الوحدين الذين لم يَلبسوا إِيمانهم بشرك، فابتعدوا عنه، أن لهم الأمن التام من عذاب الله في الآخرة، وأولئك هم المهتدون في الدنيا.
2 -
وقال صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وستون شعبة: فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق"[رواه مسلم]
التوحيد يُسبب السعادة ويُكفِّر الذنوب
3 -
جاء فى كتاب (دليل المسلم في الاعتقاد والتطهير) لفضيلة الشيخ عبد
الله خياط ما يلي:
المرء بحكم بشريّته وعدم عصمته قد تَنزلِق قدمه، ويقع في معصية الله، فإِذا كان من أهل التوحيد الخالص من شوائب الشرك، فإِن توحيده لله، وإخلاصه في قول لا إِله إِلا الله، يكون أكبر عامر في سعادته وتكفير ذنوبه ومحو سيئاته، كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"مَن شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل". [رواه البخاري ومسلم]
أي إِن جملةَ هذه الشهادات التي يشهدها المسلم بهذه الأصول تستوجب دخوله الجنة دار النعيم، وإن كان في بعض أعماله مآخذ وتقصيرات، كما جاء في الحديث القدسي:
قال الله تعالى: "يابن آدم لو أتيتَني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتَني لا تشركُ بي شيئًا لأتيتك بِقرابها مَغفرة"[حسن رواه الترمذي والضياء]
المعنى لو أتيتني بما يقارب ملءَ الأرض ذنوبًا ومعاصي، غير أنك مت على التوحيد لغفرتُ لك ذنوبك.
وجاء في حديث آخر:
"مَن مات لا يُشرك بالله شيئًا دخل الجنة، ومَن مات يُشركُ بالله شيئًا دخل النار"[رواه مسلم]
وكُل هذه الأحاديث يتضح منها فضل التوحيد، وأنه عامل لسعادة العبد، وأعظم وسيلة لتكفير ذنوبه، ومحو خطاياه. انتهى.
مِن فوائد التوحيد
إِن التوحيد الخالص إِذا تحقق في حياة فرد أو جماعة، حقق أطيب الثمرات، ومن ثمراته.
1 -
تحرير الإِنسان من العبودية، والخضوع لغير الله من أشياء، ومخلوقات لا يَخلقون شيئًا، وهم يُخلَقُون، ولا يملكون لأنفسهم ضرًا ولا نفعًا، ولا يملكون موتًا ولا حياة ولا نشورًا، فالتوحيد تحرير للإِنسان من كل عبودية إِلا لربه الذي خلقه فسوَّاه، تحرير لعقله من الخرافات والأوهام، تحرير لضميره من الخضوع والذل والإستسلام، وتحرير لحياته من تسلط الفراعنة والأرباب والكهنة والمتألِّهين على عبادة الله، ولهذا قاوم زعماء الشرك وطغاة الجاهلية دعوات الأنبياء عامة، ودعوة الرسول صلى الله عليه وسلم خاصة، لأنهم كانوا يعلمون معنى "لا إِله إِلا الله" إِعلان عام لتحرير البشر، وإسقاط للجبابرة عن عروشهم الكاذبة، وإعلاء لجباه المؤمنين التي لا تسجد إِلا لله رب العالين.
2 -
تكوين الشخصية المتزنة: فالتوحيد يساعد على تكوين الشخصية المتزنة التي تميزت في الحياة وِجربتها، وتوحدت غايتها، فليس لها إِلا إِله واحد تتجه إِليه
في الخلوة والجلوة، وتدعوه في السراء والضراء، بخلاف المشرك الذي تقسمت قلبه الآلِهة والمعبوداتُ، فمرة يتجه إِلى الأحياء ومرة يتجه إِلى الأموات، ومن هنا قال يوسف عليه السلام:{ياصاحِبَي السجن أأرباب مُتفرِّقون خيرٌ أمِ الله الواحدُ القهار} [يوسف: 39]
فالمؤمن يعبد إِلهًا واحدًا، عرف ما يرضيه وما يُسخطه، فوقف عندما يُرضيه، واستراح قلبه؛ والمشرك يعبد آلهة عديدة، هذا يأخذه إِلى اليمين، وآخر إِلى اليسار، وهو بينهم مُشتت لا قرار له.
3 -
التوحيد مصدر لأمن الناس: لأنه يملأ نفس صاحبه أمنًا وطمأنينة، فلا يخاف غير الله، وقد سَدَّ منَافذ الخوف على الرزق والنفس والأهل، والخوف من الإِنس والجن والموت وغيرها من الخاوف، والمؤمن الموحد لا يخاف أحدًا إِلا الله، ولهذا تراه آمنًا إِذا خاف الناس، مطمئنًا إِذا قلق الناس؛ ولهذا المعنى أشار القرآن الكريم بقوله:{الذين آمنوا ولم يَلْبِسوا إِيمانهم بِظلم أولئك لهم الأمنُ وهم مُهتدون} . [الأنعام: 82]
وهذا الأمن ينبع من داخل النفس، لا مِن حراسة الشرطة وهذا أمن الدنيا، وأما أَمنُ الآخرة فهو أعظم وأبقى، لأنهم أخلصوا لله ولم يخلطوا توحيدهم بشرك، لأن الشرك ظلم عظيم.
4 -
التوحيد مصدر لقوة النفس لأنه يمنح صاحبه قوةً نفسية هائلة لِما تمتلئ به نفسه من الرجاء في الله، والثقة به والتوكل عليه، والرضا بقضائه والصبر على بلائه، والاستغناء عن خلقه؛ فهو راسخ كالجبل، فإِذا نزلت به مصيبة سأل ربه كشفها، ولم يسأل الأموات ذلك، شعاره قوله صلى الله عليه وسلم:"إذا سألت فاسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح]
وقوله تعالى: {وِإن يمسَسْكَ الله بضرٍّ فلا كاشفَ له إِلا هو} . [الأنعام: 17]