الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في العلوم الرياضية علم الدين قيصر بن أبى القاسم بن عبد الغنى، وكان عظيما في العلوم الرياضية. وعمّر له مواضع حسنة منها الجوسق المعروف بطيحة (1) في مدينة رأس عين في غاية الحسن على شكل مثمن وبإزائه نهر يتصل ببلاد الخابور (2)].
ذكر استيلاء الملك الصالح عماد الدين اسماعيل
بعد وفاة السلطان الملك الأشرف
ابن الملك العادل على دمشق
كنا قد ذكرنا (3) أنه لما اتفق الملك الأشرف مع الملك المجاهد صاحب حمص، وراسل الملك الناصر صاحب الكرك والسلطان الملك المظفر صاحب حماة والحلبيين وسلطان الروم على مباينة السلطان الملك الكامل، وكاتب الملك الأشرف في رسالته إلى ابن أخيه الملك الناصر يدعوه إلى الوصول إليه، والاتفاق معه، والتزم أنه يجعله ولى عهده بدمشق ويزوجه ابنته - كما تقدم ذكره - وأنه أبى ذلك وانحاز إلى عمه الملك الكامل ومضى إليه إلى مصر. وكان هذا من الأمور التي اقتضاها من سوء حظه، فإنه كان مع وفور [فضله (4)] وعقله ناقص الحظ قليل جدا، انحاز في أول مرة إلى الملك الأشرف وترك الملك الكامل فكان ذلك سببا لخروج دمشق ومعظم بلادها من يده. وانحاز ثانيا إلى الملك الكامل،
(1) الكلمة بدون تنقيط في الأصل ولعل المقصود الصيغة المثبتة.
(2)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في م، وإلى هنا تنتهى نسخة مكتبة مللا جلبى التي رمز لها بحرف [م]. والصفحات التالية لا توجد سوى في نسخة س وحدها [ورقات 308 ا - 310 ب]، وسوف يشار إلى نهاية الجزء الساقط، انظر مايلى ص 153 حاشية 4.
(3)
انظر ما سبق، ص 121 - 128.
(4)
ما بين الحاصرتين مذكور في هامش نسخة س.
وترك الملك الأشرف وهو مريض مشرف على الموت، وقد وعده بولاية عهده وتزويج ابنته فكان ذلك سببا لحرمانه مملكة دمشق وبعض بلاد الشرق مضافا إلى ما في يده. ولو حصلت له دمشق مع قوته بالحصون التي بيده وموافقة الحلبيين وصاحب حمص، كان تعذر على الملك الكامل إزالة ذلك من يده، لكن إذا أراد الله تعالى شيئا هيأ أسبابه.
ولما (1) امتنع الملك الناصر [داود (2)] من القدوم إلى الملك الأشرف وتوجه إلى مصر، ولى الملك الأشرف ولاية عهده لأخيه الملك الصالح [عماد الدين اسماعيل (3)] ولم يكن بيده غير بصرى من أيام أبيه الملك العادل.
ولما (4) توفى الملك الأشرف ركب الملك الصالح بالسناجق السلطانية واستولى على دمشق وبعلبك وما لدمشق من الأعمال إلى عقبة فيق. وسير ابنه الملك المنصور نور الدين محمود إلى الشرق ليتسلم - من نواب الملك الأشرف - سنجار ونصيبين والخابور (5). وأرسل إلى الملك المجاهد أسد الدين شيركوه صاحب حمص، والملك المظفر صاحب حماة والحلبيين ليحلفوا (6) له ويتفقوا معه على القاعدة المتقررة التي كانت بينهم وبين الملك الأشرف.
(1) في نسخة س «قال ولما» .
(2)
ما بين الحاصرتين مذكور في الهامش.
(3)
ما بين الحاصرتين للتوضيح.
(4)
في نسخة س «قال ولما» .
(5)
ورد في ياقوت (معجم البلدان) أن الخابور اسم لنهر كبير بين رأس عين والفرات من أرض الجزيرة، وتقع على النهر بلدان جمة «غلب عليها اسمه فنسبت إليه» ولعل البلد الوارد بالمتن هنا أحدها، انظر أيضا البغدادى، مراصد الاطلاع، ج 1، ص 444؛ المقريزى، السلوك، ج 1، ص 256 حاشية (4).
(6)
انظر المقريزى، السلوك، ج 1، ص 256.
فأما صاحب حمص والحلبيون فإنهم أجابوا إلى ذلك وحلفوا له. وأما الملك المظفر فإنه امتنع من ذلك وأظهر الانحياز إلى خاله السلطان الملك الكامل، وأرسل إلى الملك المجاهد صاحب حمص:«أنى لا أجيب إلا بشرط أن تعطينى سلمية وقلعة شميميش (1)» لما يعلم أنه لا يجيب إلى ذلك. وجعل ذلك ذريعة إلى موافقة خاله الملك الكامل. ثم سير الشيخ أبا سالم ابن القاضى كمال الدين مظفر بن الثقفى - وهو من أعيان فقهاء حماة وأكابر أهلها - رسولا إلى السلطان الملك الكامل يعلمه أنه لم يزل مملوكه ومنتميا إليه، وإنما كان وافق الملك الأشرف اضطرارا وخوفا على بلده من الملك الأشرف والحلبيين وصاحب حمص وسلطان الروم غياث الدين.
ولما وصل رسول الملك المظفر صاحب حماة إلى الديار المصرية أكرمه [السلطان الملك الكامل (2)] غاية الإكرام. وقبل الملك الكامل عذر الملك المظفر، ووعده أن يضيف إليه سلمية، ويأخذها له من صاحب حمص هى وقلعتها، وحلف له على ذلك. ورجع رسول الملك المظفر من عند الملك الكامل مكرما.
وسير الحلبيون الصاحب كمال الدين بن العديم (3) رسولا ومعه علاء الدين طيبغا متولى حلب الظاهرى إلى السلطان الملك المظفر والملك المجاهد لتوفيق الأمر بينهما.
فأبى كل واحد منهما أن يجيب صاحبه إلى ما يريد. وقال السلطان الملك المظفر:
(1) في المتن «شميمس» والصيغة المثبتة من ابن العديم، زبدة الحلب، ج 3، ص 234؛ انظر ما سبق، ابن واصل، ج 4، ص 282، حاشية 7.
(2)
ما بين الحاصرتين للتوضيح.
(3)
ذكر ابن العديم (زبدة الحلب، ج 3، ص 233 - 235) تفصيلات هامة عن هذه السفارة التي قام بها مع الأمير علاء الدين طيبغا الظاهرى ليوفق بين صاحب حمص وصاحب حماة.
«لا أجيب إلا بأن أعطى سلمية وقلعتها شميميش (1)» التي حددها. فقال الملك المجاهد:
«هذه يمين الملك المظفر لى، وقد حلف لى على كل ما بيدى (2)» . وأبى أن يجيبه إلى ذلك. فقال الملك المظفر: «لا أجيب إلا بهذا الشرط» . فقال كمال الدين له: «أن هذا الذى تجادله فيه نقض العهد الذى قد تقرر بين الجماعة» .
فقال الملك المظفر: «هو قد نقض عهدى، واستفسد (3) جماعة من عسكرى، ولا بد لى من قصده، فإذا نزل الملك الكامل على حمص نزلت معه عليها، وفعلت ما يصل إليه جهدى. وأما حلب فإنى أبذل مالى ونفسى دون الوصول إلى قرية من قراها (4)، ولا أرجع عن اليمين التي حلفت [بها (5)] للستر العالى وللسلطان الملك الناصر» . فقال له كمال الدين [بن العديم (6)]: «المولى (7) يعلم ماجرى بيننا وبين صاحب حمص من الأيمان، وما نقض معنا (8) عهدا، [وإذا قصده إلى حمص قاصد تعين إنجاده ونصرته (9)]، وإذا وصل عسكر من حلب لنجدته، كيف (10) يفعل المولى؟» فقال: «أنا أفاتله، ومن قاتلنى قاتلته» .
(1) في المتن «شميمس» انظر الصفحة السابقة حاشية 1.
(2)
في ابن العديم (زبدة الحلب، ج 3، ص 234)«هذه ثمينة لى، وقد حلف لى على كل ما بيدى» .
(3)
في ابن العديم (نفس المصدر والجزء والصفحة)«وأنفذ ليفسد» .
(4)
في ابن العديم «دون الوصول إلى قرية منها» .
(5)
ما بين الحاصرتين من ابن العديم، ج 3، ص 234.
(6)
ما بين الحاصرتين للتوضيح.
(7)
في ابن العديم (زبدة الحلب، ج 3، ص 234)، «فالمولى» .
(8)
في ابن العديم «منها» .
(9)
في ابن العديم «وإذا قصده قاصد إلى حمص يتعين إنجاده ونصرته» .
(10)
في ابن العديم «فكيف» .