الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عز الدين أن ذلك يغضب الملك الصالح والصاحب معين الدين، فأحضر شهودا وأشهدهم على نفسه أنه قد أسقط عدالة معين الدين (1)، وأنه قد عزل نفسه من القضاء بمصر وما معها. فعظم ذلك على الملك الصالح، وأبقى نواب الشيخ عز الدين إلى أن جرى ما سنذكره. وقيل للملك الصالح إن لم يعزله من الخطابة، فربما يبدو منه تشنيع على المنبر، كما فعل بدمشق لما سلّم الملك الصالح الشقيف وصفد، فعزله عن الخطابة، فأقام في بيته في القاهرة يشغل الناس بالعلم.
وفى هذه السنة سافر جمال الدين بن مطروح إلى الديار المصرية، فولاه الملك الصالح نظر الخزانة.
ذكر اتفاق الخوارزمية مع الملك المظفر
شهاب الدين غازى بن الملك العادل صاحب ميافارقين
وما تجدد من أحوالهم في هذه السنة
كنا قد ذكرنا (2) أن الخوارزمية مضوا، بعد أن كسرهم الملك المنصور وعسكر حلب، إلى عانة، والتجأوا إلى الخليفة المستنصر بالله. فلما دخلت هذه السنة، أعنى سنة تسع وثلاثين وستمائة، ساروا إلى ناحية الموصل. فأظهر لهم بدر الدين
(1) ذكر النويرى (نهاية الأرب، ج 27، ق 77) نتائج اسقاط عدالة معين الدين بن الشيخ بقوله: «أثر هذا الإسقاط في الصاحب معين الدين أثرا مؤلما، وهو أنه حكى أن السلطان أرسل رسولا إلى الديوان العزيز ببغداد وكان المشافه للرسول عن السلطان الصاحب معين الدين. فلما أبلغ الرسالة، قال له الوزير: «أيوب شافهك بهذه الرسالة؟» قال: «لا، إنما شافهنى بها عنه الصاحب معين الدين» . فقال له الوزير: «معين الدين أسقط الشيخ عز الدين عدالته فلا يرجع إلى مشافهته» .
(2)
انظر ما سبق، ص 294.
صاحب الموصل الموافقة، والمسالمة. وسلم إليهم نصيبين (1). واتفقوا مع الملك المظفر شهاب الدين غازى بن الملك العادل [صاحب ميافارقين (2)]، وكان قد أرسل إلى حلب رسولا يعلمهم بذلك، ويطلب أن يوافقوه ويحلفوا له، على أنه إن قصده السلطان غياث الدين صاحب بلاد الروم دافعوا عنه، وكان قد استشعر من جهته، فلم يوافقه الحلبيون على ذلك.
ووصلت الخوارزمية إليه، واتفقوا معه على قصد آمد، فبرزت العساكر من حلب، ومقدمها الملك المعظم [توران شاه (3)] بن صلاح الدين. ووصلوا إلى حران في صفر من هذه السنة. وساروا جميعهم (4) إلى آمد، ودفعوا الخوارزمية عنها. ثم رحلت عساكر حلب إلى ميافارقين، وأغاروا على رستاقها (5)، ونهبوا بلدها، فاعتصمت (6) الخوارزمية بحاضرها، خارج البلد.
ووصلت عساكر حلب وأقامت قريبا من ميافارقين. وجرت بينهم وقعات عدة ثم تهادنوا (7) على أن يقطع السلطان غياث الدين الخوارزمية ما كان إقطاعا لهم في بلاده، ويكونون مقيمين في أطراف بلاد الروم، [وعلى أن الصاحبة والدة
(1) انظر أيضا ابن العديم، زبدة الحلب، ج 3، ص 260.
(2)
ما بين الحاصرتين للتوضيح من ابن العديم، نفس المصدر والجزء والصفحة.
(3)
ما بين الحاصرتين للتوضيح من ابن العديم، ج 3، ص 261؛ انظر أيضا، المقريزى، السلوك، ج 1، ص 309.
(4)
في ابن العديم الذى ينقل عنه ابن واصل «بأجمعهم» .
(5)
الرستاق (ج رساتيق) لفظ معرب عن الفارسية بمعنى أرض السواد والقرى، انظر ما سبق ابن واصل، ج 3، ص 255 حاشية 2.
(6)
في ابن العديم (زبدة الحلب، ج 3، ص 261): «واعتصم» .
(7)
في ابن العديم: «إلى أن تهادنوا» .