المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر رجوع السلطان الملك الكامل إلى الديار المصرية - مفرج الكروب في أخبار بني أيوب - جـ ٥

[ابن واصل]

فهرس الكتاب

- ‌«الْجُزْء الْخَامِس»

- ‌مقدمة

- ‌تنويه

- ‌ ودخلت سنة تسع وعشرين وستمائة

- ‌ذكر مسير السلطان الملك الكاملمن الديار المصرية إلى الشرق

- ‌[ذكر الوصلة بين الملك الناصر داودابن الملك المعظم وعمه الملك الكامل]

- ‌ذكر رحيل الملك الصالح نجم الدين أيوبابن الملك الكامل إلى الشرق ومقامه به

- ‌ذكر استيلاء السلطان الملك الكامل على آمد وبلادها

- ‌ودخلت سنة ثلاثين وستمائة

- ‌ذكر رجوع السلطان الملك الكامل إلى الديار المصرية

- ‌ذكر سيرة مظفر الدين رحمه الله

- ‌ودخلت سنة إحدى وثلاثين وستمائة

- ‌ذكر وفاة الأتابك شهاب الدين طغريل رحمه الله

- ‌ذكر مسير السلطان الملك الكامل من الديار المصريةلقصد الدخول إلى مملكة الروم

- ‌ذكر رحيل السلطان الملك الكامل إلى السويداء ونزوله بها، وما جرى للملك المظفر صاحب حماة وبعض العسكر الكاملى بخرتبرت

- ‌ذكر استيحاش الملك الكامل من ابن أخيه الملك الناصر داود بن الملك المعظم

- ‌[ذكر بناء قلعة المعره

- ‌ودخلت سنة اثنتين وثلاثين وستمائة

- ‌ذكر رجوع السلطان الملك الكامل إلى الديار المصرية والملوك إلى بلادهم

- ‌ذكر وفاة القاضى بهاء الدين بن شدادرحمه الله تعالى

- ‌ذكر قدوم السلطان الملك المظفرصاحب حماه إلى حماه ومولد ولده مولانا السلطان الملكالمنصور ناصر الدين أبى المعالى محمد قدس الله روحه

- ‌ذكر استيلاء السلطان علاء الدين سلطان الرومعلى حران والرها من بلاد السلطان الملك الكاملوخلاط من بلاد الملك الأشرف

- ‌ودخلت سنة ثلاث وثلاثين وستمائة

- ‌ذكر توجه الملك الناصر داود بن الملك المعظم[إلى بغداد واعتضاده بالخليفة المستنصر بالله رحمه الله

- ‌ذكر مسير السلطان الملك الكامل من الديار المصرية إلى الشرق واستعادة حران والرها من نواب سلطان الروم

- ‌ذكر عود السلطان الملك الكامل إلى دمشق واستقراره بها إلى آخر السنة

- ‌ذكر قدوم الملك الناصر من بغداد إلى دمشق مع رسول الخليفة ثم مسيره إلى الكرك

- ‌ودخلت سنة أربع وثلاثين وستمائة

- ‌ذكر رجوع الملك الكامل إلى الديار المصرية

- ‌ذكر وفاة الملك العزيز غياث الدين محمد بن الملك الظاهرصاحب حلب رحمه الله

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر تمليك الملك الناصر صلاح الدين أبى المظفر يوسفحلب بعد ابيه الملك العزيز رحمهما الله

- ‌ذكر اتفاق الملوك على مباينة الملك الكامل

- ‌ذكر مسير الملك الناصر داود بن الملك المعظمإلى الديار المصرية واتفاقه مع عمه السلطان الملك الكامل

- ‌ذكر الوقعة بين عسكر السلطان الملك الناصرصاحب حلب والفرنج

- ‌ذكر استيلاء الملك الصالح عماد الدين اسماعيلبعد وفاة السلطان الملك الأشرفابن الملك العادل على دمشق

- ‌ذكر مسير السلطان الملك الكاملإلى دمشق واستيلائه عليها وتعويضهالملك الصالح عنها بعلبك

- ‌ذكر استيلاء السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوبابن الملك الكامل على سنجار ونصيبين والخابور

- ‌ذكر سيرة رحمه الله [تعالى

- ‌ذكر استيلاء الملك الجواد مظفر الدين يونسابن مودود بن الملك العادل على دمشق

- ‌ذكر منازلة عسكر حلب قلعة المعرّةوتملكها والاستيلاء على المعرّة وبلدها

- ‌ذكر منازلة عسكر حلب لحماة وحصارها

- ‌ذكر محاصرة بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصلالملك الصالح نجم الدين وهو بسنجار ثم هزيمة بدر الدين لؤلؤ

- ‌ذكر إيقاع الخوارزمية بعسكر سلطان الروم

- ‌ذكر إقامة الخطبة بحلب للسلطان غياث الدين سلطان الروم

- ‌ذكر رجوع العسكر الحلبى المحاصر لحماة إلى حلب

- ‌ذكر قدوم عماد الدين بن شيخ الشيوخإلى دمشق ومقتله رحمه الله

- ‌ذكر منازلة الخوارزمية والملك المظفر حمص ثم رحيلهم عنها

- ‌[ذكر بقية حوادث هذه السنة

- ‌ودخلت سنة سبع وثلاثين وستمائة

- ‌ذكر ما اعتمده الملك الصالح عماد الدينإسماعيل بن الملك العادل من التدبير إلىأن تم له ما أراد من تملك دمشق

- ‌ذكر قبض الملك المجاهد أسد الدينصاحب حمص على الأمير سيف الدين بن أبى علىومن معه من الأمراء وأكابر أهل حماة

- ‌ذكر استيلاء الملك الصالح عماد الدين إسماعيلابن الملك العادل على دمشق وهو استيلاؤه الثانى عليها

- ‌ذكر استيلاء بدر الدين لؤلؤصاحب الموصل على سنجار

- ‌ذكر وفاة الملك المجاهد صاحب حمص

- ‌ذكر سيرته رحمه الله [تعالى

- ‌ذكر إستيلاء الملك المنصور إبراهيمابن الملك المجاهد على حمص وبلادها

- ‌ذكر القبض على الملك العادل بن الملك الكامل ببلبيس

- ‌ودخلت سنة ثمان وثلاثين وستمائة

- ‌ذكر القبض على أيبك الأسمروالمماليك الأشرفية وغيرهم من الخدام الكبار

- ‌ذكر الوقعة التي كسر فيها الخوارزميةعسكر حلب

- ‌ذكر ما جرى من الخوارزمية من العيث والفسادبعد كسرهم عسكر حلب إلى أن رجعوا

- ‌ذكر وصول الملك المنصور إبراهيم بن الملك المجاهدأسد الدين صاحب حمص لنصرة الحلبيين

- ‌ذكر دخول الخوارزمية إلى الشام ثانيا وما فعلوه من العيث والفساد

- ‌ذكر استيلاء السلطان غياث الدين كيخسرو سلطان الروم على آمد

- ‌ذكر ما آل إليه أمر الملك الجواد مظفر الدين يونس بن الملك العادل رحمه الله

- ‌ودخلت سنة تسع وثلاثين وستمائة

- ‌ذكر الوقعة بين كمال الدين بن شيخ الشيوخ والملك الناصر بن الملك المعظم

- ‌ذكر تسليم الشقيف وصفد إلى الفرنج

- ‌ذكر اتفاق الخوارزمية مع الملك المظفرشهاب الدين غازى بن الملك العادل صاحب ميافارقينوما تجدد من أحوالهم في هذه السنة

- ‌ذكر مرض الملك المظفر صاحب حماه

- ‌ذكر وفاة الملك الحافظ نور الدينأرسلان شاه بن الملك العادل رحمه الله

- ‌ودخلت سنة أربعين وستمائة

- ‌ذكر خروج التتر إلى أطراف الروم

- ‌ذكر كسرة الملك المظفر والخوارزمية

- ‌ذكر سيرتها رحمها الله

- ‌ذكر استقلال السلطان الملك الناصر صلاح الدينيوسف بن الملك العزيز صاحب حلب بالسلطنة

- ‌ذكر وفاة الخليفة المستنصر بالله أمير المؤمنينرحمه الله

- ‌ذكر خلافة الامام المستعصم بالله أمير المؤمنينرحمه الله

- ‌ودخلت سنة إحدى وأربعين وستمائة

- ‌ذكر دخول التتر بلاد الروموكسرهم غياث الدين وعسكره

- ‌ذكر وقوع الإتفاق بين السلطان الملك الصالح نجم الدينوبين عمه الملك الصالح وصاحب حمص

- ‌ذكر اتفاق الملك الصالح صاحب دمشق والملك المنصور صاحب حمص والملك الناصر داود مع الفرنج وتسليم القدس وطبرية وعسقلان إليهم

- ‌ودخلت سنة اثنتين وأربعين وستمائة

- ‌ذكر وصول الخوارزمية إلى غزة واستنقاذهمالقدس من الفرنج وما فعلوه في طريقهم

- ‌ذكر كسرة الملك المنصور صاحب حمصوعسكر دمشق والكرك والفرنج على غزة

- ‌ذكر منازلة عسقلان والفرنج الذين بها

- ‌ذكر خروج الصاحب معين الدين بن شيخ الشيوخ في العساكر المصرية إلى الشام ومنازلته دمشق

- ‌ذكر وفاة الملك المظفر تقى الدين محمود صاحب حماه رحمه الله

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر استيلاء مولانا السلطان المنصور ناصر الدينأبى المعالى محمد بن الملك المظفر على مملكة والده- قدس الله روحه - وخلد ملك ولدهمولانا ومالك رقنا السلطان الملك المظفر تقى الدينبالخلف الصالح عن آبائه الأكرمين

- ‌ذكر وفاة الملك المظفر شهاب الدين غازىوالملك المغيث بن السلطان الملك الصالح

- ‌ودخلت سنة ثلاث وأربعين وستمائة

- ‌ذكر استيلاء السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوبعلى دمشق وهو استيلاؤه الثانى عليها

- ‌ذكر خروج الخوارزمية عن طاعة السلطان الملك الصالح نجم الدين

- ‌ذكر وصول التقليد والتشريف من الخليفةالمستعصم بالله إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب

- ‌ذكر منازلة الخوارزمية والملك الصالحعماد الدين اسماعيل دمشق ومضايقتها

- ‌ودخلت سنة أربع وأربعين وستمائة

- ‌ذكر كسرة الخوارزمية وتبدد شملهمومقتل حسام الدين بركة خان مقدمهم

- ‌ذكر وفاة الملك المنصور صاحب حمصرحمه الله

- ‌ذكر سيرته رحمه الله [تعالى

- ‌ذكر استيلاء الملك الأشرفموسى بن الملك المنصور على حمص [وبلادها

- ‌ودخلت سنة خمس وأربعين وستمائة

- ‌ذكر مسير السلطان إلى الشاملفتح عسقلان وطبريه

- ‌ذكر خروج العساكر المصرية إلى الشاملإنجاد الملك الأشرف صاحب حمص

- ‌ذكر وفاة الملك العادل بن الملك الكامل

- ‌ذكر سيرته رحمه الله [تعالى]

- ‌المصادر والمراجع المذكورة في حواشىالجزء الخامس من كتاب مفرج الكروب

- ‌أولا: المصادر العربية

- ‌ثانيا: المراجع العربية والمترجمة

- ‌ثالثا: المراجع الأوربية

الفصل: ‌ذكر رجوع السلطان الملك الكامل إلى الديار المصرية

‌ودخلت سنة ثلاثين وستمائة

والسلطان الملك الكامل ببلاد الشرق، [وفى خدمته ملوك أهل بيته (1)] وقد انتظمت (2) آمد وبلادها [وحصونها وقلاعها في سلك ممالكه؛ ومن جملتها حصن كيفا وقلعة الهيثم والسويداء وغيرها من المعاقل (3)]. ودانت لطاعته ملوك الشرق كلهم وخافوه. واستشعر منه سلطان الروم (4) علاء الدين كيقباذ بن كيخسرو بن قلج أرسلان السلجوقى.

[ورتب الملك الكامل بالشرق ولده الملك الصالح نجم الدين أيوب، وجعله ولى عهده في ممالك الشرق خاصة، ورتب معه الطواشى شمس الدين صواب العادلى لأنه كان من أكبر الخدام العادلية وأوثقهم عنده، وجعل إليه النقض والأبرام في جميع الأمور، والملك الصالح معه صورة.

‌ذكر رجوع السلطان الملك الكامل إلى الديار المصرية

ولما قضى الملك الكامل إربه من تسلم آمد وبلادها، وترتيب ممالكها وممالك الشرق، رجع إلى الديار المصرية فأقام بها إلى أن خرجت هذه السنة. ورجع كل من الملوك إلى بلده (5)]، ووصل الملك الناصر صلاح الدين

(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(2)

في س «وقد افتح» ، والصيغة المثبتة من م.

(3)

ما بين الحاصرتين ساقط من س، ومثبت في م.

(4)

في نسخة س «سلطان بلاد الروم» ، والصيغة المثبتة من م.

(5)

ما بين الحاصرتين ورد مختصرا في نسخة س، والصيغة المثبتة من م.

ص: 34

داود بن الملك المعظم إلى الكرك. والتقيته بموضع يقال له العلفدان بالقرب من زيزا (1) من أعمال البلقاء. وتصدق وأحسن إلىّ وقرّر لى ما كان لوالدى، ولازمت خدمته والحضور في مجلسه في غالب الأوقات والاستفادة معه على الشيخ شمس الدين الخسرو شاهى في العلوم النظرية.

وفى شوّال من هذه السنة سافر الملك الناصر من الكرك إلى الديار المصرية، وفى صحبته الشيخ شمس الدين الخسرو شاهى و [فخر الدين (2)] فخر القضاه بن بزاقه.

ولما وصل إلى الديار المصرية أنزله السلطان الملك الكامل في دار الوزارة (3).

وأقام بالديار المصرية في خدمة عمه [الملك الكامل (4)] إلى أن خرجت هذه السنة.

وفى هذه السنة توفى الشيخ سيف الدين على الآمدى (5) رحمه الله وكان إمام وقته في الأصولين والمنطق وغير ذلك من العلوم العقلية والخلاف. وسافر إلى

(1) ورد في ياقوت (معجم البلدان) أن زيزاء من قرى البلقاء وأنها كانت قرية كبيرة في طريق الحاج «يقام بها لهم سوق وفيها بركة عظيمة» وذكر أبو الفدا (تقويم البلدان، ص 247) أن مدينة عمان كانت شمالى بركة زيزا على نحو مرحلة منها.

(2)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(3)

عن دار الوزارة التي أنشأها الأفضل بن بدر الجمالى وجعلت منزلا لضيافة الرسل منذ عصر السلطان الكامل انظر ما سبق، ابن واصل، ج 1 ص 164 حاشية 1.

(4)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(5)

هو أبو الحسن على بن أبى على محمد بن سالم التغلبى الفقيه الأصولى، ولد سنة 551 هـ بآمد وأقام ببغداد، وكان في أول اشتغاله حنبلى المذهب ثم انتقل إلى مذهب الأمام الشافعى، وانتقل إلى الشام، واشتغل بفنون المعقول «ولم يكن في زمانه أحفظ منه لهذه العلوم» . ثم انتقل إلى مصر ودرس بالمدرسة المجاورة لضريح الامام الشافعى وانتفع به الناس، وحسده جماعة من الفقهاء، ونسبوا إليه فساد العقيدة ومذهب الفلاسفة، فخرج الآمدى مستخفيا إلى الشام، واستوطن مدينة حماه، وصنف كتبا كثيرة في أصول الدين والفقه والمنطق والحكمة، وانتقل إلى دمشق حيث توفى سنة 631 هـ؛ انظر: ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج 1، ص 329 - 330، وانظر ما سبق ابن واصل؛ ج 4 ص 78.

ص: 35

العراق، وذكر لى أنه دخل بغداد في خلافة المستنجد بالله (1) وعمره خمس عشرة سنة، والوزير ببغداد يومئذ عون الدين بن هبيرة. واشتغل فيها بالأصول ومذهب الشافعى، وكان قبل ذلك حنبليا. وسافر إلى الديار المصرية وأقام بها مدّة طويلة، وقدم إلى حماة بعد سنة ستمائة. واعتنى به الملك المنصور [ناصر الدين أبو المعالى محمد صاحب حماه (2)] وبنى له مدرسة بحماه، واشتغل عليه بالعلم ولازمه. وصنف بحماه كتبا كثيرة (3) في الأصولين والخلاف والمنطق. وكان يغرى (4) بالرد على فخر الدين ابن خطيب الرازى (5)، ويتتبع كلامه وإفساده. وإذا ذكره في تصانيفه يقول:

«قال بعض المتأخرين» ، ويبالغ في ثلبه والوقيعة فيه.

وغالب ظنى أنه كان يفعل ذلك حسدا لفخر الدين، فإنه كان يعتقد في نفسه أنه أعلم (6) من فخر الدين أو مساويه في العلم، ويرى أن فخر الدين أشهر عند الناس منه، وإقبال الناس على تصانيف فخر الدين أكثر من إقبالهم على تصانيفه، وتعظيمهم له أكثر لا سيما العجم. وكان يبلغه أن السلطان علاء الدين محمد بن تكش خوارزم شاه (7) كان ينزل إلى خدمة فخر الدين راجلا، ويأخذ العلم عنه، ويعظمه

(1) تولى المستنجد بالله الخلافة بين سنتى 555 - 566 هـ.

(2)

أضيف ما بين الحاصرتين للتوضيح. وقد تولى الملك المنصور [الأول] حماه سنة 587 هـ وتوفى سنة 617 هـ، انظر زامباور، معجم الأنساب، ج 1 ص 153.

(3)

في نسخة س «كتب كثيرة» ، وهو تصحيف والصيغة المثبتة من نسخة م.

(4)

في نسخة س «مغرى» ، والصيغة المثبتة من م.

(5)

كلمة «الرازى» غير واضحة تماما في نسخة م وفى نسخة س وردت «الرى» وهو تصحيف، وهو أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسين الطبرستانى الرازى المعروف بابن الخطيب الفقيه الشافعى. فاق أهل زمانه في علم الكلام والمعقولات وعلم الأوائل، ولد بالرى سنة 544 هـ، وتوفى في هراة سنة 606 هـ، انظر ترجمته في ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج 1، ص 474 - 476.

(6)

في نسخة م «فانه كان يعتقد أنه في نفسه» والصيغة المثبتة من نسخة س.

(7)

حكم بين سنتى 596 - 617 هـ، انظر زامباور، معجم الأنساب، ج 2، ص 317.

ص: 36

التعظيم العظيم (1). [175 ا] وكثرت عند فخر الدين الأموال العظيمة، والمماليك الكثيرة، والخيل المسوّمة، وفى خدمته من علماء العجم من لا يحصى (2) كثرة، ويرى هو في نفسه ضد ذلك من قلة التعظيم له، وعدم الاحتفال به، وقلة ما يتناوله من العلوم. فكان ذلك مما أظن سبب وقيعته فيه.

وكتب إلى سيف الدين - وهو بحماة - الملك المسعود صاحب آمد يطلبه ليوليه قضاء بلاده. وبلغ ذلك الملك المنصور [بن تقى الدين (3)] فعظم عليه ذلك، ولم يؤثر فراقه. وبعث إليه الربعة وشاهدين عدلين استحلفاه بالمصحف والطلاق والأيمان المغلظة أن لا (4) يفارق حماة إلا بإذنه فحلف له.

ثم في سنة سبع عشرة وستمائة، قبل وفاة الملك المنصور بأشهر، كتب الملك المعظم صاحب دمشق إلى سيف الدين [الآمدى (5)] يستدعيه ليكون عنده بدمشق، ووعده الوعود الجميلة، فهرب إليه فولاه الملك المعظم تدريس المدرسة العزيزية (6)،

(1) في نسخة س «التعظيم الكثير» والصيغة المثبتة من م.

(2)

في نسخة س «ما لا يحصى» ، والصيغة المثبتة من م.

(3)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(4)

في نسخة س «أنه» والصيغة المثبتة من م.

(5)

ما بين الحاصرتين للتوضيح والسطور التالية مضطربة في نسخة س.

(6)

كانت هذه المدرسة شرقى التربة الصلاحية وغربى التربة الأشرفية وشمالى دار الحديث الفاضلية بدمشق. أمر بتشيبدها الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين سنة 592 هـ. وقيل أن أول من أسسها الملك الأفضل بن صلاح الدين وأتمها الملك العزيز عثمان. وقام بالتدريس بها جماعة من المشهورين مثل سيف الدين الآمدى، وبهاء الدين بن الزكى وغيرهما؛ انظر: ابن كثير، البداية والنهاية، ج 13، ص 12؛ النعيمى، الدارس في تاريخ المدارس، ج 1، ص 382 - 398؛ محمد كرد على، كتاب خطط الشام، ج 6، ص 86.

ص: 37

وأنزله في دار بدرب عزيزة (1)، وأحسن إليه إلا أنه كان يظن أن الملك المعظم يفعل في حقه من الإحسان أضعاف ما وقع منه.

وبلغنى أن سبب تقصير الملك المعظم في حقه أن شرف الدين بن عنين (2) كان من المتعصبين (3) لفخر الدين الرازى، ولفخر الدين إحسان إليه عظيم - على ما سنذكر إن شاء الله تعالى، وأن شرف الدين [بن عنين (4)] اجتمع بسيف الدين [على (5)] فسمعه يغض من قدر فخر الدين (6)[بن خطيب الرازى (7)]، ويكثر الوقيعة فيه. فغاظه ذلك، ووقع فيه عند الملك المعظم، وصغر منزلته عنده، إلا أنه مع هذا كان يحضره الملك المعظم ليالى الجمع مع علماء دمشق، ويسمع بحثه ومجادلته (8).

وكان سيف الدين [على الآمدى (9)] بليغا إلى الغاية حسن العبارة، إذا أخذ في الاحتجاج والمناظرة لا يقدر أحد على مجاراته (10).

(1) في نسخة م «بدرب غريرة» والصيغة المثبتة من س.

(2)

شرف الدين بن عنين هو شرف الدين أبو المحاسن محمد بن نصر المشهور بابن عنين الأنصارى الدمشقى المتوفى سنة 630 هـ، وله ديوان مطبوع، انظر ما سبق ابن واصل، ج 4 ص 100 - 101، 173، 214 - 216، 220، 222، 291 وانظر ما يلى ص 41 وما بعدها.

(3)

في نسخة س «من المحبين» والصيغة المثبتة من م.

(4)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(5)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(6)

في نسخة س «فسمعه سيف الدين شىء من نقص قدر فخر الدين» ، والصيغة المثبتة من م.

(7)

ما بين الحاصرتين للتوضيح.

(8)

في نسخة س «ومحاوراته» والصيغة المثبتة من م.

(9)

ما بين الحاصرتين للتوضيح، وورد في نسخه س «سيف الدين على بن خطيب الرى» ، وهو تصحيف.

(10)

في نسخة س «لا يقدر على مجاراته» والصيغة المثبتة من م.

ص: 38

وحكى لى السلطان الملك الناصر داود رحمه الله ونحن في خدمته بالكرك قال: «كان إذا حضر الشيخ سيف الدين عند والدى رحمه الله أقصد الحضور لأسمع كلامه، وأتعجب من بلاغته وفصاحته، وحسن احتجاجه واستعلائه على الجماعة في المناظرة» . وقلت للملك الناصر: «أي الرجلين عند مولانا السلطان أفضل شمس الدين الخسرو شاهى أم سيف الدين [على الآمدى]؟ (1)» .

فقال [175 ب]: «سبحان الله، كيف تقول هذا، كل هؤلاء عند سيف الدين فراريج للذبح، سيف الدين كان يرى أنه أفضل من أستاذهم فخر الدين فهو لا يعتد بهم» .

ولما توفى الملك المعظم رحمه الله تقدم سيف الدين عند الملك الناصر التقدم العظيم، ومال إليه بكليته، وأعطاه ثمانية آلاف درهم اشترى بها جوسقا وبستانا. ولازم الملك الناصر مع ملازمة شمس الدين الخسرو شاهى للملك الناصر.

وفى بعض الأيام عقد الملك الناصر مجلسا جمع فيه جماعة الفضلاء الأعيان بدمشق - قبل أن تؤخذ منه - حضر المجلس الشيخ شمس الدين الخسرو شاهى والشيخ سيف الدين [الآمدى (2)] والشيخ تاج الدين الأرموى وهو من الأكابر المصنفين الفضلاء، والقاضى شمس الدين الخويى (3) قاضى دمشق، وكان جامعا لفنون

(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(2)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(3)

في نسخة س «الحويى» وهو تصحيف والصيغة المثبتة من نسخة م، وهو قاضى القضاة شمس الدين أحمد بن الخليل الخويى نسبة إلى خوى وهى بلد مشهور من أعمال أذربيجان، أنظر ما سبق ابن واصل، ج 4 ص 173؛ السبكى، طبقات الشافعية، ج 5 ص 8؛ المقريزى، السلوك، ج 1 ص 273؛ ياقوت، معجم البلدان؛ وعن ترجمة ابنه قاضى القضاة محمد بن أحمد الخويى انظر، الكتبى، فوات الوفيات، ج 2، ص 368 - 369.

ص: 39

الفضائل. وتناظروا فاجتمعت كلمة هؤلاء الأعاجم على سيف الدين وصاروا عليه يدا واحدة، وقهروه في البحث يومئذ لتظافرهم واتفاقهم (1).

وصنف سيف الدين بدمشق للملك الناصر كتابا في العلوم العقلية سماه «فرائد القلائد (2)» طلبه الملك الناصر منه فصنفه على حسب اقتراحه. ولما أخذ الملك الكامل دمشق من الملك الناصر ومضى إلى الكرك وأقام بها، أحب ان يكون عنده جماعة من أهل العلم يستأنس بهم، فطلب والدى أولا، فمضينا إلى خدمته وأقمنا عنده - كما ذكرت أولا (3). ثم بعد ذلك طلب شمس الدين الخسرو شاهى، وكان قد سيّره وهو بدمشق إلى سلطان العجم جلال الدين [ابن علاء الدين خوارزم شاه (4)] يستنصر به على أعمامه، وعاد من عنده وجرى ما ذكرنا. وبقى شمس الدين في دمشق مضطهدا، فطلبه الملك الناصر فقدم عليه إلى الكرك، ولازمه وقرأ عليه ولم يفارقه في سفر ولا حضر (5) إلى أن أخذت الكرك من الملك الناصر على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.

وبقى سيف الدين [الآمدى (6)] في دمشق، والملك الأشرف معرض عنه (7) كاره له. فبعث الملك المسعود صاحب آمد يطلبه، وعقيب ذلك جرى ما ذكرنا

(1) ورد بعد ذلك في نسخة س وحدها «غير أنه خلص منهم مليح» .

(2)

لم يرد اسم هذا الكتاب في صيغته المثبتة في المصادر المتداولة، وإنما ورد كتاب للآمدى عنوانه (فرائد الفوائد) في الحكمة، انظر البغدادى، هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين، ج 1، ص 707.

(3)

انظر ما سبق ابن واصل، مفرج الكروب، ج 4، ص 330 - 331.

(4)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(5)

في نسخة س «لا في سفر ولا في حضر» ، والصيغة المثبتة من م.

(6)

ما بين الحاصرتين للتوضيح.

(7)

في نسخة س «يعرض عنه» ، والصيغة المثبتة من م.

ص: 40

من أخذ آمد من صاحبها (1). ولما أخذت منه قال الملك الكامل [176 ا] فيما بلغنى لصاحب آمد: «ما عندك في بلدك من عنده (2) فضيلة» . فغلط وقال «كنت سيّرت إلى الشيخ سيف الدين أطلبه، وقد وعدنى أنه يأتى إلىّ» . فعظم هذا على الملك الأشرف والملك الكامل وغاظهما على سيف الدين [على الآمدى (3)]؛ فعزله الملك الأشرف عن تدريس المدرسة العزيزية، فخرج إلى بستانه وأقام فيه مضطهدا إلى أن مات في هذه السنة وقد نيف على ثمانين سنة رحمه الله.

وفى هذه السنة توفى شرف الدين بن عنين [وهو أبو المحاسن محمد بن نصر الله ابن الحسين بن عنين الأنصارى الكوفى الأصل، الدمشقى المولد](4). وكان شاعرا مجيدا، إلا أنه كان كثير الهجاء، فكان له إبداع فيه. تعرض في الدولة الصلاحية لهجو (5) جماعة من أكابر الدولة منهم القاضى الفاضل رحمه الله. وأمر الملك الناصر [صلاح الدين رحمه الله (6) -] بنفيه فذكر أنه كتب على شجرة من جوز دمشق لمّا نفى:

فعلام أبعدتم أخا ثقة

لم يجترم (7) ذنبا (8) ولا سرقا

انفوا المؤذّن من بلادكم

إن كان ينفى كلّ من صدقا

(1) انظر ما سبق ص 17

(2)

في نسخة س «من له» ، والصيغة المثبتة من م.

(3)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(4)

ما بين الحاصرتين من نسخة م وساقط من نسخة س، انظر ترجمة ابن عنين في ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج 2 ص 25 - 26.

(5)

في نسخة س «يهجو» والصيغة المثبتة من نسخة م.

(6)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(7)

أي لم يقترف ذنبا.

(8)

في نسخة م «دينا» وهو تصحيف، والصيغة المثبتة من نسخة س ومن ديوان ابن عنين، ص 94.

ص: 41

وسافر إلى اليمن، وخدم عند سيف الاسلام طغتكين بن أيوب وله فيه مدائح حسان، وأقام عنده مدة (1). وسافر إلى بلاد العجم، [واجتمع بفخر الدين بن خطيب الرازى ومدحه. وكان فخر الدين (2)] يجلس في بعض الأيام للوعظ، على عادة العجم، فجلس يوما واتفق أن صقرا طلب حمامة ليفترسها، فهربت الحمامة منه ووقعت في حجر فخر الدين، فضم عليها ثيابه حتى هرب الصقر ثم أطلقها. فقام شرف الدين [ابن عنين (3)] وأنشده (4) أبياتا منها:

يا ابن الكرام المطعمين إذا شتوا

في كل مسغبة (5) وثلج خاشف (6)

ويقول فيها:

جاءت سليمان الزمان بشجوها (7)

والموت يلمع من (8) جناحى خاطف

(1) في نسخة س «وأقام في اليمن مدة» ، والصيغة المثبتة من م.

(2)

في نسخة س «واجتمع مع تقى الدين خطيب الرى ومدحه وكان ولده فخر الدين. . .» وهو تصحيف، والصيغة المثبتة من نسخة م، انظر أيضا ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج 1، ص 475؛ ابن أبى أصيبعة، طبقات الأطباء، ج 2، ص 23 - 24.

(3)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(4)

في نسخة م «وأنشد» ، والصيغة المثبتة من نسخة س.

(5)

كذا في نسختى المخطوطه وكذلك في ابن خلكان (وفيات، ج 1، ص 475) بينما وردت كلمة «مخمصة» في ديوان ابن عنين، ص 95 وفى ابن أبى أصيبعة، طبقات الأطباء، ج 2 ص 24.

(6)

في نسخة م «حاسف» وفى نسخة س «خاسف» والصيغة الصحيحة المثبتة من ديوان ابن عنين، ص 95 ومن ابن خلكان، ج 1 ص 475، وابن أبى أصيبعة ص 24، والخشف والخشيف الثلج وقيل الثلج الخشن، انظر ابن منظور، لسان العرب، ج 10، ص 417.

(7)

في نسخة س «حمامة» وهو تصحيف، والصيغة المثبتة من نسخة م ومن ابن أبى أصيبعة ص 24، وفى ديوان ابن عنين، ص 95 وابن خلكان، ج 1، ص 475 «بشكوها» .

(8)

في نسخة م «في» والصيغة المثبتة من نسخة س ومن ديوان ابن عنين ومن ابن خلكان وابن أبى أصيبعة نفس الجزء والصفحة.

ص: 42

قرم طواه الجوع (1) حتى ظله

من تحته يمشى بقلب راجف (2)

من أنبأ (3) الورقاء أن محلكم

حرم وأنك ملجأ للخائف

[176 ب] فأعطاه فخر الدين - على ما بلغنى - ألف دينار.

ثم قدم شرف الدين الشام، واتصل بخدمة الملك المعظم ولازمه، وله فيه وفى أبيه الملك العادل - رحمهما الله - المدائح البديعة، وقد ذكرنا بعضها (4).

وبعد وفاة الملك المعظم بقى مقيما بدمشق في خدمة الملك الأشرف، وله فيه أيضا مدائح.

ولما مرض كان له جماعة مماليك قد رباهم، فكتب إلى الملك الأشرف يعرض باستخدامه لهم:(5)

يا أيها المولى الذى سيفه (6)

يفنى وجدوى كفه تغنى

لى أعبد قد ضاق ذرعى بهم

واضجرتهم علتى منى

يشكون منى مثل ما اشتكى

منهم فخلصهم وخلصنى

فاستخدمهم الملك الأشرف وجعل لهم أخبازا (7).

(1) كذا في نسختى المخطوطة وفى الديوان وابن خلكان وابن أبى أصيبعة «لواه القوت» .

(2)

ورد الشطر الثانى من البيت في الديوان وابن خلكان: «بازائه يجرى بقلب واجف» وفى ابن أبى أصيبعة «بازائه يجرى بقلب راجف» والصيغة المثبتة من نسختى المخطوطة.

(3)

كذا في نسختى المخطوطة وفى الديوان وابن خلكان وابن أبى أصيبعه (نفس الجزء والصفحة)«من نبأ» .

(4)

في نسخة س «ذكرناها» .

(5)

في نسخة س «باستخدامهم له» وهو تصحيف، والصيغة المثبتة من م.

(6)

ورد الشطر الأول في ديوان ابن عنين، ص 103 «يا ملك الدنيا الذى سخطه» والصيغة المثبتة من نسختى المخطوطة.

(7)

في نسخة س «أخباز جيدة» والصيغة المثبتة من نسخة م والأخباز هنا بمعنى إقطاعات.

ص: 43

وكان مولد شرف الدين سنة تسع وأربعين وخمسمائة [وذلك بدمشق يوم الاثنين تاسع شعبان. وكانت وفاته عشية يوم الاثنين لعشر بقين من شهر ربيع الأول من هذه السنة - أعنى سنة ثلاثين وستمائة (1)] فكان عمره نحو احدى وثمانين سنة (2).

ودفن من الغد في مسجده الذى أنشأه بأرض المزّه ظاهر دمشق.

ولنذكر شيئا من أشعاره فأنها كلها بديعة مستظرفة؛ من ذلك أنه لما نفاه السلطان الملك الناصر صلاح الدين رحمه الله من دمشق، وعاد إليها حين أذن له الملك العادل رحمه الله في العود إليها قال:

هجوت الأكابر في جلّق (3)

ورعت الوضيع بسب الرفيع

وأخرجت منها ولكننى

رجعت إليها برغم الجميع (4)

وكان السلطان الملك المعظم بن الملك العادل رحمه الله قد تغيّر على قاضى دمشق زكى الدين بن محيى الدين بن زكى الدين فبعث إليه كلوته وقبا (5) وأمره بلبسه في المجلس، فلبسه وقام من المجلس، ومرض أياما غمّا ومات.

واتفق في تلك المدة ان ابن عنين تزهد وانقطع في مسجد، فسير إليه الملك المعظم خمرا ودست نرد (6) فكتب إليه:

(1) ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في م.

(2)

الصفحات التالية ساقطة من نسخة س ومثبتة في نسخة م وسوف يشار إلى نهاية الجزء الساقط، انظر ما يلى ص 48 حاشية 4.

(3)

جلق هى دمشق، انظر ياقوت (معجم البلدان).

(4)

ورد الشطر الثانى في الديوان ص 94 «رجعت على رغم أنف الجميع» والصيغة المثبتة من م.

(5)

عن الكلوته والقبا انظر ما سبق ابن واصل، ج 4 ص 172، حاشية 2، 3.

(6)

لعبة فارسية الأصل والنرد يلعب به، انظر ابن منظور، لسان العرب، ج 4 ص 430 - 431.

ص: 44

يا أيها الملك المعظم سنّة

أجريتها (1) تبقى على الآباد (2)

تجرى الملوك على طريقك بعدها

خلع القضاة وتحفة الزّهاد

وأمر الملك المعظم بنزح ماء (3) بئر فأعيى الناس نزحه لكثرة ما فيه من الماء فقال ابن عنين:

أرح من نزح ماء البئر (4) قوما (5)

فقد أفضى إلى تعب وعي

مر القاضى بوضع يديه فيه

فيصبح مثل رأس الدولعى (6)

وكان القاضى بدمشق يومئذ جمال الدين المصرى وقد تقدم ذكره (7)، والدولعى هو جمال الدين خطيب جامع دمشق، وهو منسوب إلى الدولعيّة قرية على باب الموصل في طريق الذاهب إلى الموصل من جهة نصيبين وقد رأيتها.

وبلغه أن قائلا قال في أكل النواب أوقاف الجامع:

لمّا رأى الجامع أمواله

منهوبة (8) ما بين نوّابه

جنّ فمن أجل جنون غدا

مسلسلا ما بين أبوابه

(1) في ديوان ابن عنين، ص 93 «أحدثتها» والصيغة المثبتة من نسخة م.

(2)

في نسخة المخطوطة «الأياد» ، والصيغة المثبتة من ديوان ابن عنين، ص 93.

(3)

في ديوان ابن عنين، ص 235 أن الملك المعظم أمر بنزح ماء خندق القلعة بدمشق، والصيغة المثبتة من المخطوطة.

(4)

في ديوان ابن عنين، ص 235 «البرج» ، والصيغة المثبتة من م.

(5)

في الديوان «يوما» والصيغة المثبتة من م.

(6)

ورد الشطر الثانى في ديوان ابن عنين، ص 235 «وقد أضحى كرأس الدولعى» .

(7)

انظر ما سبق ابن واصل، مفرج الكروب، ج 4 ص 171 - 173.

(8)

في ديوان ابن عنين، ص 143 «مأكولة» والصيغة المثبتة من نسخة م.

ص: 45

وكيف لا تغتال جنّة

وقد رأى خسة أربابه

القرد في شبّاكه حاكم

والكلب في قبلة محرابه (1)

فتمم بذلك الوقيعة في القاضى والخطيب المذكورين (2).

وله في هذا الباب شىء كثير أربى فيه على ابن منير (3) بل على ابن الرومى (4).

وكان مجيدا في عمل الألغاز وحلها. كتب إليه بعض الأدباء (5) لغزا في الزّر والعروة (6):

وما أنثى وينكحها أخوها

بعقد وهو حل مستباح

رآه معشر منا حلالا (7)

وفى أعناقهم ذاك النكاح

(1) وردت الأبيات الثلاثة الأخيرة في ديوان ابن عنين، ص 143 برواية أخرى: جن فمن خوف عليه غدا مسلسلا من كل أبوابه وكيف لا تعتاده جنة وقد رأى المسخ لأربابه القرد في شباكه حاكم والتيس في قبة محرابه والصيغة المثبتة من نسخة م.

(2)

وردت هذه الجملة في المخطوطة قبل البيتين الأخيرين.

(3)

هو الشاعر المشهور أبو الحسين أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح الطرابلسى الملقب مهذب الدين عين الزمان. ذكر ابن خلكان أنه كان رافضيا كثير الهجاء خبيث اللسان، وأنه لما كثر منه ذلك سجنه بورى بن أتابك طغتكين صاحب دمشق مدة وعزم على قطع لسانه ثم شفعوا فيه فنفاه، وتوفى سنة 548 أو سنة 547 هـ، انظر ابن خلكان، وفيات، ج 1 ص 49 - 51.

(4)

هو الشاعر الكبير المشهور على بن العباس بن جريج الرومى المتوفى سنة 283 هـ - 896 م، يقال أنه ما مدح أحدا من رئيس أو مرؤوس إلا عاد إليه وهجاه، انظر الخطيب البغدادى، تاريخ بغداد، ج 12، ص 23 - 26.

(5)

كلمة «الأدباء» مكتوبة في الهامش.

(6)

الزر هو الذى يوضع في القميص والعروة هى التي تجعل الحبة فيها، انظر، ابن منظور، لسان العرب، ج 5، س 409.

(7)

في ديوان ابن عنين، ص 170 «مباحا» والصيغة المثبتة من م.

ص: 46

فحلّ اللغز وكتب الجواب ملغزا فيهما:

أتانى منك لفظ مثل (1) در

له من فكرك الوارى فصاح

ببعل كله ذكر صحيح

وأنثى كلها فرج مباح

وتفضى هذه ويحبّ هذا

ولا يؤذيهما ذاك (2) الجراح

وقد قدمنا ذكره في أخبار سيرة الملكين العادل والمعظم - رحمهما الله - والقصيدة الرائية التي مدح بها السلطان الملك العادل في غاية الحسن [177 ب] قد ذكرنا بعضها (3). وذكر في آخرها تغربه، وشكر الحوادث التي أوصلته إلى جناب الملك العادل وهو:

أشكو إليك نوى تمادى عمرها

حتى حسبت اليوم منها أشهرا

لا عيشتى تصفو، ولا رسم الهوى

يعفو، ولا جفنى يخالطه (4) الكرى

أضحى عن الأحوى (5) المريع محلّأ

وأبيت عن ورد النمير (6) منفّرا

ومن العجائب أن يقيّل (7) ظلكم

كل الورى ونبذت وحدى بالعرا

ولقد سمئت من القريض ونظمه

ما حاجتى (8) ببضاعة لا تشترى

(1) ورد الشطر الأول في ديوان ابن عنين، ص 170 «تحاجينى ولفظك مثل درّ» ، والصيغة المثبتة من نسخة م.

(2)

في ديوان ابن عنين، ص 170 «ولا تؤذيهما تلك» ، والصيغة المثبتة من نسخة م وكلتاهما صحيح.

(3)

انظر ما سبق، ابن واصل، ج 3، ص 129 - 130، 272 - 273؛ ج 4 ص 100 - 101، 214 - 216، 220

(4)

في ديوان ابن عنين، ص 8 «يصافحه» ، والصيغة المثبتة من نسخة م.

(5)

الأحوى هو الأسود من الخضرة، انظر لسان العرب، ج 18، ص 226.

(6)

ورد النمير هو الماء الناجع الذى يشرب منه، انظر لسان العرب، ج 7، ص 94.

(7)

في ديوان ابن عنين «أن تفيّأ» والصيغة المثبتة من نسخة م.

(8)

في ديوان ابن عنين «ما حيلتى» ، والصيغة المثبتة من نسخة م.

ص: 47

كسدت فلما قمت ممتدحا بها

ربّ الممالك نلت أربح متجرا (1)

ولأشكرن (2) حوادثا قذفت بآ

مالى إليك وحقّها أن تشكرا

لا زلت ممتدّ (3) البقا حتى ترى

عيسى بعيسى في الورى مستنصرا

أراد بعيسى الثانى ولده الملك المعظم - رحمهما الله (4).

ذكر وفاة [الملك المعطم (5)] مظفر الدين كوكبورى ابن زين الدين على كوجك بن بكتكين صاحب أربل رحمه الله

[قد ذكرنا أخبار مظفر الدين بن زين الدين على كوجك في أخبار السلطان الملك الناصر صلاح الدين وبعدها (6).

وكان أبوه زين الدين على كوجك متحكما في الدولة الأتابكية ونائبا عن الملك عندهم. وقد ذكرنا أنه لما مات ملك أربل وبلادها مظفر الدين كوكبورى هذا، وانه صرف عن الملك بعد ذلك وولّيت البلاد لأخيه زين الدين يوسف، وكان أصغر منه في السن، وأنه أعطى بدلها الرها، وأنه لما ظهر الملك الناصر صلاح الدين

(1) ورد الشطر الثانى في ديوان ابن عنين «ملك الملوك غدوت أربح متجرا» ، والصيغة المثبتة من نسخة م.

(2)

في ديوان ابن عنين «فلأشكرنّ» ، والصيغة المثبتة من نسخة م.

(3)

في ديوان ابن عنين «ممدود» ، والصيغة المثبتة من نسخة م.

(4)

نهاية الجزء الساقط من نسخة س، انظر ما سبق ص 44 حاشية 2 والصفحات التالية وردت في غير مكانها في نسخة س (ورقة 288 ب)

(5)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(6)

انظر ما سبق، ابن واصل، ج 2 ص 339 - 340؛ ج 3 ص 156، 194 - 195، 197.

ص: 48

التجأ إليه (1) مظفر الدين وفارق البيت الأتابكى وخدمه (2)]. ولما ملك السلطان [صلاح الدين](3) الشرق، أقطعه حرّان مضافة إلى الرها (4)، [وأنه نقم عليه بعد ذلك وأخذها منه، ثم رضى عنه وردها إليه](5).

ولما كان السلطان [صلاح الدين (6)] بمرج عكافى مقابلة الفرنج المنازلين (7) لها توفى زين الدين يوسف (8) بن زين الدين صاحب أربل بالمعسكر، وكان من جملة النجد الذين في خدمة السلطان (9)، فنزل مظفر الدين عن حران والرها [178 ا]، وطلب بدلا منهما أربل وبلادها فأجيب إلى ذلك (10)، وقلده السلطان ذلك، فمضى مظفر الدين إليها، [واستولى على ممالكها (11)]، ولم يتفق بعد ذلك عوده إلى السلطان.

ثم صار بعد وفاة السلطان منتميا إلى البيت الأيوبى؛ لأن الملك صار إليه بطريقهم، وتزوّج ربيعة خاتون بنت أيوب أخت [السلطان الملك الناصر صلاح الدين وأخت (12)] الملك العادل، وأولدها ابنتين تزوّج إحداهما (13) الملك القاهر

(1) في نسختى المخطوطة «التجى» .

(2)

ورد ما بين الحاصرتين في قليل من التغيير في نسخة س مبتدئا «وفى هذه السنة توفى مظفر الدين بن زين الدين على كوجك. . .» والصيغة المثبتة من نسخة م.

(3)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(4)

في نسخة س «جمع له بين الرها وحران» والصيغة المثبتة من م.

(5)

ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في م.

(6)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(7)

في نسخة س «النازلين عليها» والصيغة المثبتة من م.

(8)

في نسخة م «زين يوسف» وهو تصحيف، والصيغة الصحيحة المثبتة من نسخة س

(9)

انظر ما سبق، ابن واصل، ج 2 ص 339 - 340.

(10)

في نسخة س «فأجابه السلطان الملك الناصر إلى ذلك» والصيغة المثبتة من نسخة م.

(11)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(12)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(13)

في نسخة م «أحديهما» وهو تصحيف، والصيغة الصحيحة المثبتة من س.

ص: 49

عز الدين مسعود [بن أرسلان شاه (1)] صاحب الموصل وأولدها ابنين، والأخرى تزوّجها أخوه عماد الدين زنكى.

ومات الملك القاهر وتغلب بدر الدين لؤلؤ - مملوك أبيه - على الموصل، وأقام ولديه الصغيرين في الملك صورة واحدا بعد واحد (2). ولما هلك الثانى منهما استقل (3) بالملك، فقامت بسبب [ذلك (4)] العداوة بين مظفر الدين وبدر الدين لؤلؤ، وجرى بينهما من الحروب ما تقدم ذكره.

وكان مظفر الدين يلقب بالملك المعظم، ولما حضره الموت لم يكن له ولد يخلفه في الملك، فأوصى بتسليم البلاد إلى الخليفة الإمام المستنصر بالله أمير المؤمنين (5).

[فلما مات ورد نوّاب الديوان العزيز إلى أربل وتسلموها، وولى فيها وال من قبل الخليفة، فأقام مدة ثم عزله، وولى بعده أربل الشريف تاج الدين بن صلايا (6)]، وكان كريما حسن السيرة. ولم يزل حاكما بالبلاد من قبل الخليفة إلى أن ملك التتر بغداد، وقتلوا (7) الخليفة المستعصم بالله أبا أحمد عبد الله بن المستنصر بالله، وملكت التتر البلاد. [فوفد إلى أولاكو (8) ملكهم الشريف تاج الدين وبدر الدين لؤلؤ

(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(2)

في نسخة س «فمات واحد بعد واحد» ، والصيغة المثبتة من م.

(3)

في نسخة س «استقر» ، والصيغة المثبتة من م.

(4)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(5)

في نسخة م «الخليفة المستنصر بالله» ، والصيغة المثبتة من س.

(6)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وورد مختصرا في نسخة م.

(7)

في نسخة س «وقتل» والصيغة المثبتة من م.

(8)

يقصد هولاكو.

ص: 50