الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4311 -
عن عائشة رضي الله عنها "أنّها ذكرَت النَّارَ فبكَتْ، فقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: ما يُبكيكِ؟ قالت: ذكرتُ النَّارَ فبكيتُ فهلْ تذكُرونَ أهليكُمْ يومَ القِيامةِ؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أمَّا في ثلاثةِ مَواطِنَ فلا يذكُرُ أحدٌ أحدًا: عندَ الميزانِ حتَّى يعلمَ أيَخِفُّ ميزانُه أم يثقُلُ، وعندَ الكتابِ حينَ يُقال {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} (1) حتَّى يعلمَ أينَ يقعُ كتابُه أفي يمينهِ أمْ في شِمالِهِ أو منْ وراءِ ظهرِه، وعند الصِّراطِ إذا وُضعَ بينَ ظَهرانَيْ جهنّم"(2).
4 - باب الحوض والشفاعة
مِنَ الصِّحَاحِ:
4312 -
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "بَيْنا أنا أسيرُ في الجنَّةِ إذا أنا بنهرٍ حافتاهُ قِبابُ الدُّرِّ المجوَّفِ، قلتُ: ما هذا يا جبريلُ؟ قال: هذا الكَوثَرُ الذي أعطاكَ ربُّكَ، فإذا طِينُه مِسكٌ أذفَرُ"(3).
4313 -
وقال عليه السلام: "حَوْضي مَسيرةُ شهرٍ وزَواياهُ سَواءٌ، ماؤُهُ أبيضُ مِنَ اللبن، وريحُهُ أطيبُ مِنَ المِسكِ، وكِيزانُهُ كنُجومِ السماءِ، مَنْ يشربُ منها فلا يَظمأُ أبدًا"(4).
(1) سورة الحاقة (69)، الآية (19).
(2)
أخرجه أحمد في المسند 6/ 110، وأبو داود في السنن 5/ 116، كتاب السنة (34)، باب في ذكر الميزان (28)، الحديث (4755) واللفظ له، والحاكم والمستدرك 4/ 578، كتاب الأهوال، باب بشارة النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين أن تكونوا شطر أهل الجنة، وقال:(صحيح إسناده على شرط الشيخين لولا إرسال فيه بين الحسن وعائشة) وأقره الذهبي.
(3)
أخرجه البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في الصحيح 11/ 464، كتاب الرقاق (81)، باب في الحوض (53)، الحديث (6581)، وأذفر: أي شديد الرائحة.
(4)
متفق عليه من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أخرجه البخاري في الصحيح 11/ 463، كتاب الرقاق (81)، باب في الحوض (53)، الحديث (6579)، ومسلم =
4314 -
وقال عليه السلام: "إنَّ حَوْضي أبعدُ منْ أيْلَةَ منْ عَدنَ، لهوَ أشدُّ بَياضًا مِنَ الثلجِ وأحلَى مِنَ العسلِ باللَّبنِ، ولآنيَتُهُ أكثرُ منْ عددِ النُّجومِ، وإنِّي لأصُدُّ النَّاسَ عنهُ كما يَصُدُّ الرجُلُ إبِلَ النَّاسِ عنْ حَوْضِهِ، قالوا: يا رسولَ اللَّه أتعرِفُنا يومئذٍ؟ قال: نعمْ لكُمْ سِيما ليستْ لأحدٍ مِنَ الأُمَمِ تَرِدُونَ علىَّ غُرًّا مُحجَّلينَ منْ أثَرِ الوضُوءِ"(1). ويُروى: "تُرَى فيهِ أباريقُ الذَّهَبِ والفِضَّةِ كعددِ نُجومِ السَّماءِ"(2). ويُروى: "يَغُتُّ فيهِ ميزابانِ يَمُدّانِهِ مِنَ الجنَّةِ، أحدُهُما منْ ذَهبٍ والآخرُ منْ وَرِقٍ"(3).
4315 -
وقال عليه السلام: "إنِّي فَرَطُكُمْ على الحَوْضِ، مَنْ مرَّ عليَّ شربَ، ومَنْ شرِبَ لمْ يظمأْ أبدًا، لَيَرِدَنَّ عليَّ أقوامٌ أعرِفُهُمْ ويعرفونني ثمَّ يُحالُ بَيْني وبَيْنَهُمْ فأقولُ إنَّهُمْ منِّي، فيُقال: إنَّكَ لا تَدرِي ما أحدَثوا بعدَكَ، فأقولُ: سُحقًا سُحقًا لمنْ غَيَّرَ بعدي"(4).
= في الصحيح 4/ 1793، كتاب الفضائل (43)، باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته (9)، الحديث (27/ 2292) والكيزان: جمع كوز.
(1)
أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيح 1/ 217، كتاب الطهارة (2)، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء (12)، الحديث (36/ 247).
(2)
متفق عليه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أخرجه البخاري في الصحيح 11/ 463 - 464، كتاب الرقاق (81)، باب في الحوض (53)، الحديث (6580)، ومسلم في الصحيح 4/ 1801، كتاب الفضائل (43)، باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته (9)، الحديث (43/ 2303) واللفظ له.
(3)
أخرجه مسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه في المصدر نفسه 4/ 1799، الحديث (37/ 2301)، ويَغُت فيه ميزابان أي يدفقان فيه الماء دفقًا دائمًا متتابعًا (ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث 3/ 342).
(4)
متفق عليه من حديث سهل بن سعد وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما، أخرجه البخاري في الصحيح 11/ 464، كتاب الرقاق (81)، باب في الحوض (53)، الحديث (6583)، و (6584)، ومسلم في الصحيح 4/ 1793، كتاب الفضائل (43)، باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم (9)، الحديث (26/ 2290) و (26/ 2291)، وقوله:"إني فرطكم علي الحوض" أي متقدمكم إليه (ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث 3/ 434).
4316 -
عن أنس أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "يُحبَسُ المؤمنونَ يومَ القِيامةِ حتَّى يهِمُّوا بذلكَ فيقولونَ: لَوِ استَشْفعْنا إلى ربِّنا فيُريحُنا منْ مكانِنا، فيأتونَ آدمَ فيقولون: أنتَ آدمُ أبو النَّاسِ خَلقكَ اللَّه بيدِه وأسكَنَكَ جنَّتَهُ وأسجَدَ لكَ ملائكَتَهُ وعلَّمكَ أسماءَ كُلِّ شيءٍ اشفَعْ لنا عندَ ربِّكَ حتَّى يُريحَنا منْ مكانِنا هذا، فيقول: لستُ هُناكُمْ (1)، ويذكُرُ خطيئتَهُ التي أصابَ أكلَهُ مِنَ الشجَرَةِ وقدْ نُهيَ عنها، ولكنِ ائْتُوا نُوحًا أوَّلَ نبيٍّ بعثَهُ اللَّه إلى أهلِ الأرضِ. فيأْتونَ نُوحًا فيقول: لستُ هُناكُمْ، ويذكُر خطيئتَهُ التي أصابَ سُؤالَه ربَّه بغيرِ عِلمٍ، ولكنِ ائْتُوا إبراهيمَ خليلَ الرحمن. قال: فيأتونَ إبراهيمَ فيقول: إنِّي لستُ هُناكُمْ، ويذكُرُ ثلاثَ كِذْباتٍ كَذَبَهُنَّ، ولكنِ ائْتُوا موسَى عبدًا آتاهُ اللَّه التوراةَ وكلَّمهُ وقرَّبَهُ نَجِيًّا. قال: فيأتونَ موسَى فيقول: إنِّي لستُ هُناكُمْ، ويذكُرُ خطيئَتَهُ التي أصابَ قَتْلَهُ النَّفْسَ، ولكنِ ائْتُوا عيسَى عبدَ اللَّه ورسولَهُ وروحَ اللَّه وكلمتَهُ. قال: فيأتونَ عيسَى فيقول: لستُ هُناكُمْ ولكنِ ائْتُوا محمّدًا عبدًا غَفَرَ اللَّه لهُ ما تقدَّمَ منْ ذنبِهِ وما تأخَّر. قال: فيأتونَني فأستأذِنُ على ربِّي في دارِه فيُؤذَنُ لي عليهِ، فإذا رأيتُهُ وقعتُ ساجِدًا، فيدَعُني ما شاءَ اللَّه أنْ يدعَني فيقول: ارفَعْ محمّدُ وقُلْ يسمَعْ واشفَعْ تُشفَّعْ وسَلْ تُعطَهْ، قال: فأرفعُ رأسي فأثني على ربِّي بثناءٍ وتحميدٍ يُعلِّمُنيهِ، ثمَّ أشفَعُ فيُحدُّ لي حدًّا فأخرُجُ فأُخرجُهُمْ مِنَ النَّارِ فأُدخِلُهُمُ الجنَّةَ، ثمَّ أعود فأستأذِنُ على ربِّي في دارِه فيُؤذَنُ لي عليهِ، فإذا رأيتُهُ وقعتُ ساجِدًا، فيدَعُني ما شاءَ اللَّه أنْ يدَعَني ثم يقول: ارفَعْ محمّدُ وقُلْ يُسمَعْ واشفَعْ تُشفَّعْ وسَلْ تُعطَهْ، قال: فأرفعُ رأسي فأُثني على ربِّي بثناءٍ وتحميدٍ يُعلِّمُنيه، ثمَّ أشفَعُ فيُحدُّ لي حدًّا فأخرُجُ فأُدخِلُهُمُ الجنَّة، ثمَّ أعودُ الثالِثةَ فأستأذِنُ على ربِّي في دارِهِ فيُؤذَنُ لي عليهِ، فإذا رأيتُهُ وقعت ساجِدًا، فيدَعُني ما شاءَ اللَّه أن يدَعَني ثمّ يقول: ارفَعْ
(1) قوله: "لست هُناكُم" معناه لست أهلًا لذلك (النووي، شرح صحيح مسلم 3/ 55).
محمّدُ وقُلْ يُسمَعْ واشفَعْ تُشفَّعْ وسَلْ تُعطَهْ، قال: فأرفَعُ رأسي فأُثني على ربِّي بثناءٍ وتحميدٍ يُعلِّمُنيهِ، [ثم أشفع](1) فيُحدُّ لي حدًّا فأخرُجُ فأُدخلُهُمُ الجنّةَ حتَّى ما يبقى في النَّارِ إلّا مَنْ قدْ حَبَسَهُ القرآنُ، أيْ وَجَبَ عليهِ الخُلودُ (2)، ثمَّ تلا هذهِ الآية {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} (3) وقال: وهذا المقامُ المحمودُ الذي وُعِدَهُ نبيُّكُمْ" (4).
4317 -
وعن أنس رضي الله عنه قال، حدثنا محمد (5) صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يومُ القِيامَةِ ماجَ النَّاسُ بعضُهُمْ في بعض، فيأتُونَ آدمَ فيقولونَ: اشفَعْ لنا إلى ربكَ، فيقول: لستُ لها ولكنْ عليكُمْ بإبراهيمَ فإنَّهُ خليلُ الرحمنِ، فيأتونَ إبراهيمَ فيقولُ: لستُ لها ولكنْ عليكُمْ بموسَى فإنَّهُ كليمُ اللَّه، فيأتونَ موسَى فيقولُ: لستُ لها ولكنْ عليكُمْ بعيسَى فإنَّهُ رُوحُ اللَّه وكَلِمَتُهُ، فيأتونَ عيسَى فيقول: لستُ لها ولكنْ عليكُمْ بمحمَّدٍ، فيأتونني فأقول: أنا لها، فأستأذِنُ على ربِّي فيؤذَنُ لي ويُلهِمُني مَحامِدَ أحمَدُهُ بها لا تحضُرُني الآن فأحمَدُهُ بتلكَ المَحامِدِ، ثمَّ أخِرُّ لهُ ساجدًا فيُقال: يا محمَّدُ ارفَعْ رأسَكَ وقُلْ يُسمَعْ وسَلْ تُعطَهْ واشفَعْ تُشفَّعْ، فأقولُ: يا ربِّ أُمَّتي أُمَّتي،
(1) ساقطة من المطبوعة، وأثبتناها من المخطوطة وصحيح البخاري.
(2)
قوله: "أي وجب عليه الخلود" قد بينه مسلم عقب الحديث، والبخاري عقب إحدى الروايات أنه من قول قتادة والراوي واللَّه أعلم.
(3)
سورة الإسراء (17)، الآية (79).
(4)
متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 11/ 417، كتاب الرقاق (81)، باب صفة الجنة والنار (51)، الحديث (6565)، وأخرجه أيضًا تعليقًا بصيغة الجزم في الصحيح 13/ 422، كتاب التوحيد (97)، باب قول اللَّه تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة (75)، الآية (22)](24)، الحديث (7440)، وهذا لفظه. وأخرجه مسلم في الصحيح 1/ 180 - 181، كتاب الإيمان (1)، باب أدني أهل الجنة منزلة فيها (84)، الحديث (322/ 193).
(5)
كذا في المخطوطة وصحيح مسلم، والعبارة في المطبوعة: قال، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
فيُقال: انطلِقْ فأخرِجْ منها مَنْ كانَ في قلبِهِ مِثقالُ شعيرةٍ منْ إيمانٍ، فأنطلِقُ فأفعلُ ثم أعودُ فأحمَدُهُ بتلكَ المَحامِدِ ثم أخِرُّ لهُ ساجِدًا، فيُقال: يا محمَّدُ ارفَعْ رأسَكَ وقُلْ يُسمَعْ وسَلْ تُعطَهْ واشفَعْ تُشفَّعْ، فأقولُ: يا ربِّ أُمَّتي أُمَّتي، فيقال: انطلِقْ فأخرِجْ مَنْ كانَ في قلبِهِ مِثقالَ ذرةٍ أو خردَلَةٍ مِنْ إيمانٍ، فأنطلِقُ فأفعلُ ثم أعودُ فأحمَدُهُ بتلكَ المَحامِدِ ثمَّ أخِرُّ لهُ ساجِدًا، فيقال: يا محمّدُ ارفَعْ رأسك وقُلْ يُسمَعْ وسَلْ تُعطَهْ واشفَعْ تُشفَّعْ، فأقولُ: يا ربِّ أُمَّتي أُمَّتي، فيقال: انطلِقْ فأخرِجْ مَنْ كانَ في قلبِهِ أَدْنَى أدنَى أدنَى مِثقالَ حبَّةِ خردَلَة مِنْ إيمانٍ فأخرِجْهُ مِنَ النَّارِ، فانطلِقُ فأفعلُ، ثمَّ أعودُ الرابعةَ فأحمَدُهُ بتلكَ المَحامِدِ ثمَّ أخِرُّ لهُ ساجِدًا، فيقال: يا محمَّدُ ارفَعْ رأسَكَ وقُلْ يُسمَعْ وسَلْ تُعطَهْ واشفَعْ تُشفَّعْ، فأقولُ: يا ربِّ ائْذَنْ لي فيمنْ قالَ لا إله إلَّا اللَّه، قال: ليسَ ذلكَ لكَ ولكنْ وعِزَّتي وجَلالي وكِبريائي وعَظَمتي لَأخرِجَنَّ منها مَنْ قال لا إله إلّا اللَّه" (1).
4318 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"أسعدُ النَّاسِ بشفاعَتي يومَ القِيامَةِ مَنْ قال لا إله إلَّا اللَّه خالِصًا مِنْ قلبهِ أو نفسِهِ"(2).
4319 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أُتيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بلحمٍ، فرُفِعَ إليهِ الذِّراعُ وكانتْ تُعجبُهُ، فنهسَ (3) منها نَهْسَةً ثمّ قال: أنا سيِّدُ النَّاسِ يومَ القِيامَةِ، يومَ يقومُ النَّاسُ لربِّ العالمين، وتَدنو
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 13/ 473، كتاب التوحيد (97)، باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء (36)، الحديث (7510)، ومسلم في الصحيح 1/ 182 - 183، كتاب الإيمان (1)، باب أدني أهل الجنة منزلة فيها (84)، الحديث (326/ 193).
(2)
أخرجه البخاري في الصحيح 1/ 193، كتاب العلم (3)، باب الحرص على الحديث (33)، الحديث (99).
(3)
نهس: بمعنى أخذ بأطراف أسنانه (النووى، شرح صحيح مسلم 3/ 66).
الشَّمْسُ فيَبلُغُ النَّاسُ مِنَ الغمِّ والكَرْبِ ما لا يُطيقونَ، فيقولُ النَّاسُ: ألا تَنظُرونَ مَنْ يَشفعُ لكُمْ إلى ربِّكُمْ؟ فيأتونَ آدمَ -وذكرَ حديثَ الشفاعةِ- وقال: فأنطلِقُ فآتي تَحْتَ العرشِ فأقعُ ساجدًا لربِّي، ثمَّ يفتحُ اللَّه عليَّ منْ مَحامِدِهِ وحُسنِ الثناءِ عليهِ شيئًا لم يَفتحْهُ على أحدٍ قَبلي، ثمَّ يُقالُ: يا محمدُ ارفَعْ رأسكَ سَلْ تُعطَهْ واشفَعْ تُشفَّعْ، فَأرْفَعُ رأسي فأقول: أُمِّتي يا ربِّ، أُمَّتي يا ربّ، أُمَّتي يا ربِّ، فيقال: يا محمدُ أدخِلْ منْ أُمَّتِكَ مَنْ لا حِسابَ عليهمْ مِنَ البابِ الأَيْمَنِ منْ أبوابِ الجنَّةِ وهُمْ شُركاءُ النَّاسِ فيما سِوَى ذلكَ مِنَ الأبوابِ. ثم قال: والذي نفْسي بيدِه إنَّ ما بينَ المِصراعَيْنِ (1) منْ مَصاريعِ الجنَّةِ كما بينَ مكَّةَ وهَجَر" (2).
4320 -
وعن حُذَيْفة رضي الله عنه في حديث الشفاعة، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"تُرسلُ الأمانةُ والرَّحِمُ فيقومان جَنَبَتَيْ الصِّراطِ يَمينًا وشِمالًا"(3).
4321 -
عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص"أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم تلا قولَ اللَّه تعالى في إبراهيم: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} (4) وقال عيسَى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} (5) فرفعَ
(1) المصراعان: جانبا الباب، وهَجَر: مدينة عظيمة هي قاعدة بلاد البحرين، وهجر هذه غير هجر المذكورة في حديث:"إذا بلغ الماء قلتين بقلال هجر" تلك قرية من قرى المدينة كانت القلال تصنع بها (النووي، شرح صحيح مسلم 3/ 69).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 8/ 395، كتاب التفسير (65)، سورة بني إسرائيل (17)، باب {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} [الآية (3)](5)، الحديث (4712)، ومسلم في الصحيح 1/ 184 - 186، كتاب الإيمان (1)، باب أدني أهل الجنة منزلة فيها (84)، الحديث (327/ 194).
(3)
أخرجه مسلم من حديث حذيفة وأبي هريرة رضي الله عنهما في المصدر نفسه، الحديث (329/ 195).
(4)
سورة إبراهيم (14)، الآية (36).
(5)
سورة المائدة (5)، الآية (118).
يَدَيْهِ فقال: اللَّهمَّ أُمَّتي أُمَّتي. وبكَى، فقالَ اللَّه عز وجل: يا جبريلُ اذهَبْ إلى محمَّدٍ وربُّكَ أعلَمُ فسَلْهُ ما يُبكيه، فأتاهُ جبريلُ فسألَهُ، فأخبرَهُ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بما قال، فقالَ اللَّه لجبريل: اذهَبْ إلى محمَّدٍ فقُلْ: إنَّا سنُرْضيكَ في أُمَّتكَ ولا نَسُوءُكَ" (1).
4322 -
عن أبي سعيد الخُدْرِيّ رضي الله عنه "أنّ ناسًا قالوا: يا رسولَ اللَّه هلْ نَرَى ربَّنا يومَ القِيامَةِ؟ قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: نعمْ، هلْ تُضارُّونَ (2) في رُؤْيةِ الشمسِ بالظَّهيرةِ صَحْوًا ليسَ معها سَحابٌ، وهلْ تُضارُّونَ في رُؤْيَةِ القمرِ ليلةَ البدْرِ صَحْوًا ليسَ فيها سَحابٌ؟ قالوا: لا يا رسولَ اللَّه، قال: ما تُضارُّونَ في رُؤْيةِ اللَّه يومَ القِيامةِ إلّا كما تُضارُّونَ في رُؤْيةِ أحدِهما، إذا كانَ يومُ القِيامةِ أذَّنَ مُؤذِّنٌ: لِيتَّبعْ كُلُّ أُمَّةٍ ما كانتْ تعبُدُ، فلا يَبقَى أحدٌ كانَ يعبُدُ غيرَ اللَّه مِنَ الأصنامِ والأنصابِ إلّا يَتساقَطُونَ في النَّارِ، حتَّى إذا لمْ يَبقَ إلّا مَنْ كانَ يَعْبُدُ اللَّه مِنْ بَرٍّ وفاجِرٍ أتاهُمْ ربُّ العالمينَ قال: فماذا تَنتظِرونَ؟ يتَّبعُ كُلُّ أُمةٍ ما كانتْ تعبُدُ، قالوا: يا ربَّنا فارَقْنا النَّاسَ في الدُّنْيا أفقَرَ ما كُنَّا إلَيْهمْ ولمْ نُصاحِبْهُمْ". وفي رواية أبي هريرة رضي الله عنه: "فيقولونَ: هذا مكانُنا حتَّى يأتِيَنا ربُّنا، فإذا جاءَ ربُّنا عَرَفْناهُ"(3). وفي رواية أبي سعيد رضي الله عنه: "فيقولُ: هلْ بينكُمْ وبينَهُ آيةٌ تَعرِفونَهُ؟ فيقولون: نعمْ، فيُكشَفُ عنْ ساقٍ فلا يَبقَى مَنْ كانَ يسجُدُ للَّه منْ تِلقاءِ نفسِه إلّا أَذِنَ اللَّه
(1) أخرجه مسلم في الصحيح 1/ 191، كتاب الإيمان (1)، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته وبكائه شفعة عليهم (87)، الحديث (346/ 202).
(2)
تُضارون: يُروى بالتشديد والتخفيف، فالتشديد بمعنى لا تتخالفون ولا تتجادلون في صحّة النظر إليه لوضوحه وظهوره (ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث 3/ 82).
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 2/ 292، كتاب الأذان (10)، باب فضل السجود (129)، الحديث (806)، ومسلم في الصحيح 1/ 164، كتاب الإيمان (1)، باب معرفة طريق الرؤية (81)، الحديث (299/ 182).
لهُ بالسُّجودِ، ولا يَبقَى مَنْ كانَ يسجُدُ اتِّقاءً ورِياءً إلّا جعلَ اللَّه ظهرَهُ طَبَقةً واحِدةً، كُلَّما أرادَ أنْ يسجُدَ خَرَّ على قَفاهُ، ثمَّ يُضرَبُ الجِسْرُ (1) على جهنَّمَ وتَحِلُّ الشفاعةُ، ويقولونَ: اللَّهمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، فيمُرُّ المؤمنونَ كطَرْفِ العينِ وكالبَرْقِ وكالرِّيحِ وكالطيرِ وكأجاوِيد الخيلِ والرِّكابِ، فناجٍ مُسَلَّمٌ، ومَخْدوشٌ مُرْسَلٌ ومُكَرْدَسٌ (2) في نارِ جهنَّمَ حتَّى إذا خَلَصَ المؤمنونَ مِنَ النَّارِ، فوالَّذي نفسي بيدِه ما مِنْ أحدٍ منكُمْ بأشدَّ مُناشدَةً في الحقِّ، وقدْ تبيَّنَ لكُمْ، مِنَ المؤمنينَ للَّه يومَ القِيامةِ لإخوانِهمُ الذينَ في النَّارِ، يقولونَ: ربَّنا كانوا يَصومونَ معنا ويُصلُّونَ معنا ويَحُجُّونَ معنا، فيُقالُ لهمْ: أخرِجُوا مَنْ عَرفْتُمْ، فتُحرَّمُ صُوَرُهُمْ على النَّارِ، فيُخرِجونَ خَلْقًا كثيرًا ثمّ يقولونَ: ربَّنا ما بقيَ فيها أحدٌ ممَّنْ أمرْتَنا بهِ، فيقول: ارجِعُوا فمَنْ وجدتُمْ في قلبِهِ مِثقالَ دِينارٍ منْ خيرٍ فأخرِجوهُ، فيُخرِجونَ خَلْقًا كثيرًا، ثمَّ يقول: ارجِعُوا فمَنْ وجدتُمْ في قلبهِ مثقالَ نِصْفِ دِينارٍ منْ خيرٍ فأخرِجُوهُ، فيُخرِجونَ خَلْقًا كثيرًا، ثمَّ يقول: ارجِعُوا فمَنْ وجدتُمْ في قلبِهِ مِثقالَ ذرَّة منْ خيرٍ فأخرِجُوهُ، فيُخرِجونَ خَلْقًا كثيرًا، ثمَّ يقولونَ: ربَّنا لمْ نَذَرْ فيها خيرًا، فيقولُ اللَّه: شَفَعَت الملائِكةُ وشَفعَ النبيُّونَ وشَفعَ المؤمنونَ ولمْ يَبقَ إلّا أرحَمُ الراحِمينَ، فيَقبِضُ قَبْضةً مِنَ النَّارِ فَيُخْرِجُ مِنْها قَوْمًا لم يَعْمَلوا خَيْرًا قَطُّ قَدْ عَادُوا حُمَمًا فَيُلْقِيهِمْ في نَهْرٍ في أَفْوَاهِ الجَنَّةِ يُقالُ لهُ نهرُ الحياةِ، فيَخرجُونَ كما تَخرُجُ الحِبَّةُ (3) في حَمِيلِ
(1) الجَسر بفتح الجيم وكسرها لغتان مشهورتان وهو الصراط (النووي، شرح صحيح مسلم 3/ 29).
(2)
كذا في المطبوعة "مُكَرْدَس". المُكَرْدَس: الذي جُمعت يداه ورجلاه وألقي إلى موضع (ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث 4/ 162)، وفي الصحيحين:"مَكْدوس" أي مدفوع، وتَكَدَّس الإنسان إِذا دُفع من ورائه فسقط (ابن الأثير، المصدر السابق 4/ 155).
(3)
الحِبّة: بكسر الحاء وهي بزر البقول والعشب تنبت في البراري وجوانب السيول وجمعها حِبَب بكسر الحاء المهملة وفتح الباء، وحَميل السَّيْل: بفتح الحاء وكسر الميم وهو ما جاء به السيل من طين أو غثاء ومعناه محمول السَّيْل، والمراد التشبيه في سرعة النّبات وحسنه وطراوته (النووي، شرح صحيح مسلم 3/ 23).
السَّيْلِ، فيَخرُجونَ كاللُّؤلؤِ في رِقابِهِمُ الخَواتِمُ، فيقولُ أهلُ الجنَّةِ: هؤلاءِ عُتَقاءُ الرحمنِ أدخَلَهُمُ الجنَّةَ بغيرِ عَملٍ عَمِلُوهُ ولا خَيرٍ قَدَّموهُ، فيُقالُ لهمْ: لكُمْ ما رأَيْتُمْ ومِثلُهُ مَعَهُ" (1).
4323 -
وقال عليه السلام: "إذا دخلَ أهلُ الجنَّةِ الجنّةَ وأهلُ النَّارِ النَّارَ يقولُ اللَّه تعالى: مَنْ كانَ في قلبهِ مِثقالُ حبَّةٍ منْ خَرْدَلٍ منْ إيمانٍ فأخرِجُوهُ، فيُخْرَجونَ قدِ امتَحَشُوا (2) وعادُوا حُممًا، فيُلقَوْنَ في نهرِ الحياةِ فيَنْبُتون كما تَنبُتُ الحِبَّةُ في حَمِيلِ السَّيْلِ، ألَمْ تَرَوْا أنَّها تخرُجُ صفراءَ مُلتَوِيةً"(3).
4324 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه "أنّ النَّاسَ قالوا: يا رسولَ اللَّه هلْ نَرَى ربَّنا يومَ القِيامةِ؟ فذكرَ معنَى حديثِ أبي سعيد الخُدْرِيّ رضي الله عنه غيرَ كشفِ السَّاقِ. وقال: ويُضرَبُ الصِّراطُ بينَ ظَهرانَيْ جهنمَ، فأكونُ أوَّلَ مَنْ يَجوزُ مِنَ الرُّسُلِ بأمَّتِهِ، ولا يَتكلَّم يَومئِذٍ إلّا الرُّسُلُ، وكلامُ الرُّسُلِ يَومئذٍ: اللَّهمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وفي جهنَّمَ كلالِيبُ مِثلُ شوكِ السَّعْدانِ (4) لا يعلَمُ قَدْرَ عِظَمِها إلّا اللَّه، تَخْطَفُ النَّاسَ بأعمالِهِمْ، فمنهُمْ مَنْ
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 13/ 420 - 422، كتاب التوحيد (97)، باب قول اللَّه تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: (75)، الآية (22)](24)، الحديث (7439)، ومسلم في الصحيح 1/ 167 - 171، كتاب الإيمان (1)، باب معرفة طريق الرؤية (81)، الحديث (302/ 183).
(2)
امتَحَشُوا: احترقوا (النووي، شرح صحيح مسلم 3/ 22).
(3)
متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أخرجه البخاري في الصحيح 11/ 416، كتاب الرقاق (81)، باب صفة الجنة والنار (51)، الحديث (6560)، ومسلم في الصحِيح 1/ 172، كتاب الإيمان (1)، باب إثبات الشَّفاعة وإخراج الموحدين من النار (82)، الحديث (304/ 184).
(4)
الكلاليب: جمع كلُّوب بفتح الكاف وضم اللام المشددة وهو حديدة معطوفة الرأس يعلق فيها اللحم وترسل في التنور، والسعدان: بفتح السين وإسكان العين المهملة هو نبت له شوكة عظيمة مثل الحسك من كل الجوانب (النووي، شرح صحيح مسلم 3/ 21).
يُوبَقُ (1) بعملِهِ، ومنهُمْ مَنْ يُخَرْدَلُ (2) ثمَّ يَنجُو، حتَّى إذا فرَغَ اللَّه مِنَ القضاءِ بينَ عِبادهِ وأرادَ أنْ يُخرِجَ مِنَ النَّارِ مَنْ أرادَ أنْ يُخرِجَهُ ممَّنْ كانَ يَشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللَّه؛ أمرَ الملائِكَةَ أنْ يُخرِجُوا مَنْ كانَ يعبُدُ اللَّه، فيُخرِجونَهُمْ ويَعرِفُونَهُمْ بآثارِ السُّجودِ، وحرَّمَ اللَّه على النَّارِ أنْ تأكُلَ أثرَ السُّجودِ، فكُلُّ ابنِ آدمَ تأكلُهُ النَّارُ إلّا أثرَ السُّجودِ، فيُخرَجونَ مِنَ النَّارِ قدِ امتَحَشُوا، فيُصَبُّ عليهِمْ ماءَ الحَياةِ، فَيَنْبِتُونَ كما تنبُتُ الحِبَّة في حَميلِ السَّيْلِ، ويَبقَى رجلٌ بينَ الجنَّةِ والنَّارِ، وهوَ آخِرُ أهلِ النَّارِ دُخولًا الجنَّةَ، مُقبِل بوَجهِهِ قِبَلَ النَّارِ فيقول: يا ربِّ اصرِفْ وَجهي عنِ النَّارِ قدْ قَشَبَني رِيحُها وأحرَقَني ذَكاؤُها (3)، فيقول: هلْ عَسَيْتَ إنْ فُعِلَ ذلكَ بكَ أنْ تسألَ غيرَ ذلك؟ فيقول: لا وعِزَّتِكَ، فيُعطي اللَّهَ ما شاءَ مِنْ عَهْدٍ ومِيثاقٍ، فيَصرِفُ اللَّه وجهَهُ عنِ النَّارِ، فإذا أقبَلَ بهِ إلى الجنَّةِ رأَى بهجَتَها سكتَ ما شاءَ اللَّه أنْ يَسكُتَ، ثمَّ قال: يا رب قَدِّمْني عِندَ بابِ الجنَّةِ، فيقولُ اللَّه تبارك وتعالى: أليسَ قدْ أَعطيْتَ العُهودَ والمِيثاقَ أنْ لا تَسألَ غيرَ الذي كنتَ سألتَ؟ فيقول: يا ربِّ لا أكونُ أشقَى خَلقِكَ، فيقول: فما عَسَيْتَ إنْ أُعطيتَ ذلكَ أنْ تسألَ غيرَهُ، فيقول: لا وعِزَّتِكَ لا أسالُ غيرَ ذلكَ، فيُعطي ربَّهُ ما شاءَ منْ عهدٍ ومِيثاقٍ، فيُقدِّمُهُ إلى بابِ الجنَّةِ، فإذا بلغَ بابَها فرأَى زَهرتَها وما فيها مِنَ النَّضرَةِ والسُّرورِ، فسكتَ ما شاءَ اللَّه أنْ يَسكُتَ، فيقول: يا ربِّ أدخِلْني الجنَّةَ، فيقولُ اللَّه تبارك وتعالى: ويلكَ يا ابنَ آدمَ ما أغدَرَكَ أليسَ قدْ أَعطيْتَ العُهودَ والمِيثاقَ أنْ لا تَسألَ غيرَ الذي
(1) يُوبَقَ: أي يهلك ويحبس.
(2)
المُخَرْدَل هو المَرْميّ المصروع، وقيل المقطع، تقطعه كلاليب الصراط حتَّى يهوي في النار، يقال خرْدَلتُ اللحم: أي فصلت أعضاءه وقطعته (ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث 2/ 20).
(3)
قَشَبَني معناه: سمَّني واذاني وأهلكني، وذكاؤها معناه: لهبها واشتعالها وشدة وهجها، والأشهر في اللغة ذكاها مقصور، وذكر جماعات أن المد والقصر لغتان (النووي، شرح صحيح مسلم 3/ 23).
أُعطيتَ؟ فيقول: يا ربِّ لا تَجعلْني أشقَى خَلقِكَ، فلا يزالُ يَدعُو حتَّى يَضحَكَ اللُّه منهُ، فإذا ضَحِكَ أذِنَ لهُ في دُخولِ الجنَّةِ، فيقولُ له: تَمنَّ، فيَتمنَّى حتَّى إذا انقطعَ أُمنِيَّتُهُ قالَ اللَّه تعالَى: تَمنَّ كذا وكذا، أقبلَ يُذكِّرُهُ ربُّهُ، حتَّى إذا انتهتْ بهِ الأمانيُّ قالَ اللَّه تعالَى: لكَ ذلكَ ومِثلُهُ معه" وقالَ أبو سعيدٍ رضي الله عنه، قالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "قالَ اللَّه تعالَى: لكَ ذلكَ وعشرةُ أمثالِهِ" (1).
4325 -
عن ابن مسعود رضي الله عنه أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "آخِرُ مَنْ يَدخُلُ الجنَّةَ رجلٌ فهوَ يَمشي مَرَّةً ويَكْبُو مَرَّةً وتَسْفَعُهُ (2) النَّارُ مَرَّةً، فإذا جاوَزَها التفتَ إلَيْها فقال: تَبَارَكَ الذي نجَّاني مِنكِ لقدْ أعطانيَ اللَّه شيئًا ما أعطاهُ أحدًا مِنَ الأوَّلينَ والآخِرينَ، فتُرْفَعُ لهُ شجرة فيقول: أيْ ربِّ أدْنِني منْ هذهِ الشجرةِ فلأستظِلَّ بظِلها وأشربَ منْ مائِها، فيقولُ اللَّه: يا ابنَ آدمَ لعَلِّي إنْ أعطيْتُكَها سألتَني غيرَها، فيقول: لا يا ربِّ، ويُعاهِدُهُ أنْ لا يسألَهُ غيرَها، فيُدنِيه منها، فيَستظِلُّ بظِلِّها ويشربُ منْ مائِها ثمَّ تُرفَعُ لهُ شجَرةٌ أُخرى هيَ أحسنُ مِنَ الأُولى، فيقول: أيْ ربِّ أدْنِني منْ هذهِ الشجَرةِ لأشربَ منْ مائِها وأستظِلُّ بظِلِّها، فيقول: يا ابْنَ آدمَ ألَمْ تُعاهِدْني أنْ لا تَسألَني غيرَها؟ قال: بلى يا ربّ، فيقول: لَعلي إنْ أدنَيْتُكَ منها تسألُني
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 2/ 292 - 293، كتاب الأذان (10)، باب فضل السجود (129)، الحديث (806)، وفي 11/ 444 - 446، كتاب الرقاق (81)، باب الصراط جسر جهنم (52)، الحديث (6573) و (6574)، وفي 13/ 419 - 420، كتاب التوحيد (97)، باب قول اللَّه تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة (75)، الآية (22)](24)، الحديث (7437) و (7438)، وأخرجه مسلم في الصحيح 1/ 163 - 166، كتاب الإيمان (1)، باب معرفة طريق الرؤية (81)، الحديث (299/ 182).
(2)
يكبو: معناه يسقط على وجهه، وتَسْعَفه: معناه تضرب وجهه وتسوده وتؤثر فيه أثرًا (النووي، شرح صحيح مسلم 3/ 42).
غيرَها، فيُعاهِدُه أنْ لا يسألَهُ غيرَها، فيُدنيهِ منها فيَستظِلُّ بظِلِّها ويشربُ منْ مائِها، ثمَّ تُرفَعُ لهُ شجَرةً عندَ بابِ الجنَّة هيَ أحسنُ مِنَ الأُولَيَيْنِ فيقولُ: أيْ ربِّ أدْنِني منْ هذهِ فلِأستظِلَّ بظِلِّها وأشربَ منْ مائِها، فيقول: يا ابنَ آدمَ أَلَمْ تُعاهِدْني أنْ لا تَسأَلَني غيرَها؟ قال: بَلَى يا ربِّ هذهِ لا أسألُكَ غيرَها، وربُّهُ يَعذِرُهُ لأنَّهُ يَرَى ما لا صَبْرَ لهُ عليهِ، فيُدنِيهِ منها، فإذا أدناهُ منها سمعَ أصواتَ أهلِ الجنَّةِ فيقولُ: أيْ ربِّ أَدْخِلْنِيها، فيقولُ: يا ابنَ آدمَ ما يَصْرِيني منكَ (1) أيُرضِيكَ أنْ أُعطيَكَ الدُّنْيا ومِثلَها مَعَها؟ قال: أيْ ربِّ أتَستهْزِئُ مِنَي وأنتَ ربُّ العالمينَ. فضَحِكَ ابنُ مَسعودٍ فقالوا: مِمَّ تَضحَكُ؟ قال: هكذا ضَحِكَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالوا: مِمَّ تَضحَكُ يا رسولَ اللَّه؟ قال: منْ ضِحْكِ رب العالمينَ حِينَ قال: أتَستهْزِئُ مِنِّي وأنتَ ربُّ العالمينَ؟ فيقول: إنِّي لا أستهْزِئُ مِنكَ ولكنِّي على ما أشاءُ قدِير" (2).
4326 -
وفي رواية: "ويُذكِّرُهُ اللَّه سَلْ كذا وكذا، حتَّى إذا انقطعَتْ بهِ الأمَانِيُّ قال اللَّه: هوَ لكَ وعشَرةُ أمثالِهِ، قال: ثمَّ يَدخلُ بيتَهُ فتدخُلُ عليهِ زَوْجتاهُ مِنَ الحورِ العِينِ فتقولانِ: الحمدُ للَّه الذي أحْياكَ لنا وأحْيانا لكَ، قالَ فيقولُ: ما أُعطيَ أحدٌ مِثلَ ما أُعطيتُ"(3).
(1) ما يَصْريني منك: معناه ما يقطع مسألتك مني، قال أهل اللغة: الصَّرْي بفتح الصاد وإسكان الراء هو القطع، وروي في غير مسلم "ما يصريك مني" قال إبراهيم الحربي: هو الصواب، وأنكر الرواية التي في صحيح مسلم وغيره "ما يصريني منك" وليس هو ما قال بل كلاهما صحيح فإن السائل متى انقطع من المسؤول انقطع المسؤول منه والمعنى أي شيء يرضيك ويقطع السؤال بيني وبينك واللَّه أعلم (النووي، المصدر نفسه).
(2)
أخرجه مسلم في الصحيح 1/ 174 - 175، كتاب الإيمان (1)، باب آخر أهل النار خروجًا (83)، الحديث (310/ 187).
(3)
أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في الصحيح 1/ 175، كتاب الإيمان (1)، باب أدني أهل الجنة منزلة فيها (84)، الحديث (311/ 188).
4327 -
عن أنس رضي الله عنه أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "لَيُصِيبَنَّ أقوامًا سَفْعٌ مِنَ النَّارِ بذُنوب أصابُوها عُقوبةً، ثمَّ يُدخِلُهُمُ اللَّه الجنَّةَ بفضْلِ رحمتِهِ، فيُقالُ لهُمْ الجهنَّمِيُّونَ"(1).
4328 -
عن عِمران بن حُصَيْن عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "يَخرُجُ قومٌ مِنَ النَّارِ بشفاعةِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فيَدخُلونَ الجنَّةَ ويُسمَّوْنَ الجهنَّميِّينَ"(2). وفي رواية: "يخرُجُ قومٌ مِنْ أُمَّتي مِنَ النَّارِ بشفاعَتي يُسمَّوْنَ الجهنَّميِّينَ"(3).
4329 -
عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قال، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "إنِّي لَأعلَمُ آخِرَ أهلِ النَّارِ خُروجًا منها وآخِرَ أهلِ الجنَّةِ دُخولًا (4)، رجلٌ يخرُجُ مِنَ النَّارِ حَبْوًا، فيقولُ اللَّه: اذهَبْ فادخُلِ الجنَّةَ، فيأتِيها فيُخيَّلُ إليهِ أنَّها مَلأى، [فَيَرْجِعُ] (5) فيقولُ: يا ربِّ وجَدتُها ملأى، [فيقولُ: اذهَبْ فادخُلِ الجنَّةَ، فيأتِيها فيُخيَّلُ إليهِ أنَّها مَلأى، فيرجعُ فيقولُ: يا ربِّ وتجدْتُها مَلأى] (6) فيقولُ اللَّه اذهَبْ فادخُلِ الجنَّةَ فإنَّ لكَ مِثلَ الدُّنْيا وعشَرةَ أمثالِها، فيقول: تسخَرُ مِنِّي -أو تَضحَكُ مِنِّي- وأنتَ
(1) أخرجه البخاري في الصحيح 11/ 416، كتاب الرقاق (81)، باب صفة الجنة والنار (51)، الحديث (6559)، وفي 13/ 434، كتاب التوحيد (97)، باب ما جاء في قول اللَّه تعالى:{إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف (7)، الآية (56)](25)، الحديث (7450)، وسَفْع: أي سواد من لفح النار أو علامة منها.
(2)
أخرجه البخاري في الصحيح 11/ 418، كتاب الرقاق (81)، باب صفة الجنة والنار (51)، الحديث (6566).
(3)
أخرجه الترمذي في السنن 4/ 715، كتاب صفة جهنم (40)، باب (10)، الحديث (2600)، وقال:(حسن صحيح)، وابن ماجه في السنن 2/ 1443، كتاب الزهد (37)، باب ذكر الشفاعة (37)، الحديث (4315).
(4)
العبارة في المطبوعة (دخولًا فيها) والتصويب من المخطوطة وصحيح البخاري.
(5)
ساقطة من المخطوطة والمطبوعة، وأثبتناها من البخاري ومسلم.
(6)
ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة وهو موجود بهامش المخطوطة وفي الصحيحين.
الملِكُ؟ ولقدْ رأيتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حتَّى بَدَتْ نواجذُهُ وكانَ يُقالُ: ذلكَ أدنَى أهلِ الجنَّةِ مَنزِلةً" (1).
4330 -
عن أبي ذَرّ رضي الله عنه قال، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إنِّي لَأعلَمُ آخِرَ أهلِ الجنَّةِ دُخولًا الجنَّةَ وآخِرَ أهلِ النَّارِ خُروجًا منها، رجلٌ يُؤتَى بهِ (2) يومَ القِيامَةِ فيُقالُ: اعْرِضوا عليهِ صِغارَ ذُنوبِهِ وارفَعوا عنهُ كِبارَها، فيُعرَضُ عليهِ صِغارُ ذُنوبِهِ، فيُقالُ: عَمِلتَ يومَ كَذا وكَذا؛ كَذا وكَذا، وعَمِلتَ يومَ كَذا وكَذا؛ كَذا وكَذا، فيقولُ: نعمْ، لا يَستطيعُ أنْ يُنكِرَ وهوَ مُشفِقٌ مِنْ كِبارِ ذُنوِبهِ أنْ تُعرَضَ عليهِ، فيُقالُ لهُ: إنَّ لكَ مكان كُلِّ سيِّئةٍ حَسنةً، فيقولُ: ربِّ قدْ عَمِلتُ أشياءَ لا أَراها ها هُنا فلقدْ رأيتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حتَّى بدَتْ نَواجِذُهُ"(3).
4331 -
عن أنس رضي الله عنه أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "يخرجُ مِنَ النَّارِ أربعَةٌ فيُعرَضونَ على اللَّه تعالى، ثمَّ يُؤْمَرُ بهمْ إلى النَّارِ، فيَلتفِتُ أحدُهُمْ فيقولُ: أيْ ربِّ لقد كنتُ أرجُو إذْ أخرجْتَني منها أنْ لا تُعيدَني فيها، قال: فيُنجِيهِ اللَّه منها"(4).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 11/ 418 - 419، كتاب الرقاق (81)، باب صفة الجنة والنار (51)، الحديث (6571)، ومسلم في الصحيح 1/ 173، كتاب الإيمان (1)، باب آخر أهل النار خروجًا (83)، الحديث (308/ 186).
(2)
ساقطة من المخطوطة، وأثبتناها من المطبوعة، وهي في لفظ مسلم.
(3)
أخرجه مسلم في الصحيح 1/ 177، كتاب الإيمان (1)، باب أدني أهل الجنة منزلة فيها (84)، الحديث (314/ 190).
(4)
أخرجه مسلم في الصحيح 1/ 180، كتاب الإيمان (1)، باب أدني أهل الجنة منزلة فيها (84)، الحديث (321/ 192)، دون قوله:"لقد كنت أرجو"، وأخرجه البغوي بلفظه التام بإسناده في شرح السنة 15/ 194، كتاب الفتن، باب آخر من يخرج من النار، الحديث (4362).
4332 -
وقال عليه السلام: "يَخلُصُ المؤمنونَ مِنَ النَّارِ، فيُحْبَسونَ على قَنطَرة بينَ الجنَّةِ والنَّارِ، فيُقْتَصُّ لبعضِهِمْ منْ بعض مَظالِمُ كانتْ بينَهُمْ في الدُّنْيا، حتَّى إذا هُذِّبوا ونُقُّوا أُذِنَ لهُمْ في دُخولِ الجنَّةِ، فوالّذي نَفْسُ محمَّدٍ بيدِهِ لَأحدُهُمْ أهدَى لمنزلهِ في الجنَّةِ منهُ لمنزلهِ كانَ في الدُّنْيا"(1).
4333 -
وقال عليه السلام: "لا يدخلُ أحدٌ الجنَّةَ إلّا أُرِيَ مَقعَدَهُ مِنَ النَّارِ لوْ أساءَ لِيزدادَ شُكرًا ولا يدخُلِ النَّارَ أحد إلَّا أُريَ مقعدَهُ مِنَ الجنَّةِ، لوْ أحسنَ ليكونَ عليهِ حَسْرةً"(2).
4334 -
وقال عليه السلام: "إذا صارَ أهلُ الجنَّةِ إلى الجنَّةِ وأهلُ النَّارِ إلى النَّارِ جيءَ بالموتِ حتَّى يُجعلَ بينَ الجنَّةِ والنَّارِ، ثمَّ يُذبحُ ثمّ يُنادِي مُنادٍ: يا أهلَ الجنَّةِ لا موتَ، ويا أهلَ النَّارِ لا موتَ، فيزدادُ أهلِ الجنَّةِ فَرَحًا إلى فرَحِهم، ويزدادُ أهل النَّار حُزنًا إلى حُزنِهم"(3).
مِنَ الحِسَان:
4335 -
عن ثَوْبان عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "حَوْضي من عَدَنَ إلى عَمَّانَ البَلْقاءِ، ماؤُهُ أشدُّ بياضًا مِنٍ اللَّبَنِ وأحلَى مِنَ العَسَلِ، وأكوابُهُ عددُ نُجومِ السماءِ، مَنْ شَرِبَ منه شَرْبةً لمْ يظمأْ بعدَها أبدًا، أوَّلُ
(1) أخرجه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في الصحيح 5/ 96، كتاب المظالم (46)، باب قصاص المظالم (1)، الحديث (2440)، وفي 11/ 395، كتاب الرقاق (81)، باب القصاص يوم القيامة. . . (48)، الحديث (6535).
(2)
أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، في الصحيح 11/ 418، كتاب الرقاق (81)، باب صفة الجنة والنار (51)، الحديث (6569).
(3)
متفق عليه من حديث عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما، أخرجه البخاري في الصحيح 11/ 415، كتاب الرقاق (81)، باب صفة الجنة والنار (51)، الحديث (6548)، ومسلم في الصحيح 4/ 2189، كتاب الجنة (51)، باب النار يدخلها الجبارون. . . (13)، الحديث (43/ 2850).
الناسِ وُرُودًا فُقراءُ المهاجِرينَ الشُّعْثُ رؤوسًا الدُّنْسُ ثيابًا الذينَ لا يَنْكِحونَ المتَنعِّماتِ ولا يُفتحُ لهُمُ السُّدَدُ" (1)(غريب).
4336 -
عن زَيْد بن أرقم قال: "كُنَّا مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فنزَلنا منزلًا، فقال: ما أنتُمْ جزء منْ مائةِ ألْفِ جُزءٍ ممنْ يرِدُ عليَّ الحوضَ. قيل: كمْ كنتُمْ يومئذٍ؟ قال: سبعمائةَ أو ثمانمائةَ"(2).
4337 -
عن الحسن عن سَمُرة قال، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إنَّ لكُلِّ نبيٍّ حوضًا، وإنَّهُمْ ليتباهَوْنَ أيُّهُمْ أكثرُ وارِدَةً، وإنِّي أرجُو أنْ أكونَ أكثرَهُمْ وارِدةً"(3)(غريب).
4338 -
عن أنس رضي الله عنه قال: "سألتُ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم أنْ يشفَعَ لي يومَ القِيامَةِ، فقال: أنا فاعِلٌ. قلتُ: يا رسُولَ اللَّه فأيْنَ أطلُبُكَ؟ قال: اطلُبْني أوَّلَ ما تطلُبُني على الصِّراطِ. قلت: فإنْ لمْ ألْقَكَ عَلَى الصِّراطِ؟ قال: فاطلُبْني عندَ المِيزانِ. قلت: فإنْ لم ألْقَكَ عندَ المِيزانِ؟ قال: فاطلُبْني عندَ الحَوْضِ فإنِّي لا أُخطِئُ هذَهَ الثلاثةَ المَواطِنَ"(4)(غريب).
(1) أخرجه أحمد في المسند 5/ 275، والترمذي في السنن 4/ 629، كتاب صفة القيامة (38)، باب ما جاء في صفة أواني الحوض (15)، الحديث (2444)، وقال:(هذا حديث غريب من هذا الوجه)، وابن ماجه في السنن 2/ 1438، كتاب الزهد (37)، باب ذكر الحوض (36)، الحديث (4303)، والحاكم في المستدرك 4/ 184، كتاب اللباس، باب بيان أوصاف حوض الكوثر، وقال:(صحيح الإسناد)، وأقره الذهبي، والسدد جمع سدة وهي باب الدار.
(2)
أخرجه أحمد في المسند 4/ 369، 371، 372، وأبو داود في السنن 5/ 110، كتاب السنة (34)، باب في الحوض (26)، الحديث (4746)، والحاكم في المستدرك 1/ 76 - 77، كتاب الإيمان، باب صفة حوضه صلى الله عليه وسلم.
(3)
أخرجه الترمذي في السنن 4/ 628، كتاب صفة القيامة (38)، باب ما جاء في صفة الحوض (14)، الحديث (2443)، وقال:(هذا حديث غريب).
(4)
أخرجه أحمد في المسند 3/ 178، والترمذي في السنن 4/ 621، كتاب صفة القيامة (38)، باب ما جاء في شأن الصراط (9)، الحديث (2433)، وقال:(حسن غريب).
4339 -
عن المُغِيرة بن شُعْبة رضي الله عنه قال، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"شِعارُ المؤمنينَ يومَ القِيامَةِ عَلَى الصِّراطِ: ربِّ سَلِّمْ سَلِّمْ"(1)(غريب).
4340 -
عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "قيلَ لهُ: ما المقامُ المحمودُ؟ قال: ذاكَ يومٌ ينزلُ اللَّه تعالى على كرسيِّهِ فيَئطُّ كما يئِطُّ الرحلُ الجديدُ (2) منْ تضايقهِ بهِ وهو يسعهُ ما بينَ السماءِ والأرضِ، ويُجاءُ بكُمْ حُفاةً عُراةً غُرْلًا، فيكونُ أوَّلَ مَنْ يُكسَى إبراهيمُ صلواتُ اللَّه عليه، يقولُ اللَّه تعالى: اكْسُوا خَليلي. فيُؤتَى برَيْطَتَيْنِ بَيْضاوَيْنِ مِنْ رِياطِ الجنَّةِ، ثمَّ أُكْسَى على أَثَرِهِ، ثمَّ أقومُ عنْ يمينِ اللَّه مَقامًا يغبِطني الأوّلونَ والآخِرونَ"(3).
4341 -
عن أنس رضي الله عنه أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "شَفاعتي لأهلِ الكبائِرِ منْ أُمَّتي"(4).
(1) أخرجه الترمذي في المصدر نفسه، الحديث (2432)، وقال:(هذا حديث غريب)، والحاكم في المستدرك 2/ 375، كتاب التفسير، تفسير سورة مريم، وقال:(صحيح على شرط مسلم)، وأقره الذهبي.
(2)
في المطبوعة زيادة: (براكبه) وليست في المخطوطة ولا عند الدارمي.
(3)
أخرجه الدارمي في السنن 2/ 325، كتاب الرقاق، باب في شأن الساعة ونزول الرب تعالى، وقوله:"يئط" أي يصوت الكرسي، و"رياط" جمع رَيْطة وهي الملاءة الرقيقة اللينة. وقد تقدم هذا الحديث في مخطوطة برلين على الذي قبله.
(4)
أخرجه أحمد في المسند 3/ 213، وأبو داود في السنن 5/ 106، كتاب السنة (34)، باب في الشفاعة (23)، الحديث (4739)، والترمذي في السنن 4/ 625، كتاب صفة القيامة (38)، باب منه في الشفاعة (11)، الحديث (2435)، وقال:(حسن صحيح غريب من هذا الوجه)، وابن حبان في "صحيحه" أورده الهيثمي في موارد الظمآن ص 645، كتاب البعث (41)، باب جامع في البعث والشفاعة (14)، الحديث (2596)، والحاكم في المستدرك 1/ 69، كتاب الإيمان، باب شفاعتي لأمل الكبائر من أمتى.
4342 -
عن عَوْف بن مالِك رضي الله عنه قال، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أتاني آتٍ منْ عندِ ربِّي فخيَّرَني بينَ أنْ يَدْخُلَ نِصفُ أُمَّتي الجنَّةَ وبينَ الشفاعةِ، فاخترتُ الشَّفاعةَ وهيَ لمنْ ماتَ لا يُشرِكُ باللَّه شيئًا"(1).
4343 -
عن عبد اللَّه بن أبي الجَدْعاء رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "يَدخُلُ الجنَّةَ بشَفاعةِ رجُلٍ مِنْ أُمَّتي أكثرُ منْ بَني تَميمٍ، قيلَ: يا رسُولَ اللَّه سِواكَ؟ قال: سِوايَ"(2).
4344 -
عن أبي سعيد رضي الله عنه أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ منْ أُمَّتي مَنْ يشفعُ للفِئامِ، ومنهُم مَنْ يشفعُ للقَبيلَةِ، ومنهُم مَنْ يشفعُ للعَصَبَةِ، ومنهُم مَنْ يشفعُ للرجُلِ حتَّى يدخل الجنَّة"(3).
(1) أخرجه أحمد في المسند 6/ 23، 28، 29، والترمذي في السنن 4/ 627، كتاب صفة القيامة (38)، باب منه في الشفاعة (13)، الحديث (2441)، وابن ماجه في السنن 2/ 1444، كتاب الزهد (37)، باب ذكر الشفاعة (37)، الحديث (4317)، وابن حبان في "صحيحه" أورده الهيثمي في موارد الظمآن ص 644، كتاب البعث (41)، باب جامع في البعث والشفاعة (14)، الحديث 25921).
(2)
أخرجه أحمد في المسند 3/ 469،470، والدارمي في السنن 2/ 328، كتاب الرقاق، باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم:"يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي سبعون ألفًا"، والترمذي في السنن 4/ 626، كتاب صفة القيامة (38)، باب منه ما جاء في الشفاعة (10)، الحديث (2438)، وقال:(حسن صحيح غريب)، وابن ماجه في السنن 2/ 1443 - 1444، كتاب الزهد (37)، باب ذكر الشفاعة (37)، الحديث (4316)، والحاكم في المستدرك 1/ 71، كتاب الإيمان، باب ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي. . . وقال:(هذا حديث صحيح) وأقره الذهبي.
(3)
أخرجه أحمد في المسند 3/ 20، 63، والترمذي في السنن 4/ 627، كتاب صفة القيامة (38)، باب منه ما جاء في الشفاعة (12)، الحديث (2440)، وقال:(هذا حديث حسن)، والفئام: الجماعة من الناس لا واحد له من لفظه.
4345 -
عن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إنَّ اللَّه عز وجل وعَدَني أنْ يُدخِلَ الجنَّةَ منْ أُمَّتي أربعِمائةِ ألفٍ (1). فقالَ أبو بكر: زِدْنا يا رسولَ اللَّه، قال: وهكذا، فحَثا بكفَّيْه وجمعهُما، قال أبو بكر: زِدْنا يا رسولَ اللَّه، قال: وهكذا. فقال عمر: دَعْنا يا أبا بكر، فقال أبو بكر: وما عليك أنْ يُدْخِلَنا اللَّه كُلَّنا الجنَّةَ، فقال عمر: إنَّ اللَّه عز وجل إنْ شاءَ أنْ يُدخِلَ خَلْقَه الجنَّةَ بكفٍّ واحِدٍ فَعَلَ، فقالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: صدَقَ عمرُ"(2).
4346 -
عن أنس رضي الله عنه قال [قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم](3): "يُصَفُّ أهلُ النَّارِ يومئِذٍ، فيمُرُّ بهم الرجلُ منْ أهلِ الجنَّة، فيقولُ الرجُلُ منهم: يا فُلانُ أما تَعرِفُني؟ أنا الذي سقَيْتُكَ شَربةً، وقال بعضهُمْ: أنا الذي وهبتُ لكَ وَضُوءًا، فيشفَعُ لهُ فيُدْخِلُهُ الجنَّةَ"(4).
4347 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: "أنَّ رجليْنِ ممنْ دخلَ النَّارَ اشتدَّ صِياحُهُما، فقال الربُّ: أخرِجُوهُما، فقال لهما: لأيِّ شيءٍ اشتدّ صِياحُكُما؟ قالا: فعَلْنا ذلكَ لترحَمَنا، قال: فإنَّ رَحمتي لكُما أنْ تنطَلِقا فتُلْقِيا أنفُسكُما حيثُ كنتُما مِنَ النَّارِ. فيُلقي أحدُهُما نفسَهُ فيجعَلُها اللَّه عليهِ بَرْدًا وسَلامًا، ويقومُ الآخرُ فلا يُلقي نفسَهُ، فيقولُ لهُ الربُّ: ما منعَكَ أنْ تُلقيَ نفسَك كما أَلْقى صاحِبُكَ؟ فيقول: ربِّ إنِّي أرجُو أنْ
(1) في المطبوعة زيادة: (بلا حساب) وليست في المخطوطة ولا عند أحمد ولا عند المصنف في شرح السنة.
(2)
أخرجه أحمد في المسند 3/ 165، والبغوي بإسناده في شرح السنة 15/ 163، كتاب الفتن، باب شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، الحديث (4335).
(3)
ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.
(4)
أخرجه ابن ماجه في السنن 2/ 1215، كتاب الأدب (33)، باب فضل صدقة الماء (8)، الحديث (3685).