المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر تسليم الشقيف وصفد إلى الفرنج - مفرج الكروب في أخبار بني أيوب - جـ ٥

[ابن واصل]

فهرس الكتاب

- ‌«الْجُزْء الْخَامِس»

- ‌مقدمة

- ‌تنويه

- ‌ ودخلت سنة تسع وعشرين وستمائة

- ‌ذكر مسير السلطان الملك الكاملمن الديار المصرية إلى الشرق

- ‌[ذكر الوصلة بين الملك الناصر داودابن الملك المعظم وعمه الملك الكامل]

- ‌ذكر رحيل الملك الصالح نجم الدين أيوبابن الملك الكامل إلى الشرق ومقامه به

- ‌ذكر استيلاء السلطان الملك الكامل على آمد وبلادها

- ‌ودخلت سنة ثلاثين وستمائة

- ‌ذكر رجوع السلطان الملك الكامل إلى الديار المصرية

- ‌ذكر سيرة مظفر الدين رحمه الله

- ‌ودخلت سنة إحدى وثلاثين وستمائة

- ‌ذكر وفاة الأتابك شهاب الدين طغريل رحمه الله

- ‌ذكر مسير السلطان الملك الكامل من الديار المصريةلقصد الدخول إلى مملكة الروم

- ‌ذكر رحيل السلطان الملك الكامل إلى السويداء ونزوله بها، وما جرى للملك المظفر صاحب حماة وبعض العسكر الكاملى بخرتبرت

- ‌ذكر استيحاش الملك الكامل من ابن أخيه الملك الناصر داود بن الملك المعظم

- ‌[ذكر بناء قلعة المعره

- ‌ودخلت سنة اثنتين وثلاثين وستمائة

- ‌ذكر رجوع السلطان الملك الكامل إلى الديار المصرية والملوك إلى بلادهم

- ‌ذكر وفاة القاضى بهاء الدين بن شدادرحمه الله تعالى

- ‌ذكر قدوم السلطان الملك المظفرصاحب حماه إلى حماه ومولد ولده مولانا السلطان الملكالمنصور ناصر الدين أبى المعالى محمد قدس الله روحه

- ‌ذكر استيلاء السلطان علاء الدين سلطان الرومعلى حران والرها من بلاد السلطان الملك الكاملوخلاط من بلاد الملك الأشرف

- ‌ودخلت سنة ثلاث وثلاثين وستمائة

- ‌ذكر توجه الملك الناصر داود بن الملك المعظم[إلى بغداد واعتضاده بالخليفة المستنصر بالله رحمه الله

- ‌ذكر مسير السلطان الملك الكامل من الديار المصرية إلى الشرق واستعادة حران والرها من نواب سلطان الروم

- ‌ذكر عود السلطان الملك الكامل إلى دمشق واستقراره بها إلى آخر السنة

- ‌ذكر قدوم الملك الناصر من بغداد إلى دمشق مع رسول الخليفة ثم مسيره إلى الكرك

- ‌ودخلت سنة أربع وثلاثين وستمائة

- ‌ذكر رجوع الملك الكامل إلى الديار المصرية

- ‌ذكر وفاة الملك العزيز غياث الدين محمد بن الملك الظاهرصاحب حلب رحمه الله

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر تمليك الملك الناصر صلاح الدين أبى المظفر يوسفحلب بعد ابيه الملك العزيز رحمهما الله

- ‌ذكر اتفاق الملوك على مباينة الملك الكامل

- ‌ذكر مسير الملك الناصر داود بن الملك المعظمإلى الديار المصرية واتفاقه مع عمه السلطان الملك الكامل

- ‌ذكر الوقعة بين عسكر السلطان الملك الناصرصاحب حلب والفرنج

- ‌ذكر استيلاء الملك الصالح عماد الدين اسماعيلبعد وفاة السلطان الملك الأشرفابن الملك العادل على دمشق

- ‌ذكر مسير السلطان الملك الكاملإلى دمشق واستيلائه عليها وتعويضهالملك الصالح عنها بعلبك

- ‌ذكر استيلاء السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوبابن الملك الكامل على سنجار ونصيبين والخابور

- ‌ذكر سيرة رحمه الله [تعالى

- ‌ذكر استيلاء الملك الجواد مظفر الدين يونسابن مودود بن الملك العادل على دمشق

- ‌ذكر منازلة عسكر حلب قلعة المعرّةوتملكها والاستيلاء على المعرّة وبلدها

- ‌ذكر منازلة عسكر حلب لحماة وحصارها

- ‌ذكر محاصرة بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصلالملك الصالح نجم الدين وهو بسنجار ثم هزيمة بدر الدين لؤلؤ

- ‌ذكر إيقاع الخوارزمية بعسكر سلطان الروم

- ‌ذكر إقامة الخطبة بحلب للسلطان غياث الدين سلطان الروم

- ‌ذكر رجوع العسكر الحلبى المحاصر لحماة إلى حلب

- ‌ذكر قدوم عماد الدين بن شيخ الشيوخإلى دمشق ومقتله رحمه الله

- ‌ذكر منازلة الخوارزمية والملك المظفر حمص ثم رحيلهم عنها

- ‌[ذكر بقية حوادث هذه السنة

- ‌ودخلت سنة سبع وثلاثين وستمائة

- ‌ذكر ما اعتمده الملك الصالح عماد الدينإسماعيل بن الملك العادل من التدبير إلىأن تم له ما أراد من تملك دمشق

- ‌ذكر قبض الملك المجاهد أسد الدينصاحب حمص على الأمير سيف الدين بن أبى علىومن معه من الأمراء وأكابر أهل حماة

- ‌ذكر استيلاء الملك الصالح عماد الدين إسماعيلابن الملك العادل على دمشق وهو استيلاؤه الثانى عليها

- ‌ذكر استيلاء بدر الدين لؤلؤصاحب الموصل على سنجار

- ‌ذكر وفاة الملك المجاهد صاحب حمص

- ‌ذكر سيرته رحمه الله [تعالى

- ‌ذكر إستيلاء الملك المنصور إبراهيمابن الملك المجاهد على حمص وبلادها

- ‌ذكر القبض على الملك العادل بن الملك الكامل ببلبيس

- ‌ودخلت سنة ثمان وثلاثين وستمائة

- ‌ذكر القبض على أيبك الأسمروالمماليك الأشرفية وغيرهم من الخدام الكبار

- ‌ذكر الوقعة التي كسر فيها الخوارزميةعسكر حلب

- ‌ذكر ما جرى من الخوارزمية من العيث والفسادبعد كسرهم عسكر حلب إلى أن رجعوا

- ‌ذكر وصول الملك المنصور إبراهيم بن الملك المجاهدأسد الدين صاحب حمص لنصرة الحلبيين

- ‌ذكر دخول الخوارزمية إلى الشام ثانيا وما فعلوه من العيث والفساد

- ‌ذكر استيلاء السلطان غياث الدين كيخسرو سلطان الروم على آمد

- ‌ذكر ما آل إليه أمر الملك الجواد مظفر الدين يونس بن الملك العادل رحمه الله

- ‌ودخلت سنة تسع وثلاثين وستمائة

- ‌ذكر الوقعة بين كمال الدين بن شيخ الشيوخ والملك الناصر بن الملك المعظم

- ‌ذكر تسليم الشقيف وصفد إلى الفرنج

- ‌ذكر اتفاق الخوارزمية مع الملك المظفرشهاب الدين غازى بن الملك العادل صاحب ميافارقينوما تجدد من أحوالهم في هذه السنة

- ‌ذكر مرض الملك المظفر صاحب حماه

- ‌ذكر وفاة الملك الحافظ نور الدينأرسلان شاه بن الملك العادل رحمه الله

- ‌ودخلت سنة أربعين وستمائة

- ‌ذكر خروج التتر إلى أطراف الروم

- ‌ذكر كسرة الملك المظفر والخوارزمية

- ‌ذكر سيرتها رحمها الله

- ‌ذكر استقلال السلطان الملك الناصر صلاح الدينيوسف بن الملك العزيز صاحب حلب بالسلطنة

- ‌ذكر وفاة الخليفة المستنصر بالله أمير المؤمنينرحمه الله

- ‌ذكر خلافة الامام المستعصم بالله أمير المؤمنينرحمه الله

- ‌ودخلت سنة إحدى وأربعين وستمائة

- ‌ذكر دخول التتر بلاد الروموكسرهم غياث الدين وعسكره

- ‌ذكر وقوع الإتفاق بين السلطان الملك الصالح نجم الدينوبين عمه الملك الصالح وصاحب حمص

- ‌ذكر اتفاق الملك الصالح صاحب دمشق والملك المنصور صاحب حمص والملك الناصر داود مع الفرنج وتسليم القدس وطبرية وعسقلان إليهم

- ‌ودخلت سنة اثنتين وأربعين وستمائة

- ‌ذكر وصول الخوارزمية إلى غزة واستنقاذهمالقدس من الفرنج وما فعلوه في طريقهم

- ‌ذكر كسرة الملك المنصور صاحب حمصوعسكر دمشق والكرك والفرنج على غزة

- ‌ذكر منازلة عسقلان والفرنج الذين بها

- ‌ذكر خروج الصاحب معين الدين بن شيخ الشيوخ في العساكر المصرية إلى الشام ومنازلته دمشق

- ‌ذكر وفاة الملك المظفر تقى الدين محمود صاحب حماه رحمه الله

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر استيلاء مولانا السلطان المنصور ناصر الدينأبى المعالى محمد بن الملك المظفر على مملكة والده- قدس الله روحه - وخلد ملك ولدهمولانا ومالك رقنا السلطان الملك المظفر تقى الدينبالخلف الصالح عن آبائه الأكرمين

- ‌ذكر وفاة الملك المظفر شهاب الدين غازىوالملك المغيث بن السلطان الملك الصالح

- ‌ودخلت سنة ثلاث وأربعين وستمائة

- ‌ذكر استيلاء السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوبعلى دمشق وهو استيلاؤه الثانى عليها

- ‌ذكر خروج الخوارزمية عن طاعة السلطان الملك الصالح نجم الدين

- ‌ذكر وصول التقليد والتشريف من الخليفةالمستعصم بالله إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب

- ‌ذكر منازلة الخوارزمية والملك الصالحعماد الدين اسماعيل دمشق ومضايقتها

- ‌ودخلت سنة أربع وأربعين وستمائة

- ‌ذكر كسرة الخوارزمية وتبدد شملهمومقتل حسام الدين بركة خان مقدمهم

- ‌ذكر وفاة الملك المنصور صاحب حمصرحمه الله

- ‌ذكر سيرته رحمه الله [تعالى

- ‌ذكر استيلاء الملك الأشرفموسى بن الملك المنصور على حمص [وبلادها

- ‌ودخلت سنة خمس وأربعين وستمائة

- ‌ذكر مسير السلطان إلى الشاملفتح عسقلان وطبريه

- ‌ذكر خروج العساكر المصرية إلى الشاملإنجاد الملك الأشرف صاحب حمص

- ‌ذكر وفاة الملك العادل بن الملك الكامل

- ‌ذكر سيرته رحمه الله [تعالى]

- ‌المصادر والمراجع المذكورة في حواشىالجزء الخامس من كتاب مفرج الكروب

- ‌أولا: المصادر العربية

- ‌ثانيا: المراجع العربية والمترجمة

- ‌ثالثا: المراجع الأوربية

الفصل: ‌ذكر تسليم الشقيف وصفد إلى الفرنج

عماد الدين بن شيخ الشيوخ لقتال الملك الناصر داود بن الملك المعظم، وذلك لانحرافه عنه، واتفاقه مع عمه الملك الصالح [عماد الدين إسماعيل (1)] صاحب دمشق عليه. فقدم كمال الدين بذلك العسكر إلى بلاد الملك الناصر. وجمع الملك الناصر جمعا كثيرا، والتقوا في جبل القدس، واقتتلوا. فانكسر عسكر مصر وأخذ [35 ب] الملك الناصر كمال الدين أسيرا، وأسر جماعة من أصحابه وهرب الباقون.

فمنّ الملك الناصر [داود (2)] على كمال الدين والمأسورين معه، وأطلقهم فرجعوا إلى الديار المصرية. وتوفى كمال الدين رحمه الله بعد رجوعه بقليل. ولم يبق من أولاد الشيخ غير الصاحب معين الدين، وأخيه الأمير فخر الدين (3).

‌ذكر تسليم الشقيف وصفد إلى الفرنج

الشقيف وصفد من جملة الفتوح الناصرية الصلاحية، وهما من أمنع الحصون وأحصنها. وقد ذكرنا (4) في أخبار السلطان الملك الناصر صلاح الدين، رحمه الله، أنه أتعب نفسه، وأسهر ليله في منازلة صفد حتى فتحها في سنة أربع وثمانين وخمسمائة، وهو حصن في غاية العلو والارتفاع، مطل على عكا وبلاد الغور. وشقيف أرنون حصن منيع لا يرام.

ولما وقع الخلف بين الملك الصالح نجم الدين وعمه الملك الصالح [عماد الدين إسماعيل (5)] على ما ذكرناه. وكان الملك الصالح إسماعيل خائفا من الملك الصالح

(1) ما بين الحاصرتين للتوضيح.

(2)

ما بين الحاصرتين للتوضيح.

(3)

عن أولاد الشيخ، انظر ما سبق، ابن واصل، ج 4، ص 91 حاشية 3.

(4)

انظر ما سبق، ابن واصل، ج 2، ص 272.

(5)

ما بين الحاصرتين للتوضيح.

ص: 301

نجم الدين غاية الخوف لما كان أسلفه في حقه من أخذ دمشق منه بعد أن صالحه وحلف له وتوثق منه، وما كان من اعتقاله لولده الملك المغيث، حمله ذلك على أن اعتضد بالفرنج عليه، وطلب منهم مساعدته فأبوا أن يجيبوه إلى ما طلب، إلا بأن يسلم إليهم الشقيف وصفد. فسلم إليهم الحصنين المذكورين (1).

وكانت صفد قد خربت قبل ذلك. فلما تسلمتها الفرنج بنتها، وصار هذان الحصنان جمرتى بلاء. فعظم بذلك الضرر على المسلمين جدا، واشتد إنكارهم لما فعل، واستعظموه.

وكان الشيخ عبد العزيز بن عبد السلام (2) رحمه الله من الأئمة المبرزين في علم الشافعى رحمه الله لم يكن في عصرنا من يعدله فيه وفى علم التفسير.

وكان صالحا زاهدا ورعا لا يأخذه في الله لومة لائم، وكان خطيب جامع دمشق.

فأنكر هذا الأمر غاية الإنكار، وبسط لسانه فيه. وساعده على ذلك الشيخ جمال الدين أبو عمرو بن الحاجب المالكى (3)، وكان [36 ا] إماما في مذهب

(1) انظر أيضا عن تسليم صفد والشقيف للفرنج، ابن أيبك، الدر المطلوب، ص 347.

(2)

هو شيخ الإسلام عز الدين أبو محمد السلمى الدمشقى الشافعى، أحد الأئمة الأعلام وإمام عصره، لقبه تلميذه شيخ الإسلام ابن دقيق العيد بلقب «سلطان العلماء» ، انظر ترجمته في: السبكى، طبقات الشافعية الكبرى، ج 5، ص 80 - 107؛ الكتبى، فوات الوفيات، ج 1، ص 594 - 596؛ العماد الحنبلى، شذرات الذهب، ج 5، ص 301 - 302؛ ابن تغرى بردى، المنهل الصافى، ج 3، ق 650 - 652.

(3)

هو جمال الدين أبو عمرو عثمان بن عمر بن أبى بكر الإسنائى المعروف بابن الحاجب، ولد بإسنا سنة 570 هـ، وكان والده حاجبا للأمير عز الدين موسك الصلاحى. اشتغل في صغره بالقاهرة ولزم الاشتغال حتى برع في الأصول والعربية، وكان الأغلب عليه النحو. توفى بالإسكندرية سنة 646 هـ، انظر ترجمته في: ابن خلكان، وفيات الأعيان، ط. القاهرة 1948، ج 2، ص 413 - 414؛ الإدفوى، الطالع السعيد، ص 352 - 357؛ ابن تغرى بردى، المنهل الصافى، ج 4، ق 44 - 47؛ النجوم الزاهرة، ج 6، ص 360؛ العينى، عقد الجمان، حوادث 646 هـ.

ص: 302

مالك بن أنس رحمه الله ومبرزا في علم العربية والقراءات السبع والأصول.

وأكثرا من التشنيع على الملك الصالح فيما فعل. وأغضب ذلك الملك الصالح، ففارقا دمشق. فمضى جمال الدين بن الحاجب إلى الكرك، فأقام عند الملك الناصر داود مدة. وأقبل عليه الملك الناصر وأحسن إليه. ثم سافر إلى الديار المصرية فأقام بها إلى أن مات.

وأما الشيخ عز الدين بن عبد السلام، فإنه مضى إلى الديار المصرية، فأقبل عليه الملك الصالح وتلقاه بالإكرام العظيم والاحترام التام لفضيلته، ولما صدر منه من التشنيع على الملك الصالح إسماعيل. واتفقت وفاة القاضى شرف الدين بن عين الدولة قاضى القاهرة وما معها من الوجه القبلى. فنقل السلطان الملك الصالح القاضى بدر الدين يوسف بن الحسن المعروف بقاضى سنجار إلى القاهرة، وولاه قضاءها مع الوجه البحرى. وولى الشيخ عز الدين بن عبد السلام قضاء مصر [وما معها من الوجه القبلى والخطابة بجامع مصر (1)].

واتفق أن بعض غلمان الصاحب معين الدين بن شيخ الشيوخ - وزير الملك الصالح - بنى على سطح بعض المساجد بمصر بنيانا، وجعل فيه طبلخاناة معين الدين (2). وبلغ ذلك الشيخ عز الدين فأنكره، ومضى بنفسه وأولاده فهدم ذلك البناء، وأمر بنقل ما على سطح ذلك المسجد وتفريغه مما فيه. وعلم الشيخ

ص: 303