الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما وصلا إلى بيت المقدس توفى القاضى عز الدين رحمه الله ودفن بالقدس. وقدم الرسول بما معه إلى السلطان الملك الصالح نجم الدين وهو مخيم بالعباسة.
وكان السلطان قد أفرج عن الأمير فخر الدين بن شيخ الشيوخ فحضر إلى العسكر، وقد كان مأمورا بلزوم منزله كما (1) ذكرناه، فخلع عليه وأمّره وقدّمه وأحسن إليه إحسانا كثيرا، ولم يبق من أولاد شيخ الشيوخ غيره.
وقدم الرسول [52 ا] ومعه دواة الصاحب معين الدين وخلعه، فأعطاه الملك الصالح لأخيه فخر الدين. وحضر الرسول في الدهليز السلطانى، وكنت (2) يومئذ حاضرا فقرئ التقليد على الناس. ثم لبس السلطان التشريف الأسود المذهب، والعمامة، والجبة، والطوق الذهب. وركب المركوب الذى قدم له بالحلية الذهب، وكان يوما مشهودا.
ذكر منازلة الخوارزمية والملك الصالح
عماد الدين اسماعيل دمشق ومضايقتها
ولما اتفقت الخوارزمية والملك الصالح عماد الدين، نازلوا دمشق، وبقلعة دمشق شهاب الدين رشيد، وبالمدينة الأمير حسام الدين أبو على بن محمد بن أبى على، وليس فيها من العسكر طائل. فقام حسام الدين في حفظها أحسن قيام، وضبط أبوابها وأسوارها بالرجالة والمقاتله، وباشرها بنفسه ليلا ونهارا. وضايقها الخوارزمية وقطعوا عنها المواد. واشتد بها الغلاء اشتدادا لم يعهد في الأعمار مثله،
(1) انظر ما سبق ص 276 - 277.
(2)
أي القاضى جمال الدين بن واصل.
حتى أنه بلغ سعر الغرارة من القمح (1) ألف درهم وستمائة درهم (2). وهذا سعر لم يسمع بنظيره في عصر من الأعصار، في بلد من البلاد. وهلك عالم من أهل دمشق بالجوع والوباء.
ومن أعجب ما سمعت أن إنسانا كانت له دار تساوى عشرة آلاف درهم، عرضها للبيع فلم تزد على ألف وخمسمائة درهم، فاشترى بها غرارة واحدة من القمح، [فقامت عليه غرارة واحدة من القمح (3)] بعشرة آلاف درهم (4). ومات شخص (5) في الحبس فأكل لحمه أهل الحبس. وكان يباع حب الخرنوب بالميزان ويشترى [به](6)، ويتقوت به. [أخبرنى بهذا كله الأمير حسام الدين بن أبى على رحمه الله](7).
ولما جرى ما ذكرنا (8) اتفق الحلبيون والملك المنصور [إبراهيم (9)] صاحب حمص مع السلطان الملك الصالح نجم الدين [أيوب (10)] على حرب الخوارزمية وطردهم من
(1) نهاية الجزء الساقط من نسخة س انظر ما سبق ص 296 حاشية 2.
(2)
انظر أيضا النويرى، نهاية الأرب، ج 27 ق 82.
(3)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س.
(4)
ذكر العينى (عقد الجمان، حوادث سنة 643): «وضيقوا على دمشق فبلغت الغرارة ألفا وستمائة درهم، والقنطار الدقيق بتسعمائة درهم، والخبز أوقيتين إلا ربع بدرهم، والرطل اللحم بسبعة دراهم. وعدمت الأقوات، وبيع العقار بالدقيق. وأكلت الميتات والجيف والدم والقطاط والكلاب، ومات الناس على الطرقات. . .» انظر أيضا المقريزى، السلوك، ج 1، ص 322.
(5)
في نسخة س «رجل» .
(6)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في ب.
(7)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في ب.
(8)
في نسخة س «قال القاضى جمال الدين بن واصل صاحب هذا التاريخ: ولما جرى ما ذكرنا. . .» .
(9)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في ب.
(10)
ما بين الحاصرتين للتوضيح من نسخة س وساقط من ب.
البلاد، فخرجت العساكر من حلب، وتقدم عليها الملك المنصور صاحب حمص، واستعد للقاء الخوارزمية.
ولما سمعت الخوارزمية باستعداد (1) الملك [52 ب] المنصور وعسكر حلب للقائهم، رحلوا عن دمشق طالبين لقاءهم، وانفرج الخناق (2) عن دمشق، وكان ما سنذكره إن شاء الله تعالى في حوادث السنة الآتية.
وفى هذه السنة تسلم نواب مولانا السلطان الملك المنصور صاحب حماه سلمية، سلمها إليهم السلطان الملك الصالح نجم الدين [أيوب (3)] وذلك لما فتحت دمشق.
وكانت [سلمية (4)] بيد الملك المنصور صاحب حمص. ولم يبق خارجا عن مملكة جده الملك المنصور إلا المعرة (5).
ذكر قصد التتر بغداد ورجوعهم [عنها](6) خائبين
وفى هذه السنة أو التي قبلها، قصدت طائفة من التتر بغداد ونهبوا ما في طريقهم اليها، ووصلوا إلى سوق الخيل ظاهر بغداد، واستعدت عساكر الخليفة (7) المستعصم بالله للقائهم.
ولما جن التتر الليل (8)، وعلموا أنه (9) لا طاقة لهم بمن في بغداد من العسكر، أوقدوا نيرانا كثيرة لئلا (10) يشعر برجوعهم، ثم رحلوا تحت الليل. ولما طلع الصباح
(1) في نسخة س «استعداد» والصيغة المثبتة من ب.
(2)
في نسخة س «الحصار» والصيغة المثبتة من ب.
(3)
ما بين الحاصرتين للتوضيح من نسخة س وساقط من ب.
(4)
ما بين الحاصرتين للتوضيح من نسخة س وساقط من ب.
(5)
في نسخة س «إلا المعرة حسب» .
(6)
ما بين الحاصرتين ساقط من س ومثبت في ب.
(7)
في نسخة س «واستعد الخليفة» والصيغة المثبتة من ب.
(8)
في نسخة س «فلما أجن على التتر الليل» ، والصيغة المثبتة من ب.
(9)
في نسخة س «أنهم» والصيغة المثبتة من ب.
(10)
في نسخة س «كثيرة بالليل لئلا» والصيغة المثبتة من ب.
لم يوجد منهم أحد فتبعتهم عساكر بغداد يقتلون من تخلف منهم، وينهبون. وعادوا إلى بغداد.
ولما وصل الخبر بذلك إلى الشام، كتب الملك الناصر داود بن الملك المعظم رحمه الله إلى الخليفة [الإمام (1)] المستعصم بالله يهنيه بهذا الفتح. [ونظم قصيدة في التهنئة وهى (2)]: -
كذا فليقم (3) لله من قام بالأمر
…
وجاهد فيه بالردينية (4) السمر
تهن أمير المؤمنين بنصرة
…
أتتك من الله القدير على قدر (5)
أهنت جزيل (6) المال في جلب نصرة
…
فأعطاك بالتهوين عزا على الدهر
وجدت بنفس لا يجاد بمثلها
…
فجوزيت بالنصر المعجل والأجر (7)
لقيت ملوك الترك إذ جاء جمعها
…
تجالد دين الله بالكبر والكفر
فللت ملوكا ما تسنى لهمة
…
ملوكية قصدا لعسكرها المجر (8)
(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من ب.
(2)
ما بين الحاصرتين غير مذكور في نسخة س، وورد بدلها «بهذه الأبيات» وذكر العينى (عقد الجمان، حوادث سنة 643) بعض هذه الأبيات.
(3)
أول الشطر الأول من هذا البيت غير واضح في نسخة ب، والصيغة المثبتة من س وكذلك من كتاب الفوائد الجلية في الفرائد الناصرية للملك الأمجد بن الملك الناصر داود، ص 141 حيث ورد الشطر الأول:«كذا فليقم من قام لله بالأمر» .
(4)
الردينية نوع من الرماح نسبة إلى ردينة وهى امرأة في الجاهلية كانت تسوى الرماح بخط هجر، انظر الزبيدى، تاج العروس، ج 9، ص 214.
(5)
هذا البيت ساقط من نسخة س ومثبت في ب وكذلك في الفوائد الجلية، ص 141.
(6)
في الفوائد الجلية، ص 141، «عزيز» والصيغة المثبتة من نسختى المخطوطة.
(7)
البيت ساقط من نسختى المخطوطة ومثبت في الفوائد الجلية، ص 141.
(8)
عسكر مجر أي جيش عظيم كثير العدد، انظر القاموس المحيط، ج 2 ص 135.
وقاتلتهم إذ قاتلوك بعزمة
…
كعزم رسول الله في عدوتى (1) بدر
وصلت عليهم صولة هاشمية
…
أذاقتهم كأسا أمّر من الصبر
تركتهم صرعى وأشلاء صيدهم
…
توزع بين النون والسيد والنسر (2)
وحق لمن قد قام في نصر دينه
…
بصدق يقين أن يؤيد بالنصر
رآك ولىّ الأمر كفؤا فزفها
…
اليك تهادى حين أغليت في المهر
فجاءتك بكرا وانثنت وهى ثيب
…
فأحسن بها في الدهر من ثيب بكر
فياوقعة أهدت إلى الناس كلهم
…
أمانا أعاد اليسر في موضع العسر
هنيئا لمن أصلى لواقح حزها
…
ليأمن يوم العرض من لهب الحر
فياليتنى لو كنت بين صفوفها
…
لينبىء في الهيجاء عن خبرى خبرى
أصول وخير الناس ينظر جرأتى
…
على الصف في الأقدام والكر والفر
لألقى بنحرى المشرفية (3) دونه
…
وأحطم صدر السمهرية (4) في الصدر
(1) في نسختى المخطوطة «غزوتى» والصيغة المثبتة من الفوائد الجلية، ص 141؛ وهناك عدوتان ببدر نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعدوة الشامية أما القرشيون فنزلوا بالعدوة اليمانية، والعدوة هى شاطىء الوادى وجانبه الصلب، انظر المقريزى، امتاع الأسماع، 79.
(2)
ورد في نسخة س «بين اليوم والسقر والتسرى» وهو تحريف، والصيغة المثبتة من نسخة ب وكذلك من الفوائد الجلية للملك الأمجد بن الملك الناصر داود، ص 141، والنون هو الحوت والسيد هو الذئب.
(3)
السيوف المشرفية نسبة إلى مشرف، مفرد المشارف وهى قرى قرب حوران تدنو من الريف، انظر ابن سيده، المخصص، السفر السادس، ص 25؛ ياقوت، معجم البلدان، ج 4، ص 536.
(4)
السمهرية نوع من الرماح، ذكر ياقوت (معجم البلدان، ج 3، ص 146)، أنها نسبت إلى قرية يقال لها سمهر بالحبشة، كما يقال للرمح الصلب السمهرى، انظر، ابن سيده، المخصص، السفر السادس، ص 33؛ الشرتونى، أقرب الموارد في فصح العربية والشوارد، ج 1، ص 545.
أروح بمحمر الدماء مضرجا (1)
…
لأغدو في الفردوس في حلل خضر (2)
وإن يك في العمر المنغص بقية
…
أرد متون البيض في قرب حمر
رفعت إلى الباب الكريم قصيدة
…
تنوب مناب العبد في الحمد والشكر
زهت فهى سلك العقد تم بهاؤه
…
بما نظمت يمناك من فاخر الدر
مدحتك أرجو أن أفوز برتبة
…
يزان بها شعرى ويعلو بها (3) قدرى
وإلا فمن جاء الكتاب بمدحه
…
لفى غنية منه (4) عن المدح بالشعر
وفى (5) هذه السنة، توجه من حماه الشيخ تاج الدين أحمد بن محمد بن نصر الله رسولا إلى السلطان الملك الناصر صاحب حلب، ليعقد العقد للسلطان الملك المنصور - قدس الله روحه - على ابنة خالته الصاحبة عصمة الدين عائشة خاتون ابنة الملك العزيز صاحب حلب، رحمه الله. فقدم إلى حلب وعقد العقد بقلعة حلب على صداق خمسين ألف دينار. وأوجب العقد من جهة الملك الناصر القاضى كمال الدين بن زين الدين بن الأستاذ رحمه الله قاضى حلب. وقبل العقد من جهة الملك المنصور الشيخ تاج الدين رحمه الله.
(1) في نسخة س «مضرج» وهو تحريف والصيغة الصحيحة المثبتة من نسخة ب ومن الفوائد الجلية، ص 142.
(2)
في نسخة س «بالحلل الخضر» والصيغة المثبتة من نسخة ب ومن الفوائد الجلية، ص 142.
(3)
في نسخة س «ويزهو» والصيغة المثبتة من نسخة ب ومن الفوائد الجلية ص 142.
(4)
في نسختى المخطوطة «عنه» والصيغة المثبتة من ديوان الفوائد الجلية، ص 142، ويقتضيها السياق والمعنى.
(5)
السطور التالية حتى نهاية حوادث السنة ساقطة من نسخة س ومثبتة في ب.