الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا ثلاث سنين وشهورا ثم توفى، وملك ولدها الملك العزيز ثم توفى. وتصرفت تصرف السلاطين، وقامت بالملك أحسن قيام، لصغر ابن ابنها الملك الناصر.
وكانت مدة عمرها نحو تسع وخمسين سنة. وقامت بتدبير المملكة نحو ست سنين.
ذكر سيرتها رحمها الله
كانت عادلة في الرعية، كثيرة الإحسان والتحنن عليهم، والشفقة بهم.
أزالت المظالم والمكوس في جميع بلاد حلب، وكانت تؤثر الفقراء والزهاد والعلماء وأهل الدين، وتحمل إليهم الصلات الكثيرة. ولم تزل صدقاتها دارة وإحسانها واصلا إلى كل من يفد إلى بابها. وما قصدها أحد إلا رجع مجبرا مجبورا.
ذكر استقلال السلطان الملك الناصر صلاح الدين
يوسف بن الملك العزيز صاحب حلب بالسلطنة
ولما توفيت جدة الملك الناصر، أشهد على نفسه بالبلوغ، وكانت سنه يومئذ نحو ثلاث عشرة سنة. فأمر ونهى، وقطع ووصل. وجلس في دار العدل لكشف المظالم، وصار يجلس كل اثنين وخميس، والإشارة والرأى إلى الأمير جمال الدولة إقبال الخاتونى (1)، والوزير القاضى الأكرم جمال الدين بن القفطى (2). ثم أن الخوارزمية تجمعوا هم والتركمان، وعاثوا في الشرق. فخرج عسكر حلب ومقدمهم الأمير جمال
(1) كذا في المتن وفى ابن العديم، زبدة الحلب، ج 3، ص 266، وابن أيبك، الدر المطلوب ص 351، بينما ورد الاسم «جمال الدين إقبال الأسود الخصى الخاتونى» في بعض المصادر، انظر أبو الفدا، المختصر، ج 3، ص 171؛ المقريزى، السلوك، ج 1، ص 311؛ العينى، عقد الجمان، حوادث سنة 640 هـ.
(2)
عن الوزير جمال الدين بن القفطى صاحب كتاب «إخبار العلماء بأخبار الحكماء» انظر ما سبق ابن واصل، ج 4، ص 312 وحاشية 6.
الدولة إقبال الخاتونى وذلك في جمادى الآخرة. وساروا وخيموا في رأس عين، فتجمعت الخوارزمية، وانضووا إلى الملك السعيد نجم الدين غازى صاحب ماردين، واحتموا بالجبل. ووصل عسكر حلب ونزل قبالتهم [39 ب] تحت الجبل، وخندقوا حولهم، وجرت بينهم وقعات.
وتضرر عسكر حلب بالمقام لقلة العلوفة، إلى أن ورد الأمير شمس الدين الأصفهانى، نائب المملكة ببلاد الروم، رسولا من السلطان غياث الدين إلى الملك المظفر شهاب الدين غازى، وإلى الملك السعيد نجم الدين صاحب ماردين، وإلى الخوارزمية. وأصلح بينهم على أن يعطى الملك السعيد رأس عين، ويعطى الخوارزمية خرتبرت وشىء من البلاد، والملك المظفر [غازى (1)] خلاط وبلادها.
وكان السبب الذى دعا غياث الدين إلى هذه المراسلة ما سنذكره من خروج التتر. فلم يتم للخوارزمية والملك المظفر ما ارضوا به لما سنذكر من كسر التتر لغياث الدين. وحصل الملك السعيد صاحب ماردين على رأس عين.
ورحلت العساكر الحلبية ومعهم شمس الدين الأصفهانى نائب الروم إلى حلب.
فدخلوها في شوال من هذه السنة. وورد مع نائب الروم أموال عظيمة يستخدم بها العساكر للقاء التتر. وطلب شمس الدين الأصفهانى النائب من الملك الناصر صاحب حلب نجدة إليه، ليلقى بهم التتر. فسيرت إليه نجدة مقدمها الأمير ناصح الدين الفارسى، وكان ذلك في ذى الحجة من هذه السنة.
(1) ما بين الحاصرتين للتوضيح من ابن العديم، زبدة الحلب، ج 3، ص 267.