الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم بعد مدة سير السلطان الملك الكامل خلعة للملك الناصر بغير مركوب، وسير عدة خلع لأمراء الدولة، وسير مع رسول آخر خلعة للملك الصالح بن الملك الظاهر صاحب عين تاب على أن يمضى بالخلعة (1) إليه إلى عين تاب [195 ب] فاستشعرت الصاحبة وأرباب الدولة من ذلك. وحصل عند الصاحبة وحشة [عظيمة (2)] من أخيها الملك الكامل بسبب ذلك؛ فاتفق رأى الجماعة على أن لبس الملك الناصر خلعة الملك الكامل، ولم يخلع على أحد من الأمراء شيء مما سير إليهم، وردوا الرسول الوارد إلى الملك الصالح بخلعته، ولم يمكنوه من الوصول إليه. واستحكمت الوحشة في قلوبهم من الملك الكامل (3).
ذكر اتفاق الملوك على مباينة الملك الكامل
قد ذكرنا استيحاش الملوك من الملك الكامل لما قصد بلاد الروم. (4) ولما كانت هذه السنة وجرى ما ذكرناه من موت الملك العزيز [صاحب حلب](5) وما جرى من الملك الكامل من إشارته بتقديم الملك الصالح بن الملك الظاهر على عسكر حلب، وإنفاذ الخلع إلى الأمراء بها، واستيحاش [الصاحبة](6) والدة الملك العزيز [وأرباب الدولة (7)] من ذلك، راسل السلطان الملك الأشرف أخته الصاحبة بحلب [والجماعة (8)] على أن تكون كلمتهم واحدة على الملك الكامل، وأنهم يتفقون على منعه من
(1) في نسخة م «على أن يمضى الخلعة» ، والصيغة المثبتة من س.
(2)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.
(3)
عن هذه الوحشة انظر أيضا، ابن العديم، زبدة الحلب، ج 3، ص 226؛ المقريزى، السلوك، ج 1، ص 254.
(4)
انظر ما سبق ص 77
(5)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في م.
(6)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في م.
(7)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة م ومثبت في س.
(8)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في م.
النزول إلى الشام، وأن يقتصر على الديار المصرية، وعلى أن يكاتبوا السلطان علاء الدين [كيقباذ](1) صاحب الروم ليكون معهم على ذلك.
وكان المؤكد لهذا الأمر عند الملك الأشرف والمحسّن له أن يباين أخاه الملك الكامل بعد ما كان بينهما من الاتفاق العظيم، أنه تتابعت عليه من أخيه الملك الكامل أفعال كثيرة أوجبت ضيق صدره، وكان يغض على نفسه (2) ويحتملها؛ من ذلك أنه أخذ منه بلاده الشرقية حين أعطاه مدينة دمشق (3)، وأخذ من مضافات (4) دمشق مواضع متعددة. [واتفق مع ذلك ما ذكرنا (5) من استيلاء علاء الدين سلطان الروم على بلاد خلاط منه وهى مملكة عظيمة تقارب مملكة مصر (6)]. فضاق ما بيد الملك الأشرف جدا (7). وكان الملك الكامل ينزل
(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.
(2)
في نسخة س «وكان يعرض على نفسه» ، ولعله تصحيف والصيغة المثبتة من نسخة م، وكذلك ابن العديم (زبدة الحلب، ج 3، ص 226)، وورد هذا الخبر مختصرا في المقريزى، السلوك، ج 1 ص 254.
(3)
في نسخة س «من ذلك أنه أخذ من بلاده الشرقية حين أعطاه مدينة دمشق شىء كثير» ، والصيغة المثبتة من م.
(4)
في نسخة س «مناصفات» وهو تصحيف والصيغة المثبتة من م.
(5)
انظر ما سبق ص 98.
(6)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في م.
(7)
ذكر ابن أيبك الدوادارى (الدر المطلوب، ج 7 ص 317 - 318) معلومات هامة عن أسباب الخلف بين الأشرف والكامل هى: (وفيها وقع الخلف بين الأشرف والسلطان الكامل؛ وذلك أن الملك الأشرف استخدم الخوارزمية الذين كانوا في عسكر السلطان جلال الدين وقويت شوكته، فسير طلب من السلطان الرقة. وكان الملك الكامل لما عزم على أخذ الروم قال أسد الدين صاحب حمص للأشرف: «متى أخذ الروم تعبنا به، وبقينا بين يديه يقلبنا كيف شاء»، فاتفقا عليه. وفهم الكامل منهما ذلك فعجل في عودته إلى مصر حسبما تقدم من الكلام وبعث الأشرف يقول له: «أخذت الشرق منى وأعطيته لولدك وقد افتقرت، وايش هى دمشق إلا بستان ومالى فيها رزق». فبعث إليه الكامل بعشرة آلاف دينار فردها الأشرف عليه وقال: «أنا أعطى هذه لأمير عندى». فغضب الكامل وقال: «إيش يعمل الأشرف بالملك؟ تكفيه عشرته للمغانى وتعليمه صناعتهم». فبلغ ذلك الأشرف فقال: «والله لأعرفنه قدره») انظر أيضا سبط ابن الجوزى، مرآة الزمان، ج 8، ص 463.
في كل سنة إلى دمشق في عبوره إلى الشرق ورجوعه منه فيقيم بدمشق مدة ويحتاج الملك الأشرف في ضيافته وضيافة أصحابه إلى جملة كثيرة. وقبض أيضا [196 ا] الملك الكامل على أملاك الملك الأشرف التي بحران والرقة والرها وسروج ورأس عين وعلى جميع أملاكه التي ملكها بتلك البلاد. وفتح [الملك الكامل (1)] آمد وهو في صحبته ولها بلاد كثيرة وهى مملكة واسعة، فلم يطلق له منها شيئا، وخذله في انتزاع سلطان الروم [بعض ممالك (2)] خلاط منه فلم ينصره عليه ولم يعاضده. فلهذا وأشباهه مضافا إلى ما كان بلغه وقت دخول الدربند [ببلاد الروم](3) عنه من انتزاع الشام من الجماعة [ملوك البيت الأيوبى (4)] وتعويضهم ما يملكه (5) من بلاد الروم قوى عزمه على منابذته والممالأة عليه.
وكان الملك المجاهد أسد الدين شير كوه - صاحب حمص - من أشد الجماعة موافقة على ذلك وقياما فيه، لكن الملك المظفر - صاحب حماة - كان مائلا إلى خاله الملك الكامل لأنه الذى ملّكه حماة [بعد انتزاعها من أخيه الملك الناصر (6)] وصاهره [وأذن له بعد ذلك في انتزاع بعرين منه](7). فاتفق (8) الملك الأشرف والملك المجاهد والحلبيون على أن يستميلوه (9) إليهم إذ لا يتم غرضهم بخروجه عنهم، وأنه إن لم يوافقهم حاربوه. فتوسط الملك المجاهد [صاحب حمص (10)] بينه وبين
(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.
(2)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.
(3)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.
(4)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.
(5)
في نسخة س «ما ملكه» والصيغة المثبتة من م.
(6)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في م.
(7)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في م.
(8)
في نسخة س «فاتفقوا على أن. . .» ؛ والصيغة المثبتة من م.
(9)
أي الملك المظفر صاحب حماة.
(10)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.
الملك الأشرف، ولم يزل به إلى أن أجاب إلى الاتفاق معهم خوفا منهم على بلاده، وهو في الباطن مع الملك الكامل. فألزمه الملك المجاهد أن يمضى إلى دمشق ويجتمع بالملك الأشرف ويحلف له. فأجاب الملك المظفر إلى ذلك، وسار إلى دمشق، واجتمع بالملك الأشرف وحلف له، ثم رجع إلى حماة. وانتظمت كلمة الكل على ذلك.
وبينما هم يبرمون (1) هذه القاعدة، [وقد سيروا رسلا إلى علاء الدين ليحلف لهم وتصير كلمتهم واحدة (2)] إذ وقع من الاتفاق موت السلطان علاء الدين في أول شوال (3) من هذه السنة، وقام ولده غياث الدين كيخسرو بن كيقباذ في الملك مقامه (4).
[وكان الرسول من جهة الملك الأشرف القاضى شمس الدين الخويى (5) قاضى دمشق، رحمه الله، ومن جهة الملك المظفر صاحب حماة الشيخ شرف الدين عبد العزيز محمد الأنصارى؛ ومن الحلبيين الصاحب كمال الدين عمر بن أبى جرادة المعروف بابن العديم. ومات علاء الدين قبل اجتماعهم فاجتمعوا بالسلطان غياث الدين [196 ب] كيخسرو بن علاء الدين كيقباذ، فأدوا الرسالة إليه واستحلفوه على القاعدة التي وقع الاتفاق عليها. وكان تحليف كمال الدين له في ذى القعدة من هذه السنة] (6).
(1) في نسخة س «يرتبون» ، والصيغة المثبتة من م.
(2)
ما بين الحاصرتين من نسخة م وساقط من س.
(3)
كذا في نسختى المخطوطة وفى المقريزى (السلوك، ج 1 ص 254)«سابع شوال» .
(4)
وردت الجملة مع بعض الاختلاف في نسخة س، والصيغة المثبتة من م.
(5)
انظر ما سبق ص 39 وحاشية 3.
(6)
ما بين الحاصرتين من نسخة م وورد في نسخة س مختصرا: «فاتفقوا على أن يسيروا من يستحلفه على الموافقة معهم على ما اتفقوا عليه» وذكر ابن العديم (زبدة الحلب، ج 3، ص 232): «وسيرت رسولا إلى ابنه غياث الدين كيخسرو القائم في الملك بعده بالتعزية وتجدد الأيمان عليه على القاعدة التي كانت مع أبيه، فخلفته على ذلك في ذى القعدة» .