الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
داود، واتفق معه على حرب الملك الصالح نجم الدين. وكذلك رجع الحلبيون وصاحب حمص عن الملك الصالح نجم الدين. وصارت كلمة الكل واحدة.
ورجع ناصح الدين الفارسى رسول الملك الناصر صاحب حلب. واعتقل الملك الصالح نجم الدين جلال الدين الخلاطى. ومنع القاضى عماد الدين بن القطب عن الرجوع إلى صاحبه، فبقى في مصر إلى أن ولى قضاءها، كما سنذكره إن شاء الله تعالى.
ذكر اتفاق الملك الصالح صاحب دمشق والملك المنصور صاحب حمص والملك الناصر داود مع الفرنج وتسليم القدس وطبرية وعسقلان إليهم
ولما اجتمعت كلمة هؤلاء على حرب الملك الصالح نجم الدين ومباينته، وعلموا مكاتبته إلى الخوارزمية، وأنهم لا بد وأن يطرقوا البلاد ويجتمعوا مع عساكر الديار المصرية على حربهم، وعلموا أنهم لا طاقة لهم به، صالحوا الفرنج واتفقوا معهم على تسليم البيت المقدس إليهم، على أن يكون الحرم بما فيه [46 ا] من المزارات لهم، وعلى تسليم طبرية وعسقلان وكوكب إليهم، وأن يأذنوا لهم في عمارتها. فتسلم الفرنج ذلك كله وعمروا قلعتى طبريه وعسقلان وحصنوهما.
وأخذ بيت الأسبتار كوكب وعزموا على عمارتها. ودخل الفرنج القدس، وتسلموا الصخرة المقدسة والأقصى وما في الحرم الشريف من المزارات (1).
وضمنوا للفرنج - على ما اشتهر - أنهم إذا ملكوا الديار المصرية أن يكون لهم بها نصيب. وجمع الفرنج الفارس والراجل وحشدوا (2).
(1) انظر أيضا أبو الفدا، المختصر، ج 3، ص 172.
(2)
انظر أيضا، ابن تغرى بردى (النجوم الزاهرة، ج 6، ص 322) الذى ينقل عن ابن واصل.
وبعث الملك الصالح [إسماعيل (1)] عسكرا إلى غزه، فنزلوا بها، وعزموا على قصد الديار المصرية. ومضى الملك المنصور بنفسه إلى عكا، واجتمع بالفرنج وقرر معهم أن يمضوا معه لحرب الملك الصالح، فأجابوه إلى ذلك.
وسافرت (2) في أواخر هذه السنة إلى الديار المصرية. ودخلت البيت المقدس، ورأيت الرهبان والقسوس على الصخرة المقدسة. وعليها قنانى الخمر برسم القربان.
ودخلت الجامع الأقصى، وفيه جرس معلق. وأبطل بالحرم الشريف الأذان والإقامة، وأعلن فيه بالكفر. وقدم الملك الناصر داود القدس في ذلك اليوم الذى زرت فيه القدس، ونزل غربى القدس، فلم أجتمع به خيفة أن يصدنى عن الوصول إلى الديار المصرية. ووصلت إلى غزة فوجدت بها بعض عسكر الملك الصالح إسماعيل نازلين بها.
ولما وصلت العباسة (3)، وجدت بها بعض عسكر مصر. وكل من الفريقين على عزم قصد صاحبه. ووجدت دهليز السلطان الملك الصالح نجم الدين مضروبا
(1) ما بين الحاصرتين للتوضيح.
(2)
يتحدث ابن واصل هنا عن نفسه وقد نقل عنه كل من أبى الفدا (المختصر، ج 3، ص 172) والعينى (عقد الجمان، حوادث سنة 641 هـ)، وابن تغرى بردى (النجوم، ج 6، ص 32 - 323).
(3)
كانت العباسة بليدة أول ما يلقى القاصد لمصر من الشام، وسميت باسم عباسة بنت أحمد بن طولون وذلك لأنها أقامت في أواخر سنة 281 هـ - 895 م قصرا بهذا الموضع خرجت اليه لوداع بنت أخيها قطر الندى عندما زوجها أبوها خمارويه بن احمد بن طولون من الخليفة المعتضد العباسى. وعندما سافرت قطر الندى عمر ذلك الموضع وصار بلدا، والعباسة الآن تابعة لمركز أبو حماد محافظة الشرقية، انظر: المقريزى، الخطط، ج 1، ص 232؛ محمد رمزى، القاموس الجغرافى، القسم الثانى (البلاد الحالية)، ج 1، ص 69 - 70.
على بركة الجب (1) والعساكر متحركة للخروج إلى الشام. وكان دخولى إلى القاهرة في المحرم من هذه السنة. واجتمعت بالأمير حسام الدين بن أبى على. وكان السلطان الملك الصالح قد أنزله في الدار المعروفة بدار الملك (2) على شاطئ نيل مصر في مدينة مصر، وهى دار عظيمة من آدر خلفاء مصر ليكون قريبا منه، فإن السلطان كان نازلا في قصوره بقلعة الجزيرة، وهى القلعة التي أنشأها بالجزيرة (3). وكان [47 ا] عنده في أعظم المنازل، وأعطاه خبزا (4) جليلا، فأحسن إلىّ وأنزلنى في داره التي بالقاهرة. وهى دار جليلة بدرب الديلم (5)، وأدرنى إنعامه وإحسانه، رحمه الله ورضى عنه.
(1) كانت بركة الجب متنزها بظاهر القاهرة من بحريها للخلفاء الفاطميين وسلاطين بنى أيوب، ثم سميت في عصر سلاطين المماليك باسم بركة الحاج لنزول الحجاج المسافرين برا بها عند سيرهم من القاهرة وإليها في موسم الحج، انظر المقريزى، الخطط، ج 1، ص 489، ج 2، ص 163.
(2)
أنشأ هذه الدار الوزير الأفضل بن بدر الجمالى سنة 501 هـ - 1107 م، فلما كملت تحول إليها وسكنها وحوّل إليها الدواوين من القصر الفاطمى، واتخذ بها مجلسا سماه مجلس العطايا كان يجلس فيه. فلما قتل الأفضل صارت دار الملك من جملة متنزهات الخلفاء الفاطميين، انظر المقريزى، الخطط، ج 1، ص 483.
(3)
هى قلعة الروضة، عن هذه القلعة انظر: السيوطى، كتاب كوكب الروضة، مخطوط رقم 554 تاريخ تيمور بدار الكتب المصرية.
(4)
الخبز وجمعه أخباز بمعنى الأقطاع، انظر:
Rabie، The Financial System of Egypt، pp. 26 ff.
(5)
تحدث المقريزى (الخطط، ج 2، ص 8 - 9) عن حارة الديلم عند ذكره حارات القاهرة فقال: «عرفت بذلك لنزول الديلم الواصلين مع هفتكين الشرابى حين قدم ومعه أولاد مولاه معز الدولة البويهى وجماعة من الديلم والأتراك في سنة ثمان وستين وثلثمائة، فسكنوا بها فعرفت بهم» .
وفى هذه السنة ولّى الملك الصالح قضاء مصر وما معها من الوجه القبلى القاضى أفضل الدين الخونجى (1). وكان في هذا العزل نواب الشيخ عز الدين بن عبد السلام أبقاهم السلطان بعد عزله إلى أن ولى القاضى أفضل الدين. والقاهرة وما معها - كما ذكرنا (2) - ولاية الحكم فيها للقاضى بدر الدين المعروف بقاضى سنجار، ومكانته عند السلطان مكينة، لما كان أسلفه في خدمته في الشرق.
(1) هو قاضى القضاة أبو عبد الله محمد بن ناماور بن عبد الملك، له اليد الطولى في المعقولات وصاحب الموجز في المنطق وغيره، توفى سنة 646 هـ - 1248 م، والنسبة إلى خونج - أو خونا وهى بلدة من أعمال أذربيجان بين مراغة وزنجان في طريق الرى، وسميت زمن ياقوت (ت 626 هـ - 1229 م) كاغد كنان أي صناع الكاغد؛ انظر السبكى، طبقات الشافعية، ج 5، ص 43؛ الذهبى، شذرات الذهب، ج 5، ص 236 - 237؛ ياقوت، معجم البلدان،
(2)
انظر ما سبق، 303.