المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وفي البر كالسرطان. {وَطَعامُهُ} ما قذف به ميتا إلى ساحله - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ٧

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌علاقة اليهود والنصارى بالمؤمنينعداوة اليهود وإيمان القساوسة والرهبان

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إباحة الطيبات

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اليمين اللغو واليمين المنعقدة وكفّارتها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أنواع الأيمان بحسب المحلوف عليه:

- ‌تحريم الخمر والميسر والأنصاب والأزلام

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الصيد في حالة الإحرام وجزاء صيد البر

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مكانة البيت الحرام والشهر الحرام وشأن الهدي والقلائد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الترهيب من عقاب الله والترغيب بفعل الطيب

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌النهي عن كثرة السؤال فيما لم ينزل به وحي

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌ما حرّمه الجاهليون من الماشية والإبل

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التفويض إلى الله تعالىبعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الشهادة على الوصية حين الموت

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سؤال الرسل يوم القيامة عن أثر دعوتهم

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التّذكير بمعجزات عيسى عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إنزال المائدة على بني إسرائيل بطلب الحواريين

- ‌الإعراب

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تبرئة عيسى من مزاعم النصارىألوهيته وألوهية أمه

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الأنعام

- ‌تسميتها:

- ‌نزولها وفضلها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه:

- ‌أدلة وجود الله ووحدانيته والبعث

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سبب كفر الناس بآيات ربّهم وإنذارهم بالعقاب

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عناد الكفار والرّدّ على طلبهم بإنزال كتاب أو إرسال ملك

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (7):

- ‌نزول الآية (8):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عاقبة المستهزئين والمكذّبين

- ‌الأعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التّفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أدلة أخرى لإثبات الوحدانية والبعث

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قدرة الله على كشف الضر وشهادة الله للنّبي صلى الله عليه وسلم بالصدقومجادلة المشركين في تعدد الآلهة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌معرفة أهل الكتاب النّبي صلى الله عليه وسلم والافتراء على اللهوتبرؤ المشركين من الشرك في الآخرة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مواقف من عناد المشركين حول القرآن الكريم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (25):

- ‌نزول الآية (26):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حال المشركين أمام النار أو كيفية هلاكهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حال المشركين أمام ربهم في الآخرةوحقيقة الدنيا

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حزن النّبي صلى الله عليه وسلم لإعراض قومه وبيان تكذيب الرسل المتقدمين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌رفض المشركين دعوة النّبي صلى الله عليه وسلم ومطالبتهم بتنزيل آية

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌كمال علم الله وتمام قدرته وعدم التفريط بشيء في القرآن

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اللجوء إلى الله وحده في الشدائد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌من أدلّة القدرة الإلهية والوحدانيّة ومهام الرّسل المرسلين

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌انحصار مصدر علم النّبي صلى الله عليه وسلم بالوحي ومهمته في الإنذاروطرد الضعفاء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌بعض أحوال رحمة الله تعالى

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حسم الجدل بين النّبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌كمال علم الله تعالى وقهره العباد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القدرة الإلهية على الإنجاء من الظلمات

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القدرة الإلهية على تعذيب العصاة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الإعراض عن مجالس المستهزئين بالقرآن وعذابهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مزايا الإيمان بالله ومخازي الشرك

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الجدال بين إبراهيم عليه السلام وبين آزروسبب ترك الشرك

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المحاجة بين إبراهيم وقومه

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إبراهيم أبو الأنبياء وخصائص رسالاتهم والاقتداء بهديهم

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إثبات النبوةوإنزال الكتب على الأنبياء ومهمة القرآن

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌افتراء الكذب على الله وعقابه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (93):

- ‌نزول الآية (94):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قدرة الله الباهرة في الكون

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المزاعم المنسوبة إلى الله (الجن والولد والصاحبة)وكونه لا تدركه الأبصار

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مبصّرات الوحي وقدرة الله على منع الشرك

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌النهي عن سب الأصنام والأوثان

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (108):

- ‌نزول الآية (109):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: وفي البر كالسرطان. {وَطَعامُهُ} ما قذف به ميتا إلى ساحله

وفي البر كالسرطان. {وَطَعامُهُ} ما قذف به ميتا إلى ساحله أو طفا على وجه الماء. {مَتاعاً} تمتيعا. {لَكُمْ} تأكلونه. {وَلِلسَّيّارَةِ} المسافرين منكم يتزودونه، جمع سيار: وهو المسافر.

{وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} وهو ما يعيش في البر من الوحش المأكول، وحرم أن تصيدوه.

{ما دُمْتُمْ حُرُماً} أي محرمين، فلو صاده حلال، فللمحرم أكله في رأي جمهور العلماء، كما بينت السنة، إذا لم يصد له ولا من أجله. وأجاز الحنفية للمحرم أكل الصيد على كل حال إذا اصطاده الحلال، سواء صيد من أجله أو لم يصد؛ لظاهر قوله تعالى:{لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} فحرم صيده وقتله على المحرمين، دون ما صاده غيرهم. {تُحْشَرُونَ} تجمعون وتساقون إليه يوم الحشر.

‌سبب النزول:

أخرج ابن أبي حاتم في سبب نزول هذه الآية عن مقاتل: أنها نزلت في عمرة الحديبية، حيث ابتلاهم الله بالصيد، وهم محرمون، فكانت الوحوش تغشاهم في رحالهم، وكانوا متمكنين من صيدها، أخذا بأيديهم، وطعنا برماحهم، وذلك قوله تعالى:{تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ} فهموا بأخذها، فنزلت هذه الآية.

‌المناسبة:

وجه النظم والربط بين الآيات أنه تعالى قال: {لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ} ثم استثنى الخمر والميسر من ذلك، فصارا من المحرمات، لا من المحللات، ثم استثنى أيضا نوعا آخر وهو هذا النوع من الصيد: وهو صيد الإحرام، وبيّن جزاءه، فصار مستثنى مما أحل الله، داخلا فيما حرمه ومنعه على المؤمنين.

‌التفسير والبيان:

يا أيها الذين صدقوا بالله ورسوله، ليختبرنكم الله بإرسال كثير من الصيد، أو ببعض الصيد وهو صيد البر، تأخذونه بالأيدي أو تصطادونه بالرماح، وهو بيان لحكم صغار الصيد وكباره. وخص الأيدي والرماح؛ لأن الصيد يكون بهما غالبا. وتنكير قوله:{بِشَيْءٍ} للتحقير. وإنما امتحنوا بهذا الشيء الحقير

ص: 50

تنبيها على أن من لم يثبت أمام هذه الأشياء، علما بأن الصيد طعام لذيذ شهي وخصوصا في الأسفار، فكيف يثبت عند شدائد المحن؟! والامتحان بترك ما ينال بسهولة، وهو طيب، أشق على النفس وأدل على التقوى والخوف من الله، من ترك ما لا ينال إلا بمشقة، وهو قليل الأهمية.

وكذلك يكون الصيد بالفخ والحبالة ونحوها من الوسائل، وما وقع فيها يكون لصاحبها، فإن ألجأ الصيد إليها أحد كان صاحبها شريكه فيه.

ثم بيّن الله تعالى سبب الابتلاء أو الاختبار بقوله: {لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ} أي يبتليكم الله حال إحرامكم ليظهر ما علمه أزلا من أهل طاعته ومعصيته أنه حاصل منهم في حال الحياة، وأن صلابة الإيمان تظهر الخوف من الله تعالى في حال أسر والخفية كما في حال الجهر والعلانية. والخلاصة: إنه تعالى يريد أن يعاملكم معاملة المختبر، وإن كان هو عالما به منذ الأزل، لتزكية النفوس وتطهيرها وصقلها.

{فَمَنِ اعْتَدى..} . أي فمن تجاوز حدود الله بعد هذا البيان الشافي في الصيد، فله عذاب شديد الألم في الآخرة؛ إذ هو لم يبال باختبار الله له؛ لأن المخالفة بعد الإنذار مكابرة وعدم مبالاة.

ثم حرم الله تعالى صيد البر حال الإحرام، فقال:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} وهذا النهي العام لكل مسلم ذكر وأنثى هو الابتلاء المذكور في الآية السابقة: {لَيَبْلُوَنَّكُمُ} .

فيا أيها الذين صدقوا بالله والرسول والقرآن، لا تقتلوا صيد البر-والقتل يشمل كل ما يزهق الروح-وأنتم محرمون بحج أو عمرة، لا بالمباشرة ولا بالتسبب كالإشارة والدلالة، ولا في حرم مكة والمدينة وإن لم تكونوا محرمين كما ثبت في

ص: 51

السنة؛

لقوله صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه: هل أشرتم؟ هل دللتم؟ قالوا: لا، قال:

إذن فكلوا.

فهذه الآية تدل على أن المحرم ممنوع من الصيد مطلقا داخل الحرم وخارجه، وعلى أن الحلال ممنوع من الصيد داخل الحرم.

ويرى الجمهور أنه لا بأس بأكل المحرم الصيد إذا لم يصد له، ولا من أجله؛

لما رواه النسائي والترمذي والدارقطني عن جابر: أن النّبي صلى الله عليه وسلم قال: «صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم» .

ورأى الحنفية: أن أكل الصيد للمحرم جائز على كل حال إذا اصطاده الحلال، سواء صيد من أجله أو لم يصد؛ لظاهر قوله تعالى:{لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} فحرّم صيده وقتله على المحرمين، دون ما صاده غيرهم،

ولحديث البهزي-واسمه زيد بن كعب-في رواية مالك وغيره عن النّبي صلى الله عليه وسلم في حمار الوحش العقير أنه أمر أبا بكر، فقسمه في الرّفاق.

وحديث أبي قتادة عن النّبي صلى الله عليه وسلم وفيه: «إنما هي طعمة أطعمكموها الله» فقد أكل النّبي صلى الله عليه وسلم والصحابة مما أهدي إليهم من لحم الحمار الوحشي.

والمراد بالصيد: المصيد، لقوله تعالى:{تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ} واختلف العلماء في المراد بمدلوله، فذهب الحنفية إلى أن المراد منه الحيوان المتوحش مطلقا، سواء أكان مأكولا أم غير مأكول؛ لأن الصيد اسم عام يتناول كل ما يصاد من المأكول ومن غير المأكول، وهو اسم عربي واضح الدلالة على معناه، وقد كانت العرب تصطاد، وتطلق اسم الصيد على كل ما تناولته أيديهم ورماحهم.

وخصه الشافعية بالمأكول؛ لأنّ الذي يحرم أكله ليس بصيد، فوجب أن لا يضمن، وكونه ليس بصيد؛ لأن الصيد: ما يحل أكله؛ لقوله تعالى بعد هذه الآية: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيّارَةِ، وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ

ص: 52

الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً} هذا ما ذكره الفخر الرازي دليلا للشافعي، وهو في الواقع دليل ضعيف؛ لأن هذه الآية إن دلت على شيء، فليس الذي تدل عليه أن الصيد هو المأكول؛ لأن قوله:{مَتاعاً لَكُمْ} أي نفعا أعم من أن يكون من طريق الأكل أو من طريق الحلية مثلا.

وذكر الرازي أيضا دليلا آخر للشافعي وهو

الحديث المشهور الذي رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه عن عائشة: «خمس فواسق ليس على المحرم في قتلهن جناح: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور» هذا اللفظ للبخاري،

وفي رواية «السبع الضاري»

وفي رواية مسلم: «يقتلن في الحل والحرم» . وفيها: «والغراب الأبقع» والسبع الضاري نص في المسألة، ووصفت بكونها فواسق، وحكم بحل قتلها، وذكر هذا الحكم عقب الوصف المناسب مشعر بكون الحكم معللا بذلك الوصف، وهذا يدل على أن كونها فواسق علة لحل قتلها، والفسق: الإيذاء، وهي موجودة في السباع، فوجب جواز قتلها

(1)

. ويناقش هذا الدليل بأنه لا يصلح حجة على الحنفية القائلين: إن الصيد اسم عام يتناول المأكول وغير المأكول، لا يخرج عنه شيء إلا ما أخرج الدليل، وقد أخرج الدليل الخمس الفواسق؛ لأنها فواسق، لا لأنها ليست بصيد ولا لأنها غير مأكولة.

وبه يظهر أن ما أورده الرازي دليلا للشافعي من القرآن والخبر لا يصلح دليلا للدعوى، وإنما الذي يصلح دليلا أن يثبت أن الصيد خاص بالمأكول، فإن ثبت هذا كانت الآية حجة للشافعية، وإلا فهي ظاهرة في العموم حتى يقوم الدليل على الخصوص.

وقوله تعالى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ} لفظ عام يشمل كل صيد بري وبحري،

(1)

تفسير الرازي: 87/ 12

ص: 53

لكن جاء قوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً} فأباح صيد البحر مطلقا.

ثم بيّن الله تعالى جزاء صيد الإحرام حال القتل العمد فقال: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ..} . أي ومن قتل شيئا من الصيد وهو محرم، متعمدا قتله، فعليه جزاء من الأنعام، مماثل لما قتله في الهيئة والصورة إن وجد، وإن لم يوجد المثيل فتجب القيمة.

والمماثل للنعامة بدنة (ناقة) ولحمار الوحش بقرة، وللظبي شاة، وفي الطير قيمته، إلا حمام مكة، فإن في الحمامة شاة، اتباعا للسلف في ذلك.

روى الدارقطني عن جابر عن النّبي صلى الله عليه وسلم قال: «في الضبع إذا أصابه المحرم كبش، وفي الظبي شاة، وفي الأرنب عناق، وفي اليربوع جفرة

(1)

».

ويلاحظ أن ظاهر الآية ترتيب الجزاء على القتل العمد، لكن يرى الجمهور غير أحمد أن الجزاء يترتب على قتل الصيد مطلقا، سواء تعمد القاتل قتله أو أخطأ فيه، وسواء كان متذكرا إحرامه أم ناسيا، عملا بالثابت في السنة النبوية.

وإنما خص العمد بالبيان القرآني لأجل أن يرتب عليه الانتقام عند العود، لأن العمد هو الذي يترتب عليه ذلك، دون الخطأ. ويرى أحمد في رواية عنه: أنه لا شيء على المخطئ والناسي، لأنه لما خصّ تعالى المتعمد بالذكر، دل على أن غيره بخلافه.

والمراد بالمثل في رأي ابن عباس ومالك والشافعي ومحمد بن الحسن والإمامية: هو النظير، لأن الله أوجب مثل المقتول مقيدا بكونه من النّعم، فلا بد أن يكون الجزاء مثلا من النعم، وذلك لا يكون إلا بأن يكون من الحيوانات

(1)

العناق: الأنثى من ولد المعز قبل بلوغ السنة، والجفرة: الأنثى من ولد الضأن البالغة أربعة أشهر.

ص: 54

التي تماثل المقتول، فلا تجب القيمة، لأنها ليست من النعم. وأوجب عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم من الصحابة في النعامة بدنة، وفي حمار الوحش بقرة، ونحو ذلك.

ورأى أبو حنيفة وأبو يوسف أن الواجب هو قيمة الصيد المقتول باعتبار كونه صيدا، وتقدر القيمة في مكان الصيد وفي زمانه، لأن القيمة تتفاوت باعتبار المكان والزمان، لأن الله أوجب مثل المقتول مطلقا، والنظير متعذر، فينتقل إلى المثل في المعنى، وقد عهد في الشرع عند إطلاق المثل أن يراد المشارك في النوع أو القيمة، قال تعالى:{فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ} [البقرة 194/ 2] والمراد من المثل: النظير بالنوع في المثليات، والقيمة في القيميات.

والحيوانات من القيميات، فتجب قيمتها، والأولى أن يراد بالمثل القيمة فيما اختلفت أنواعه، وقد أهدر الشرع في ضمان المتلفات المماثلة في الصورة. ويؤيد الحنفية قوله تعالى:{يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ} فإن اللجوء إلى حكمين اثنين من عدول المسلمين إنما يكون في شيء تختلف فيه الأنظار والخبرات، وذلك في القيمة.

ثم قال تعالى عن تقدير الجزاء: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ} أي يحكم بالجزاء من النعم في المثل أو بالقيمة في غير المثل على رأي الجمهور رجلان مؤمنان عدلان، لأن تحديد المماثلة بين الصيد ومثيله يحتاج لتقدير خبيرين، لخفائه على أكثر الناس.

ويذبح المثل في الحرام المكي لقوله تعالى: {هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ} أي إن الجزاء يكون هديا (شاة أو كبشا مثلا) وأصلا إلى الكعبة، ويذبح في جوارها، ويوزع لحمه على مساكين الحرم. فالمراد بالاتفاق: وصوله إلى الحرم بأن يذبح هناك ويفرّق لحمه على مساكين الحرم.

ص: 55

ثم رخص الشرع فخيّر بين ذبح الهدي أو إطعام المساكين أو الصيام، فقال تعالى:{أَوْ كَفّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً} أي إن قاتل الصيد مخير بين الالتزام بمماثل من النعم، أو بإخراج كفارة هي طعام مساكين لكل مسكين مد بقدر قيمة الصيد. أو بما يعادل ذلك الطعام من الصيام. والقول بالتخيير هو المقرر في المذاهب الأربعة، لظاهر {أَوْ} التي هي للتخيير، لكن التخيير في رأي الحنفية محصور بالقيمة، فيخير المحكوم عليه بالقيمة: إن شاء اشترى بها هديا فذبح بمكة، وإن شاء اشترى بها طعاما، فتصدق به على كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو شعير، وإن شاء صام يوما عن كل من نصف صاع البر أو صاع التمر والشعير، والحكمان في رأي أبي حنيفة وأبي يوسف: يقدران قيمة الجزاء من هدي أو طعام أو صيام، وقاتل الصيد مخير بفعل أي خصلة. وقال محمد بن الحسن والشافعي: بل الخيار للحكمين، ومتى حكما بشيء التزمه القاتل.

والمراد من الكعبة: الحرم، وإنما خصت بالذكر للتعظيم، فلو ذبح الهدي في غير الحرم كان إطعاما، والإطعام يجوز في الحرم وفي غيره. ويرى الشافعي أن الإطعام يكون في الحرم كالهدي. وهذا لم تتعرض له الآية.

وعلل تعالى إيجاب الجزاء بقوله: {لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ} أي شرعنا الجزاء على قتل الصيد ليذوق القاتل وبال أمره أي ثقل فعله وسوء عاقبة أمره وهتكه لحرمة الإحرام.

والماضي معفو عنه: {عَفَا اللهُ عَمّا سَلَفَ} أي لم يجعل إثما فيما وقع منكم في الجاهلية أو قبل هذا التحريم من قتل الصيد في حال الإحرام، ولم يؤاخذكم عليه.

ولكن {وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ} أي ومن عاد إلى قتل الصيد وهو محرم بعد هذا النهي، فإن الله ينتقم منه في الآخرة لإصراره على المخالفة والذنب.

ص: 56

{وَاللهُ عَزِيزٌ} أي غالب على أمره فلا يغلبه العاصي {ذُو انْتِقامٍ} يعاقب من اقترف الذنب بعد النهي عنه.

وأوجب الجمهور الكفارة على العائد، فيتكرر الجزاء عندهم بتكرر القتل، لأن عذابه في الآخرة لا يمنع وجوب الجزاء عليه في الدنيا.

وتدل الآية على أن الجزاء الدنيوي يمنع عقاب الآخرة إذا لم يتكرر الذنب، فإن تكرر استحق المذنب جزاء الدنيا (الكفارة) والآخرة (نار جهنم).

وأما صيد البحر فحلال: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ} أي أبيح لكم صيد البحر، أي اصطياده، وطعامه الذي يلقيه، فيجوز للمحرم تناول ما صيد من البحر، سواء كان حيا أو ميتا، قذفه البحر أو طفا على وجه الماء، أو انحسر عنه الماء، فهو

كما أخبر النّبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أصحاب السنن الأربعة عن أبي هريرة: «الطهور ماؤه، الحل ميتته» .

{مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيّارَةِ} أي أحللنا لكم ذلك لتنتفعوا به، مقيمين ومسافرين، فمن كان مقيما فليأكل من صيده الطازج، ومن كان مسافرا فليأكل من الطازج إن كان سفره في البحر، أو من المحفوظ أو المثلّج إن كان سفره في البّر، وصيود البحر فيها منفعة ومتعة في السفر والحضر، سواء بالأكل أو بالادخار، أو بالانتفاع بمنافع أخرى غير الأكل كاصطياد اللآلئ أو أخذ الزيت وما قد يفيد من العظم والسن والعنبر.

{وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً} أما صيد البر من الوحش والطير:

وهو ما يكون توالده ومثواه في البر، مما هو متوحش بأصل خلقته، فحرام ذاته واصطياده منكم ما دمتم محرمين، لا ما صاده غيركم، فلا مانع من أكل ما صاده غيركم أو صدتموه وأنتم حلال في غير الإحرام. وقد عرفنا أن الجمهور يجيزون أكل المحرم الصيد البري إذا لم يصد له ولا من أجله،

للحديث المتقدم: «صيد البر لكم حلال

ص: 57