الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على القبور، لا تفيد الميت شيئًا، ولو أعطوا هذه الأموال للفقراء لنفعت الأحياء والأموات؛ علمًا بأن الإسلام يُحرم البناء على القبور كما تقدم.
وقال صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: "لا تَدَعْ تمثالًا إلا طمستَه، ولا قبرًا مُشرِفًا إلا سوَّيته"[رواه مسلم]
(أي لا تترك قبرًا مرتفعًا إِلا كسرته، وجعلته قريبًا من الأرض).
وقد سمح الإِسلام أن يرفع القبر قدر شبر حتى يُعرف.
6 -
وهذه النذور التي تُقدم للأموات، هي من الشرك الأكبر، يأخذها الخدام
بالحرام،. وقد يصرفونها في المعاصي والشهوات فيكون صاحب النذر والمعطَى شريكه في ذلك.
ولو أُعطي هذا المال باسم الصدقة للفقراء لاستفاد الأحياء والأموات وتحقق للمتصدق ما يحتاجه في قضاء حوائجه.
اللهم أرِنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه وحببنا فيه وأرِنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه وكَرهنا فيه.
مفاسد الشرك وأضراره
إِن للشرك مفاسدَ وأضرارًا كثيرة في حياة الفرد والمجتمع أهمها:
1 -
الشرك مهانة للإنسانية: إِنه إِهانة لكرامة الإِنسان، وانحطاط لقَدره، ومنزلته، فقد استخلفه الله في الأرض وكرَّمه وعلَّمه الأسماء كلها، وسخر له ما في السموات وما في الأرض جميعًا منه، وجعل له السيادة على كل ما في هذا الكون، ولكنه جهل قدر نفسه، وجعل بعض عناصر هذا الكون إِلهًا معبودًا يخضع له ويذل؛ وأي إِهانة للإِنسان أكثر من أن يرى -إِلى يومنا هذا- مئات الملايين من البشر في الهند يعبدون البقر التي خلقها الله للإِنسان، لتخدمه وهي صحيحة، ويأكلها وهي ذبيحة، ثم ترى
بعض المسلمين يعكفون على قبور الموتى، ويسألونهم حاجتهم، وهم عبيد مثلهم لا يملكون لأنفسهم ضرًا ولا نفعًا، فالحسين رضي الله عنه لم يستطع أن يمنع عن نفسه القتل، فكيف يدفع عن غيره البلاء، ويجلب النفع؟ والأموات يحتاجون إلى دعاء الأحياء، فنحن ندعو لهم، ولا ندعوهم من دون الله، قال تعالى:{وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النحل: 20 - 21].
وقال تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 31].
2 -
الشرك وَكرُ الخرافات والأباطيل: لأن الذي يعتقد بوجود مُؤَثر غير الله في الكون من الكواكب أو الجن أو الأشباح أو الأرواح، يصبح عقله مستعدًا لكل خرافة، وتصديق كل دجال، وبهذا يروج في المجتمع المشرك بضاعة الكهنة والعرافين والسحرة والمنجمين وأشباههم ممن يدعون علم الغيب الذي لا يعلمه إِلا الله، كما يشيع في مثل هذا المجتمع إِهمال الأسباب والسنن الكونية.
3 -
الشرك ظلم عظيم: ظلم للحقيقة، لأن أعظم الحقائق أن لا إِله إِلا الله، ولا رَبَّ غيره، ولا حَكَمَ سواه، ولكن المشرك اتخذ غير الله إِلهًا، وابتغى غيره حَكَمًا، والشرك ظلم للنفس، لأن المشرك جعل نفسه عبدًا لخلوق مثله، أو دونه، وقد خلقه الله حُرًا، والشرك ظلم للغير، لأن من أشرك بالله غيره فقد ظلمه حيث أعطاه من الحق ما ليس له.
4 -
الشرك مصدر المخاوف والأوهام: فإِن الذي يقبل عقله الخرافات، ويُصدق الأباطيل يصبح خائفًا من جهات شتى، لأنه اعتمد على عِدة آلهة، وكلها عاجزة عن جلب النفع، ودفع الضر عن نفسها، ولهذا ينتشر في جو الشرك التشاؤم والرعب من غير سبب ظاهر، كما قال تعالى: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا
أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 151].
5 -
الشرك يعطل العمل النافع: لأنه يُعلِّم أتباعه الاعتماد على الوسطاء والشفعاء، فيتركون العمل الصالح، ويرتكبون الذنوب، معتقدين أن هؤلاء سيشفعون لهم عند الله، وهذا اعتقاد العَرب قبل الإسلام الذين قال الله فيهم:{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: 18]
وهؤلاء النصارى الذين يعملون المنكرات معتقدين أن المسيح قد كفَّر عنهم
الخطايا حين صُلِبَ بزعمهم، وبعض المسلمين يتركون الواجبات، ويفعلون المحرمات، ويعتمدون على شفاعة رسولهم لدخولهم الجنَّة، مع أن رسولهم الكريم يقول لبنته فاطمة:"يافاطمةُ بنت محمّد، سَليني مِن مالي ما شئتِ لا أُغني عنكِ مِن الله شيئًا"[رواه البخاري]
6 -
الشرك سبب الخلود في النار: والشرك سبب للضياع في الدنيا والعذاب المؤبد في الآخرَة، قال تعالى:{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة: 72].
وقال صلى الله عليه وسلم: "من مات وهو يدعو مِن دون الله نِدًا دخل النّار"(النِّدُّ: المثيل والشريك)[رواه البخاري]
7 -
الشرك يُفرق الأُمة: قال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} (1)[الروم: 31، 32].
(1) اختصارًا من كتاب حقيقة التّوحيد للدكتور يوسف القرضاوى بتصرُّف.