الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على قلب أحد من أهل جيلينا وأقراننا» (1). ولن تصدق هذا الكلام حتى ترى ذلك القدر الهائل من المخطوطات التي عمرت بها مكتبة الرجل، والتي ضمت إلى الخزانة العامة بالرباط (2).
وقد قام هذا الرجل في المغرب بما قام به العلامة أحمد تيمور في مصر، فقد جمع هذا أيضاً غرائب ونوادر من المخطوطات حفلت بها مكتبته العامرة التي ضمت إلى دار الكتب المصرية وعرفت بمكتبة تيمور.
المكتبات العامة والخاصة في المغرب:
زرت المغرب مرتين عضواً في بعثة معهد المخطوطات التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، من منظمات جامعة الدول العربية، وكانت المرة الأولى في صيف عام 1392 هـ - 1972 م، والثانية في صيف هذا العام. وقضيت في الزيارتين ستة أشهر رأيت فيها من عناية المغاربة بالمخطوطات وحرصهم عليها وصيانتهم لها، ما يبهج النفس، ويدل على أن الخير باق، وأن الله جلت قدرته لن يضيع تراث هذه الأمة مهما تناوشها الأعداء وأحاط بها الماكرون.
والمخطوطات في المغرب تحتفظ بها المكتبات العامة التي تشرف عليها الدولة، والخزائن الخاصة لدى العلماء. وتوجد المكتبات العامة في الرباط وفاس ومكناس ومراكش وتطوان. وقد أتيح لي أن أرى مكتبات الرباط وفاس وتطوان.
ففي الرباط مكتبتان عامرتان: الخزانة الملكية الملحقة بالقصر الملكي.
والخزانة العامة التابعة لوزارة الثقافة.
(1) فهرس الفهارس والأثبات معجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات، الجزء الأول، صفحة 3، وهذا الكتاب النفيس جعله مؤلفه قاموساً عاماً لتراجم المؤلفين في السَّنة النبوية الشريفة من القرن الثامن حتى أواسط القرن الرابع عشر، وقد أرادة ذيلاً على طبقات الحفاظ، لان ناصر والسيوطي.
(2)
ينظر عن نفائس هذه المكتبة: مجلة معهد المخطوطات، المجلد الخامس، صفحة 174.
وتزخر الخزانة الملكية بنوادر المخطوطات، ومن أنفس ما تضمه هذه الخزانة نص نادر لأبي العلاء المعري، لا يعرف في مكتبة أخرى من مكتبات العالم إلى يومنا هذا، ذلك هو كتاب «الصاهل والشاحج» يتكلم فيه أبو العلاء على لسان فرس وبغل. وقد كان لظهور هذا الكتاب دوي هائل في الأوسط الأدبية، وقد كتبت عنه الأستاذة الدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) أكثر من مرة بجريدة الأهرام.
ونسخة هذا الكتاب مخطوطة سنة 638 هـ، بقلم أندلسي، وفي الخزانة نسخة أخرى من خطوط القرن العاشر تقديراً، وهي منقولة عن نسخة مكتوبة سنة 693 هـ.
وإلى جانب هذا الكتاب النادر، توجد مخطوطات أخرى نفيسة في الخزانة الملكية، منها:
إصلاح المنطق - لابن السكيت، بقلم أندلسي نفيس سنة 591 هـ.
الأصول في الهندسة - لإقليدس، بقلم أندلسي نفيس سنة 683 هـ.
البارع في أحكام النجوم - لابن أبي الرجال، الجزء الأول بقلم أندلسي نفيس سنة 706 هـ، والجزء الثاني من نسخة أخرى بقلم أندلسي نفيس سنة 361 هـ.
بغية الآمل في ترتيب «الكامل» للمبرد، لمؤلف مجهول. والكتاب مرتب على الفنون، ومقسم على أربعين باباً. والنسخة بقلم مغربي سنة 1283 هـ، منقولة عن نسخة مكتوبة سنة 646 هـ.
تاريخ علماء الأندلس - للخشني، بقلم أندلسي عتيق سنة 483 هـ.
تاريخ مكة - للأزرقي، بقلم نسخي قديم من خطوط القرن السادس تقديراً.
تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم للخزاعي.
بقلم أندلسي جيد سنة 876 هـ. وهذا الكتاب هو الأصل الذي بنى عليه العلامة عبد الحي الكتاني السابق ذكره، كتابه العظيم المسمَّى: التراتيب الإدارية والعمالات والصناعات والمتاجر والحالة العلمية التي كانت على عهد تأسيس المدنية الإسلامية في المدينة المنورة العلية. وهو مطبوع في الرباط سنة 1346 هـ.
دلائل الإعجاز - لعبد القاهر الجرجاني، نسخة بقلم نسخي نفيس من خطوط القرن السابع تقديراً، وبأولها توقيع لابن هاشم النحوي، ولابن الصائغ.
ديوان أبي تمام - برواية الصولي، بقلم نسخي نفيس سنة 664 هـ، منقولة عن نسخة مكتوبة سنة 381 هـ.
ديوان جرير - برواية السكري: نسخة نفيسة كتبها الخطاط المبدع ياقوت المستعصمي سنة 689 هـ.
ديوان سبط ابن التعاويذي، بقلم أندلسي نفيس سنة 724 هـ.
ديوان ابن سهل الإسرائيلي - وهو إبراهيم بن سهل الإشبيلي، كان يهودّياً وأسلم - نسخة بقلم أندلسي من خطوط القرن التاسع. والديوان مرتب على حروف الهجاء، وعني بترتيبه وتهذيبه ابن الدهان.
ديوان ابن مكانس - وفيه نثره أيضاً - بقلم نسخي سنة 989 هـ.
السيرة النبوية - لابن إسحاق. رواية ابن هاشم. جزء منها بقلم أندلسي نفيس سنة 533 هـ.
شرح الجمل في النحو - للزجاجي. تأليف ابن الصائغ الكناني، بقلم مغربي سنة 891.
شرح دواوين الشعراء الستة الجاهليين - الجزء الأول بقلم أندلسي جميل سنة 594 هـ، وبهاشمه حواش وتعليقات.
طبقات النحويين واللغويين - لأبي بكر الزبيدي الأندلسي. نسخة بقلم أندلسي قديم من خطوط القرن الخامس تقديراً، وهذه هي النسخة الثانية من الكتاب، فلم يكن يعرف منه إلا نسخة وحيدة بمكتبة نور عثمانية بمدينة استانبول بتركيا. وعنها أصدر الأستاذ الجليل محمد أبو الفضل إبراهيم نشرته الأولى للكتاب، ثم أعاد تحقيقه ونشره على هذه النسخة الثانية وصدر عن دار المعارف بمصر منذ سنتين.
العباب في اللغة - للصاغاني. خمسة أجزاء تمثل نحو ثلثي الكتاب، منها
أربعة أجزاء بخط المؤلف نفسه، سنة 650، وخطه نسخي جيد. وهذا الكتاب من كتب اللغة المعتبرة، ويعد من المراجع الأساسية للمعجم المعروف «تاج العروس في شرح القاموس» .
ووجود هذه الأجزاء الخمسة من «العباب» في الخزانة الملكية بالرباط يعد كسباً كبيراً، فإن هذا الكتاب لا تكاد توجد منه نسخة كاملة في أي من مكتبات العالم إلى الآن.
فضائل الشام - لأبي سعيد السمعاني. نسخة بقلم نسخي نفيس سنة 649 هـ، وعليها قراءة للإمام الصاغاني المذكور، في سنة كتابة النسخة. وحسب معرفتي لا أعلم لهذا الكتاب إلا نسخة واحدة بدار الكتب المصرية.
كليلة ودمنة - ترجمة ابن المقفع - نسخة بقلم نسخي نفيس من خطوط القرن الثامن، وبها أشكال ملونة تحكي أحداث القصة.
مختصر شرح مسائل حنين بن إسحاق في الطب، لمؤلف مجهول. نسخة بقلم نسخي حسن من خطوط القرن الثامن.
المصباح المنير في غريب الشرح الكبير - للفيومي نسخة بخط المؤلف، كتبها سنة 737 هـ. والمصباح المنير هو ذلك المعجم اللغوي المحرر الذي كان مقرراً على تلاميذ المدارس الثانوية في مصر إلى عهد ليس ببعيد.
المقتبس في تاريخ علماء الأندلس - لابن حيان. جزء منه بقلم أندلسي جيد من خطوط القرن السادس تقديراً. وهذا «المقتبس» نادر وعزيز جداً في مكتبات العالم، ويشتغل به الآن الأستاذ الدكتور محمود علي مكي.
المنتخب من مسند عبد بن حميد الكشي - لمؤلف مجهول. نسخة بقلم مغربي دقيق سنة 720 هـ، ويوجد المسند نفسه بخزانة القرويين بفاس.
نفح الطيب من غصن الأندس الرطيب - للمقَّري المتوفى سنة 1041 هـ، نسخة بخط المؤلف.
هذه مثل قليلة مما تضمه الخزانة الملكية من نفائس المخطوطات.
أما الخزانة العامة بالرباط فتمثل المخطوطات المحفوظة بها: الرصد العام للخزانة، ثم مخطوطات الخزائن الخاصة التي ضمت إلى الخزانة العامة، حفظاً لها وحرصاً عليها، ويأتي في مقدمة هذه الخزائن الخاصة: مكتبة عبد الحي الكتاني، وبعدها مجموعة الجلاوي والحجوي، ثم حصيلة الزاوية الحمزاوية والزاوية الناصرية.
وإذا كانت الخزانة الملكية تحتفظ بأثر نادر من آثار المشارقة، وهو كتاب «الصاهل والشاحج» الذي ذكرت لك خبره من قبل، فهذه الخزانة العامة تحتفظ أيضاً بكتاب نادر للجاحظ، ذلك هو كتاب «البرصان والعرجان والعميان والحولان» الذي سجل فيه الجاحظ أدب أصحاب العاهات، مستطرداً على جاري عادته إلى ذكر النوادر والغرائب.
لقد ظل هذا الكتاب المعجب يتردد في بطون الكتب القديمة دون أن تعرف له نسخة في مكتبات العالم، حتى اكتشفه الشيخ البحاثة السيد المختار السوسي، صاحب كتاب «المعسول» رحمه الله. وقف المختار السوسي على هذا الكتاب منذ نحو أربعين سنة، قابعاً في الزاوية العياشية ببلدة بزو، بين تادلة والسراغنة جنوب شرقي الدار البيضاء. وتتوالى الأيام ولا يفرط المغاربة في ذلك الأثر النادر، حتى كانت زيارة الدكتور صلاح الدين المنجد إلى بلاد المغرب، منذ نحو عشرين سنة، وهو إذ ذاك مدير معهد المخطوطات، ويصحبه عالم المخطوطات الكبير الأستاذ محمد إبراهيم الكتاني، إلى بزو، ويقدم له نفائس المخطوطات ومن بينها هذا الكتاب الفريد، الذي يقدم المغاربة صورة منه هدية للمشارقة تحفظ بخزانة معهد المخطوطات بمصر، ثم يقوم الأخ الدكتور محمد مرسي الخولي بتحقيق هذا الكتاب ونشره على تلك النسخة الوحيدة، منذ ثلاثة أعوام بمصر، وكتب عنه نقداً عالم تطوان الكبير الأستاذ محمد بن تاويت في مجلة دعوة الحق المغربية، عدد جمادى الأخيرة من هذا العام.
وليس كتاب الجاحظ هذا هو الأثر الوحيد الذي تنفرد الخزانة العامة بالاحتفاظ به دون مكتبات العالم، فمن ذلك ايضاً:
تعليق من أمالي ابن دريد، نسخة بقلم نسخي جيد، سنة 641 هـ.
الوسيط في الأمثال - للواحدي المفسر، نسخة بقلم نسخي نفيس من خطوط القرن السادس تقديراً، ولا يعيب هذه النسخة الوحيدة إلا أن بها سقطاً في وسطها.
وهذا الكتاب لم يرد له ذكر في فهارس المكتبات، ولعل ذلك هو الذي دفع المستشرق الألماني رودلف زلهايم إلى أن يقول:«ولا ندري المقصود بما ذكره البغدادي في الخزانة 4/ 110، من قوله: قال الواحدي في أمثاله» (1).
منال الطالب في شرح طوال الغرائب (أي الأحاديث الطويلة المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصحابة والتابعين رضوان الله عليهم) - لمجد الدين بن الأثير، صاحب كتاب «النهاية». نسخة بقلم نسخي نفيس جداً. وقد اجتمع لهذه النسخة من أسباب التوثيق والقَبول ما لا يكاد يجتمع في نسخة أخرى: فناسخها هو محمد بن نصر الله، وهو ابن أخي المؤلف، والده ضياء الدين ابن الأثير صاحب كتاب:«المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر» . وقد فرغ محمد من نسخ الكتاب سنة 606 هـ، ثم قرأه وسمعه وصحَّحه على عمه المؤلف، وكتب صورة القراءة والسماع عمه الثاني عز الدين بن الأثير المؤرخ صاحب كتاب «الكامل» .
ديوان شعر - لعبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم القيسي الأندلسي، كان حيّاً سنة 836 هـ، وليس لهذا الشاعر ولا لديوانه ذكر في أي مكان، وتتجلى أهميته البالغة في أنه عاش في الأندلس أواخر أيام دولة الإسلام هناك، وقضى حقبة من حياته أسيراً عند الإسبان، وقال في هذه الأثناء كثيراً من شعره، كما سجل في شعره كثيراً من الأحداث في عصره، ورثي كثيراً من المراكز الإسلامية التي عاصر سقوطها في يد الإسبان (2).
(1) كتاب الأمثال العربية القديمة المتقدم قريباً، صفحة 215.
(2)
قائمة لنوادر المخطوطات العربية المعروضة في مكتبة جامع القرويين بفاس، بمناسبة مرور مائة وألف سنة على تأسيس هذه الجامعة، صفحة 58، طبعة الرباط.
وإلى جانب هذه المخطوطات الوحيدة التي تحتفظ بها الخزانة العامة في الرابط: رأيت نفائس أخرى. منها: إعراب القرآن الكريم - لأبي إسحاق الزجاج، نسخة في عشرة أجزاء، بقلم نسخي جيد سنة 383 هـ.
مجموع بقلم نسخي نفيس جداً، كتب سنة 351 هـ - فيه من الكتب:
الموجز في النحو - لابن السراج.
الموفقي في النحو - لابن كيسان.
كتاب النحو - للغدة الأصبهاني.
شرح ما يكتب بالياء من الأسماء المقصورة والأفعال - لابن درستويه.
المقصور والمدود - لأبي عمر الزاهد.
كتاب الكتاب (أي الكتابة والخط والإملاء، وفيه كلام عن المذكر والمؤنث) لابن درستويه.
المذكر والمؤنث - للمفضل بن سلمة.
كتاب الخط، وكتاب القلم، وكتاب العروض - الثلاثة لابن السراج.
مختصر في فلك دوائر العروض - لبعض العروضيين.
كتاب القوافي - لأبي القاسم الطيب بن علي التميمي.
الاشتقاق - لابن دريد، نسخة بقلم نسخي جيد، كتبها العالم المعروف أحمد بن عبد القادر بن مكتوم المتوفى سنة 749 هـ. وهذه النسخة هي الثانية المعروفة في مكتبات العالم من هذا الكتاب إلى الآن. والنسخة الأولى محفوظة بمكتبة ليدن بهولندة، وعليها كان اعتماد المستشرق الألماني وستنفلد في نشرته سنة 1854 م، ثم عول عليها أيضاً أستاذنا الجليل عبد السلام هارون في تحقيقه للكتاب.
التعازي والمراثي - للمبرد، نسخة بقلم نسخي نفيس سنة 757 هـ، وهذه هي النسخة الثانية أيضاً من الكتاب. والنسخة محفوظة بمكتبة الأسكوريال بإسبانيا.
أنساب الأشراف - للبلاذري، نسخة كاملة في مجلد واحد، ثم نسخها سنة 661 هـ، وهي أقدم نسخة معروفة من الكتاب.
مقالة في الأدوية المضمونة المجربة - لجالينوس، ترجمة حنين بن إسحاق.
نسخة كتبت سنة 683 هـ.
وتحتفظ الخزانة العامة بعدة مخطوطات بخطوط مؤلفيها، عرفت منها:
غريب الحديث - لابن الجوزي، فرغ من تأليفه سنة 576 هـ، وخرجه من مبيضته سنة 581 هـ.
ميزان الاعتدال في نقد الرجال - للحافظ الذهبي وفي آخر النسخة سماعات على المؤلف، سنة 743، 745 هـ.
مجموع يحتوي على عدة تآليف - لتقي الدين السبكي المتوفى سنة 756 هـ، وعلى بعض هوامشه خط صلاح الدين الصفدي.
قطعة من كتاب طبقات الشافعية الكبرى - لتاج الدين السبكي المتوفى سنة 771 هـ، ومن الغرائب أن هذه القطعة من نفس النسخة التي يوجد منها جزء بدار الكتب المصرية، برقم 64 م (تاريخ مصطفى فاضل)، فانظر كيف تفرقت أجزاء النسخة الواحدة في مكتبات العالم!
وفي فاس العاصمة القديمة للمغرب توجد خزانة جامع القرويين، مفخرة البلاد المغربية على الإطلاق، في رحابه تكون رجال وازدهرت معارف، وقد وقف كثير من الملوك والأمراء والعلماء، على خزانة هذا الجامع، والعدد الوفير من المخطوطات في شتى العلوم والفنون، وتزخر هذه الخزانة بالنوادر والنفائس، ولا سبيل إلى ذكر كل ما رأيته من هذه وتلك، فحسبي أن أجتزئ ببعض المثل، فمن ذلك:
سير الفزاري - ويسمى كتاب السير في الأخبار والأحداث - لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحارث الفزاري المتوفى سنة 188 هـ، والموجود من هذا الكتاب الجزء الثاني، في 18 ورقة، وهو مكتوب على رق الغزال، وتم نسخه في
شهر ربيع الآخر سنة 270 هـ (مائتين وسبعين)، وهذا تاريخ له خطره وجلاله عند المشتغلين بتاريخ المخطوطات، وعلى هذا الجزء خط خلف بن عبد الملك بن بشكوال، المؤرخ المشهور، صاحب كتاب «الصلة» في تاريخ علماء الأندلس، ثم توجد عدة أجزاء من نسخة أخرى كتبت سنة 379 هـ، وتقع في 59 ورقة.
أجزاء من نسخ مختلفة من تفسير الإمام أبي جعفر الطبري، على رق الغزال، وبعض هذه الأجزاء مكتوب سنة 391 هـ.
مختصر أبي مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري - في فقه المالكية - نسخة بخط أندلسي عتيق سنة 359 هـ.
النوادر والزيادات - لابن أبي زيد القيرواني، في فقه المالكية، جزء منها على رق الغزال، بقلم أندلسي قوبل على نسخة المؤلف وهو على قيد الحياة سنة 383 هـ.
كتاب الزهد والرقائق - لابن المبارك، نسخة بقلم أندلسي سنة 465 هـ.
السيرة النبوية - لابن إسحاق، برواية يونس بن بكير، وهي رواية عزيزة جداً، فإن المطبوع المتداول ابن بكير هذه إلا من خلال النقول عنها، عن ابن سعد وابن الأثير وابن كثير (1)، والموجود من رواية ابن بكير في الخزانة الأجزاء: الثاني والثالث والرابع والخامس، وأحد هذه الأجزاء مكتوب سنة 506 هـ.
الألفاظ في اللغة - لابن السكيت، رواية ثعلب، نسخة بقلم أندلسي على رق الغزال، قرئت على العالم اللغوي ابن السيد البطليوسي في منزله بمدينة بلنسية سنة 511 هـ.
السماء والعالم - في اللغة - لأبي عبد الله محمد ابن أبان اللخمي القرطبي المتوفى سنة 354 هـ، الموجود منه الجزء الثالث بخط أندلسي قديم، وبآخره وقفية
(1) راجع مقدمة تحقيق مغازي الواقدي، للمستشرق الإنجليزي الدكتور مارسدن جونز، صفحة 26، طبعة دار المعارف بمصر.
سنة 855 هـ، ولا تعرف من هذا الكتاب نسخة في أي من مكتبات العالم، وهو من مراجع ابن سيده في كتابه «المخصص» .
البيان والتبيين - للجاحظ، الجزء الثالث من نسخة جليلة، على رق الغزال بقلم أندلسي نفيس جداً ضارب في القدم، والنسخة مقابلة على أصول صحيحة: أصل الوقشي، وابن سراج، وعطاء بن البادش، وبحواشيها تعليقات قيمة من كتاب الموالي، وكتاب الحيوان للجاحظ.
الإبانة في الوقف والابتداء، في القرآن الكريم - لأبي الفضل محمد بن جعفر الخزاعي، نسخة عتيقة بخط ابن الباذش النحوي المعروف، فرغ من نسخها سنة 520 هـ.
كتاب مشتبه النسبة، معه المؤتلف والمختلف في أسماء وألقاب رواة الحديث - كلاهما للحافظ عبد الغني بن سعيد الأزدي المصري، نسخة بخط نسخي جيد سنة 536 هـ.
كتاب خلق الإنسان، وكتاب الفرق، في اللغة، كلاهما لثابت بن أبي ثابت، نسخة بخط أندلسي سنة 600 هـ، وفي الخزانة نسخة أخرى من خلق الإنسان، بها بعض النقص، وهي بخط أندلسي قديم، وهذا «خلق الإنسان» كان قد نشره الأستاذ المحقق عبد الستار أحمد فراج بالكويت منذ عشر سنوات، عن نسخة وحيدة محفوظة بالمكتبة التيمورية بدار الكتب المصرية.
تاريخ رواة الحديث - لابن أبي خيثمة، الموجود منه الجزء الثالث، بقلم أندلسي سنة 610 هـ، وهذا الكتاب عزيز جداً، وقد عرفت ورأيت منه قطعتين صغيرتين: الأولى بالخزانة العامة بالرباط، والثانية بالمكتبة المحمودية بالمدينة المنورة، على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى السلام.
مختصر تفسير أبي زكريا يحيى بن سلام التيمي المتوفى سنة 200 هـ، تأليف أبي عبد الله محمد بن عبد الله ابن أبي زمنين المتوفى سنة 399 هـ، نسخة بخط أندلسي سنة 611 هـ.
كتاب الأخلاق المسمى: نيقوماخيا - لأرسطو، بخط مغربي سنة 619 هـ، وبآخره مقالة في المدخل إلى علم الأخلاق يظن أنها من تأليف نيقولاوش.
مجمع بخط أندلسي سنة 636 هـ، فيه كتاب الأضداد للتوزي، وكتاب الفرق بين الحروف الخمسة، وكتاب المثلث في اللغة، كلاهما لابن السيد البطليوسي.
البيان والتحصيل - في فقه المالكية - لابن رشد الجد، نسخة مزينة بخط أندلسي دقيق على رق غزال، كتب سنة 720 هـ، وتفيد هذه النسخة المعنيين بدراسة الخطوط وتطورها، فقد كتبت بقلم أندلسي دقيق ومنسّق جداً، وبلغ عدد صفحاتها 460 صفحة، في كل صفحة 75 سطراً، وهذا نمط في الكتابة قل أن يوجد في المخطوطات العربية، وأوراق النسخة كلها من بطن الغزال، وهو أرق شيء فيه، ولك أن تقدر كم من الغزلان استخدم في كتابة هذه النسخة.
كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر (تاريخ ابن خلدون)، الموجود منه الجزآن الثالث والخامس من النسخة ذات الأجزاء السبعة التي وقفها ابن خلدون على خزانة جامعة القرويين، بتاريخ شهر صفر سنة 799 هـ، وعليها خط يده.
كتاب في السياسة - لأبي بكر محمد بن الحسن المرادي المتوفى سنة 489 هـ، نسخة مكتوبة سنة 843 هـ.
منظومة رجزية في علم الطب العام - لابن الطفيل الفيلسوف، الرجز مرتب على سبع مقالات تتجاوز عدد أبياته 7700 بيت، ويقول بعض المغاربة الذين قرأوا هذه الأرجوزة أن ابن الطفيل تكلم فيها على مرض السكر.
شرح أرجوزة ابن سينا في الطب - لابن رشد الحفيد - نسخة بخط أندلسي قديم.
هذه مختارات مما تفيض به هذه الخزانة العريقة من الذخائر والتح، وقد رأيت بعض النفائس وقد عبثت بها الأرضة والرطوبة عبثاً شديداً، ولولا غيرة القائمين على الخزانة - وعلى رأسهم العلامة محمد العباد الفاسي - لأتت الأرضة والرطوبة
على الكثير من نوادرها، وهذا رجاء أبعث به إلى الحكومة المغربية الرشيدة - وأياديها على التراث مذكورة مشكورة - أن تولي مزيد اهتمام بهذه الخزانة، فتبادر بتصوير كل مقتنياتها تصويراً فنَّياً بعد أن ترممه وتجلده، ثم رجاء آخر إلى العلامة العابد الفاسي أن يخرج إلى النور هذا الفهرس العلمي القيم الذي صنعه لمحتويات الخزانة، الذي وظف فيه علمه الغزير وخبرته النادرة، فلقد رأيت كثيراً من التعليقات الجيدة على أغلفة المخطوطات بقلمه، آجره الله وجعله في موازينه.
وفي تطوان رأيت مخطوطات المكتبة العامة، وعددها قليل بالقياس إلى مخطوطات الرباط وفاس، ومن أهم ما تضمه هذه المكتبة ديوان أبي الطيب المتنبي - بقلم مغربي جميل، وتمتاز هذه النسخة بأن بها زيادات من شعر المتنبي ليست توجد في سائر نسخ الديوان المعروفة، فضلاً عما بها من ذكر مناسبات القصائد، وشرح بعض الألفاظ اللغوية، والتنبيه على المعنى المراد، والديوان مرتب على حروف المعجم، وبأوله مقدمة للأديب أبي جمعة المراكشي الماغوسي، في بيان أهمية شعر المتنبي، وما له من الحظوة عند ملوك السعديين.
وقد كتب عن مخطوطات تطوان العلامة عبد الله كنون، مقالة مستفيضة تراها في مجلة معهد المخطوطات - الجزء الثاني من المجلد الأول.
هذا ما كان من أمر المكتبات العامة التي عرفتها في المغرب. أما المكتبات الخاصة فتنتشر في حواضر المغرب وبواديه، وقد أشار إلى بعضها الدكتور صلاح الدين المنجد في الجزء الأول من المجلد الخامس، من مجلة معهد المخطوطات.
وقد عرف المغاربة المعاصرون قيمة ما انتهى إليهم من ذلك الإرث الكريم فتناولوه بالدرس والبيان، واكتشفوا من خلاله تاريخ الحاضرة في بلادهم، ونفر منهم طائفة تفقهوا في فن المخطوطات، فجروا وراءها يجمعونها من الزوايا والصحراء، ويقيمون حولها الدراسات، ثم يقدمونها للناس ميسورة الجنى دانية القطاف.
وقد عرفت ثلاثة رجال من أعلام هذه الطائفة: محمد المنوني ومحمد إبراهيم الكتاني في الرباط، ومحمد العابد الفاسي في فاس، وهذا تقدمت الإشادة بفضله عند
الحديث على القرويين. أما المنوني والكتاني فقد قدما للتراث العربي في المغرب يداً باقية وأثراً مذكوراً، فكم اكشفا من مخطوطات، وكم صحَّحا من نسبة كتب لغير أصحابها، ولولا خوف الإطالة لذكرت من هذا وذاك الشيء الكثير، ثم كانت مساعدتهما المخلصة وعونهما الكريم لكل من يرد المغرب أو يستفتيهما من خارجه، فلم يحجبها علماً ولم يبخلا بنصح.
ويمثل هؤلاء الأعلام الثلاثة الطبقة الأولى في الواقع الأدبي المغربي المعاصر، وهي الطبقة التي تخرجت في القرويين، واتصلت بالتراث في أصوله الأولى ومنابعه النقية بعيداً عن عبث المختصرين وضلال المتأولين.
وقد عاشت هذه الطبقة تجربة الحماية الفرنسية بكل مرارتها، فلم تخدع عن لغتها وتراثها، وظلت خفيفة به حريصة عليه مستزيدة منه.
وبجانب هؤلاء الأعلام الثلاثة عرفت من فحول هذه الطبقة: عبد الله كنون في طنجة، وسعيد أعراب، ومحمد داود، ومحمد بن تاويت - في تطوان، والرحالي الفاروقي في مراكش، وعبد السلام بن سودة في فاس، وفي الرباط: عبد الله الجراري، وعبد العزيز بن عبد الله، ومحمد الفاسي، عبد الوهاب بن منصور، ومحمد بن العباس القباح، والحاج محمد باحنيني وزير الثقافة، وهذا الرجل نمط وحده، فهو أديب مترسل، تستمع إليه فيحملك إلى دنيا حافلة بالنغم الحلو واللفظ المعجب والمعنى الشريف. وقد أتيح لي أن أستمع إليه في أمسية شعرية بالرباط، قدم فيها الشاعر السوري الكبير عمر أبو ريشة، فخلتني مع بيان الجاحظ وترسل ابن العميد، ولا أعتقد أن لهذا الأديب نظائر كثيرة في المشرق والمغرب.
وما زالت هذه الطبقة تواصل عطاءها السخي، وعلى وقع خطواتها سارت الطبقة الثانية من أدباء المغرب، وهي طبقة أصابت من مائدة القرويين العامرة، ثم اتصلت بالمناهج الحديثة وحصلت على أرقى الشهادات الجامعية، واتخذت مكانها في قاعات الدرس بالجامعة والمعاهد العلمية، وهذه الطبقة هي أمل المغرب
المعاصر، لما عرفت من وقوفها على القديم واتصالها بالحديث، وقد أدركت منها: الأساتذة الدكاترة: محمد بن شريفة، وعباس الجراري، وعبد الهادي التازي - في الرباط، والأستاذ الدكتور عبد السلام الهراس، وعبد الوهاب التازي، والشاهد البوشيخي - في فاس، والأستاذين حسن الوراكلي وإسماعيل الخطيب - في تطوان، وعباس الجراري أكثر هؤلاء اتصالًا بالحديث، مع روافد تراثية خصبة.
ونأتي إلى الطبقة الثالثة: كتاب الرواية والقصة والمسرحية والشعر والحديث، وكتَّاب هذه الفنون الأدبية في المغرب يعالجونها على النحو الذي تعالج به في مصر والشام والعراق وسائر بلاد المشرق سواء بسواء، من حيث البناء والمضامين والانتماءات الفكرية المختلفة.
وتطالعك من كتاب الرواية والقصة أسماء: عبد الكريم غلاب، وإدريس الخوري، وبوشتي حاضي. ومن كتاب المسرحية: عبد الكريم برشيد، ومصطفى الزباخ، ومن الشعراء: محمد الصباغ، وحسن الطريبق، وأحمد المجاطي، وعبد الكريم الطبال، ومحمد السرغيني، ومحمد بن ميمون، ولا شك أن هناك كثيرين غير ما ذكرت ممن عرفت خلال رحلتي الاثنتين إلى المغرب.
وهذه الطبقات الثلاث من علماء وأدباء المغرب تواصل إنتاجها بثراء وغزارة، وبجمعها كلها عتاب شديد على أدباء المشرق لإعراضهم وتجافيهم عما تنتجه القرائح المغربية، وهذا العتاب يأتيك هامساً رفيقاً من طبقة الشيوخ، وتسمعه صاخباً غاضباً من طبقة الشباب، فعلى حين يرى الشيوخ أن هذا الإعراض والتجافي إنما جاءا نتيجة عوامل اصطنعت في الأمة العربية اصطناعاً لتلفتها عما وجدت عليه آباءها، وهي إلى زوال وانقضاء، يرى الشباب أنهما - الإعراض والتجافي - نغمة من مقام التفوق الثقافي الذي يحس به المشارقة نحو المغاربة، وآية ذلك هذا السيل من الكتب التي تحمل عناوين توحي بالشمولية، مثل «دراسات في الشعر العربي المعاصر» من مصر، و «الشعر العربي الحديث وروح العصر» من العراق،
و «في الشعر العربي المعاصر» من سوريا، ثم تقرأ هذه الكتب فلا ترى فيها ذكراً لشاعر من شعراء المغرب.
وقد كتب الأديب عبد الجبار العلمي، يرد على الأديب السوري بندر عبد الحميد كلمته التي نشرها بجريدة الثورة السورية، عن التجربة الشعرية في المغرب، واتهامها بالانطواء والعزلة، ومما قاله العلمي: «وأحب أن أقول للسيد بندر عبد الحميد: إن المثقفين المغاربة من أشد الناس حرصاً على الاطلاع على النشاط الثقافي في كل الأقطار العربية، وأنهم يلتهمون كل ما يصل إلى المغرب من كتب ومجلات وصحف عربية، وأنهم يتمثلون كثيراً من التيارات الجديدة، سواء في القصة أو المسرح أو الشعر، وأن التجربة الحديثة لدينا تمتح من جميع الاتجاهات، سواء منها العربية أو الأجنبية
…
وهناك عديد من الأبحاث في كلية الآداب في السنة الأخيرة من الليسانس، كلها تتضمن شخصيات أدبية معاصرة، سواء في مصر أو في سوريا أو في العراق» (1).
وهذا الذي قاله الأديب عبد الجبار العلمي حق كله، وقد وقفت على أماراته وشواهده في كل المدن المغربية التي زرتها، فالمكتبات عامرة بآثار المشارقة، وإحالات الأساتذة الجامعيين وغيرهم من الباحثين على كتابات أدباء المشرق تملأ حواشي كتبهم، وعلى الجانب الآخر انظر ما يكتبه بعض المشارقة من دراسات أندلسية أو مغربية، وسترى خلطاً كثيراً واضطراباً بيَّناً، أدى إليهما قلة معرفة بالمراجع المغربية الأصيلة، وعدم متابعة لما يجري على الساحة المغربية من نشاط أدبي وفير.
وليسمح لي الأستاذ العلمي أن أنتقل بالقضية إلى ميدان أخطر وأجل من قضايا القصة والمسرح والشعر الحديث، إنها قضية الفكر العربي الشتيت، والأمة الغافلة عن ماضيها، الذاهلة عما يراد بها، ولقد كان هناك تواصل ولقاء بين أبناء هذه الأمة
(1) الملحق الثقافي لجريدة «العلم» المغربية، الجمعة 12 رمضان 1395 هـ - 19 سبتمبر 1975 م.
يوم كانت وسيلة الاتصال الناقة والسفينة، وحين تقاربت المسافات وطويت الآماد تقطعت أسباب التواصل وانصرف كل في واد، وقد حدثتك من قبل عن قاسم بن أصبغ الأندلسي الذي روى عن ابن قتيبة كتبه بمنزله ببغداد، ويا بعد ما بين الأندلس وبغداد.
ولم يعد هناك من صور التواصل إلا ما يكون من تلك المؤتمرات الأدبية التي تعقد في عاصمة من عواصم البلاد العربية كل عام أو عامين، تستغرق من الأيام سبعة أو عشرة، وتنتهي جلساتها ببعض القرارات والتوصيات التي تذروها الرياح، بل قد تكشف هذه المؤتمرات أحيانًا عن تنافر موحش بين أعضاء الوفود، نتيجة اختلاف المشارب والأهواء، وإقحام قضايا تجافي روح الأدب والفكر.
وإذا كانت الأمة العربية تشترك كلها مشرقاً ومغرباً في مسؤولية التواصل هذه، فإني أشهد أن المغاربة لم يقصروا، وما برحوا يمدون أبصارهم إلى المشرق، تكريماً لعلمائه وإفادة منهم، فهذه الدروس الدينية الرمضانية التي تلقى بين يدي جلالة الملك الحسن الثاني ملك المغرب، في قصره بالرباط، والتي تسمَّى: الدروس الحسنية، يدعى إليها كبار مفكري الإسلام من البلاد العربية، وقد دعي من علماء مصر هذا العام أستاذنا الجليل محمود شاكر - ويسميه بعضهم هناك: شيخ العربية - والباحث الدكتور مصطفى محمود.
وقد حدَّثني أحد منظمي مهرجان ابن زيدون في الرباط أنَّ وزارة الثقافة المغربية قد دعت إلى هذا المهرجان كل من له أدنى صلة بابن زيدون في مختلف البلاد العربية، وقد دعي من أدباء مصر عدد وفير ليسوا كلهم على صلة بابن زيدون، بل إن بعضهم لا وجود له فيما يكتب من أدب في مصر هذه الأيام، وقد كانت له أيام، ولكنها رغبة المغاربة الدائمة في تكريم الأديب المصري، وإجلالهم لماضيه، حين زالت الحواجز التي كانت تعوق حركة المصريين اندفع المغاربة في دعوة كثير من أساتذة الجامعات المصرية للإفادة من علمهم في قاعات الدرس بالجامعات المغربية.
والحق أن لمصر في الوجدان المغربي رصيداً ضخماً من الحب والإعزاز، تراه أنَّى سرت وحيثما توجَّهت، وقد رأيت من تعلق المغاربة بكل ما هو مصري ما لا يبلغ كنهه وصف واصف، ولا يسوء القوم إلا أننا نجهل عنهم الكثير، ولقد قال لي عالم مغربي كبير: إننا نعرف عنكم كل شيء وأنتم لا تعرفون عنا أي شيء.
وبعد: فإذا كان المغرب قد حافظ على التراث العربي، مخطوطات نادرة ونصوصاً قيمة، فإنه قد حافظ عليه أيضاً، سلوكاً وفضلاً ورعاية لواجب الأخوة مهما تباعدت الديار وتناءت الأمصار.
وهذه دعوة من فوق منبر «الثقافة» إلى أدباء المشرق عامة، وأدباء مصر خاصة أن يلتفتوا لفة جادة إلى أدب إخوانهم في المغرب، درساً له وبحثاً عن مواطن الإجادة فيه، فما ينبغي أن يظل هذا الركن القصي من الوطن العربي غير محسوب في خريطة الفكر العربي.
* * *