الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العادل على أن يخطب لغياث الدين ويقطع حرّان. وأقطع الملك المنصور ناصر الدين الأرتقى - صاحب ماردين وسنجار ونصيبين - والملك المجاهد شيركوه صاحب حمص - عانة وغيرها من بلاد الخابور. وكل هذه كانت في أيدى نواب الملك الصالح نجم الدين. واتفق الأمر أيضا على أن يأخذ السلطان غياث الدين سلطان الروم آمد وبلادها وسميساط (1).
ولما قدم رسول السلطان غياث الدين على الصّاحبة قبلت التوقيع ولم تؤثر مضايقة ابن أخيها الملك الصالح في البلاد، فلم تتعرض لشىء منها. ولما بلغ الملك الصالح ذلك أرسل إلى عمته يقول لها إن:«البلاد كلها بحكمك، فإن شئت (2) إرسال نائب يتسلم هذه البلاد وغيرها، فأرسليه لأسلم إليه ما تأمرين (3) به» فشكرته وطيبت قلبه.
ذكر محاصرة بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل
الملك الصالح نجم الدين وهو بسنجار ثم هزيمة بدر الدين لؤلؤ
ولما جرى ما ذكرناه من خروج الخوارزميّة عن طاعة الملك الصالح وتوجه إلى سنجار، وتحكمت الخوارزمية في البلاد الجزيريّة (4)، طمع بدر الدين لؤلؤ في الملك الصالح وقصد سنجار وحاصرها وضايقها، ولم يبق إلا أن يتسلمها ويأخذ
(1) انظر ابن العديم، ج 3، ص 241.
(2)
في ابن العديم (زبدة الحلب، ج 3، ص 241)، «وإن شئت»
(3)
في ابن العديم (ج 3، ص 242): «ما تأمرين بتسليمه» .
(4)
عن العلاقة بين الصالح نجم الدين أيوب والخوارزمية، انظر: ابن العديم: زبدة الحلب، ج 3، ص 241 - 243؛ سبط ابن الجوزى: مرآة الزمان، ج 8، ص 465 - 466؛ ابن أيبك الدوادارى: الدر المطلوب، ص 330؛ المقريزى، السلوك، ج 1، ص 270 - 272
الملك الصالح أسيرا، ويتملك البلاد الشرقية بأسرها. وكان القاضى بسنجار بدر الدين يوسف بن الحسن الزرزارى متقدما في الدولة الأشرفية، ثم بعد موت الملك الأشرف تقدّم عند الملك الصالح نجم الدين أيوب. وكان رئيسا في نفسه، كريما ذا همّة عالية، خبيرا بأمور الملوك. وكان لما ملك الملك الأشرف دمشق ولاه قضاء بعلبك. وكان كثير التجمل جدا، كثير البر والمعروف، وله المماليك والغلمان والحاشية التي لا تكون مثلهم إلا لأكبر أمير من الأمراء. فأرسله الملك الصالح - وهو محصور بسنجار - إلى الخّوارزمية ليصلح بينهم وبينه، ويستدعيهم لنصرته. ووعدهم بالوعود الجميلة. فخرج من البلد سرّا بحيث لا يشعر به المحاصرون للبلد، ومضى إلى الخوارزمية، فاستمالهم وطيب قلوبهم، ووعدهم الوعود الجميلة بعد أن كانوا قد اتفقوا مع صاحب ماردين، وقصدوا بلاد الملك الصالح نجم الدين أيوب، واستولوا على الأعمال، ونازلوا حرّان وأجفل أهلها.
وكان الملك الصالح قد ترك ولده الملك المغيث فتح الدين عمر بقلعة حرّان فخاف من الخوارزمية، فسار مختفيا، وتبعه الخوارزمية ونهبوه ومن معه.
وانفلت في شرذمة قليلة من أصحابه، ووصل إلى منبج مستجيرا بعمة أبيه الملك الصالح والدة الملك العزيز، فسيّرت إليه من ردّه عن الوصول إليها بوجه (1) لطيف، وقال الرسول [له (2)]: «نخاف (3) أن يطلبك منا غياث الدين سلطان الروم (4)،
(1) نهاية الجزء الساقط من نسخة ب، انظر ما سبق، ص 184 حاشية 6.
(2)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من ب.
(3)
في نسخة ب «إنا نخاف» والصيغة المثبتة من نسخة س وكذلك من ابن العديم (زبدة الحلب، ج 3، ص 242).
(4)
في نسخة س «صاحب الروم» ، والصيغة المثبتة من ب ومن ابن العديم.
ولا يمكننا [منعك منه](1)». فعاد إلى حرّان ووصله كتاب أبيه [الملك (2)] الصالح يأمره بموافقة الخوارزمية والوصول إليه بهم (3) لدفع بدر الدين صاحب الموصل [عنه](4).
فاجتمع بالخوارزمية، واجتمع بهم القاضى بدر الدين (5) قاضى سنجار. والتزم لهم القاضى [بدر الدين](6) أن يقطعوا حرّان والرها وغيرهما (7)[من البلاد الجزرية (8)]، فطابت قلوبهم بذلك، وحلفوا للملك الصالح، واشتملوا على خدمة [ولده (9)] الملك المغيث.
[وقلد القاضى بدر الدين بفعلته هذه الملك الصالح مانة (10) عظيمة كانت سبب سعادته وتقدمته عنده لما ملك الديار المصرية (11)]. [وكان بدر الدين له - قبل الملك الصالح - وجاهة عند عمه السلطان الملك الأشرف، لما كان الملك الأشرف بالشرق. فلما ملك دمشق ولاه قضاء بعلبك. وكان مع صغر ولايته يسلك من التجمل وكثرة المماليك والدواب والماشية وحسن الزى ما لم يسلكه وزراء الممالك الكبار، فضلا عن قضاتها. وكان مع ذلك كثير البر والعطاء، مقصدا لمن يرد عليه من الفقهاء والفضلاء وذوى البيوتات.
(1) في نسخة ب «منعه» والصيغة المثبتة من س ومن ابن العديم.
(2)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من ب
(3)
في نسخة ب «والوصول بهم إليه» والصيغة المثبتة من س ومن ابن العديم.
(4)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من ب.
(5)
في نسخة س «فاجتمع بالخوارزمية هو والقاضى بدر الدين» والصيغة المثبتة من ب.
(6)
ما بين الحاصرتين من نسخة ب وساقط من س.
(7)
في نسخة س «وغيرها» والصيغة المثبتة من ب.
(8)
ما بين الحاصرتين من نسخة ب وساقط من س.
(9)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من ب.
(10)
مانه يمونه مونا أي قام بكفايته والمانة هى المئونة، انظر الزبيدى، تاج العروس، ج 9، ص 354 مادة (من).
(11)
ورد ما بين الحاصرتين في غير مكانه في نسخة س (ورقة 318 ب) وفى قليل من التغيير، والصيغة المثبتة من ب.
ولما أتقن حال الملك الصالح مع الخوارزمية] (1) ساروا مع القاضى بدر الدين والملك المغيث قاصدين سنجار (2)[ومقدمهم الأمير حسام الدين بركة (3) خان (4)]. فلما سمع بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل ومن معه من العسكر قرب الخوارزمية (5) منهم أفرجوا عن سنجار، وأدركتهم الخوارزمية، فأوقعوا بهم وقعة عظيمة فهزموهم.
وهرب بدر الدين لؤلؤ وعسكره إلى الموصل. [واحتوت الخوارزمية على أثقاله وخيمه وخيم العسكر وجميع أثقالهم، ونهبوا منهم ما لا يحصى كثرة (6)]، فقوى الملك الصالح نجم الدين [أيوب بهم و](7) بهذا الفتح قوة عظيمة، وعظم شأنه.
وكان ولده الملك المعظم غياث الدين توران شاه مرتّبا (8) بمدينة آمد ومعه الأمير حسام الدين أبو على بن محمد بن أبى على الهذبانى، وكان أستاذ دار الملك الصالح. وقد كنا ذكرنا (9) أنه كان متصلا بالملك المظفر صاحب حماة وأنه فارقه واتصل بخدمة الملك [9 ب] الصالح لما كان ينوب عن أبيه بمصر، وأن ابن عمه سيف الدين عليا اتصل بالملك المظفر وصار غالبا على أمره كله.
(1) ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في ب.
(2)
في نسخة س «ساروا معه قاصدين سنجار» والصيغة المثبتة من ب.
(3)
في المتن «بركتخان» انظر أيضا ابن العديم، زبدة الحلب، ج 3، ص 250، 258؛ المقريزى، السلوك، ج 1، ص 280، 321.
(4)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في ب.
(5)
في نسخة س «ولما علم عسكر الموصل قرب الخوارزمية. .» والصيغة المثبتة من ب.
(6)
ورد ما بين الحاصرتين في قليل من التغيير في نسخة س والصيغة المثبتة من ب.
(7)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من ب.
(8)
في نسخة س «قريبا» والصيغة المثبتة من ب.
(9)
في نسخة س «وكنا ذكرنا» والصيغة المثبتة من ب، انظر ما سبق: ابن واصل، ج 4، ص 259.