الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عماد الدين بن شيخ الشيوخ لقتال الملك الناصر داود بن الملك المعظم، وذلك لانحرافه عنه، واتفاقه مع عمه الملك الصالح [عماد الدين إسماعيل (1)] صاحب دمشق عليه. فقدم كمال الدين بذلك العسكر إلى بلاد الملك الناصر. وجمع الملك الناصر جمعا كثيرا، والتقوا في جبل القدس، واقتتلوا. فانكسر عسكر مصر وأخذ [35 ب] الملك الناصر كمال الدين أسيرا، وأسر جماعة من أصحابه وهرب الباقون.
فمنّ الملك الناصر [داود (2)] على كمال الدين والمأسورين معه، وأطلقهم فرجعوا إلى الديار المصرية. وتوفى كمال الدين رحمه الله بعد رجوعه بقليل. ولم يبق من أولاد الشيخ غير الصاحب معين الدين، وأخيه الأمير فخر الدين (3).
ذكر تسليم الشقيف وصفد إلى الفرنج
الشقيف وصفد من جملة الفتوح الناصرية الصلاحية، وهما من أمنع الحصون وأحصنها. وقد ذكرنا (4) في أخبار السلطان الملك الناصر صلاح الدين، رحمه الله، أنه أتعب نفسه، وأسهر ليله في منازلة صفد حتى فتحها في سنة أربع وثمانين وخمسمائة، وهو حصن في غاية العلو والارتفاع، مطل على عكا وبلاد الغور. وشقيف أرنون حصن منيع لا يرام.
ولما وقع الخلف بين الملك الصالح نجم الدين وعمه الملك الصالح [عماد الدين إسماعيل (5)] على ما ذكرناه. وكان الملك الصالح إسماعيل خائفا من الملك الصالح
(1) ما بين الحاصرتين للتوضيح.
(2)
ما بين الحاصرتين للتوضيح.
(3)
عن أولاد الشيخ، انظر ما سبق، ابن واصل، ج 4، ص 91 حاشية 3.
(4)
انظر ما سبق، ابن واصل، ج 2، ص 272.
(5)
ما بين الحاصرتين للتوضيح.
نجم الدين غاية الخوف لما كان أسلفه في حقه من أخذ دمشق منه بعد أن صالحه وحلف له وتوثق منه، وما كان من اعتقاله لولده الملك المغيث، حمله ذلك على أن اعتضد بالفرنج عليه، وطلب منهم مساعدته فأبوا أن يجيبوه إلى ما طلب، إلا بأن يسلم إليهم الشقيف وصفد. فسلم إليهم الحصنين المذكورين (1).
وكانت صفد قد خربت قبل ذلك. فلما تسلمتها الفرنج بنتها، وصار هذان الحصنان جمرتى بلاء. فعظم بذلك الضرر على المسلمين جدا، واشتد إنكارهم لما فعل، واستعظموه.
وكان الشيخ عبد العزيز بن عبد السلام (2) رحمه الله من الأئمة المبرزين في علم الشافعى رحمه الله لم يكن في عصرنا من يعدله فيه وفى علم التفسير.
وكان صالحا زاهدا ورعا لا يأخذه في الله لومة لائم، وكان خطيب جامع دمشق.
فأنكر هذا الأمر غاية الإنكار، وبسط لسانه فيه. وساعده على ذلك الشيخ جمال الدين أبو عمرو بن الحاجب المالكى (3)، وكان [36 ا] إماما في مذهب
(1) انظر أيضا عن تسليم صفد والشقيف للفرنج، ابن أيبك، الدر المطلوب، ص 347.
(2)
هو شيخ الإسلام عز الدين أبو محمد السلمى الدمشقى الشافعى، أحد الأئمة الأعلام وإمام عصره، لقبه تلميذه شيخ الإسلام ابن دقيق العيد بلقب «سلطان العلماء» ، انظر ترجمته في: السبكى، طبقات الشافعية الكبرى، ج 5، ص 80 - 107؛ الكتبى، فوات الوفيات، ج 1، ص 594 - 596؛ العماد الحنبلى، شذرات الذهب، ج 5، ص 301 - 302؛ ابن تغرى بردى، المنهل الصافى، ج 3، ق 650 - 652.
(3)
هو جمال الدين أبو عمرو عثمان بن عمر بن أبى بكر الإسنائى المعروف بابن الحاجب، ولد بإسنا سنة 570 هـ، وكان والده حاجبا للأمير عز الدين موسك الصلاحى. اشتغل في صغره بالقاهرة ولزم الاشتغال حتى برع في الأصول والعربية، وكان الأغلب عليه النحو. توفى بالإسكندرية سنة 646 هـ، انظر ترجمته في: ابن خلكان، وفيات الأعيان، ط. القاهرة 1948، ج 2، ص 413 - 414؛ الإدفوى، الطالع السعيد، ص 352 - 357؛ ابن تغرى بردى، المنهل الصافى، ج 4، ق 44 - 47؛ النجوم الزاهرة، ج 6، ص 360؛ العينى، عقد الجمان، حوادث 646 هـ.
مالك بن أنس رحمه الله ومبرزا في علم العربية والقراءات السبع والأصول.
وأكثرا من التشنيع على الملك الصالح فيما فعل. وأغضب ذلك الملك الصالح، ففارقا دمشق. فمضى جمال الدين بن الحاجب إلى الكرك، فأقام عند الملك الناصر داود مدة. وأقبل عليه الملك الناصر وأحسن إليه. ثم سافر إلى الديار المصرية فأقام بها إلى أن مات.
وأما الشيخ عز الدين بن عبد السلام، فإنه مضى إلى الديار المصرية، فأقبل عليه الملك الصالح وتلقاه بالإكرام العظيم والاحترام التام لفضيلته، ولما صدر منه من التشنيع على الملك الصالح إسماعيل. واتفقت وفاة القاضى شرف الدين بن عين الدولة قاضى القاهرة وما معها من الوجه القبلى. فنقل السلطان الملك الصالح القاضى بدر الدين يوسف بن الحسن المعروف بقاضى سنجار إلى القاهرة، وولاه قضاءها مع الوجه البحرى. وولى الشيخ عز الدين بن عبد السلام قضاء مصر [وما معها من الوجه القبلى والخطابة بجامع مصر (1)].
واتفق أن بعض غلمان الصاحب معين الدين بن شيخ الشيوخ - وزير الملك الصالح - بنى على سطح بعض المساجد بمصر بنيانا، وجعل فيه طبلخاناة معين الدين (2). وبلغ ذلك الشيخ عز الدين فأنكره، ومضى بنفسه وأولاده فهدم ذلك البناء، وأمر بنقل ما على سطح ذلك المسجد وتفريغه مما فيه. وعلم الشيخ
(1) ما بين الحاصرتين مذكور بالهامش.
(2)