الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صورة
خطاب من عميد كلية اللغة العربية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة
مقالات العلامة الدكتور
محمود محمد الطناحي
صفحات في التراث والتراجم واللغة والأدب
- (القسم الأول) -
دار البشائر الإسلامية بيروت
ابن السبكي (1): علم وإصلاح
عرف تاريخ الثقافة العربية كثيراً من البيوتات العلمية التي استفاض العلم فيها، وكان إرثاً طيباً يؤول إلى الأبناء فيما يؤول إليهم من عقار وحطام، فكان علم الأبناء امتداداً ناضجاً لعلم الآباء. وقد صان هؤلاء الأبناء ذلك الموروث العلمي العظيم، وعملوا على إثرائه وإخصابه.
وبحسبنا في هذا المقام أن نذكر أبا حاتم الرازي محمد بن إدريس بن المنذر، المتوفى سنة 277 هـ، وابنه عبد الرحمن بن أبي حاتم، المتوفى سنة 327 هـ، من أئمة علم الجرح والتعديل. والإمام ضياء الدين خطيب الري عمر بن الحسين بن الحسن، وابنه الفخر الرازي محمد بن عمر، المتوفى سنة 606 هـ من فرسان علم الكلام.
على أنه لم يستعلن تأثير والد في ولده كما استعلن في تاريخ الإمام العلامة تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي، المولود في سنة 683 هـ والمتوفى في سنة 756 هـ، وولده العلامة تاج الدين أبي نصر عبد الوهاب بن علي، المولود في سنة 727 هـ، والمتوفى في سنة 771 هـ.
وقد أجمع المؤرخون على فضل الوالد وسعة علمه، فيقول عنه الذهبي - فيما ينقل عنه السبكي:
(1) مجلة «الرسالة» ، إبريل/ نيسان 1965 م.
ويكفي دليلًا على علم هذا الرجل أنه كان الوحيد من بين علماء عصره الذي تصدى لابن تيمية - على عنفه وشدته - ورد عليه في مسألتي الطلاق، وزيارة قبر النبيّ عليه الصلاة والسلام، وهما المسألتان اللتان زعزع بهما ابن تيمية كيان العلماء في عصره. فرد عليه الإمام السبكي في مسألة الطلاق برسالتين: رافع الشقاق في مسألة الطلاق، والتحقيق في مسألة التعليق. ورد عليه في الزيارة برسالة شفاء السقام في زيارة خير الأنام، أو شن الغارة على من أنكر السفر للزيارة.
ويقول فيه ابن تيمية: «لقد برز هذا على أقرانه» . وقد نبغ صاحبنا تاج الدين في منتصف القرن الثامن الهجري - عصر الموسوعات العلمية - هذا العصر الذي كان بمثابة الصحوة الفارهة بعد النكسة التي أصابت العالم الإسلامي، والتي كادت تأتي على تراثه الضخم العريض، إبان الغزو التتري الكاسح.
وقد ولد تاج الدين بالقاهرة، ونسب إلى قرية سبك من أعمال المنوفية. ولم ينصرف الفتى في صباه إلى اللهو واللعب، كما يفعل لداته وأترابه، فقد هدهد سمعه في سن تفتحه وفود العلماء، تفد إلى بيت أبيه، تنشد العلم وتطلب الفتيا. فأقبل على ألوان المعرفة يحصلها على مهل واتئاد، حتى اكتملت له أدوات العالم المجتهد. وكان مجلى هذه الثقافة الواسعة العريضة في نهاية الشوط موسوعة علمية ضخمة، لمت أطراف الثقافة العربية، وجلتها على نحو معجب خلاب، على امتداد سبعة قرون في كتابه الخالد:«طبقات الشافعية الكبرى» .
لقد انفسخ هذا الكتاب العظيم من خلال ترجمته لرجال المذهب الشافعي - لكثير من المباحث الفقهية والفتاوى الشرعية، والمقالات، والمناظرات، والنوادر
والملح، كما حفل بالضوابط اللغوية ومسائل علم الكلام والأصول. كما كان مصدراً أدبيّاً لكثير من الكتب التي عالجت شؤون الحب.
وكان أيضاً مرجعاً أصيلًا في جمع أشعار الشعراء. على أن أهميته الكبرى بعد كل ذلك ترجع إلى أنه حفظ لنا كثيراً من النصوص التي ضاعت أصولها. كتاريخ نيسابور، للحاكم النيسابوري محمد بن عبد الله، المعروف بابن البَيَّع، المتوفى سنة 405 هـ، وتاريخ مصر لابن يونس، عبد الرحمن بن أحمد المتوفى سنة 347 هـ، وغير هذين الكتابين كثير من هذه الأمهات التي عبث بها الزمان.
وقد عالج ابن السبكي في كتابه هذا ذلك المنهج العلمي، الذي عرف فيما بعد، ونسب إلى ابن خلدون، ذلك المنهج القائم على تمحيص الأخبار، والتنبه لما تفعله المعاصرة والعصبية في المذهب.
استمع إليه بقول في ترجمة أحمد بن صالح المصري، في الطبقة الثانية:«ومما ينبغي أن يتفقد عند الجرح حال العقائد، واختلافها بالنسبة إلى الجارح والمجروح، فربما خالف الجارح المجروح في العقيدة، فجرحه لذلك» . ولم تقف تلمذته للإمام الذهبي حائلًا دون نقده مُرَّ النقد لمخالفته هذا المنهج القائم على الحيدة والتجرد، فيقول عنه:«وهو شيخنا ومعلمنا، غير أن الحق أحق أن يتبع، وقد وصل من التعصب المفرط إلى حد يسخر منه» .
ولكن هذه الحياة العلمية المخلصة لم تشغل صاحبنا عن أن يلمس مظاهر الضعف والعسف التي استعلنت في الحكم المملوكي الجائر، فظهرت دعواته الإصلاحية النقدية في كتابه القيم:«معيد النعم ومبيد النقم» .
لقد كان هذا الكتاب ثورة عاتية على نظم الحكم وأخلاق الناس، فقد أتيح لابن السبكي من خلال مشاركته في الحياة العامة - مدرساً وخطيباً وقاضياً - أن يرى ويحس مدى التمزق الذي شمل الأمة نتيجة للحكم المملوكي البغيض، الذي نبتت فيه فكرة «تركي وفلاح» . والذي استأثر فيه المماليك بالمناصب الكبرى، وتركوا أصحاب الأرض الحقيقيين يشربون العرق ويقتاتون السهد.
وقد وضع ابن السبكي كتابه هذا رداً على سؤال ورد عليه، أو وضعه هو بين يدي كتابه، موضوعه:«هل من طريق لمن سلب نعمة دينية أو دنيوية إذا سلكها عادت إليه، وردَّت عليه» ؟ وإجابة عن هذا السؤال راح ابن السبكي ينقد بقسوة وصراحة طوائف الأمة، ابتداء من السلطان إلى أرباب الحرف، آخذاً في طريقه نواب السلطان والقضاة والمدرسين، ورجال الدين من العلماء والصوفية.
استمع إليه يلخص رأيه في الأتراك عموماً، فيقول:«وقد اعتبرت كثيراً من الأتراك يميلون إلى أول شاك، وما ذاك إلا للغفلة المستولية على قلوبهم» ، ثم يسخر من هؤلاء الأتراك وتعلقهم من الإسلام بالمظاهر الفارغة، فيقول:«وأما أنك ترتكب ما نهى الله عنه وتترك ما أمر به، ثم تريد أن تعمر الجوامع بأموال الرعايا، ليقال: هذا جامع فلان فلا والله لن يتقبله الله تعالى أبداً» .
ثمَّ يتكلَّم عن السلطان ويحدد اختصاصاته فيقول: «إن الله لم يوله على المسلمين ليكون رئيساً آكلًا شارباً مستريحاً، بل لينصر الدين ويعلي الكلمة» .
وحين يتحدث عن العلماء والمفتين يأخذ على بعض هؤلاء وأولئك تعصبهم لمذاهبهم، وإضاعتهم الوقت في الخلافيات، فيقول مخاطباً العلماء:«لو أن الشافعي وأبا حنيفة ومالكاً وأحمد أحياء يرزقون لشدَّدوا النكير عليكم وتبرأوا منكم فيما تفعلون» ، ثم يأتي إلى المفتين فيقول:«ومنهم طائفة تصلبت في أمر دينها، فجزاها الله خيراً، تنكر المنكر وتتشدد فيه، وتأخذ بالأغلظ، وتتوقى مظان التهم، غير أنها تبالغ فلا تُذكر لضعفة الإيمان من الأمراء والعوام إلا أغلظ المذاهب، فيؤدي ذلك إلى عدم انقيادهم وسرعة نفورهم. فمن حق هذه الطائفة الملاطفة وتسهيل ما في تسهيله فائدة لمثل هؤلاء إلى الخير، إذا كان الشرع قد جعل لتسهيله طريقاً، كما أن من حقها التشديد فيما ترى أن في تسهيله ما يؤدي إلى ارتكاب شيء من حرمات الله» .
ويرسم ابن السبكي المعلم للمدرس منهجاً تربويّاً راشداً حين يقول: «وحق عليه أن يحسن إلقاء الدرس وتفهيمه للحاضرين، ثم إن كانوا مبتدئين فلا يلقي عليهم ما لا يناسبهم من المشكلات، بل يدريهم ويأخذهم بالأهون فالأهون، إلى أن ينتهوا إلى درجة التحقيق، وإن كانوا منتهين فلا يلقي عليهم الواضحات، بل يدخل بهم في المشكلات» . وتتجلى دعوة صاحبنا الإصلاحية في أبهى صورها حين يأسى للفلاح الذي يستهلك في السخرة والإقطاع. فحين يتكلم عن منصب ناظر الجيش وتحديد اختصاصاته يقول: «ومن قبائح ديوان الجيش إلزامهم الفلاحين في الإقطاعات بالفلاحة، والفلاح حر، لا يد لآدمي عليه، وهو أمير نفسه» .
وبعد
…
ألا تعتقد معي أيها القارئ الكريم أن هذا الرجل إنما يتكلم بلغة عصرنا، كمصلح اجتماعي، وكعالم نفساني، بصير بالنفس الإنسانية، عالم بضعفها.
وكان طبيعيّاً بعد هذا النقد المر الجارح لنظام الحكم وأخلاق الناس أن تتعرض حياة الرجل ومصير أسرته للزوابع والأعاصير، فيعزل عن منصب القضاء، لأسباب واهية ذكرها الحافظ ابن حجر في «الدرر الكامنة» وتُجرى له محاكمة، يحكم عليه فيها بالحبس سنة. ولكن هل ضعف ابن السبكي، أو تخاذل؟ استمع إلى معاصره الحافظ ابن كثير يقول:«جرى عليه من المحن والشدائد ما لم يجر على قاض قبله، وحصل له من المناصب والرياسة ما لم يحصل لأحد قبله، وأبان في أيام محنته عن شجاعة وقوة على المناظرة، حتى أفحم خصومه، ثم لما عاد عفا عنهم، وصفح عمن قام عليه» .
وبعد هذه الحياة الخصية الزاخرة بالعلم والإصلاح انطفأت هذه الشعلة التي توهَّجت عبر أربع وأربعين سنة. وحق لابن السبكي أن يقول في زهو ورضا، في ورقة كتبها إلى نائب الشام:«وأنا اليوم مجتهد الدنيا على الإطلاق، لا يقدر أحد يرد علي هذه الكلمة» .
توفي تاج الدين شهيداً بالطاعون (بالدهشة) ظاهر دمشق في ذي الحجة. خطب يوم الجمعة، وطعن ليلة السبت رابعه، ومات ليلة الثلاثاء سابعه سنة 771 هـ، ودُفن بتربة السبكية بسفح قاسيون، عن أربع وأربعين سنة، بعد أن جلا صفحة مشرقة في تاريخ علماء المسلمين.
* * *
طبقات الفقهاء الشافعية (1)
تأليف أبو عاصم محمد بن أحمد العبّادي
لم يحظ رجال مذهب من مذاهب الفقه الإسلامي ما حظي رجال المذهب الشافعي، من التأريخ لحياتهم، والاحتفال بإنتاجهم، وتدوين مسائلهم وفتاواهم. وما ذلك إلا لأن رجال المذهب الشافعي انتشروا في الآفاق وشغلوا الناس حين بسطوا سلطانهم على كل فروع الثقافة العربية، درساً وتمثلًا وتصنيفاً.
فرأينا منهم المحدثين والحفاظ والمفسرين والصوفية والمؤرخين والأدباء واللغويين والمتكلمين والفلاسفة، وأمامنا أبو بكر البيهقي، وابن عساكر، وابن حجر العسقلاني، وابن كثير، وأبو قاسم القشيري، وابنا الأثير، مجد الدين صاحب «النهاية» ، وعزّ الدين صاحب «الكامل» ، والجرجاني صاحب «الوساطة» ، وأبو منصور الأزهري، والفخر الرازي ووالده، وإمام الحرمين الجويني ووالده، وأبو حامد الغزالي، إلى آخر هذه السلسلة التي جلت وجه الثقافة الإسلامية، والتي ازدانت بإنتاجها المكتبة العربية.
وانطلاقًا من التأليف في مناقب الإمام محمد بن إدريس الشافعي صاحب المذهب، توالت المصنفات في تاريخ أتباعه وحملة مذهبه (انظر: كشف الظنون، ص 1101).
وعلى وفرة هذه المصنفات لم يظهر منها مطبوعاً سوى «طبقات الفقهاء»
(1) مجلة «الكتاب العربي» ، ديسمبر 1966 م.
لأبي إسحاق الشيرازي المتوفى سنة 476 هـ، و «طبقات ابن هداية الله» المتوفى سنة 1014 هـ، ثم معلمة ابن السبكي العظيمة «طبقات الشافعية الكبرى» . (وقد توفي ابن السبكي سنة 771 هـ).
واليوم يظهر هذا النص المبكر في تراجم الشافعية لأبي عاصم العبادي، محمد بن أحمد بن عبد الله بن عباد الهروي القاضي.
ولد أبو عاصم سنة خمس وسبعين وثلاثمائة. يقول عنه ابن السبكي: «كان إماماً جليلاً حافظاً للمذهب، بحراً يتدفق بالعلم، وكان معروفاً بغموض العبارة، وتعويص الكلام، ضنة منه بالعلم، وحباً لاستعمال الأذهان الثاقبة فيه» .
وقد تنقل أبو عاصم في البلاد، ولقي المشايخ، وتلمذ لأفاضل عصره، فأخذ عن القاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزدي، بهراة، والقاضي أبي عمر البسطامي، والأستاذ أبي طاهر الزيادي، وأبي إسحاق الإسفرايني، بنيسابور.
وصنف كتباً نافعة، منها:«الزيادات» ، و «زيادات الزيادات» ، و «المبسوط» ، و «الهادي إلى مذهب العلماء» ، و «أدب القضاء» ، و «الرد على القاضي السمعاني» . وبعد حياة زاخرة بالعلم والتصنيف انتقل إلى رحمة ربه، في شوال سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، عن ثلاث وثمانين سنة.
وكتاب أبي عاصم هذا «طبقات الفقهاء» أحد كتب خمسة في تراجم الشافعية ظهرت في القرن الخامس الهجري. فقد ألف أبو حفص عمر بن علي المطوعي المتوفى سنة 440 هـ كتاباً سماه «المذهب في ذكر شيوخ المذهب» . ثم ألف القاضي أبو الطيب الطبري المتوفى سنة 450 هـ مختصراً ذكر فيه مولد الشافعي رضي الله عنه. وعدَّ في آخره جماعة من الأصحاب كما يقول ابن السبكي.
ثم ألف شيخ الإسلام أبو إسحاق الشيرازي المتوفى سنة 476 هـ كتاب «طبقات الفقهاء» ، وفي آخر القرن ألف الحافظ أبو محمد عبد الله بن يوسف الجرجاني المتوفى سنة 489 هـ كتابه «الطبقات» . ويصف ابن السبكي كتاب
أبي عاصم هذا فيقول: «جمع فيه غرائب وفوائد، إلا أنه اختصر في التراجم جدّاً.
وربما ذكر اسم الرجل أو موضع الشهرة منه، ولم يزد».
وقد أسدى الأستاذ المستشرق - نموستا فيتستام، ليدن - إلى التراث العربي يداً جليلة بإبراز هذا النص وإخراجه إلى النور. لكنه على عادة كثير من المستشرقين المشتغلين بتحقيق النصوص العربية قدم النص مجرداً من أي شرح أو توثيق، إلا ما يكون من ذكر فروق النسخ.
وسواء أكان الباعث على هذه الطريقة: المنهجية أو القصور، فستظل هذه النصوص التي تخرج على هذا النحو في حاجة إلى إخراج جديد، يجلوها ويربطها بما قبلها وبما بعدها في خط التراث العربي المتداخل المتشابك. وستظل هذه النصوص أيضاً في حاجة إلى عين عربية بصيرة بمجري السياق عليمة بمواقع الكلام.
وإذا كان من المجمع عليه أنَّ أوفى عمل في هذا الفن - فن تراجم الشافعية - هو موسوعة ابن السبكي العظيمة: «طبقات الشافعية الكبرى» ، فإن أي عمل في هذا المجال ينبغي أن يراجع على هذه الموسوعة الكبرى، وبخاصة أن ابن السبكي قد أفرغ في كتابه كل الكتب التي صنفت قبله في هذا الفن. فهو جهد حقيق بأن يرجع إليه ويستفاد منه.
ويبدو أن الأستاذ المحقق لم يفد من عمل ابن السبكي، ولو فعل لأراح واستراح من هذه المظاهر الصاخبة التي زحم بها حواشي الكتاب، من ذكر فروق النسخ فيما لا طائل تحته ولا غناء فيه. فقد تكثر الأستاذ المحقق من ذكر هذه الفروق، بحيث اشتملت بعض الصفحات على عشرين تعليقاً، معظمها يمكن الاستغناء عنه. وليس هناك داع لإثقال النص بالفروق الهينة، أو التي تكون واضحة الخطأ، نتيجة لأوهام النساخ أو جهلهم، ولا يذكر من الفروق إلا ما كان له وجه يخدم النص. والمسألة ليست استعراض عضلات، كما يقال في هذه الأيام. وهذا مثال واحد في صفحة 61 هامش 7:«قال أبو داود السجستاني» ، يضع المحقق رقماً فوق «أبو» ليقول في الهامش: في ت: «أتو» !
ولا شك أن هناك جهداً صامتاً للمحقق لا يظهر في التعليقات، فلن يضير المحقق أن تكون تعليقاته قليلة. وهذه حقيقة يعرفها كل من ابتلي بتحقيق النصوص.
وملاحظاتي العامة على عمل هذا المستشرق أنه لم يضبط النصوص القرآنية الكريمة، والأحاديث الشريفة. وفي هذا ما فيه. كما أهمل ضبط النسب: كالبويطي والدغولي والقراب، والسجزي، والتبوذكي. مع أن الأمر فيها هين. فكان حسبه أن ينظر في «اللباب» لعز الدين ابن الأثير، و «المشتبه» للذهبي، و «معجم البلدان» لياقوت، بل كان يكفيه «القاموس المحيط» ، وهو مرجع لا نظن مكتبة تخلو منه. والعجيب حقاً أن المحقق في صفحة 63 سطر 4 ضبط «المروروذي» فكيف حظي أبو حامد وحده بهذا الاهتمام؟ وهذا من علامات اضطراب المنهج عند المحقق.
ولم يضبط المحقق الألفاظ الغريبة التي امتلأ بها النص، مثل:«النغم والوغم» صفحة 36 سطر 5، وكذلك كلمة «جداد» في الصفحة نفسها سطر 13.
ولم يراع المحقق هذه الملاحظات لتدل على غيرها!
صفحة 2 سطر 9: «ومحمد بن صباح» شدد الباء في «صباح» ، والصواب تخفيفها.
وقد تكرَّر هذا الخطأ في صفحة 23 سطر 5، وفي ص 78 س 4.
ص 10 س 9: قال العبادي في ترجمة المزني: «صنف المنثور» ، وفيه قال في رجل ظاهر الحرية له أولاد أحرار في الظاهر أقر بالرق لآخر فقبله أن أولاده أحرار وتجب نفقتهم على العبد في كسبه لا يأخذ السيد من كسبه إلا ما يفضل من نفقتهم».
جعل المحقق جملة «له أولاد أحرار» مقول القول. ووضع قبلها نقطتين دليلًا على ذلك. وهو خطأ. والصواب أن مقول القول هو قوله: «إن أولاده أحرار
…
».
ص 11 س 6: لم يضبط المحقق كلمة «السلم» ، وهو اصطلاح فقهي، يجب أن يضبط بفتح السين واللام. وهو مثل السلف وزناً ومعنى. قاله في المصباح المنير. والعجيب أن المحقق حين يضبط لا يأتي ضبطه دقيقاً. ففي الصفحة ذاتها س 7:«خبز حُوَّارَى» ضبطها بضم الحاء وفتح الراء فقط. وحقها أن تكون بضم الحاء وشد الواو وفتح الراء. وهو الدقيق الأبيض.
ص 12 هامش أيقول المحقق: «هذه الكلمتان مكتوبة في هامش أ» ، وهو أثر من آثار العجمة. وكان يجب على المحقق أن يستعين بأحد أبناء العربية في تحرير التعليقات وفي قراءة النص، كما يفعل كثير من المستشرقين.
ص 13 س 11، 12:«إذا ترك أهل بلد طلب العلم رأيت الحاكم أن يخبرهم عليه» .
والصواب: «يجبرهم» بالجيم، وليس بالخاء المعجمة.
ص 14 س 1: «أما الفرض فغسل اليدين وقصعة والسكين والمغرفة» ، والصواب:«والقصعة» ، كما ورد في طبقات ابن السبكي في ترجمة الربيع المرادي. وللمحقق كلف بحذف «ال» التعريف ستأتي له أمثلة كثيرة.
ص 15 س 10: ذكر العبادي في ترجمة الإمام أحمد بن حنبل أنه روى عن الإمام الشافعي «أن السيد يلاعن أمته» ، وقد جاءت هذه العبارة في طبقات ابن السبكي، في ترجمة الإمام أحمد «يلاعن عن أمته» ، والذين تمرَّسوا بقراءة المخطوطات يعرفون أن تجاور كلمتين كما في هذا المثال قد يكون أصيلًا وقد يكون زيادة جرى بها قلم الناسخ بتأثير الكلمة الأولى. فكان ينبغي على المحقق أن يلتفت إلى هذه الزيادة.
ص 17 س 1: مثال لإهمال الترقيم وعدم فصل النصوص. «سئل النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في الفراء، فقال: «أنقاها الدباغ وكانت الصحابة رضي الله عنهم
…
الخ
…
وواضح أن قول الرسول عليه الصلاة والسلام ينتهي عند كلمة «الدباغ» .
وفي الصفحة نفسها س 2: «وحكى الربيع المرادي عن الشافعي رحمه الله أنه قال: آلات الرئاسة خمسة: صدق اللهجة، وكتمان السر، والوفاء بالعهد، وابتذال النصيحة، وأداء الأمانة» .
ذكر العبادي هذه الحكاية أثناء ترجمة الربيع الجيزي، ولا علاقة لها بترجمته، إذ أنها سبقت في ترجمة الربيع المرادي ص 14. والربيع المرادي هو الذين يتوقع منه الحكاية عن الشافعي، فهو كما يقول ابن السبكي: «صاحب الشافعي وراوية كتبه، والثقة الثبت فيما يرويه. وقد اتصل بخدمة الشافعي وحمل عنه الكثير وحدث عنه به».
في حين لم يكن للربيع الجيزي من الإمام الشافعي سوى الرواية عنه فقط. ويلاحظ أيضاً أن النص في ترجمة الربيع المرادي بدا مبتوراً هكذا: «الرئاسة خمسة» .
وهنا يقول: «وابتذال النصيحة» ، وهناك:«وبذل النصيحة» ، وهو الصواب، فإن الابتذال ضد الصيانة. كما يقول صاحب القاموس.
وكل هذا يدل على أن المحقق بمعزل عن النص. والاشتغال بتحقيق النصوص يقتضي المعايشة الكاملة للنص المحقق، بحيث يكون المحقق مالكاً لزمام عمله، مفتح العينين لكل خبر وحكاية.
ص 22 س 13: «وفيه قول آخر أنه فيها من غير قطع» ، والأولى أن توضع كلمة «يدخل» قبل «فيها» ، كما في النسخ الثلاث التي أشار إليها المحقق في الهامش. والضمير يرجع إلى الصلاة.
ص 24 س 5: «هذا لا نعرف» ، الأولى قراءة النسخ الثلاث التي بالهامش «لا نعرف هذا» ، ويقرأ ما في الصلب «لا يعرف» بالبناء للمجهول. ويجب أن يتخذ المحقق موقفاً تجاه اختلاف النسخ، وألا يكون عبداً للأصل إذا كان واضح الخطأ.
وفي الصفحة نفسها س 10: «أبو طيب» ، والصواب:«أبو الطيب» ، وانظر ما كتبته عن ظاهرة حذف «ال» التي تكررت عند المحقق ص 14 س 1.
ص 26 س 11: «ومن فتاويه أنَّ الصبي إذا أسلم بإسلام أحد أبويه» رفع «أحد» ، والصواب: جرّه بالإضافة.
ص 29 س؟ : «عن النبي صلى الله عليه وسلم: اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر» صوابه: «باللذين» ، كما هي قراءة النسخة ت. ولا يضير هذه النسخة أن تنفرد بالصواب. وكأن المحقق خدع بأن سائر النسخ تخالفها.
وفي الصفحة نفسها س 14: «عمرو بن سواد المسرحي» ، وفي بعض النسخ «التنوخي» ، وإنصافاً للمحقق أقول إن ما أثبته هو الصواب، كما في اللباب 1/ 539، والمشتبه 356. ولكن من حق القارئ عليه أن يعرف من أين جاء بهذا الصواب، حتى رفع عنه الشك، ويريحه من عناء البحث والتقصي.
ص 33 س 14: «فدل أنه يستحق كمال الدرجات بكمال الإيمان ونقصانه ينقص الدرجات» ، يجب أن توضع فاصلة بعد «الإيمان» ، وهذا مثال لإهمال المحقق علامات الترقيم.
ص 35 س 9 قال العبادي: «ومنهم إبراهيم بن عبد الله المحبر (وشدد الباء)» من أصحاب مالك رحمه الله. روى الحرث بن سريح عنه. قال للشافعي رحمه الله: لم أرَ هاشميّاً يفضل أبا بكر على عليّ رضي الله عنهما سواك، فقال: أمير المؤمنين علي ابن عمي وابن خالتي وأنا من بني عبد مناف وأنا من بني عبد الدار ولو كان فيه مكرمة لعلي لكنت أولى بها منك»، وفي هذا النص عدة أخطاء.
أولًا: «المحبر» خطأ. صوابه «الحجبي» ، كما جاء في طبقات ابن السبكي في ترجمة الحارث بن سريج. وساق ابن السبكي هذه الحكاية (انظر: الطبقات 2/ 113، 179، الطبعة الجديدة).
ثانياً: «ابن سريح» بالحاء المهملة خطأ. وصوابه: «سريج» بالجيم المعجمة.
كما في طبقات ابن السبكي، وكما في المشتبه للذهبي ص 395. وهو حجة في هذا الشأن، لأنه يضبط بالعبارة.
ثالثاً: «وأنا من بني عبد الدار» خطأ. صوابه: «وأنت» ، كما جاء في طبقات ابن السبكي، وهذا يؤيد كون «المحبر» خطأ، وأن الصواب:«الحجبي» ، كما قدمت. فقد جاء في اللباب لابن الأثير، عند الكلام على نسبة «الحجبي» 1/ 280:«هذه النسبة إلى حجابة بيت الله المحرم. وهم جماعة من عبد الدار» .
ص 39 س 2: «أبو طاهر أحمد بن عمر ابن سرح» خطأ. والصواب: «أبو الطاهر
…
ابن السرح»، كما جاء في ترجمته في تذكرة الحفاظ 2/ 79، تهذيب التهذيب 1/ 64، الجمع بين رجال الصحيحين 1/ 14، شذرات الذهب 2/ 120، طبقات ابن السبكي 2/ 26 (الطبعة الجديدة)، العبر 1/ 455. وحذف «ال»، وإن كان جائزاً في الأسماء والكنى، إلا أن تكرره وشيوعه في هذا الكتاب (انظر ما كتبته عن ص 14 س 1، وص 24 س 10) مما يجعلني أكاد أجزم بأنه أثر من آثار العجمة لدى بعض المستشرقين الذين يصعب عليهم نطق ما فيه «ال»، وسيأتي في ص 91 س 1: «ابن نحاس القاضي» بدون «ال». وكذلك في ص 9 من المقدمة الأجنبية ذكر كتاب العبادي المسمَّى: «الهادي إلى مذهب العلماء» ، ذكره هكذا:«هادي إلى مذهب العلماء» ، ولو كان اسم الكتاب في الحقيقة بدون «ال» الكتب:«هاد بحذف الياء، لأنه حينئذ يعل إعلال «قاض» .
ص 41 س 13: «ابن أبان» شدد الباء. والصواب تخفيفها.
ص 46 س 12: «ويحتمل» ضبطها بضم الياء. وهو خطأ يقع فيه كثير من الناس، يضمون الياء ويفتحون التاء والميم، مبنيّاً للمجهول. والصواب فتح الياء مع كسر الميم، مبنيّاً للمعلوم. قال الفيومي في المصباح المنير:«والاحتمال في اصطلاح الفقهاء والمتكلمين يجوز استعماله بمعنى الوهم والجواز، فيكون لازماً، وبمعنى الاقتضاء والتضمن، فيكون متعدياً، مثل احتمل أن يكون كذا، واحتمل الحال وجوهاً كثيرة» .
ص 50 س 6: قال العبادي في ترجمة إبراهيم ابن إسحاق الحربي: «وذكر في كتاب «غريب الحديث» الذي صنفه أبو سليمان الخطابي أن النبي صلى الله عليه وسلم
نهى عن قتل الهدهد، كرامة له
…
»، وقد وضع المحقق بعد كلمة «صنفه» رقماً، وذكر في الحواشي أن في كل النسخ زيادة:«نقل» . وهذه الزيادة في نظري مهمة، وحقها أن توضع في الصلب. فهي - فضلًا عن كونها في كل النسخ - لا يستقيم الكلام بدونها. فما دخل أبي سليمان الخطابي هنا؟ إلا أن يكون نقل في كتابه هذه التفسيرات اللغوية من كتاب الحربي، ويكون العبادي لم يقف على كتاب الحربي ووقف على كتاب الخطابي، وفيه آراء الحربي، والمشكل هنا أن لكل من الحربي والخطابي مصنفاً في غريب الحديث (انظر: مقدمة النهاية، لابن الأثير)، وقد توفي الحربي سنة 285 هـ وتوفي الخطابي سنة 388 هـ.
ص 51 س 2: «أبو عبد الله الزبيري محمد بن سامري بن عبد الله بن عاصم
…
صاحب الكافي»، وكل ذلك خطأ. والصواب فيه: أبو عبد الله، الزبير بن أحمد بن سليمان بن عبد الله بن عاصم كما جاء في مراجع ترجمته. انظر: تاريخ بغداد 8/ 471، طبقات ابن السبكي 3/ 295، طبقات الشيرازي 88، طبقات القراء 1/ 292، مرآة الجنان 2/ 278، نكت الهميان 153، وفيات الأعيان 2/ 69. وواضح أن «سليمان» هي القراءة الصحيحة لكلمة «سامري» التي علق عليها المحقق بأنها في بعض النسخ «شامري».
ص 53 س 13: قال العبادي في ترجمة الإمام البخاري: «ولم يرو عن الشافعي رحمه الله في «الصحيح» لأنه أدرك أقرانه، والشافعي رحمه الله مات مكتهلًا، فلا يرونه نازلًا وقد وجده عالياً»، والخطأ في «يرونه» فصوابه:«يرويه» ، كما جاء في طبقات ابن السبكي 2/ 215. ولو رجع إليها المحقق لوقف على الصواب، ولما احتاج أن يذكر في الحواشي أن الكلمة كذا في ب، ت، في الأصل وح بغير تنقيط. وقيل كل ذلك فالكلمة من اصطلاحات علم الجرح والتعديل ورواية الحديث. فكان ينبغي على المحقق أن يفزع إلى أهل الذكر.
ص 64 س 1: «إن كان لشيء مضى وقع وإن لشيء مستقبل لم يقع» ، وضع المحقق رقماً فوق «وإن لشيء» ، وأشار إلى أن في بعض النسخ «وإن كان» ، ولست
أدري لم لم يضع «كان» هذه في الصلب، فيها يستقيم السياق.
ص 67 س 4: «محمد بن إبراهيم بن منذر. الصواب: «المنذر» ، كما جاء في بعض النسخ بالهامش. وكما جاء في بعض المراجع التي ترجمت له. وفي السطر نفسه:«صاحب إشراف على مذاهب العلماء» ، والصواب:«الإشراف» ، كما يذكر ابن السبكي دائماً.
انظر ما كتبته عن ص 39 س 2.
ص 78 س 13: قوله تعالى: «اعلموا ما شئتم» بتقديم اللام خطأ، والصواب:«اعلموا» بتقديم الميم. وهي الآية 40 من سورة «فصلت» .
ص 79 س 11: في قوله تعالى: {يا أبت إفعل ما تؤمر} ، جعل الهمزة همزة قطع». والصواب أنها ألف وصل {افعل} .
ص 88 س 2: «سئل عن قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» فقال: فذاكروا فيه». علق المحقق على كلمة «فذاكروا» بأنها في بعض النسخ «أكثروا» ، وأرى أن يكون ما في الصلب:«تذاكروا» .
ص 90 س 13: «إن ماسح الخف لا ينوي رفع الحديث» خطأ. والصواب: «الحدث» .
ص 91 س 1: «وقد عارض بهذا الكتاب ابن نحاس القاضي» رفع «ابن» بالضمة. والصواب نصبه على المفعولية. والفاعل ضمير مستتر يعود على أبي بكر أحمد بن عمر الخفاف، وهو المترجم، وهنا أيضاً حذف «ال» من النحاس. وقد أشرت إليه قبلاً.
ص 96 س 1: «ويكره الرفع الشديد الصوت» ضبط المحقق الفعل بضم الياء وكسر الراء، مبنيّاً للمعلوم، ونصب «الرفع» ، و «الشديد» ، والصواب بناء الفعل للمجهول، ورفع «الرفع» نائباً عن الفاعل، و «الشديد» على الصفة.
وفي الصفحة نفسها س 4: «ويكره الدعاء بالشجع وتكلف الصنعة» ، والصواب:«بالسجع» بالسين المهملة.
ص 98 س 10: «لأنَّ العرب تقول: غسل الشتاء السطح» علق المحقق على «الشتاء» بأنها في ثلاث نسخ «السماء» ، وأرى هذا هو الصواب، فإن العرب تسمي المطر سماء.
(انظر: معجم مقاييس اللغة 3/ 98).
ص 102 س 6: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «جعلت لي الأرض مسجداً وإنما يجب أن يقول: جعلت داري مسجداً لله تعالى» قفل المحقق علامة التنصيص بعد «تعالى» على أن الكلام كله من قول النبيّ صلى الله عليه وسلم. وإنما ينتهي كلام الرسول عليه السلام بعد «مسجداً» .
وفي الصفحة نفسها س 11: «أبو حنيفة أفتى بأن المال بينهما نصفين» .
الأولى «نصفان» ، وهما ما جاء في ثلاث نسخ، كما أشار المحقق.
ص 108 س 12: «إذا وجد زان، وإذا فقد شأن» ، وضع المحقق همزة على ألف «شأن» ، والصواب حذفها لتناسب السجع.
ص 110 س 12: «وحكيم بن محمد الذيموني الفقيه من قراء بخارى» ، أشار المحقق إلى أن في نسخة:«من قرى بخارى» ، وقد كان ينبغي على المحقق أن يقف عند هذه القراءة. فقد قال ياقوت في معجم البلدان 2/ 727:«ذيمون بفتح أوله وآخره نون: قرية على فرسخين ونصف من بخارا» ، فلعل الناسخ وجد الكلمة «قرا» فلم يحسن قراءتها، وتطوع بزيادة الهمزة. نعم ترجم ابن الجزري في «طبقات القراء» لشخص اسمه «حكيم بن محمد» ، ولم يزد في اسمه على ذلك، ولم يذكر في نسبته «الذيموني» ، واختلفت سياقة ترجمته عند ابن الجزري عما في الأنساب لوحة 241 ب، واللباب 1/ 449، وطبقات ابن السكبي 4/ 337، وانظر طبقات ابن الجزري 1/ 257.
ص 111 س 6: «ووجهه أنهما دليلان تعارضا في الحس» ، وجاء في إحدى النسخ:«في الحسن» ، وأرى هذا هو الصواب. وهذه اصطلاحات أصولية محددة، تشبه الأمثال. وقد كان يجب على المحقق، كما قلت قبلًا، أن يلجأ إلى أهل هذا الشأن، حتى يحفظ للنص روحه وسلامته.
وفي الصفحة نفسها س 12: «الظهارة والإيلاء والرجعة» ، والصواب:«الظهار» ، كما جاء في نسختين بالهامش.
ص 114 س 12: «وإليه يرجع المآب» ، الأولى قراءة النسخة ت «وإليه المرجع والمآب» . وقد لاحظت أن هذه النسخة كثيراً ما تنفرد بالصواب ومع ذلك لم يلتفت لها المحقق. وقد لاحظت أيضاً أن المحقق في صنع فهرس الأعلام قد بذل جهداً في تحقيق الأسماء، ولو أنه فعل هذا في تحقيق النص لسلم من كثير من الأخطاء، ولسلم أيضاً من إثقال النص بالحواشي وفروق النسخ.
ومهما يكن من شيء فلن نستطيع أن ننكر للمحقق الفاضل هذه اليد التي أسداها إلى تراثنا العربي ببعث أصل مبكر من تراثنا الخالد. وتحية لكل الجهود المخلصة.
* * *