الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر مسير السلطان الملك الكامل من الديار المصرية
لقصد الدخول إلى مملكة الروم
وكان السبب في خروج السلطان الملك الكامل من الديار المصرية في هذه السنة [184 ب] أن السلطان علاء الدين كيقباذ بن كيخسرو صاحب بلاد الروم قصد ولاية خلاط (1) وتعرض لأخذها (2)، فاتفق رأى السلطان الملك الكامل وأخيه الملك الأشرف على قصده وانتزاع البلاد [الرومية (3)] التي في يده منه.
فخرج السلطان الملك الكامل من مصر في عساكره المتوافرة، [وتوجه الملك الناصر من مصر إلى الكرك لترتيب أموره وتهيئته لأسباب الحركة. ووصلت أنا بعد سفره إلى دمشق من الكرك، فشاهدت يوم وصولى إليها وصول العساكر المصرية وهم في أحسن تجمل وزى (4)]. وخرج أهل دمشق للتفرج عليهم وكان يوما مشهودا.
ثم رحل السلطان الملك الكامل من دمشق بالعساكر العظيمة قاصدا بلاد الروم، فنزل شمالى سلميه بالقرب من شميميش (5) وهى القلعة التي أنشأها الملك المجاهد صاحب حمص. واجتمعت بالملك الناصر رحمه الله في تلك المنزلة، فأخذت منه دستور الأقيم بوطنى، وفارقته في تلك المنزلة على كره منه لذلك (6). وشاهدت
(1) في نسخة س «أخلاط» والصيغة المثبتة من م.
(2)
في نسخة س «وتعرض لها حتى يأخذها» والصيغة المثبتة من نسخة م.
(3)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(4)
ورد ما بين الحاصرتين مختصرا في نسخة م، والصيغة المثبتة من نسخة س.
(5)
وردت في نسختى المخطوطة «سميميس» والصيغة المثبتة من المقريزى، السلوك، ج 1، ص 446، وابن العديم، زبدة الحلب، ج 3، ص 234، وهى إحدى بلاد كورة حمص.
(6)
وردت هذه الجملة في نسخة س «وكنت أنا مع الملك الناصر داود فاستأذنته في العود إلى وطنى ونحن بسلمية فأذن لى بالكره منه» ، والصيغة المثبتة من نسخة م.
من عظمة العساكر وكثرتها يومئذ ما غلب على ظنى أنه لم يجتمع مثله في الأعصار القريبة من الملك من الملوك. وكان نزول العساكر بسلميه في شهر رمضان من هذه السنة، [ووصلت أنا إلى حماه (1)].
ثم رحل السلطان بالعساكر ونزل بمنبج، وهى من بلاد الملك العزيز صاحب حلب، بعد أن استأذن الملك العزيز في ذلك، فأذن له وسير إليه الملك العزيز الأقامه الكثيرة والزردخاناة. وسير إليه عسكر حلب نجدة. وقدم عليهم عمه الملك المعظم فخر الدين تورانشاه بن السلطان الملك الناصر صلاح الدين. ثم سار (2) السلطان الملك الكامل من جهة تل باشر، فوصل إلى خدمته ابن عمه الملك الزاهر مجير الدين داود بن الملك الناصر صلاح الدين صاحب البيرة وأخوه الملك المفضل موسى صاحب سميساط وابن أخيهما الملك الصالح صلاح الدين أحمد بن الملك الظاهر صاحب عين تاب. ووصل أيضا إليه الملك المظفر شهاب الدين غازى ابن الملك العادل صاحب ميافارقين وأخوه الملك الحافظ نور الدين أرسلان شاه (3) ابن الملك العادل صاحب قلعة جعبر [وغيرهم](4).
فذكر لى أنه كان في معسكر السلطان الملك الكامل (5) ستة عشر دهليزا لستة عشر ملكا [185 أ] لم يجتمع مثلهم (6) لملك قبل الملك الكامل؛ منهم الذين عددنا الآن
(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.
(2)
في نسخة س «سافر» والصيغة المثبتة من نسخة م انظر أيضا ابن العديم، زبدة الحلب، ج 3، ص 217.
(3)
في نسخة م «رسلان شاه» والصيغة المثبتة من نسخة س
(4)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.
(5)
في نسخة م «الملك العادل» وهو تصحيف وورد في نسخة س «فاجتمع في العسكر الكاملى ستة عشر دهليزا» ، انظر ابن العديم، زبدة الحلب، ج 3، ص 217؛ وورد في المقريزى (السلوك، ج 1، ص 248)«فسار وقد سار معه ستة عشر دهليزا لستة عشر ملكا، وقيل بل كانوا ثمانية عشر ملكا» .
(6)
في نسخة س «قبلهم» والصيغة المثبتة من م.
ومنهم السلطان الملك الأشرف [بن الملك العادل (1)] وأخوه الملك الصالح عماد الدين إسماعيل. [وكان أخوهما الملك العزيز قد توفى في سنة ثلاثين وستمائة (2)، وملك بانياس وبلادها ولده الملك الظاهر. ثم توفى بعده بمدة يسيرة، وولى أخوه الملك السعيد بن الملك العزيز وهو طفل صغير، فأقرها السلطان الملك الكامل له.
وكان في العسكر من الملوك السلطان الملك المظفر صاحب حماه، والملك المجاهد أسد الدين صاحب حمص، والسلطان الملك الناصر داود بن الملك المعظم بن الملك العادل صاحب الكرك. وبالجملة فكان عسكرا عظيما في كثرة رجاله وملوكه وتجملهم.
لولا ما عرض على ما سنذكره إن شاء الله تعالى لم يتأخر فتح بلاد الروم ولا غيرها (3)].
وسير السلطان علاء الدين كيقباذ صاحب بلاد الروم - لما تحقق قصد السلطان الملك الكامل له - إلى الملك العزيز صاحب حلب يقول له: «أنا راض بأن تمده (4) بالأجناد والرجال على أن لا تنزل إليه أبدا» . وأعفى الملك الكامل الملك العزيز من النزول إليه. ورضى كل من السلطانين بفعله.
ثم تقدم السلطان بعساكره (5) إلى جهة الدربند (6)، فوجد السلطان علاء الدين
(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.
(2)
عن وفاة الملك العزيز عثمان بن العادل، انظر سبط ابن الجوزى، مرآة الزمان، ج 8، ص 448 - 449.
(3)
ورد ما بين الحاصرتين مختصرا في نسخة م والصيغة المثبتة من س.
(4)
في نسخة س «بأن تمد الملك الكامل» والصيغة المثبتة من م، انظر أيضا ابن العديم، زبدة الحلب، ج 3، ص 217.
(5)
في نسخة س «ثم تقدمت العساكر الكاملية» والصيغة المثبتة من م.
(6)
الدربند أو دربند شروان هى باب الأبواب وكانت مدينة على شاطئ بحر الخزر (قزوين) قرب تفليس، انظر ياقوت، (معجم البلدان)؛ البغدادى (مراصد الاطلاع).
[كيقباذ (1)] قد حفظ طرقاته (2) بالأجناد والرجال، وهى طرقات صعبة ضيقة جدا، يصعب سلوكها على العساكر. فنزل السلطان الملك الكامل على النهر الأزرق (3) وهو في أوائل بلد الروم. وجاءت عساكر السلطان علاء الدين حتى نزلوا قبلى مكان يقال له زلّى، بينها (4) وبين الدربند. وصعدت الرجاله الذين للروم (5) إلى فم (6) الدربند بالقرب من نور كغال (7)، وبنوا عليه (8) سورا وقاتلوا منه، ومنعوا أن تطلع عساكر الملك الكامل إليهم. وقلت الأفوات في عسكر الملك الكامل جدا (9).
وانضاف إلى ذلك أنه نمى إلى السلطان الملك الأشرف والملك المجاهد صاحب حمص أن السلطان الملك الكامل ذكر في الباطن أنه إن ملك بلاد الروم نقل الملوك من أهل بيته إليها، وفرقها عليهم، وانفرد [هو (10)] بملك الشام مع الديار المصرية. فاستوحشا من ذلك وأطلعا ملوك أهل البيت الأيوبى عليه، فتغيرت (11) نيات الجميع وتخاذلوا ولم ينصحوا، إلا أن ذلك [لم يعلم عند الجمهور ذلك الوقت وإنما ظهر (12)] تأثيره فيما بعد على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(2)
في نسخة س «طرقات بلاده» والصيغة المثبتة من م.
(3)
النهر الأزرق، نهر بين بهسنا وحصن منصور كان يجرى في طرف بلاد الروم من جهة حلب، انظر ياقوت (معجم البلدان).
(4)
في نسخة م «بينه» والصيغة المثبتة من نسخة س ومن ابن العديم، زبدة الحلب، ج 3، ص 217.
(5)
في نسخة س «رجالة الروم» والصيغة المثبتة من م.
(6)
في نسخة س «فم» وهو تصحيف والصيغة المثبتة من م ومن ابن العديم، نفس المصدر والجزء والصفحة.
(7)
كذا في نسختى المخطوطة وكذلك في ابن العديم (زبدة الحلب، ج 3، ص 217) ولم نهتد إلى موقعها.
(8)
في نسخة س «عليهم» وهو تصحيف، والصيغة المثبتة من نسخة م ومن ابن العديم.
(9)
كلمة «جدا» غير واردة في نسخة س ومثبتة في م.
(10)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.
(11)
في نسخة س «فضعفت» والصيغة المثبتة من م
(12)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وورد بدلها في م «لم يشتهر وظهر» .