الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالتقدم إلى جهة حمص. فرحل في عسكر حماة ونزل على الرستن (1) مهتما بمنازلة حمص مع السلطان الملك الكامل. وأسقط عند ذلك في يد الملك المجاهد، وخاف من الملك الكامل، وبعث يتضرع إلى الملك الكامل ويخضع له، فلم يلتفت إليه وأصر على قصده. فبعث نساءه إلى الملك الكامل يشفعن فيه، وبذل جملة عظيمة من المال فلم يلتفت إليه.
ذكر استيلاء السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب
ابن الملك الكامل على سنجار ونصيبين والخابور
(2)
وذكرنا أن الملك الصالح عماد الدين اسماعيل المالك لدمشق سير ولده الملك المنصور نور الدين محمود إلى الشرق، فتسلم ما كان بيد الملك الأشرف وهو سنجار ونصيبين والخابور (3). فلما نازل الملك الكامل دمشق، سيّر إلى ولده الملك الصالح يأمره بقصد سنجار فقصدها ونازلها فسلّمها إليه ابن عمه الملك المنصور بالأمان فتسلمها الملك الصالح نجم الدين وما معها من البلاد (4).
ذكر وفاة السلطان الملك الكامل
[ابن الملك العادل (5)] رحمه الله
ولما (6) ملك السلطان الملك الكامل دمشق لم يلبث في قلعتها (7) إلا مدة يسيرة (8)
(1) الرستن: بليدة قديمة كانت على نهر العاصى بين حماة وحمص، انظر ياقوت (معجم البلدان).
(2)
ورد هذا الخبر مختصرا في المقريزى (السلوك، ج 1، ص 257).
(3)
انظر ما سبق ص 147.
(4)
نهاية الجزء الساقط، انظر ما سبق ص 146 حاشية 2، وسوف يعتمد التحقيق من الآن فصاعدا على نسخة باريس رقم 1703 كأصل للنشر ورمز إليها بحرف [ب] مع مقابلتها بنسخة باريس رقم 1702 التي رمز إليها فيما سبق بحرف [س].
(5)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من ب.
(6)
في نسخة س «لما» والصيغة المثبتة من ب.
(7)
في نسخة س «في قلعة دمشق» والصيغة المثبتة من ب.
(8)
في نسخة س «إلا أياما» والصيغة المثبتة من ب.
حتى مرض واشتد مرضه. وكان [سبب (1)] مرضه على ما حكى لى [الرشيد أبو حليقة (2)] طبيبه، أنه أصابه [زكام فدخل الحمام في ابتدائه، فصب ماء شديد الحرارة على رأسه، وعمل ذلك اتباعا لقول محمد بن زكريا الرازى في كتاب سماه «طب ساعة (3)» ذكر فيه أن من أصابه زكام فصبّ على رأسه ماء شديد الحرارة انحلّ زكامه لوقته. وهذا وأمثاله مما يوجد في الكتب لا ينبغى أن يعمل به على الطبيعة. قال: فانصب من دماغه مادة مادة إلى فم معدته فتورمت، وعرضت له حمىّ شديدة. وأراد القىء فنهاه الأطباء عنه، وقالوا:«إن فعل هذا هلك في الوقت» ، فخالفهم وتقيأ فهلك لوقته.
وحكى لى رضى الدين بن الحكيم موفق الدين إبراهيم - الذى كنا قدمنا ذكره في خبر وفاة الملك الأشرف (4) - قال: أن الملك الكامل عرضت له خوانيق (5) وأنها انقطعت (6) وتقيأ دما كثيرا ومدة (7)، وأراد القىء فشاور الأطباء، فمنهم من أشار به.
فقال له الحكيم موفق الدين إبراهيم المذكور لا يفعل، وأنكر على من أشار بالقىء، فخالفه وتقيا، فانصبت بقية من المادة إلى قصبة الرئة وسدتها، فمات رحمه الله (8)].
(1) ما بين الحاصرتين ساقط من س ومثبت في ب.
(2)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في ب، وهو الطبيب رشيد الدين أبو حليقة ابن الفارس بن أبى سليمان داود، انظر ابن أبى أصيبعة (عيون الأنباء، ج 2، ص 121).
(3)
ورد عنوان هذا الكتاب بصيغته المثبتة في نسختى المخطوطة وكذلك في ابن تغرى بردى (النجوم الزاهرة، ج 6، ص 237) الذى نقل عن ابن واصل. ولم نعثر على عنوان هذا الكتاب في المصادر المتداولة.
(4)
انظر ما سبق، ص 137 - 138
(5)
هو المرض المسمى بالذبجة، ومن أنواعه الذبحة الصدرية، انظر المقريزى، السلوك، ج 1 ص 55 حاشية 8.
(6)
الكلمة غير واضحة بالمتن ولعل الصيغة المثبتة هى المقصودة.
(7)
المدة: بالكسر ما يجتمع في الجرح من القيح، انظر ابن منظور (لسان العرب، ج 4، ص 405).
(8)
ما بين الحاصرتين من نسخة ب وورد في كثير من الاختصار في نسخة س، وذكر ابن أيبك الدوادارى (الدر المطلوب، ص 326) أن السلطان الكامل «كان قد مرض مدة عشرين يوما بالإسهال والسعال، ونقرس كان في رجليه» .
وكانت وفاته لسبع بقين من [شهر (1)] رجب من هذه السنة - أعنى سنة خمس وثلاثين وستمائة (2). وكان بين موته وموت أخيه الملك الأشرف [رحمهما الله (3)] نحو ستة أشهر. وكانت مدة ملكه [لمصر (4)] من حين مات أبوه [الملك العادل واستقل بالملك عشرين سنة وكسرا. وناب عن أبيه بالديار المصرية قريبا من عشرين سنة، فحكم في ملك الديار المصرية قريبا من أربعين سنة نائبا ومستقلا (5)]. وأشبه حاله في ذلك حال معاويه بن أبى سفيان (6) فإنه ولى الشام [نائبا عن عمر وعثمان ومحار بالعلى، رضى الله عنهم، نحو عشرين سنة. ثم ولى مستقلا نحو عشرين سنة [2 ا] أخرى، فولى الشام أميرا وخليفة أربعين سنة (7)].
[وكانت مدة ملك الملك الكامل لدمشق شهرين إلا يومين (8).
ومن الأمور المستظرفة أن محيى الدين بن الجوزى رحمه الله كان يتردد في هذه السنة والتي قبلها إلى الملوك للإصلاح بينهم. فاتفق في هذه المدة أنه مات سلطان الروم والسلطان الملك الكامل والأشرف فقال بعض الشعراء وأظنه ابن المسجف (9) يخاطب الخليفة المستنصر بالله:
(1) ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة ب ومثبت في س.
(2)
انفرد ابن أيبك الدوادارى (الدر المطلوب، ص 326) بذكر وفاة السلطان الكامل في حوادث سنة 636 هـ. والصحيح هو ما ذكره ابن واصل، انظر ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج 2، ص 52؛ ابن العديم، زبدة الحلب، ج 3، ص 236؛ المقريزى، السلوك، ج 1، ص 258.
(3)
ما بين الحاصرتين من نسخة ب وساقط من س.
(4)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من ب.
(5)
ما بين الحاصرتين من نسخة ب، وورد مختصرا في نسخة س.
(6)
في نسخة س «معاوية بن أبى سفيان رضى الله عنه» والصيغة المثبتة من ب.
(7)
ما بين الحاصرتين من نسخة ب، وفى س «أميرا عشرين سنة وخليفة عشرين سنة أخرى» .
(8)
ورد في المقريزى (السلوك، ج 1، ص 258)«فكانت مدة ملكه دمشق هذه المرة أحدا وسبعين يوما» .
(9)
هو الشاعر عبد الرحمن بن أبى القاسم بن غنائم بن المسجف الكنانى العسقلانى، ولد سنة 583 هـ وتوفى سنة 635 هـ. وكان أديبا ظريفا خليعا وأكثر شعره في الهجاء، انظر ترجمته وشيئا من شعره في الكتبى، فوات الوفيات، ج 1، ص 537 - 542.