الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النهي عن كثرة السؤال فيما لم ينزل به وحي
الإعراب:
{عَنْ أَشْياءَ} هي ممنوعة من الصرف؛ لأن الألف في آخرها للتأنيث، وهي اسم للجمع، وليست بجمع شيء. وذهب الكسائي إلى أنها جمع شيء كبيت وأبيات. وذهب أبو الحسن الأخفش إلى أنه جمع شيء. بالتخفيف مثل طبيب وأطباء، وشريف وشرفاء. فال ابن الأنباري: والمختار هو الأول.
المفردات اللغوية:
{إِنْ تُبْدَ} تظهر {تَسُؤْكُمْ} تزعجكم لما فيها من المشقة {وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ} المعنى إذا سألتم عن أشياء في زمنه صلى الله عليه وسلم، ينزل القرآن بإبدائها، ومتى أبداها ساءتكم، فلا تسألوا عنها قد {عَفَا اللهُ عَنْها} أي عن مسألتكم فلا تعودوا {قَدْ سَأَلَها} أي الأشياء {قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ} أي سأل عنها جماعة سابقون أنبياءهم، فأجيبوا ببيان أحكامها {ثُمَّ أَصْبَحُوا} صاروا.
سبب النزول:
تعددت أسباب نزول هذه الآية، منها سؤال اختبار وتعجيز، وتعنت واستهزاء وسخف، ومنها سؤال استفهام واسترشاد عن تكرار بعض الفرائض. فمن الأول:
ما رواه البخاري ومسلم واللفظ للأول عن أنس بن مالك قال: خطب النّبي صلى الله عليه وسلم خطبة، فقال رجل: من أبي؟ قال: فلان، فنزلت هذه الآية:
{لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ} .
وروي أيضا عن ابن عباس قال: كان قوم يسألون
رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاء فيقول الرجل: من أبي؟ ويقول الرجل تضل ناقته:
أين ناقتي؟ فأنزل الله فيهم هذه الآية: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ} حتى فرغ من الآية كلها. وأخرج الطبري مثله عن أبي هريرة.
وأخرج البخاري أيضا عن أنس عن النّبي صلى الله عليه وسلم وفيه: «فو الله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به ما دمت في مقامي هذا» فقام إليه رجل، فقال: أين مدخلي يا رسول الله؟ قال: «النار» فقام عبد الله بن حذافة فقال: من أبي يا رسول الله؟ فقال: «أبوك حذافة» .
ومن الثاني:
ما رواه مسلم عن أبي هريرة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج، فحجوا، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت: نعم لوجبت، ولو وجبت لما استطعتم» .
وفي رواية: «فأنزل الله هذه الآية» .
ومثل ذلك
روى أحمد والترمذي والحاكم عن علي قال: «لما نزلت {وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} قالوا: يا رسول الله، في كل عام؟ فسكت، قالوا:
يا رسول الله، في كل عام؟ قال: لا، ولو قلت: نعم، لوجبت، فأنزل الله:
{لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} ».
وأخرج الطبري مثله عن أبي هريرة وأبي أمامة وابن عباس.
قال الحافظ ابن حجر: لا مانع أن تكون نزلت في الأمرين، وحديث ابن عباس في ذلك أصح إسنادا. وقال الطبري: وأولى الأقوال بالصواب في ذلك قول من قال: نزلت هذه الآية من أجل إكثار السائلين رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل، كمسألة ابن حذافة إياه: من أبوه؟ ومسألة سائله إذ قال: إن الله فرض عليكم الحج، أفي كل عام؟ وما أشبه ذلك من المسائل.