المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌22 - باب الأمر بالمعروف - مصابيح السنة - جـ ٣

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌16 - كِتَابُ الإِمَارَةِ وَالقَضَاءِ

- ‌[1 - باب]

- ‌2 - باب ما على الوُلاةِ من التيسير

- ‌3 - باب العمل في القضاء والخوف منه

- ‌4 - باب رزق الولاة وهداياهم

- ‌17 - كِتَابُ الجِهَادِ

- ‌[1 - باب]

- ‌2 - باب إعداد آلة الجهاد

- ‌3 - باب آداب السفر

- ‌4 - باب الكتاب إلى الكفار ودعائهم إلى الإِسلام

- ‌5 - باب القتال في الجهاد

- ‌6 - باب حكم الأسارى

- ‌7 - باب الأمان

- ‌8 - باب قسمة الغنائم والغلول فيها

- ‌9 - باب الجِزْيَة

- ‌10 - باب الصلح

- ‌12 - باب الفَيْءِ

- ‌18 - كِتَابُ الصَّيْدِ والذَّبَائِحِ

- ‌[1 - باب]

- ‌2 - بابُ ذِكر الكَلْبِ

- ‌3 - باب ما يحل أكله وما يحرم

- ‌4 - بَابُ العقِيقةِ

- ‌19 - كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ

- ‌[1 - باب]

- ‌2 - باب الضيافة

- ‌فصل

- ‌3 - باب الأشربة

- ‌4 - باب النقيع والأنبذة

- ‌5 - باب تغطية الأواني وغيرها

- ‌20 - كِتَابُ اللِّبَاسِ

- ‌[1 - باب]

- ‌2 - باب الخاتم

- ‌3 - باب النِّعَال

- ‌4 - باب الترجيل

- ‌5 - باب التصاوير

- ‌21 - كِتَابُ الطِّبِ والرُّقى

- ‌[1 - باب]

- ‌2 - باب الفأل والطيرة

- ‌3 - باب الكهانة

- ‌22 - كِتَابُ الرُّؤيا

- ‌[1 - باب]

- ‌23 - كِتَابُ الآدَابِ

- ‌[1 - بابُ السَّلامِ]

- ‌2 - باب الاستئذان

- ‌3 - باب المصافحة والمعانقة

- ‌4 - باب القيام

- ‌5 - باب الجلوس والنوم والمشي

- ‌6 - باب العُطاس والتثاؤب

- ‌7 - باب الضحك

- ‌8 - باب الأسامي

- ‌9 - باب البيان والشعر

- ‌10 - باب حفظ اللسان والغيبة والشتم

- ‌11 - باب الوعد

- ‌12 - باب المزاح

- ‌13 - باب المفاخرة والعصبية

- ‌14 - باب البِّرِ والصِّلَةِ

- ‌15 - باب الشفقة والرحمة على الخلق

- ‌16 - باب الحب في اللَّهِ ومِن اللَّهِ

- ‌18 - باب الحذر والتأني في الأمور

- ‌19 - باب الرفق والحياء وحسن الخلق

- ‌20 - باب الغضب والكبر

- ‌21 - باب الظلم

- ‌22 - باب الأمر بالمعروف

- ‌24 - كِتَابُ الرِّقاقِ

- ‌[1 - باب]

- ‌2 - باب فضل الفقراء وما كان من عَيْشِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌3 - باب الأمل والحرص

- ‌4 - باب استحباب المال والعمر للطاعة

- ‌5 - باب التوكل والصبر

- ‌6 - باب الرياء والسمعة

- ‌7 - باب البكاء والخوف

- ‌8 - باب تغير الناس

- ‌9 - باب

- ‌25 - كِتَابُ الفِتَنِ

- ‌[1 - باب]

- ‌3 - باب أشراط الساعة

- ‌4 - باب العلامات بين يدي الساعة وذكر الدجال

- ‌5 - باب قصة ابن الصياد

- ‌8 - باب لا تقوم الساعة إلّا على الشرار

- ‌[26 - كتاب أحوال القيامة وبدء الخلق]

- ‌1 - باب النفخ في الصور

- ‌2 - باب الحشر

- ‌3 - باب الحساب والقصاص والميزان

- ‌4 - باب الحوض والشفاعة

- ‌5 - باب صفة الجنة وأهلها

- ‌6 - باب رُؤية اللَّه تعالى

الفصل: ‌22 - باب الأمر بالمعروف

بعدُ: فإني سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: مَن التمسَ رضا اللَّهِ بسَخَطِ الناسِ كفاهُ اللَّه مؤونَةَ الناسِ، ومَن التمسَ رضا الناسِ بسخطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إلى الناسِ، والسلامُ عليكَ" (1).

‌22 - باب الأمر بالمعروف

مِنَ الصِّحَاحِ:

3983 -

عن أبي سعيد الخدري، عن رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"مَن رَأَى مِنكم مُنكَرًا فليُغيِّرْه بيدِه، فإنْ لم يستطِعْ فبلسانِه، فإنْ لم يستطِعْ فبقلبِهِ، وذلكَ أضعفُ الإيمانِ"(2).

3984 -

وقال: "مَثَلُ المُدْهنِ في حدودِ اللَّهِ والواقعِ فيها، مَثَلُ قومٍ استهمُوا سفينةً فصارَ بعضُهم في أسفلِها وصارَ بعضُهم في أعلاها، فكانَ الذي في أسفلِها يَمُرُّ بالماءِ على الذينَ في أعلاها فتَأذَّوا بهِ، فأخذَ فأسًا فجعلَ بنقرُ أسفلَ السفينةِ فأتَوْهُ فقالوا: ما لكَ؟ فقالَ: تأذَّيتُم بي ولابُدَّ لي مِن

(1) أخرجه ابن المبارك في الزهد، ص 66، باب الإخلاص والنية، الحديث (199)، واللفظ له، وأخرج الحميدي بمعناه في المسند 1/ 129، الحديث (266)، وأخرجه الترمذي من طريق ابن المبارك في السنن 4/ 609 - 610، كتاب الزهد (37)، باب (64)، الحديث (2414)، وأخرجه أبو نعيم في الحلية 8/ 188، ضمن ترجمة عبد اللَّه بن المبارك (397)، دون ذكر كلام معاوية رضي الله عنه، وأخرجه الشهاب القضاعي في المسند 1/ 300، باب من التمس رضا اللَّه. . . (340)، الحديث (499)، دون ذكر كلام معاوية، وأخرجه ابن حبان، ذكره الهيثمي في موارد الظمآن، ص 370، كتاب الإمارة (25)، باب فيمن يرضي اللَّه بسخط الناس (6)، الحديث (1542)، دون ذكر كلام معاوية، وذكره السيوطي في جمع الجوامع 1/ 756، وعزاه لابن عساكر.

(2)

أخرجه مسلم في الصحيح 1/ 69، كتاب الإيمان (1)، باب بيان كون النهي عن المنكر. . . (20)، الحديث (78/ 49).

ص: 407

الماءِ، فإنْ أَخَذُوا على يديهِ أَنجوْهُ ونَجَّوا أنفسَهم، وإنْ تَرَكُوه أهلكُوه وأهلكُوا أنفسَهم" (1).

3985 -

وقال: "يُجاءُ بالرجلِ يومَ القيامةِ فيُلقَى في النَّارِ فتَندلِقُ أَقتابُه في النَّارِ فيَطحنُ فيها كطحنِ الحمارِ بِرَحَاهُ، فيَجتمعُ أهلُ النَّارِ عليهِ فيقولونَ: أي فلانُ، ما شأنُكَ؟ أليسَ كنتَ تأمرُنا بالمعروفِ وتنهانا عن المنكرِ؟ قال: كنتُ آمرُكم بالمعروفِ ولا آتِيهِ وأنهاكُم عن المنكرِ وآتِيهِ"(2).

مِنَ الحِسَان:

3986 -

عن حُذيفة بنِ اليمانِ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيدِه لتأمُرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهُونَّ عن المنكرِ أو لَيُوشِكنَّ اللَّهُ أنْ يبعثَ عليكم عذابًا مِن عندِه ثم لَتدْعُنَّهُ فلا يُستجابُ لكم"(3).

3987 -

عن العُرْس [بن عَميرة](4) عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا عُمِلَتْ الخطيئةُ في الأرضِ مَن شهِدَها فكرِهَها، كانَ كمَن غابَ

(1) أخرجه من رواية النعمان بن بشير رضي الله عنه، البخاري في الصحيح 5/ 292 - 293، كتاب الشهادات (52)، باب القُرْعة في المشكلات. . . (30)، الحديث (2686)، قوله:"المُدْهِنِ" أي المتساهل.

(2)

متفق عليه من رواية أسامة بن زيد رضي الله عنه، أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 331، كتاب بدء الخلق (59)، باب صفة النار. . . (10)، الحديث (2267)، واللفظ له، وأخرجه مسلم في الصحيح 4/ 2290 - 2291، كتاب الزهد. . . (53)، باب عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله. . . (7)، الحديث (51/ 2989)، قوله:"أقتابه" أي أَمْعَاءَهُ.

(3)

أخرجه أحمد في المسند 5/ 388، واللفظ له، وأخرجه الترمذي في السنن 4/ 468، كتاب الفتن (34)، باب ما جاء في الأمر بالمعروف. . . (9)، الحديث (2169)، وذكره السيوطي في جمع الجوامع 1/ 869، وعزاه للسراج، وأخرجه البغوي بسنده في شرح السنة 14/ 345، الحديث (4154).

(4)

ما بين الحاصرتين من المطبوعة، وهو في بعض نسخ أبي داود كذلك.

ص: 408

عنها، ومَن غابَ عنها فرَضِيَها كانَ كمَن شهدَها" (1).

3988 -

عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: "يا أيُّها النَّاسُ إنَّكم تقرؤونَ هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} (2) فإني سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: إنَّ الناسَ إذا رَأَوْا منكرًا فلم يُغَيرُوه يوشِكُ أنْ يعُمَّهم اللَّهُ بعقابِهِ"(3)(صحيح)، وفي رواية:"إذا رَأَوْا الظالمَ فلم يأخذُوا على يديْه أَوْ شَكَ. . . "(4)، وفي رواية:"ما مِن قوم يُعمَلُ فيهم بالمعاصي ثم يقدِرُونَ على أنْ يُغَيِّروا ثم لا يُغيِّرونَ إلّا يُوشِكُ أنْ يَعُمَّهم اللَّهُ بعقابٍ"(5)، وفي رواية:"يُعمَلُ فيهم بالمعاصي هم أكثرُ ممن يعملُه. . . "(6).

(1) أخرجه أبو داود في السنن 4/ 515، كتاب الملاحم (31)، باب الأمر والنهي (17)، الحديث (4345)، واللفظ له، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير 17/ 139، الحديث (345)، وعُرْس: ذكره ابن حجر في تقريب التهذيب 2/ 18، الترجمة (148)، فقال:(بضم أوله وسكون الراء بعدها مهملة، ابن عَمِيرة الكِندي. . .، قيل صحابي)، وذكره الذهبي في تجريد أسماء الصحابة 1/ 378، الترجمة (4055).

(2)

سورة المائدة (5)، الآية (105).

(3)

أخرجه أحمد في المسند 1/ 2 واللفظ له، وأخرجه ابن ماجه في السنن 2/ 1327، كتاب الفتن (36)، باب الأمر بالمعروف. . . (20)، الحديث (4005)، وأخرجه ابن حبان، ذكره الهيثمي في موارد الظمآن، ص 455، كتاب الفتن (31)، باب الأمر بالمعروف. . . (6)، الحديث (1838).

(4)

أخرجه أحمد في المسند 1/ 7، وأخرجه أبو داود في السنن 4/ 509 - 510، كتاب الملاحم (31)، باب الأمر والنهي (17)، الحديث (4338)، وأخرجه الترمذي في السنن 4/ 467، كتاب الفتن (34)، باب ما جاء في نزول العذاب. . . (8)، الحديث (2168)، وقال:(حديث صحيح)، وأخرجه ابن حبان، ذكره الهيثمي في المصدر السابق، الحديث (1837).

(5)

أخرجه أبو داود في المصدر السابق. قوله: "يُغيِّرون" كذا وردت في الأصل المخطوط، ق 230/ أ، وفي المطبوعتين، ولكنها في السنن "يغيروا"، وقد وقع في المطبوعتين زيادة في آخر الرواية ولفظها:"بعقاب هو أكبر مما يعملون" ولكنها لم ترد في الأصل المخطوط، ولا في السنن.

(6)

أخرجه أبو داود في المصدر نفسه.

ص: 409

3989 -

عن جرير بن عبد اللَّه البَجَلي، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"ما مِن قومٍ يكونُ بينَ أَظهُرِهم رجلٌ يعملُ بالمعاصي هم أَمْنَعُ منهُ وأَعَزُّ، لا يُغَيِّرُونَ عليهِ إلّا أصابَهم اللَّهُ بعقابٍ"(1).

3990 -

وعن أبي ثعلبة الخُشَني: "في قوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} (2) فقال: أَما واللَّهِ لقد سألتُ عنها رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: بل ائتَمِروا بالمعروفِ وتَناهَوْا عن المنكرِ، حتَّى إذا رأيتَ شُحًّا مُطاعًا وهوًى مُتَبعًا ودُنيا مؤثَرَةً وإعجابَ كلِّ ذي رأيٍ برأيهِ، ورأيتَ أمرًا لا بُدَّ لكَ منهُ فعليكَ نفسَكَ ودَعْ أَمْرَ العوامِّ، فإنَّ وراءَكُم أيامَ الصبرِ، فمَن صبرَ فيهنَّ كانَ كمَن قبضَ على الجمرِ، للعاملِ فيهنَّ أجرُ خمسينَ رجلًا يعملونَ مثلَ عملِهِ، قال: يا رسولَ اللَّهِ أجرُ خمسينَ منهم؟ قال: أجرُ خمسينَ منكم"(3).

(1) أخرجه أبو داود الطيالسي في المسند، ص 92، الحديث (663)، وأخرجه معمر في الجامع (المطبوع في آخر مصنَّف عبد الرزاق) 11/ 348، باب الأمراء، الحديث (20723)، واللفظ له، وأخرجه أحمد في المسند 4/ 364، وأخرجه أبو داود في السنن 4/ 510، كتاب الملاحم (31)، باب الأمر والنهي (17)، الحديث (4339)، وأخرجه ابن ماجه في السنن 2/ 1329، كتاب الفتن (36)، باب الأمر بالمعروف. . . (20)، الحديث (4009)، وأخرجه ابن حبان، ذكره الهيثمي في موارد الظمآن، ص 455، كتاب الفتن (31)، باب الأمر بالمعروف. . . (6)، الحديث (1839)، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير 2/ 377، الحديث (2380)، واللفظ له، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 10/ 91، كتاب آداب القاضي، باب ما يستدل به على أن القضاء. . .، وذكره السيوطي في جمع الجوامع 1/ 725، وعزاه للضياء.

(2)

سورة المائدة (5)، الآية (105).

(3)

أخرجه أبو داود في السنن 4/ 512، كتاب الملاحم (31)، باب الأمر والنهي (17)، الحديث (4341)، وأخرجه الترمذي في السنن 5/ 257، كتاب تفسير القرآن (48)، باب ومن سورة المائدة (6)، الحديث (3058)، وأخرجه ابن ماجه في السنن 2/ 1330 - 1331، كتاب الفتن (36)، باب قوله تعالى. . . (20)، الحديث (4014)، وأخرجه الحاكم في المستدرك 4/ 322، كتاب الرقاق، باب أشقى الأشقياء. . .، وقال:(صحيح الإسناد). ووافقه الذهبي، قوله:"لا بُدَّ لك منه" بضم الموحدة وتشديد المهملة، بمعنى لا فراق لك فيه.

ص: 410

3991 -

عن أبي سعيد الخُدْريِّ قال: "قامَ فينا رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خطيبًا بعدَ العصرِ فلم يَدَعْ شيئًا يكونُ إلى قيامِ الساعةِ إلّا ذَكَرَهُ، حَفِظَهُ مَن حَفِظهُ ونَسيَهُ مَن نسيَهُ، وكانَ فيما قال: إنَّ الدنيا (1) حُلْوةٌ خَضِرةٌ، وإنَّ اللَّهَ مستخلِفُكم فيها فناظِرٌ كيفَ تعملونَ؟ أَلا فاتَّقُوا الدنيا واتَّقُوا النساءَ، وذكرَ أنَّ لكلِّ غادرٍ لِوَاءً يومَ القيامةِ بقدرِ غدْرتِهِ في الدنيا، ولا غدْرَ أكبرُ مِن غدرِ أميرِ العامَّةِ يُغرَزُ لِواؤه عندَ استِهِ، قال: ولا تَمنعَنَّ أحدًا منكم هيبةُ الناسِ أنْ يقولَ بحقٍّ إذا علمَهُ -وفي رواية: إنْ رأَى منكرًا أنْ يُغيِّرَه- فبَكى أبو سعيدٍ وقال: قد رأيناهُ فمنعتْنا هيبةُ الناسِ أنْ نتكلمَ فيهِ، ثمَّ قال: أَلا إنَّ بني آدم خُلِقُوا على طبقاتٍ شَتَّى، فمنهم: مَن يولدُ مؤمنًا ويحيا مؤمنًا ويموتُ مؤمنًا، ومنهم: مَن يولدُ كافرًا ويحيا كافرًا ويموتُ كافرًا، ومنهم: مَن يولدُ مؤمنًا ويحيا مؤمنًا ويموتُ كافرًا، ومنهم: مَن يولدُ كافرًا ويحيا كافرًا ويموتُ مؤمنًا، قال: وذكرَ الغضبَ، فمنهم: مَن يكونُ سريعَ الغضبِ سريعَ الفَيْءِ فإحداهُما بالأُخرى، ومنهم: مَن يكونُ بطيءَ الغضبِ بطيءَ الفيءِ فإحداهُما بالأُخرى، وخِيارُكم مَن يكونُ بطيءَ الغضبِ سريعَ الفيءِ، وشِرارُكم مَن يكونُ سريعَ الغضبِ بطيءَ الفيءِ، وقال: اتقوا الغضبَ فإنَّهُ جمرةٌ على قلبِ ابنِ آدمَ، أَلا تَرَوْنَ إلى انتفاخِ أوداجِهِ وحُمرةِ عينيهِ، فمَن أحسَّ بشيءٍ مِن ذلكَ فليضطجعْ وليتلبَّدْ بالأرضِ، قال: وذكرَ الدَّيْنَ فقال: منكم مَن يكونُ حَسَنَ القضاءِ وإذا كانَ لهُ أفحشَ في الطلَبِ فإحداهما بالأخرى، ومنكم مَن يكونُ سيِّئَ القضاءِ وإنْ كانَ لهُ أَجْمَلَ في الطلَبِ فإحداهُما بالأخرى، وخِيارُكم مَن إذا كانَ عليهِ الدَّيْنُ أحسنَ القضاءَ وإنْ كانَ لهُ أجملَ في الطلَبِ، وشِرارُكم مَن إذا كانَ عليهِ الدينُ أساءَ القضاءَ وإنْ كانَ لهُ أفحشَ في الطلبِ، حتَّى إذا كانَت الشَّمْسُ على رؤوسِ النخلِ وأطرافِ

(1) العبارة في المطبوعة: (واللَّه إن الدنيا) وما أثبتناه من المخطوطة، وهو الموافق للفظ الترمذي.

ص: 411

الحيطانِ فقالَ: أَما إنه لم يَبْقَ مِن الدنيا فيما مَضَى منها إلّا كما بقيَ مِن يومِكم هذا فيما مَضَى منه" (1).

3992 -

وقال: "لن يَهلكَ النَّاسُ حتَّى يُعذِّبُ مِن أنفسِهم"(2).

3993 -

وقال: "إنَّ اللَّهَ لا يُعذِّبُ العامَّةَ بعملِ الخاصَّةِ حتَّى يَرَوْا المنكرَ بينَ ظهرانَيْهِم، وهم قادرونَ على أنْ يُنكِروهُ فلا يُنكِرُونَهُ، فإذا فعلُوا ذلكَ عذَّبَ اللَّهُ العامَّةَ والخاصَّةَ"(3).

3994 -

وعن عبد اللَّه بن مسعود قال، قالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لمَّا وَقَعَتْ بنو إسرائيلَ في المعاصي نَهَتْهُم علماؤهُم فلم يَنْتَهُوا، فجالسُوهم في مجالِسِهم وَواكلُوهُم وشارَبُوهم، فضربَ اللَّهُ قلوبَ بعضِهم

(1) أخرجه أبو داود الطيالسي في المسند ص 286، الحديث (2156)، وأخرجه أحمد في المسند 3/ 61، وأخرجه الترمذي في السنن 4/ 483، كتاب الفتن (34)، باب ما جاء ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه. . . (26)، الحديث (2191)، وقال:(حديث حسن صحيح)، وأخرجه الحاكم في المستدرك 4/ 505، كتاب الفتن. . .، باب ذكر صفات شتى لبني آدم. قوله:"استه" الدبر، أو العجز.

(2)

أخرجه من رواية أبي البختري، عمن سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، أحمد في المسند 4/ 260، وأخرجه أبو داود في السنن 4/ 515، كتاب الملاحم (31)، باب الأمر والنهي (17)، الحديث (4347) واللفظ لها، وذكره السيوطي في جمع الجوامع 1/ 659، وعزاه لأبي القاسم البغوي، وللبيهقي في البعث والنشور. قوله:"يُعذروا" بضم الياء وكسر الذال وتفتح، والمعنى حتَّى يذنبون فيعذرون أنفسهم بتأويلات زاغة.

(3)

أخرجه من رواية عدي بن عميرة رضي الله عنه، ابن المبارك في كتاب الزهد، ص 476، الحديث" (1352)، وأخرجه أحمد في المسند 4/ 194 واللفظ لهما، وأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار 2/ 66، باب بيان مشكل ما روي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من المراد، بقوله تعالى. . .، وأخرجه البغوي في شرح السنة 14/ 346، الحديث (4155)، من طريق عبد اللَّه بن المبارك، وعزاه السيوطي في جمع الجوامع 1/ 180، للطبراني في المعجم الكبير، ولكنا لم نجد الحديث في معجم عدي بن عميرة، في الطبعة الأولى من المعجم الكبير (المطبوع بتحقيق السلفي) 17/ 106 - 109.

ص: 412

ببعضٍ، ولعنَهم على لسانِ داودَ وعيسَى بنِ مريمَ عليهما السلام {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (1) قال: فجلسَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وكانَ مُتَّكِئًا فقال: لا وَالذي نفسي بيدهِ حتَّى تَأْطِرُوهم أَطْرًا" (2)، وفي رواية: "كلا واللَّهِ لتأمُرُنَّ بالمعروفِ وَلَتنهَونَّ عن المنكرِ ولتأخُذُنَّ على يَدَي الظالمِ ولَتَأْطِرُنَّهُ على الحقِّ أَطْرًا، أولتقصُرُنَّه على الحقِّ قَصْرًا أو ليَضْرِبَنَّ اللَّهُ بقلوبِ بعضِكُم على بعضٍ ثم لَيَلْعَنَنَّكم كما لعنَهُم" (3).

3995 -

عن أنسٍ أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "رأيتُ ليلةَ أُسريَ بي رجالًا تُقرَضُ شِفاهُهم بمقاريضَ نارٍ، فقلتُ: مَن هؤلاءِ يا جبريلُ؟ قال: هؤلاءِ خطباء مِن أُمَّتِكَ يأمرونَ الناسَ بالبِرِّ وينسونَ أنفسَهم"(4).

(1) سورة المائدة (5)، الآية (78).

(2)

أخرجه أحمد في المسند 1/ 391، وأخرجه أبو داود في السنن 4/ 509، كتاب الملاحم (31)، باب الأمر والنهي (17)، الحديث (4337)، وأخرجه الترمذي في السنن 5/ 252، كتاب تفسير القرآن (48)، باب ومن سورة المائدة (6)، الحديث (3047)، وأخرجه ابن ماجه في السنن 2/ 1328، كتاب الفتن (36)، باب الأمر بالمعروف. . . (20)، الحديث (4006)، قوله:"تأْطِرُوهم" بهمزة ساكنة، وبكسر الطاء، أي حتَّى تمنعوا الظلمة والفسقة عن الظلم وتميلوهم عن الباطل إلى الحق.

(3)

أخرجه من رواية ابن مسعود رضي الله عنه، أبو داود في المصدر السابق، الحديث (4337)، قوله:"لتقصرنَّه" بضم الصاد، لتَحَبِسُنَّه.

(4)

أخرجه أبو داود الطيالسي في المسند، ص 274، الحديث (2060)، وأخرجه أحمد في المسند 3/ 120، وأخرجه أبو يعلى الموصلي في أربع مواضع من مسنده: 7/ 69، الحديث (3992)، وفي 7/ 72، الحديث (3996)، وفي 7/ 118، الحديث (4069)، وفي 7/ 180، الحديث (4160). وأخرجه ابن حبان، ذكره الهيثمي في موارد الظمآن، ص 39، كتاب الإيمان (1)، باب ما جاء في الوحي. . . (7)، الحديث (35)، وأخرجه أبو نعيم في الحلية 8/ 44، ضمن ترجمة إبراهيم بن أدهم (294)، واللفظ له، وذكره السيوطي في جمع الجوامع 1/ 741 - 742، وعزاه لعبد بن حميد، وللطبراني في الأوسط، ولسعيد بن منصور، وذكره الخطيب التبريزي في المكشاة 3/ 1425، الحديث (5149). وعزاه للبيهقي في شعب الإيمان.

ص: 413

3996 -

عن عمار بن ياسر قال، قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أُنزِلَتْ المائدةُ مِن السماءِ خبزًا ولحمًا، وأُمِروا أنْ لا يَخُونوا ولا يَدَّخِرُوا لغدٍ، فخانُوا وادَّخروا ورَفَعُوا لغدٍ فمُسِخُوا قِرَدَةً وخنازِير"(1).

(1) أخرجه الترمذي في السنن 5/ 260، كتاب تفسير القرآن (48)، باب ومن سورة المائدة (6)، الحديث (3061)، واللفظ له، وأخرجه ابن جرير الطبري في التفسير 7/ 87، تفسير سورة المائدة (5)، الآية (113)، وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/ 348، تفسير سورة المائدة، وعزاه لابن أبي حاتم وابن الأنباري في كتاب الأضداد، وأبي الشيخ، وابن مردويه.

ص: 414