المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر سيرة مظفر الدين رحمه الله - مفرج الكروب في أخبار بني أيوب - جـ ٥

[ابن واصل]

فهرس الكتاب

- ‌«الْجُزْء الْخَامِس»

- ‌مقدمة

- ‌تنويه

- ‌ ودخلت سنة تسع وعشرين وستمائة

- ‌ذكر مسير السلطان الملك الكاملمن الديار المصرية إلى الشرق

- ‌[ذكر الوصلة بين الملك الناصر داودابن الملك المعظم وعمه الملك الكامل]

- ‌ذكر رحيل الملك الصالح نجم الدين أيوبابن الملك الكامل إلى الشرق ومقامه به

- ‌ذكر استيلاء السلطان الملك الكامل على آمد وبلادها

- ‌ودخلت سنة ثلاثين وستمائة

- ‌ذكر رجوع السلطان الملك الكامل إلى الديار المصرية

- ‌ذكر سيرة مظفر الدين رحمه الله

- ‌ودخلت سنة إحدى وثلاثين وستمائة

- ‌ذكر وفاة الأتابك شهاب الدين طغريل رحمه الله

- ‌ذكر مسير السلطان الملك الكامل من الديار المصريةلقصد الدخول إلى مملكة الروم

- ‌ذكر رحيل السلطان الملك الكامل إلى السويداء ونزوله بها، وما جرى للملك المظفر صاحب حماة وبعض العسكر الكاملى بخرتبرت

- ‌ذكر استيحاش الملك الكامل من ابن أخيه الملك الناصر داود بن الملك المعظم

- ‌[ذكر بناء قلعة المعره

- ‌ودخلت سنة اثنتين وثلاثين وستمائة

- ‌ذكر رجوع السلطان الملك الكامل إلى الديار المصرية والملوك إلى بلادهم

- ‌ذكر وفاة القاضى بهاء الدين بن شدادرحمه الله تعالى

- ‌ذكر قدوم السلطان الملك المظفرصاحب حماه إلى حماه ومولد ولده مولانا السلطان الملكالمنصور ناصر الدين أبى المعالى محمد قدس الله روحه

- ‌ذكر استيلاء السلطان علاء الدين سلطان الرومعلى حران والرها من بلاد السلطان الملك الكاملوخلاط من بلاد الملك الأشرف

- ‌ودخلت سنة ثلاث وثلاثين وستمائة

- ‌ذكر توجه الملك الناصر داود بن الملك المعظم[إلى بغداد واعتضاده بالخليفة المستنصر بالله رحمه الله

- ‌ذكر مسير السلطان الملك الكامل من الديار المصرية إلى الشرق واستعادة حران والرها من نواب سلطان الروم

- ‌ذكر عود السلطان الملك الكامل إلى دمشق واستقراره بها إلى آخر السنة

- ‌ذكر قدوم الملك الناصر من بغداد إلى دمشق مع رسول الخليفة ثم مسيره إلى الكرك

- ‌ودخلت سنة أربع وثلاثين وستمائة

- ‌ذكر رجوع الملك الكامل إلى الديار المصرية

- ‌ذكر وفاة الملك العزيز غياث الدين محمد بن الملك الظاهرصاحب حلب رحمه الله

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر تمليك الملك الناصر صلاح الدين أبى المظفر يوسفحلب بعد ابيه الملك العزيز رحمهما الله

- ‌ذكر اتفاق الملوك على مباينة الملك الكامل

- ‌ذكر مسير الملك الناصر داود بن الملك المعظمإلى الديار المصرية واتفاقه مع عمه السلطان الملك الكامل

- ‌ذكر الوقعة بين عسكر السلطان الملك الناصرصاحب حلب والفرنج

- ‌ذكر استيلاء الملك الصالح عماد الدين اسماعيلبعد وفاة السلطان الملك الأشرفابن الملك العادل على دمشق

- ‌ذكر مسير السلطان الملك الكاملإلى دمشق واستيلائه عليها وتعويضهالملك الصالح عنها بعلبك

- ‌ذكر استيلاء السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوبابن الملك الكامل على سنجار ونصيبين والخابور

- ‌ذكر سيرة رحمه الله [تعالى

- ‌ذكر استيلاء الملك الجواد مظفر الدين يونسابن مودود بن الملك العادل على دمشق

- ‌ذكر منازلة عسكر حلب قلعة المعرّةوتملكها والاستيلاء على المعرّة وبلدها

- ‌ذكر منازلة عسكر حلب لحماة وحصارها

- ‌ذكر محاصرة بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصلالملك الصالح نجم الدين وهو بسنجار ثم هزيمة بدر الدين لؤلؤ

- ‌ذكر إيقاع الخوارزمية بعسكر سلطان الروم

- ‌ذكر إقامة الخطبة بحلب للسلطان غياث الدين سلطان الروم

- ‌ذكر رجوع العسكر الحلبى المحاصر لحماة إلى حلب

- ‌ذكر قدوم عماد الدين بن شيخ الشيوخإلى دمشق ومقتله رحمه الله

- ‌ذكر منازلة الخوارزمية والملك المظفر حمص ثم رحيلهم عنها

- ‌[ذكر بقية حوادث هذه السنة

- ‌ودخلت سنة سبع وثلاثين وستمائة

- ‌ذكر ما اعتمده الملك الصالح عماد الدينإسماعيل بن الملك العادل من التدبير إلىأن تم له ما أراد من تملك دمشق

- ‌ذكر قبض الملك المجاهد أسد الدينصاحب حمص على الأمير سيف الدين بن أبى علىومن معه من الأمراء وأكابر أهل حماة

- ‌ذكر استيلاء الملك الصالح عماد الدين إسماعيلابن الملك العادل على دمشق وهو استيلاؤه الثانى عليها

- ‌ذكر استيلاء بدر الدين لؤلؤصاحب الموصل على سنجار

- ‌ذكر وفاة الملك المجاهد صاحب حمص

- ‌ذكر سيرته رحمه الله [تعالى

- ‌ذكر إستيلاء الملك المنصور إبراهيمابن الملك المجاهد على حمص وبلادها

- ‌ذكر القبض على الملك العادل بن الملك الكامل ببلبيس

- ‌ودخلت سنة ثمان وثلاثين وستمائة

- ‌ذكر القبض على أيبك الأسمروالمماليك الأشرفية وغيرهم من الخدام الكبار

- ‌ذكر الوقعة التي كسر فيها الخوارزميةعسكر حلب

- ‌ذكر ما جرى من الخوارزمية من العيث والفسادبعد كسرهم عسكر حلب إلى أن رجعوا

- ‌ذكر وصول الملك المنصور إبراهيم بن الملك المجاهدأسد الدين صاحب حمص لنصرة الحلبيين

- ‌ذكر دخول الخوارزمية إلى الشام ثانيا وما فعلوه من العيث والفساد

- ‌ذكر استيلاء السلطان غياث الدين كيخسرو سلطان الروم على آمد

- ‌ذكر ما آل إليه أمر الملك الجواد مظفر الدين يونس بن الملك العادل رحمه الله

- ‌ودخلت سنة تسع وثلاثين وستمائة

- ‌ذكر الوقعة بين كمال الدين بن شيخ الشيوخ والملك الناصر بن الملك المعظم

- ‌ذكر تسليم الشقيف وصفد إلى الفرنج

- ‌ذكر اتفاق الخوارزمية مع الملك المظفرشهاب الدين غازى بن الملك العادل صاحب ميافارقينوما تجدد من أحوالهم في هذه السنة

- ‌ذكر مرض الملك المظفر صاحب حماه

- ‌ذكر وفاة الملك الحافظ نور الدينأرسلان شاه بن الملك العادل رحمه الله

- ‌ودخلت سنة أربعين وستمائة

- ‌ذكر خروج التتر إلى أطراف الروم

- ‌ذكر كسرة الملك المظفر والخوارزمية

- ‌ذكر سيرتها رحمها الله

- ‌ذكر استقلال السلطان الملك الناصر صلاح الدينيوسف بن الملك العزيز صاحب حلب بالسلطنة

- ‌ذكر وفاة الخليفة المستنصر بالله أمير المؤمنينرحمه الله

- ‌ذكر خلافة الامام المستعصم بالله أمير المؤمنينرحمه الله

- ‌ودخلت سنة إحدى وأربعين وستمائة

- ‌ذكر دخول التتر بلاد الروموكسرهم غياث الدين وعسكره

- ‌ذكر وقوع الإتفاق بين السلطان الملك الصالح نجم الدينوبين عمه الملك الصالح وصاحب حمص

- ‌ذكر اتفاق الملك الصالح صاحب دمشق والملك المنصور صاحب حمص والملك الناصر داود مع الفرنج وتسليم القدس وطبرية وعسقلان إليهم

- ‌ودخلت سنة اثنتين وأربعين وستمائة

- ‌ذكر وصول الخوارزمية إلى غزة واستنقاذهمالقدس من الفرنج وما فعلوه في طريقهم

- ‌ذكر كسرة الملك المنصور صاحب حمصوعسكر دمشق والكرك والفرنج على غزة

- ‌ذكر منازلة عسقلان والفرنج الذين بها

- ‌ذكر خروج الصاحب معين الدين بن شيخ الشيوخ في العساكر المصرية إلى الشام ومنازلته دمشق

- ‌ذكر وفاة الملك المظفر تقى الدين محمود صاحب حماه رحمه الله

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر استيلاء مولانا السلطان المنصور ناصر الدينأبى المعالى محمد بن الملك المظفر على مملكة والده- قدس الله روحه - وخلد ملك ولدهمولانا ومالك رقنا السلطان الملك المظفر تقى الدينبالخلف الصالح عن آبائه الأكرمين

- ‌ذكر وفاة الملك المظفر شهاب الدين غازىوالملك المغيث بن السلطان الملك الصالح

- ‌ودخلت سنة ثلاث وأربعين وستمائة

- ‌ذكر استيلاء السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوبعلى دمشق وهو استيلاؤه الثانى عليها

- ‌ذكر خروج الخوارزمية عن طاعة السلطان الملك الصالح نجم الدين

- ‌ذكر وصول التقليد والتشريف من الخليفةالمستعصم بالله إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب

- ‌ذكر منازلة الخوارزمية والملك الصالحعماد الدين اسماعيل دمشق ومضايقتها

- ‌ودخلت سنة أربع وأربعين وستمائة

- ‌ذكر كسرة الخوارزمية وتبدد شملهمومقتل حسام الدين بركة خان مقدمهم

- ‌ذكر وفاة الملك المنصور صاحب حمصرحمه الله

- ‌ذكر سيرته رحمه الله [تعالى

- ‌ذكر استيلاء الملك الأشرفموسى بن الملك المنصور على حمص [وبلادها

- ‌ودخلت سنة خمس وأربعين وستمائة

- ‌ذكر مسير السلطان إلى الشاملفتح عسقلان وطبريه

- ‌ذكر خروج العساكر المصرية إلى الشاملإنجاد الملك الأشرف صاحب حمص

- ‌ذكر وفاة الملك العادل بن الملك الكامل

- ‌ذكر سيرته رحمه الله [تعالى]

- ‌المصادر والمراجع المذكورة في حواشىالجزء الخامس من كتاب مفرج الكروب

- ‌أولا: المصادر العربية

- ‌ثانيا: المراجع العربية والمترجمة

- ‌ثالثا: المراجع الأوربية

الفصل: ‌ذكر سيرة مظفر الدين رحمه الله

صاحب الموصل فقتل ملك التتر الشريف ابن صلايا لأنه على ما ذكر حسّن له صاحب الموصل قتله، وقال أنه شريف وربما طمع في الخلافة. ورجع بدر الدين إلى الموصل على ما سنذكره إن شاء الله تعالى (1)].

‌ذكر سيرة مظفر الدين رحمه الله

كان ملكا جليلا، شجاعا مقداما، ذا همة عالية [وبأس شديد، إلا أنه كان فيه ظلم وعسف وإلحاح في استخراج الأموال. ومع هذا، فكانت له (2)] صدقات كثيرة دارّة، ومعروف كثير، واستفكاك الأسارى من أيدى الفرنج. وكان مقصدا للفقهاء والشعراء والأدباء والصوفية وأهل الدين، يبّرهم بالأموال الجزيلة، ولا ينصرفون من عنده إلا راضين شاكرين. [وكان يعمل السماعات كثيرا للفقراء ويحضر بينهم، وكان متنزها عن شرب الخمر والمعاصى، قائما بوظائف الصلوات في أوقاتها (3)]. [واتخذ اليوم الثانى عشر من شهر ربيع الأول في كل سنة موسما لكون مثل ذلك اليوم هو الذى ولد فيه النبى صلى الله عليه وسلم فكان ينفق فيه الأموال الجزيلة، ويعمل السماعات والاجتماعات للقراءة. وكان يحضر هذه المجامع ويبذل فيها الدنانير والدراهم الكثيرة، ويبعث إلى الشام كل سنة جملة كثيرة بسبب استفكاك الأسرى (4)].

(1) ورد ما بين الحاصرتين مختصرا في نسخة س.

(2)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(3)

ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في م.

(4)

ورد ما بين الحاصرتين في قليل من التعديل وفى غير مكانه في نسخة س (ق 289 ا - ب)، والصيغة المثبتة من م

ص: 51

وممن قدم عليه (1) الحافظ مجد الدين أبو الخطاب عمر بن دحية (2)[وكان إمام وقته في علم الحديث وله فيه رحل كثيرة. ولما قدم عليه (3)] امتدحه بقصيدة مطلعها:

لولا الوشاة وهم (4)

أعداؤنا ما وهموا

وساح جفنى وهما (5)

بالدمع لمّا فهموا

فأعطاه ألف دينار (6).

وقد حكى القاضى شمس الدين أحمد بن محمد بن خلكان قاضى دمشق رحمه الله عنه أشياء حسنة أودعها كتابه المسمى وفيات الأعيان (7)، وهو أخبر الناس بأحواله لأنه نشأ بأربل، وأكثر ما ذكر يعرفه مشاهدة لا سماعا فلنذكره:

(1) في نسخة س «ووصل إليه» والصيغة المثبتة من م.

(2)

هو الحافظ أبو الخطاب عمر بن الحسن بن على المعروف بذى النسبين الأندلسى البلنسى، وينتهى نسبه إلى دحية الكلبى صاحب رسول الله. كان من أعيان العلماء متقنا لعلم الحديث النبوى، عارفا بالنحو واللغة وأيام العرب وأشعارها. انتقل من بلاد الأندلس إلى مصر والشام والعراق في طلب الحديث والاستفادة منه، وتوفى في القاهرة سنة 633 هـ - 1235 م؛ انظر ترجمته في ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج 1، ص 381 - 382؛ المقرى التلمسانى، نفح الطيب، ج 2، ص 99 - 104؛ ومن كتب ابن دحية كتاب المطرب في أشعار أهل المغرب، ط. الخرطوم، سنة 1954.

(3)

ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في م.

(4)

في نسخة س «وهموا» ولعله تصحيف، والصيغة المثبتة من نسخة م ومن ابن خلكان (وفيات، ج 1، ص 381).

(5)

الصيغة المثبتة من نسخة م، وفى نسخة س «وساح دمعى فهما» ومعه لا يستقيم المعنى في الشطر الثانى، ولم يرد هذا البيت في ابن خلكان.

(6)

سوف يتكرر ذكر هذا الخير فيما بعد: انظر ما يلى ص 60 والصفحات التالية ساقطة من نسخة س ومثبتة في نسخة م، وسوف يشار إلى نهاية الجزء الساقط، انظر ما يلى ص 62 حاشية 5.

(7)

انظر ابن خلكان (وفيات الأعيان، ج 1 ص 435 - 438)؛ وعن سيرة مظفر الدين، انظر أيضا، سبط ابن الجوزى، مرآة الزمان، ج 8، ص 450 - 452

ص: 52

قال [ابن خلكان (1)] ما معناه أن والده على بن بكتكين كان قصيرا ولهذا قيل له كجك، وهو لفظ عجمى معناه بالعربى صغير أي صغير القدر، وأصله من التركمان.

وملك أربل وبلادا كثيرة في تلك النواحى وفرقها على أولاد [أتابك (2)] قطب الدين مودود بن زنكى بن آق سنقر صاحب الموصل، ولم يبق له سوى أربل. وعمر عمرا طويلا فيقال أنه جاوز مائة سنة، وعمى في آخر عمره، وتوفى بأربل ليلة الأحد حادى عشر ذى القعدة سنة ثلاث وستين وخمسمائة.

قال [ابن خلكان (3)]: وقال بهاء الدين بن شداد [في سيرة صلاح الدين (4)] مات في ذى الحجه ودفن بتربته المعروفة به المجاورة للجامع العتيق داخل البلد.

ولما توفى ولى أربل بعده ولده مظفر الدين كوكبورى، وعمره يومئذ أربع عشرة سنة، وقام بأتابكيته مجاهد الدين قايماز، ثم تعصب عليه مجاهد الدين وكتب محضرا بأنه ليس أهلا للولاية. وشاور الخليفة في أمره فعزله واعتقله، وولى أربل أخاه زين الدين يوسف وكان أصغر منه. ثم أخرج مظفر الدين من البلاد [179 ا] فتوجه إلى بغداد فلم يحصل على مقصود، ثم انتقل إلى الموصل وصاحبها يومئذ سيف الدين غازى بن قطب الدين مودود بن زنكى، واتصل بخدمته وأقطعه مدينة حران فانتقل إليها. ثم اتصل بخدمة السلطان الملك الناصر صلاح الدين رحمه الله وحظى عنده وتمكن منه، وزاد في أقطاعه الرها سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، وزاده سميساط وذلك حين أخذ الملك الناصر الرها من

(1) ما بين الحاصرتين للتوضيح.

(2)

ما بين الحاصرتين من ابن خلكان، ج 1 ص 435.

(3)

ما بين الحاصرتين للتوضيح.

(4)

ما بين الحاصرتين من ابن خلكان: ج 1، ص 435؛ انظر أيضا ابن شداد، النوادر السلطانية، ص 39.

ص: 53

فخر الدين بن الزعفرانى، وزوّج مظفر الدين أخته ربيعة خاتون بنت نجم الدين أيوب ابن شادى، وكانت قبله مزوّجة بسعد الدين (1) مسعود بن معين الدين آنر. وتوفى عنها مسعود سنة احدى وثمانين وخمسمائة.

وشهد مظفر الدين مع الملك الناصر صلاح الدين حروبه مع الفرنج، وكان أخوه زين الدين يوسف قد وفد إلى السلطان رحمه الله نجدة وهو محاصر للفرنج المحاصرين لعكا، فتوفى بالناصرة وهى قرية بالقرب من عكا، كان انتقل إليها من العسكر السلطانى لما مرض، وذلك في الثامن والعشرين من شهر رمضان سنة ست وثمانين وخمسمائه. فالتمس مظفر الدين من السلطان أن ينزل عن الرها وحران وسميساط ويعوضه عن ذلك أربل، فأجابه إلى ذلك وضم إليه شهرزور فتوجه إلى أربل ودخل إليها في ذى الحجة من السنة المذكورة. هذه خلاصة أمره.

قال [ابن خلكان (2)]: وكان له في فعل الخير غرائب لم يسمع أن أحدا فعل مثلها، من ذلك أنه لم يكن شىء أحب إليه من الصدقة، كان له كل يوم قناطير مقنطرة من الخبز (3) تفرق على المحاويج في عدة مواضع من البلد، يجتمع في كل موضع (4) خلق كثير، ويفرق عليهم في أول النهار. [وإذا نزل من الركوب يكون قد اجتمع جمع كثير عند بابه فيدخلهم إليه، ويدفع لكل واحد منهم كسوة على قدر الفصل من الشتاء والصيف. ومع الكسوة شىء من الذهب من الدينار

(1) في ابن خلكان (وفيات، ج 1، ص 435)«زوجة سعد الدين» .

(2)

ما بين الحاصرتين للتوضيح.

(3)

في المخطوطة «الخير» وهو تصحيف، انظر ابن خلكان، ص 436.

(4)

في المخطوطة «يوم» وهو تصحيف، انظر ابن خلكان، ص 436.

ص: 54

والاثنين (1) والثلاثة وأقل وأكثر. وكان قد بنى أربع خانكاهات للزّمنى (2) والعميان، وملأها من هذين الصنفين، وقرر لهم ما يحتاجون إليه كل يوم. وكان يأتيهم بنفسه في عصرية كل اثنين وخميس (3)، ويدخل إلى كل واحد منهم [179 ب] في بيته ويسأله عن حاله، ويتفقده بشىء من النفقة، ويباسطهم ويمزح معهم ويجبر قلوبهم.

وبنى دارا للنساء الأرامل، ودارا للصغار الأيتام، ودارا للقطاء، ورتب بها جماعة من المراضع، وكل مولود يلتقط يحمل إليهن فيرضعنه. وأجرى لأهل كل دار ما يحتاجون إليه في كل يوم. [وكان يدخل إليها في كل وقت ويتفقد أحوالهن ويعطيهن النفقات زيادة على المقرر لهن (4)]. وكان يدخل إلى البيمارستان ويقف على مريض مريض، ويسأله عن مبيته وكيفية حاله. وكان له دار مضيف يدخل إليها كل قادم إلى البلد من فقيه أو فقير أو غيرهما، وما كان يمنع منها كل من قصد الدخول إليها، وله الراتب الدار في الغداء والعشاء. وإذا عزم الانسان على السفر أعطى نفقة على ما يليق بمثله.

وبنى مدرسة رتب فيها فقهاء الفريقين من الشافعية والحنفية. وكان كل وقت يأتيها بنفسه ويعمل السماط بها، ويبيت [بها (5)] ويعمل السماع. وإذا طاب

(1) في المخطوطة «الدنانير الاثنين» والصيغة المثبتة من ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج 1، ص 436.

(2)

رجل ز من أي مبتلى والزمانة العاهة، انظر ابن منظور، لسان العرب، ج 17، ص 60.

(3)

كذا في المتن وفى ابن خلكان (ج 1، ص 436)«في كل عصرية اثنين وخميس» .

(4)

ورد ما بين الحاصرتين في قليل من التعديل في المخطوطة، والصيغة المثبتة من ابن خلكان (ج 1، ص 436) الذى ينقل عنه ابن واصل.

(5)

ما بين الحاصرتين من ابن خلكان، ج 1 ص 436.

ص: 55

خلع شيئا من ثيابه وسيّر (1) إلى الجماعة بكرة شيئا من الأنعام. ولم يكن له لذة سوى السماع، فإنه لم يكن يتعاطى شرب المسكر (2)، ولا يمكّن أحدا من إدخاله إلى البلد.

وبنى للصوفية خانقاتين، فيهما خلق كثير من المقيمين والواردين. ويجتمع في أيام المواسم فيهما خلق كثير يفوت الأحصاء. ورتّب لهما أوقافا كثيرة تقوم بجميع ما يحتاج إليه ذلك الخلق العظيم. ولا بد عند سفر كل واحد من صوفية الخانقاتين من نفقة يأخذها. وكان ينزل بنفسه إليهم، يعمل عندهم السماعات في كثير من الأوقات.

وكان يسيّر في كل سنة دفعتين من أمنائه (3) جماعة إلى ساحل الشام ومعهم جملة كثيرة من المال لا ستفكاك أسرى المسلمين من الكفار. وإذا وصلت إليه الأسرى أعطى كل واحد منهم شيئا، ومن لم يصل منهم أعطاه الأمناء شيئا بوصيته إليهم بذلك.

وكان يقيم في كل سنة سبيلا للحاج، ويسير مع السبيل جميع ما تدعو حاجة المسافر إليه في الطريق، ويسير صحبته أمينا [معه (4)] خمسة أو ستة آلاف دينار (5) لينفق بالحرمين على المحاويج وأرباب الرواتب. وله بمكة - حرسها الله تعالى -[180 ا] آثار جميلة، وبعضها باق إلى الآن. وهو أول من أجرى الماء إلى جبل عرفات

(1) في المتن «ويسير» ، والصيغة المثبتة من ابن خلكان (نفس الجزء والصفحة).

(2)

في ابن خلكان «المنكر» ، والصيغة المثبتة من المخطوطة.

(3)

في المتن «أمرائه» ، والصيغة المثبتة من ابن خلكان، ج 1، ص 436.

(4)

ما بين الحاصرتين مذكورة في هامش المتن.

(5)

في المخطوطة «خمسة آلاف ستة آلاف دينار» والصيغة المثبتة من ابن خلكان (وفيات، ج 1، ص 436)

ص: 56

ليلة الوقوف، وغرم عليه جملة كثيرة. وعمر بالجبل مصانع للماء (1) وبنى تربة هناك.

وأما احتفاله بمولد النبى صلى الله عليه وسلم فإن الوصف يقصر عن الإحاطة به. قال [ابن خلكان (2)]: ولكنا نذكر طرفا منه، وهو أن أهل البلاد كانوا قد سمعوا بحسن اعتقاده فيه، فكانوا كل سنة يصل من البلاد القريبة من أربل مثل بغداد والموصل والجزيرة وسنجار ونصيبين وبلاد العجم وتلك النواحى من الفقهاء والصوفية والوعاظ والقراء والشعراء خلق عظيم. ولا يزالون يتواصلون من المحرم إلى شهر ربيع الأوّل. ويتقدم مظفر الدين بنصب قباب من الخشب كل قبة أربع طبقات أو خمس، ويكون عدد القباب عشرين قبة، وأكبرها قبة له والباقى (3) للأمراء وأعيان الدولة، لكل واحد قبة. فإذا كان أول صفر زينوا (4) تلك القباب بأنواع الزينة الفاخرة المتجملة، وقعد في كل قبة جوق من المغانى، وجوق من أرباب الخيال، وفى كل طبقة من طبقات تلك القباب يكون فيها جوق.

وتبطل معايش الناس في تلك المدة كلها، ولا يبقى للناس شغل إلا التفرج والدوران على تلك القباب. وكانت القباب تنصب من حدّ باب القلعة إلى باب الخانقاة المجاورة للميدان. وينزل مظفر الدين كل يوم بعد صلاة العصر ويقف على قبة قبة إلى آخرها، ويسمع غناء المغانى، ويتفرج على خيالاتهم وما يفعلونه في القباب. ثم يبيت في الخانقاة بعد الفراغ (5)، ويركب عقيب صلاة الصبح

(1) المصانع هنا بمعنى ما يصنعه الناس من الآبار، انظر ابن منظور، لسان العرب، ج 10، ص 79.

(2)

ما بين الحاصرتين للتوضيح.

(3)

في المخطوطة «البواقى» ، والصيغة المثبتة من ابن خلكان، ج 1، ص 437.

(4)

في المخطوطة «بنوا» والصيغة المثبتة من ابن خلكان (نفس الجزء والصفحة).

(5)

كذا في المخطوطة وفى ابن خلكان (ج 1، ص 437) ورد «ثم يبيت في الخانقاه ويعمل السماع فيها» .

ص: 57

ويتصيد، ثم يرجع إلى القلعة بعد الظهر (1)، هكذا يفعل في كل يوم إلى ليلة المولد (2).

وكان يعمله سنة في ثامن الشهر، وسنة في ثانى عشره، لأجل الخلاف الذى وقع فيه. فإذا كان قبل المولد بيومين أخرج من الإبل والبقر والغنم شيئا عظيما يجل عن الوصف، وزفّها بجميع ما عنده من الطبول والمغانى، حتى يؤتى بها إلى الميدان، ثم يشرع في نحرها وتنصب القدور، ويطبخ الطباخون الألوان المختلفة.

وإذا كانت ليلة المولد (3) عملت السماعات بعد أن يصلى المغرب في القلعة، [180 ب] ثم ينزل وبين يديه من الشموع المشتعلة (4) شىء كثير، وفى جملتها شمعتان أو أكثر (5).

قال [ابن خلكان (6)]: أشك في ذلك من الشموع الموكبية (7) التي تحمل كل واحدة منها على بغل، ومن ورائها رجل يسندها، وهى مربوطة على ظهر البغل حتى ينتهى إلى الخانقاة. فإذا كان صبيحة ليلة المولد أنزل الخلع من القلعة [إلى الخانقاة (8)] على أيدى الصوفية، على يد كل شخص منهم بقجه، وهم متتابعون كل واحد وراء الآخر، فينزل من ذلك شىء كثير لا يحصى عدده. ثم ينزل مظفر الدين إلى الخانقاة،

(1) كذا في المخطوطة، وفى ابن خلكان (نفس الجزء والصفحة)«قبل الظهر» .

(2)

في المخطوطة «ليلة الميلاد» ، والصيغة المثبتة من ابن خلكان.

(3)

في المخطوطة «ليلة الميلاد» ، والصيغة المثبتة من ابن خلكان.

(4)

في المخطوطة «المشعلة» والصيغة المثبتة من ابن خلكان (ج 1، ص 437).

(5)

كذا في المخطوطة، وفى ابن خلكان «شمعتان أو أربع» .

(6)

ما بين الحاصرتين للتوضيح، انظر ابن خلكان (ج 1، ص 437).

(7)

ذكر المقريزى (الخطط، ج 2، ص 96) عند حديثه عن سوق الشماعين بالقاهرة أن الواحدة من الشموع الموكبية كانت تزن عشرة أرطال، ومن الشمع ما كان يحمل على العجل ويبلغ وزن الواحدة منها قنطار.

(8)

ما بين الحاصرتين للتوضيح من ابن خلكان (ج 1 ص 437).

ص: 58

ويجتمع به الأعيان والأكابر وطائفة كبيرة من بياض البلد. وينصب كرسى الوعظ، وقد نصب لمظفر الدين برج خشب له شبابيك إلى الموضع الذى فيه الناس وكرسى الوعظ، وشبابيك أخر للبرج أيضا إلى الميدان، وهو ميدان كبير في غاية الاتساع. ويجتمع فيه الجند، ويعرضهم ذلك النهار، وهو تارة ينظر إلى عرض الجند، وتارة ينظر إلى مجلس الوعظ. ولا يزال كذلك حتى يفرغ الجند من عرضهم. وعند ذلك يقدم السماط في الميدان للصعاليك، ويكون سماطا عاما عظيما (1). ويمد سماط آخر في الخانقاه للمجتمعين عند كرسى الوعظ. وفى مدة العرض ووعظ الوعاظ يطلب واحد واحد من (2) الأعيان والرؤساء والوافدين لأجل هذا الموسم، ممن قدمنا ذكره من الفقهاء والوعاظ والقراء والشعراء، فيخلع على كل واحد منهم ويعاد إلى مكانه. فإذا تكامل ذلك كله حضروا السماط، وحمل من يعتاد الحمل إلى داره. (3) ولا يزالون كذلك إلى العصر أو بعدها. ويبيت تلك الليلة هناك، ويعمل السماعات إلى بكرة، هكذا يعمل في كل سنة. وإذا فرغ هذا الموسم تجهزوا للانصراف إلى بلدانهم (4)، فيدفع إلى كل شخص شىء من النفقة.

وممن وفد إليه من العلماء الشيخ الحافظ أبو الخطاب عمر بن الحسن المعروف بابن دحية المحدث (5) - وسيأتى ذكره فيما يأتى إن شاء الله تعالى - فأكرمه إكراما

(1) كذا في المخطوطة وفى ابن خلكان (ج 1، ص 437)«ويكون سماطا عاما فيه من الطعام والخبز شىء كثير لا يحد ولا يوصف» .

(2)

كذا في المخطوطة وفى ابن خلكان «يطلب واحدا واحدا» .

(3)

أي حملوا من طعام السماط وفى ابن خلكان (وفيات، ج 1، ص 437)«وحملوا منه لمن يقع التعيين على الحمل إلى داره» والصيغة المثبتة من المخطوطة.

(4)

كذا في المتن وفى ابن خلكان «تجهز كل انسان للعود إلى بلده» .

(5)

انظر ما سبق ص 52 حاشية 2.

ص: 59

عظيما. ولما رأى غرام مظفر الدين لمولد النبى، صلى الله عليه وسلم، صنف له كتابا سماه (التنوير في مولد السراج المنير) وقرأه [181 ا] على مظفر الدين بنفسه. قال القاضى شمس الدين [أحمد بن خلكان (1)]: وسمعناه على مظفر الدين في ست مجالس، وختم الحافظ بن دحيه هذا الكتاب بقصيدة أولها:

لولا الوشاة وهم

أعداؤنا ما وهموا

فدفع الملك المعظم [مظفر الدين كوكبورى](2) إلى الحافظ بن دحيه ألف دينار.

وذكر القاضى شمس الدين أن هذه القصيدة في ديوان الأسعد بن مماتى المصرى (3).

قال القاضى شمس الدين [ابن خلكان (4)]: وكان مظفر الدين إذا استطاب شيئا من الطعام لا يختص به، بل إذا أكل من زبدية منه لقمة [طيبة (5)] قال لبعض الجاندارية:«احمل هذه إلى الشيخ فلان أو فلانة» ممن هم عنده مشهورون بالصلاح. وكذلك كان يعمل في الحلوى والفاكهة وغير ذلك من المطاعم [والمشارب والكساء (6)].

وكان حسن الأخلاق، كثير التواضع، حسن العقيدة، سالم الطوية (7)، شديد الميل إلى أهل السنة والجماعة، لا ينفق عنده من أرباب العلوم سوى الفقهاء والمحدثين، ومن عداهم لا يعطيه شيئا إلا تكلفا. وكذلك الشعراء لا يقول

(1) أضيف ما بين الحاصرتين للتوضيح.

(2)

أضيف ما بين الحاصرتين للتوضيح.

(3)

ذكر ابن خلكان (وفيات، ج 1 ص 69) عند ترجمته الأسعد بن مماتى أنه قرأ هذه القصيدة في مجموعة منسوبة إلى ابن مماتى.

(4)

أضيف ما بين الحاصرتين للتوضيح.

(5)

ما بين الحاصرتين من ابن خلكان، ج 1، ص 437.

(6)

ما بين الحاصرتين من ابن خلكان، ج 1، ص 437.

(7)

في ابن خلكان (نفس الجزء والصفحة)«سالم البطانة» والصيغة المثبتة من المخطوطة.

ص: 60

بهم، ولا يعطيهم إلا إذا قصدوه فما كان يضيع قصدهم. وكان يميل إلى علم التاريخ، وعلى خاطره شىء يذاكر به (1). ولم يزل مؤيدا في مواقفه ومصافاته (2) مع كثرتها، لم ينقل أنه انكسر في مصاف قط.

قال شمس الدين: ولم أذكر عنه شيئا على سبيل المبالغة بل كل ما ذكرته عن مشاهدة وعيان، وربما (3) حذفت بعضه طلبا للإيجاز.

قال: وكانت ولادته بقلعة الموصل ليلة الثلاثاء السابعة والعشرين من المحرم سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وتوفى رحمه الله وقت الظهر يوم الأربعاء ثامن عشر شهر رمضان سنة ثلاثين وستمائة بداره التي كانت لمملوكه (4) شهاب الدين قرطايا (5) لما قبض عليه سنة أربع عشرة وستمائة أخذها وصار يسكنها بعض الأوقات. ثم نقل إلى قلعة أربل ودفن بها، ثم حمل بوصية منه إلى مكة (6) [181 ب]- شرفها الله تعالى - وكان قد أعدّ له بها قبة تحت جبل عرفات في ذيله ليدفن بها. فلما توجه الركب إلى الحجاز سنة إحدى وثلاثين وستمائة سيروه في الصحبة. واتفق رجوع الحجاج قبل أن يصلوا إلى مكة بسبب حادثة لينة (7). قلت: وهى التي سنذكرها في حوادث تلك السنة، فردوه ودفنوه بالكوفة بالقرب من مشهد أمير المؤمنين على بن أبى طالب كرم الله وجهه.

(1) في المخطوطة «تذاكر به» ولعله تصحيف، والصيغة المثبتة من ابن خلكان، ج 1، ص 437.

(2)

في المخطوطة «ومصفاته» .

(3)

في المخطوطة «وإنما» والصيغة المثبتة من ابن خلكان (ج 1، ص 438).

(4)

كذا في المتن وفى ابن خلكان (وفيات ج 1، ص 438)«بداره في البلدة التي كانت لمملوكه» .

(5)

كذا في المخطوطة بينما وورد الاسم في ابن خلكان (نفس الجزء والصفحة)«شهاب الدين قراطا» .

(6)

الكلمة مكررة في المتن.

(7)

لينة موضع في بلاد نجد وهو المنزل الرابع لقاصد مكة من واسط، انظر ياقوت (معجم البلدان).

ص: 61

وتوفيت زوجته الخاتون ربيعة بنت أيوب، أخت الملك العادل - رحمهما الله - في شعبان سنة ثلاث وأربعين وستمائة. قال [ابن خلكان (1)]: وغالب ظنى أنها جاوزت ثمانين سنة، وأدركت من محارمها الملوك من أخوتها وأولادهم وأولاد أولادهم أكثر من خمسين ملكا، غير محارمها (2) من غير الملوك. كانت أربل لزوجها المذكور، والموصل لولدى بنتها (3) اللذين تغلب عليهم بدر الدين لؤلؤ وأبوهما وعمهما؛ أعنى الملك القاهر وعماد الدين زنكى صهراها، والملك الأشرف صاحب خلاط وبلاد الشرق ابن أخيها، والملك الظاهر وابنه الملك العزيز ابنا (4) أخيها، والملك المنصور وأبناه الملك الناصر والملك المظفر من ذرية أخيها، والملك الأمجد صاحب بعلبك ابن ابن أخيها، والملك المعظم وابنه الملك الناصر داود صاحبا دمشق والملك العزيز صاحب بانياس وولداه أولاد أخيها، والملك الكامل وأولاده الملك العادل والملك الصالح والملك المنصور أصحاب مصر واليمن أولاد أخيها، وغير هؤلاء ممن لم نذكرهم. قلت: وكان مظفر الدين مع ما ذكرنا فيه ظلم وعسف على رعيته، والحاح في استخراج الأموال، وأحدث مكوسا ومظالم. وقد حكى لى من ذلك شىء كثير فكرهت ذكره رحمه الله وعفا عنه (5).

(1) ما بين الحاصرتين للتوضيح.

(2)

في المتن «ومحمارمها» والصيغة المثبتة من ابن خلكان (ج 1، ص 448).

(3)

السطور التالية حتى نهاية الخبر وردت في ابن خلكان في صيغة مختلفة انظر (وفيات، ج 1، ص 438.

(4)

كذا في المخطوطة.

(5)

نهاية الجزء الساقط من نسخة س، انظر ما سبق، ص 52 حاشية 6.

ص: 62

ذكر استيلاء الملك العزيز [بن السلطان الملك الظاهر (1)] صاحب حلب على شيزر

كانت شيزر بيد الأمير شهاب الدين يوسف بن عز الدين مسعود [182 ا] ابن سابق الدين عثمان بن الداية، وقد كنا ذكرنا فيما سلف أن سابق الدين هذا كان هو وأخوته شمس الدين وبدر الدين [ومجد الدين أولاد الدايه (2)] عظماء الدولة النورية، وكانت بأيديهم الإقطاعات الجليلة، وكانوا هم القائمين بأعباء دولة الملك العادل نور الدين محمود بن زنكى رحمه الله.

ثم كنا ذكرنا أنه (3) بعد وفاة نور الدين رحمه الله وملك ولده الملك الصالح اسماعيل أنه اعتقل [المدبرون لدولة الملك الصالح (4)] شمس الدين وسابق الدين بحلب، وأن الملك الناصر صلاح الدين رحمه الله أنكر على مقدمى الملك الصالح (5) ذلك، وجعل ذلك (6) ذريعة إلى قصد الشام [وخلصهما (7)]، وجرى ما ذكرناه (8) من تملكه الشام. ثم أنه اتصل الأمير سابق الدين بخدمة الملك الناصر [صلاح الدين (9)]

(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س.

(2)

ما بين الحاصرتين من نسخة م، وورد بدلها في نسخة س «كانوا» .

(3)

انظر ما سبق، ابن واصل، ج 2، ص 10 - 11.

(4)

ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في م.

(5)

في نسخة س «على المقدمين من أصحاب الملك الصالح» ، والصيغة المثبتة من م.

(6)

في نسخة س «وجعله» والصيغة المثبتة من م.

(7)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(8)

في نسخة س «وجرى ما قدمنا ذكره» والصيغة المثبتة من نسخة م، وانظر ما سبق، ابن واصل، ج 2 ص 17 - 21.

(9)

ما بين الحاصرتين من نسخة س.

ص: 63

وكانت شيزر إقطاعا له في الأيام النورية وأقره عليها (1)، فبقيت في يده. وزاده الملك الناصر حصن بوقبيس (2) بعد قتل صاحبه ناصح الدين خمارتكين. ولم يزل هذا الإقطاع في يده إلى أن مات بعد موت (3) الملك الناصر صلاح الدين، وصار بعده لولده عز الدين (4) مسعود واستمر في يده، وكان مضافا إلى الملك الظاهر صاحب حلب.

ثم مات عز الدين فصار الإقطاع المذكور إلى ولده شهاب الدين يوسف، واستمر على الإضافة إلى مملكة حلب.

فلما كانت هذه السنة - أعنى سنة ثلاثين وستمائة - خرج الملك العزيز [ابن الملك الظاهر (5)] صاحب حلب لرمى البندق (6) في العمق وحارم (7)، ثم توجه إلى دركوش ثم إلى أفاميه (8)، فلم يحتفل به شهاب الدين [يوسف بن عز الدين مسعود ابن الداية (9)] صاحب شيزر، وسير أقامة يسيرة وهى شىء قليل من الشعير على حمير سخرها من بلد شيزر، فغضب من ذلك الملك العزيز [وبقى في قلبه منه (10)].

(1) في نسخة س «فأقر إقطاعه عليه» والصيغة المثبتة من نسخة م.

(2)

في نسخة س «أبو قبيس» والصيغة المثبتة من م وكلاهما صحيح، وأبو قبيس حصن في مقابلة شيزر، انظر ياقوت (معجم البلدان).

(3)

في نسخة س «وفاة» والصيغة المثبتة من م.

(4)

في نسخة م «لعز الدين» والصيغة المثبتة من نسخة س.

(5)

ما بين الحاصرتين للتوضيح.

(6)

عن رمى البندق، انظر ما سبق ابن واصل ج 4، ص 164 حاشية 1.

(7)

في نسخة س «لرمى البندق إلى حارم» والصيغة المثبتة من نسخة م، والعمق كورة من نواحى حلب وحارم حصن حصين وكورة تجاه أنطاكية من أعمال حلب، انظر ياقوت (معجم البلدان).

(8)

دركوش حصن قرب أنطاكية، وأفاميه مدينة حصينة من سواحل الشام وكانت كورة من كور حمص، انظر ياقوت (معجم البلدان).

(9)

ما بين الحاصرتين للتوضيح.

(10)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م، وعقب ابن العديم (زيدة الحلب، ج 3 ص 214) على الحادث بقوله «فشقّ عليه ذلك» .

ص: 64

ولما دخل إلى حلب سير الأمير سيف الدين على بن قلج إلى خاله السلطان الملك الكامل، يستأذنه في حصار شيزر وأخذها من شهاب الدين (1). وكان السلطان الملك الكامل بدمشق فقرر [سيف الدين (2)] مع السلطان [الملك الكامل (3)] الأمر على ما يختاره الملك العزيز. فسير سيف الدين إلى الملك العزيز يعلمه بذلك، فحينئذ أخرج الملك العزيز عسكر حلب والزردخاناه (4)، وسار إلى شيزر بعد أن وصل إليه سيف الدين بن قلج [182 ب]، ونصب عليها المجانيق (5) من جهة الجبل وهو شرقيها، ونصب المنجنيق المغربى (6) قبالة بابها. وأرسل السلطان الملك الكامل إلى الملك العزيز نجابين، ومعهما خمسة آلاف دينار مصرية، ليستخدم بها رجالة، يستعين بهم على الحصار.

[وقدم نجدة للملك العزيز ابن خالته الملك المظفر صاحب حماة ومساعدا ومعاضدا.

واحتيط على ما في رستاق شيزر من المغلات (7)]. وسير الملك العزيز إلى شهاب الدين صاحب شيزر يقول له: «والله لئن قتل واحد من أصحابى لأشنقنك بدله، فتقدم شهاب الدين إلى الجرخيه (8) الذين بالقلعة أن لا يرمى أحد منهم بسهم، وأسقط

(1) في نسخة م «منه» والصيغة المثبتة من س.

(2)

ما بين الحاصرتين للتوضيح، انظر ابن العديم، زبدة الحلب، ج 3، ص 214.

(3)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(4)

عن الزردخاناه أي خزانة السلاح، انظر ما سبق ابن واصل، ج 2 ص 357 حاشية 4.

(5)

في نسخة س «المناجنيق» والصيغة المثبتة من م.

(6)

في نسخة س «الغربى» ، والصيغة المثبتة من نسخة م ومن ابن العديم، زبدة الحلب، ج 3، ص 215.

(7)

ورد ما بين الحاصرتين مختصرا في نسخة س والصيغة المثبتة من م.

(8)

جمع جرخى أي رامى الجرخ وهى آلة حربية كانت تستعمل لرمى السهام والنفوط والحجارة، انظر: محيط المحيط؛ المقريزى، السلوك، ج 1، ص 1003 حاشية 1؛ Dozy : Supp. Dict. Ar، Vol. I، P. 182. .

ص: 65

في يده (1)، وخاف خوفا شديدا. وأرسل إلى الملك العزيز يبذل له تسليمها وتسليم بوقبيس (2)، على أن يبقى عليه أمواله التي بشيزر، ويحلف له على أملاكه التي بحلب.

[فامتنع أن يجيبه إلى ذلك إلا بشرط أن يقرر عليه جملة كثيرة من المال، حكى لى أنها مائة ألف دينار، فنزل إلى خدمته ونادمه. وكان شهاب الدين - على ما حكى لى - يعانى اللعب بالجغانة (3)، فأمره الملك العزيز أن يلعب بها بين يديه ففعل، فأطلق له الملك العزيز ما كان ألزمه أياه من المال، وأذن له في حمل أمواله معه إلى حلب وأبقاها جميعها عليه، ووفى له بأبقاء أملاكه بحلب عليه.

وصعد الملك العزيز إلى قلعة شيزر وأقام بها ثم رحل إلى حلب (4)].

ولما فتحت شيزر هنأ شهاب الدين يحيى بن موفق الدين خالد بن القيسرانى (5) - كاتب الأنشاء - الملك العزيز بفتح شيزر بقوله (6):

يا مالكا عم أهل الأرض نائله

وخص أحسانه الدانى مع القاصى

لما رأت شيزر رايات نصرك في

أرجائها ألقت العاصى إلى العاصى

(1) في نسخة س «وقد سقط في يده» والصيغة المثبتة من م، انظر أيضا ابن العديم، ج 3، ص 215.

(2)

في نسخة س «أبو قبيس» ، والصيغة المثبتة من م وكلاهما صحيح.

(3)

الجغانة اسم آلة موسيقية، انظر Dozy، Supp. Dict. Ar، I، P.199.

(4)

ما بين الحاصرتين من نسخة م وورد بدلها في نسخة س «فأجابه إلى ذلك. ونزل شهاب الدين من شيزر إلى خدمة الملك العزيز، ووفى له الملك العزيز بما شرطه عليه، وصعد إلى القلعة فأقام بها أياما، ثم رحل إلى حلب ومعه شهاب الدين فأقام بحلب إلى أن مات» .

(5)

والده هو الوزير موفق الدين خالد بن محمد القيسرانى خال السلطان نور الدين محمود، أرسله نور الدين سنة 568 هـ إلى مصر بعد أن كثرت الإشاعات بخروج صلاح الدين على الدولة النورية لعمل حساب البلاد المصرية وكشف أحوالها واختبار طاعة صلاح الدين؛ انظر المقريزى، السلوك، ج 1، ص 51 - 52، 54؛ حسنين ربيع، النظم المالية، ص 60.

(6)

في نسخة س «ولما فتحت شيزر هنأ شهاب الدين صاحب ديوان انشائه يحيى بن موفق الدين خالد بن القيسرانى الملك العزيز صاحب حلب بقوله» والصيغة المثبتة من نسخة م.

ص: 66

ذكر استيلاء الملك المظفر صاحب حماة على [حصن (1)] بعرين وانتزاعها من أخيه الملك الناصر [قلج أرسلان (2)]

كنا قد ذكرنا (3) أن الملك المظفر لما تسلم حماة تقدم إليه الملك الكامل أن يسلم بعرين إلى أخيه الملك الناصر قلج أرسلان، فسلمها إليه فبقيت في يده [183 ا] إلى هذه الغاية.

ثم أنه (4) بعد أن فتح السلطان الملك الكامل آمد طلب منه الملك المظفر الإذن في أن يقصد بعرين وينتزعها من أخيه الملك الناصر، واعتذر إليه بأنه يخاف إن تركها في يده أن يقصدها الفرنج لأنهم جيرانها، فيأخذوها منه لضعفه عن حمايتها، فيقوى الضرر بذلك على المسلمين؛ فأن بعرين تجاور حصن الأكراد وصافيتا، ولهم عليها قطيعة، وهم في كل وقت يقصدونها، وبعض قراياها (5) بين المسلمين والفرنج مناصفة، فأذن له السلطان [الملك الكامل (6)] في ذلك. فقصدها الملك المظفر في هذه السنة - أعنى سنة ثلاثين وستمائة، ونازلها بعسكره بعد أن بعث إلى أخيه يأمره بالنزول عنها، وأن يسلمها إليه، ويتهدده إن لم يجبه إلى ذلك، فلم يلتفت وأصر على العصيان والامتناع. ولما نازلها الملك المظفر زحف عليها،

(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م انظر أيضا، المقريزى، السلوك، ج 1، ص 244.

(2)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م انظر أيضا، المقريزى، السلوك، ج 1، ص 244.

(3)

انظر ما سبق، ابن واصل، ج 4، ص 273 والسطور التالية وردت في نسخة س مع بعض التقديم والتأخير، والصيغة المثبتة من نسخة م.

(4)

في نسخة س «ولما كانت هذه السنة، وهى سنة ثلاثين وستمائة. . .» ، والصيغة المثبتة من نسخة م.

(5)

في نسخة س «قراها» ، والصيغة المثبتة من م.

(6)

ما بين الحاصرتين من نسخة س.

ص: 67

فأذعن حينئذ الملك الناصر إلى التسليم فسلمها إليه، ونزل إلى خدمته، واجتمع به، فطلب الملك المظفر منه أن يقيم عنده ويعطيه [من الأقطاع (1)] ما يقوم به، فامتنع [من ذلك (2)] وسار إلى الديار المصرية، فبذل له خاله السلطان الملك الكامل خبزا بالديار المصرية يقوم بمائتى فارس (3)، وأن يسلم إليه أملاك والده بمصر والغور.

فحكى لى (4) أنه نزل إليه فلك الدين المسيرى (5) من عند السلطان وعرض عليه ما قال السلطان فغضب وقال: «لا والله، لا أرضى إلا بعود بلادى إلىّ» ، وأراد عليها شيئا آخر. فرجع فلك الدين بهذا الجواب إلى السلطان، فعلم السلطان أنه قد اختل واضطرب مزاجه، فاعتقله بقلعة الجبل. ولم يزل معتقلا إلى أن مات سنة خمس وثلاثين وستمائة قبل موت السلطان الملك الكامل بأيام. ودفن في تربة الملك المعظم شمس الدولة فخر الدين تور انشاه بن أيوب رحمه الله خارج باب النصر. وورد كتاب السلطان الملك الكامل إلى الملك المظفر يخبره بموت أخيه، ويعزيه به، وفى الكتاب أنه ملك تسعا واعتقل تسعا (5).

(1) ما بين الحاصرتين من نسخه س وساقط من م.

(2)

ما بين الحاصرتين من نسخه س وساقط من م.

(3)

في نسخة س «خبز مائتى فارس» ، والصيغة المثبتة من نسخة م.

(4)

ورد هذا الخبر مختصرا في نسخة س، والصيغة المثبتة من م.

(5)

في نسخة م «فلك الدين السرى» بدون تنقيط ولم يرد الإسم في نسخة س، ولعل الصيغة المثبتة هى الصحيحة، إذ المعروف أن فلك الدين عبد الرحمن المسيرى كان من كبار موظفى السلطان الكامل وتولى منصب الوزارة زمن السلطان العادل الثانى بن الكامل؛ انظر: المقريزى، الخطط، ج 2 ص 51؛ السلوك، ج 1 ص 274، وحاشية 1؛ ابن العديم، زبدة الحلب، ج 3، ص 229.

ص: 68

ولما (1) ملك الملك المظفر بعرين، مدحه الشيخ شرف الدين عبد العزيز بن محمد (2) وهنّاه بما تيسر له من هذا الفتح بقصيدة مطلعها:

يوم نصرت به العلياء والجودا

وساعة غادرت صيدا لك الصيدا

وموقف سؤت كل الحاسدين به

كما سررت به عدلا وتوحيدا

أنطقت بالفتح أعواد الوشيج وما

أحللت (3) من ذكره من منبر عودا

لولاك ما شدّ أزر المسلمين كما

بنيان عزّهم لولاك ما شيدا

بادرت «بارين (4)» إذ بارت رعيتها

جهدا وغودر عنها الأمن مطرودا

واستبطأت منك وعدا لا تخاف له

خلفا فأنجزتها تلك (5) المواعيدا

بكرت مفترعا بالسيف عذرتها

من دون كل الورى حيّا ومولودا

لم تطلع الشمس قيد الرمح (6) ضاحية

حتى غدا إرثك الممنوع مردودا

ولا انقضى يومها حتى دلفت لها

مصرفا أمرها: عزلا وتقليدا

فأصبحت كحماة في حمى ملك

بالعدل يجمع فيها الشاء والسيدا (7)

(1) وردت الجملة التالية في صيغة مختلفة في نسخة س، والصيغة المثبتة من م.

(2)

هو العلامة الأديب الشاعر شيخ الشيوخ شرف الدين عبد العزيز بن محمد الحموى المعروف بابن قاضى حماه. ولد في دمشق سنة 586 هـ، وتعلم على شيوخ عصره وبرع في العلم والأدب، وسكن حماه. وكان صدرا كبيرا نبيلا فصيحا، جيد الشعر وله في لزوم ما لا يلزم مجلدا كبيرا، وتوفى سنة 662 هـ، انظر: أبو المحاسن، المنهل الصافى، ترجمة عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن؛ الكتبى، فوات الوفيات، ج 1، ص 598 - 607؛ الزركلى، الأعلام، ج 4 ص 151.

(3)

في نسخة س «وما أحليت» ولعله تصحيف والصيغة المثبتة من م.

(4)

بارين أي بعرين وهى بليدة بين حمص والساحل، انظر ياقوت (معجم البلدان).

(5)

في نسخة س «منك» ؛ والصيغة المثبتة من م.

(6)

في نسخة س «الصبح» والصيغة المثبتة من م وهى أبلغ.

(7)

المقصود بالسيد الذئب، انظر لسان العرب، ج 4، ص 217.

ص: 69

ألهى شقيقك عن إلف (1) الشقاق بها

رنات (2) بيض حكت (3) في الهام تغريدا

لم ينه إصراره حتى بذلت له

طعنا دراكا وضربات أخاديدا

ارجأته مدة الأسبوع ترشده

عدلا وتوسعه لوما وتهديدا

حتى إذا قعد الرأى السديد به

وعاد عنه سبيل الرشد مسدودا

صبّحت أشياعه فيها بصاعقة

تخرّمت والدا منهم ومولودا

أبقى خميسك يوم الأربعاء به

ما حلّ فيه بعاد إذ عصوا هودا

أظمأته (4) بظبى كالنار مشعلة

فروّه ورد أمن منك مورودا

قد كان بالخوف مصفودا فغادره

بدل الأمان له بالعفو مصفودا

ألقى مقاليده في كف ذى لبد

لو ساور الدهر أعطاه المقاليدا

أكذبت ماظنه من سلب مهجته

منه وصدقت من سمّاك محمودا

كم رام صدّك عما جئت طالبه

جهلا، متى كنت عمارمت مصدودا؟

أيوم (5) دمياط إذرعت الفرنج بما

أبقى ثناءك (6) اذ لم (7) تبق مقصودا

أم يوم أفيون (8) إذ بددت جمعهم

وقد أتوا في لهام يملأ البيدا

(1) في نسخة س «انف» ولعله تحريف والصيغة المثبتة من م.

(2)

في نسخة س «ومات» ولعله تصحيف والصيغة المثبتة من م.

(3)

في نسخة م «حلب» وهو تصحيف والصيغة المثبتة من نسخة س.

(4)

في نسخة س «اطماته» وهو تصحيف والصيغة المثبتة من م.

(5)

في نسخة س «كيوم» والصيغة المثبتة من م.

(6)

في نسخة س «بما أبغى مال» وهو تحريف، وفى نسخة م «بما أبقى ثناك» وهى الصيغة المثبتة والصحيحة.

(7)

في نسخة س «إذا» ، والصيغة المثبتة من م.

(8)

بلدة ببلاد الروم ما زالت قائمة بالأناضول عرفت بهذا الاسم لكثرة ما يزرع فيها من الأفيون، وكانت تعرف باسم قرا حصار، ويلاحظ أن اسم قرا حصار أطلق على أماكن كثيرة أغلبها في بلاد الروم؛ انظر، ياقوت، معجم البلدان، ج 4، ص 44 (قرا حصار)، لسترج، بلدان الخلافة الشرقية، ص 185.

ص: 70

أم يوم آمد إذ زاحفتها (1) عجلا

مصادما بالجلاميد البلاميدا

وقائع عجزت عن وصفها فطن ال

ـورى وإن أكثروا فيها الأسانيدا (2)

عمرى: لقد خص هذا الفتح جانبنا

وعمّ إقليمنا أمنا وتمهيدا

حتى لقد عاد يوم الأربعاء لنا

مثل العروبة (3) في أسبوعنا عيدا

لا زلت تفدى لمن (4) جاوزت رتبته

كيما يخلدك الرحمن تخليدا

ودام قولى في مدحيك (5) مشتهرا

ودام فعلك يا محمود محمودا

(1) في نسخة س «راجفتها» ، والصيغة المثبتة من م.

(2)

في نسخة س «وإن أكثروا الأناشيدها» وبها يختل الوزن، والصيغة الصحيحة المثبتة من نسخة م.

(3)

في نسخة س «العروسة» وهو تحريف، والصيغة المثبتة الصحيحة من نسخة م والمقصود بالعروبة يوم الجمعة، انظر ابن منظور، لسان العرب، ج 3 ص 82.

(4)

في نسخة س «بما» والصيغة المثبتة من م.

(5)

أي مدحى لك.

ص: 71