الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكتب الصفراء .. والحضارة العربية
(1)
كتب الشاعر الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي، كلمة في جريدة الأهرام بتاريخ 26/ 8/1992 م قدَّم فيها كتاب الأستاذ الكبير النبيل الدكتور مصطفى ناصف «صوت الشاعر القديم» .
وقد ذكر الأستاذ حجازي في صدر كلمته أنه مدين لثلاثة أساتذة بما يعرفه عن الشعر الجاهلي: أولهم مفتش لغة عربية رآه أيام الدراسة، وقد دخل عليهم الفصل، وكان أستاذ اللغة العربية يشرح شيئاً من شعر الأعشى الكبير ميمون بن قيس، فلم تَرُقْ طريقةُ المدرس في شرح شعر الأعشى ذلك المفتش، فأخذ الكلام من المدرس، واندفع في شرح بلغ من الأستاذ حجازي مبلغاً كبيراً من الرضى والارتياح، ثم غاب ذلك المفتش، ولم يره الأستاذ حجازي، ولم يسمع به بعد ذلك.
ولا نعتقد أن مثل هذه اللحظة الخاطفة في حصة دراسية محدودة، أخذ فيها ذلك المفتش في شرح بيتين اثنين من شعر الأعشى على نحوٍ مطرب معجب، تضع هذا المفتش - حذْوَ القُذَّة بالقُذَّة - مع عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، والأستاذ الكبير الدكتور مصطفى ناصف، وتجعل الأستاذ حجازي مديناً لهؤلاء الثلاثة بما يعرفه عن الشعر الجاهلي! غاية ما يقال عن ذلك المفتش الحاذق اللبق أنه حبب إلى ذلك الفتى الصغير الشعر الجاهلي ومهَّد لأنغامه الشجية أن تنصب إلى سمعه وتتولَّج في قلبه.
(1) مجلة «الهلال» ، نوفمبر 1992 م.
على أني أظن ظناً أن الأستاذ حجازي قد غَبَن نفسه، وحجَّر عليها واسعاً حين حصر طريق معرفته بالشعر الجاهلي في هؤلاء الثلاثة؛ فإني ألمح في شعره وفي كتاباته الأخيرة رصيداً طيباً من القراءة المتعددة المصادر والموارد.
والعميد الدكتور طه حسين - على جلالة قدره ونباوة محله - لم يكن وحده في ساحة الشعر الجاهلي، فقد سبقه سابقون، وعاصره معاصرون، ولحقه لاحقون، بذلوا لذلك الشعر الجاهلي من صفاء نفوسهم ونقاء أذواقهم، وذكاء ألسنتهم، ونصاعة أقلامهم، ما كشف هذا الشعر، ودل على أنه أنبل كلام العرب وأشرفه، وأنه مستودع أسرار العربي ومُستراحه، ومَجْلَى مواجعه وأشواقه.
أما الأستاذ الكبير الدكتور مصطفى ناصف فما فتئ يصرّح بأن الشَّأو بعيد، والمدى أوسع مما يحيط به بَصَر، بل كثيراً ما يحدَّثني كفاحاً ومشافهة ليس بيني وبينه أحد، عن صعوبة طريق الشعر، ثم يقول لي بلهجته العذبة الودود:«يا مولانا، المسألة ما هش كده، احنا محناش واخدين بالنا، لازم نقرأ ونقرأ» ثم يثنى على فلان، ويحيل على فلان من السابقين الأولين.
ومهما يكن من أمر فإن الذي يعنيني من مقالة الأستاذ حجازي هنا قوله عن الدكتور طه حسين: إنه يدين له «بهذا المنهج الذي أخرج به الشعر الجاهلي من سلطان النحاة والشراح وسدنة الكتب الصفراء» . وهكذا يرسل الأستاذ حجازي الكلام إرسالًا، وكأن ذلك من الحقائق المؤكدة التي استقرت عند الناس، ولم يبق لأحد فيها مقال.
وسأؤخر الحديث عن سلطان النحاة إلى حين «وأحبب إلينا أن تكون المقدَّما» . وآخذ في الحديث عن «سدنة الكتب الصفراء» ، ولنفرغ أولًا من «سَدَنة» هذه على طريقة «تحرير المصطلح قبل الأخذ في المناقشة» .
و«سدنة» من الكلمات التي يتساهل بعض الكتَّاب فيها، فيستعملونها في غير ما وُضِعت له، وهي جمع «سادن» ، وهو خادم الكعبة خاصة، وخادم الأصنام في
الجاهلية، والفعل منه سَدَنَ يَسْدُن، من باب قَتَل يَقْتُل. قال ابن فارس في مقاييس اللغة:«السين والدال والنون أصلٌ واحد لشيء مخصوص. يقال: إن السدانة: الحِجابة، وسَدَنة البيت: حَجَبَتُه» انتهى كلامه. وقوله: «لشيء مخصوص» قَطَع به طريق المجاز، وأراد أن العرب لم تستعمله في غير هذا المعنى، وأن مثل ذلك لا يُنقل إلى غير معناه الخاص إلا بسماعٍ صحيح ممن يُوثق بعربيته. فبطل إذن - بحمد الله - استعمال «سَدَنة» هنا.
ولم يبق إلا «الكتب الصفراء» ، وهو وصفٌ عجيب، كنا نسمعه قديماً ونحن شبَبَبَةٌ صغار، فتفتن به افتناناً، كما كنا نفتتن بمثل «الشعر المهموس» ، و «الدَّفْقة الشعورية» ، و «تراسُل الحواس» ، و «المنولوج الداخلي» فلما أفَقْنا من الغَشْية، وعرفنا الطريق، أدركنا أن ذلك كله مما لا غناء فيه، ولا طائل تحته، وأنه كما قال ابن قتيبة:«ترجمةٌ تروقُ بلا معنى، واسمٌ يَهُول بلا جِسم» ، أو كما قال ابن الشَّجري:«تهاويلُ فارغةٌ من الحقيقة» .
وقد اختفى هذا الوصف «الكتب الصفراء» زماناً، ثم عاد مرة أخرى، وإذا كنا لا نحفل به إذا جاء في كلام من لا يؤبه له، ولا يُعاج به من صغار الكتَّاب، فإن الأمر يختلف إذا وردفي كلام شاعر كبير مثل الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي، له قراء ومحبون، وأستاذ جامعي مثل الأستاذ الدكتور عاطف العراقي، له تلاميذ ومريدون، ذلك في كلمة له قريبة في الأهرام أيضاً.
وواضح أن ورود هذا الوصف في كلام الأستاذ حجازي والدكتور العراقي، ومن لَفَّ لَفَّهما، إنما هو في مقام الذم والسخرية، بحيث صار استعمال هذا الوصف مرادافًا للأدب الغث والفكر الهزيل المتخلّف.
وإذا كنا لا نرضى لأنفسنا أن نتغلغل إلى المطوي في ضمائر الناس؛ لأن ذلك عند علام الغيوب، وإذا كان الأستاذ حجازي والدكتور العراقي، وكل من استعمل هذا الوصف، لم يقدموا لنا نماذج محددة من أسماء هذه الكتب الصفراء وما تشتمل عليه من ألوان الفكر وضروب الأدب، إذا كان ذلك كذلك، فإن من حقنا أن نقف
عند الدلالة المجردة لهذا الوصف، فنقول ببداهة العقل وبمطلق الدلالة: إن كل فكر جاء في كتب صفراء مرفوض ومطَّرَح؛ لأن الوصف إذا جاء بغير قيد أو استثناء دخل تحته كل أفراد جنسه. ومعنى هذا ببداهة العقل أيضاً، وبمطلق الدلالة أن ديوان الأستاذ حجازي «مدينة بلا قلب» إذا جاءنا في ورق أصفر اجتويناه ورفضناه، وبمفهوم المخالفة: إذا جاءنا هذا الديوان على ورق كوشيه فاخر، كان ذلك رافعاً لخَسِيسَتِه - إن كانت فيه خسيسَةٌ - لا قَدَّر الله ولا قَضى.
ونحن نقولها بكل سلامة الصدر، وبكل خلوص النية لكل من عنده خبرٌ عن حقيقة هذا الوصف: نبئنا بتأويله.
وبكل سلامة الصدر أيضاً وخلوص النية نسأل الأستاذ حجازي، نعم نسأله تعلُّماً لا تعنُّتاً: ما معنى قولك: إن الدكتور طه حسين أخرج الشعر الجاهلي من سدنة الكتب الصفراء؟ فمن هم هؤلاء السدنة - إن قبلنا هذا الاستعمال؟ ما هي أسماؤهم، ثم ما هي أزمانهم؟ ثم ما هذه الكتب الصفراء التي جاء فيها شرح الشعر الجاهلي محرَّفاً ومُزالًا عن جهته، حتى جاء عميد الأدب العربي فنفخ فيه من روحه حتى نهض قائماً على سُوقه؟
إن الشعر الجاهلي قد جاءنا موثقاً مضبوطاً في دواوين أصحابه التي صنعها علماء الصدر الأول، مثل ابن السكيت وابن حبيب وثعلب والسُكري، وفي الشروح الكبرى، مثل شرح المفضليات لأبي محمد الأنباري، وشرح القصائد السبع لابنه أبي بكر، شرح القصائد التسع لأبي جعفر النحاس، وجاءنا أيضاً في المجاميع والمختارات الأدبية التي صنفها فحول العلماء في الصدر الأول أيضاً كالمفضليات والأصمعيات والحماسيات والمختارات، وجاءنا أيضاً منثوراً ومفرَّقاً في كتب الأمالي والمجالس ودواوين الأدب ومعاجم اللغة، بل وفي كتب التاريخ والبلدانيات (الجغرافيا).
وحين ظهرت المطبعة، وتصدى علماء البعث والإحياء لشرح الشعر الجاهلي قرأناه في مؤلفات جلة العلماء، من أمثال الشيخ حسين بن أحمد المرصفي، والشيخ
سيد بن علي المرصفي، والشيخ حمزة فتح الله، ثم جاءت طبقة تلاميذهم من قراء الشعر الجاهلي وشراحه، مثل الأستاذ محمود محمد شاكر، والدكتور طه حسين، والطبقة التي جاءت بعدهما مثل الدكتور نجيب محمد البَهْبِيتي، والدكتور عبد الله الطيب المجذوب
…
وهلمَّ جرّاً إلى أساتذة الأدب ودارسيه بالجامعات وغير الجامعات.
فأنت ترى أن الشعر الجاهلي في أصلاب كريمة، ووعته صدور حافظة، وحملته أيدٍ بارة، وأدَّته ألسن ذكية. وهؤلاء العلماء المحدثون الذين ذكرتهم إنما قرأوا الشعر الجاهلي وغير الجاهلي في الكتب الصفراء.
فإذا تركنا حديث الشعر الجاهلي ونظرنا في تراثنا كله المطبوع في مطبعة بولاق والمطابع الأهلية الأخرى بمصر وسائر بلاد الدنيا، وجدنا كله - وبخاصة أواخر القرن الماضي والربع الأول من القرن الحالي - قد جاءنا في الورق الأصفر، فقد قرأنا تفاسير القرآن الكريم ودواوين السُّنَّة المطهَّرة في الورق الأصفر، وكذلك كتاب الأم للشافعي، وكتاب سيبويه، والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني، وتاريخ الطبري وابن الأثير، ومقدمة ابن خلدون، والفتوحات المكية لابن عربي، ومنهاج السنة النبوية لابن تيمية، ووفيات الأعيان لابن خلكان، ونفح الطيب للمقري، وألف ليلة وليلة
…
وسائر كتب الحضارة العربية والإسلامية. وكذلك الكتب المترجمة يومئذ إلى العربية في أنواع العلوم، كالطب والهندسة والفلك والرياضيات والعلوم الحربية. وكذلك كان الشأن في كثير من مطبوعات أوروبا من الكتاب العربي وغيره.
يقول العلامة الدكتور عبد الله الطيب المجذوب، صاحب الكتاب العظيم «المرشد إلى فهم أشعار العرب» في محاضرة ألقاها بنادي ناصر الثقافي بالخرطوم:«وأشهد على نفسي أني عندما كنت أدرس في الخارج - يعني لندن - كنا ندرس بعض القطع المسرحية لشكسبير، فكان التلاميذ معنا يُسَمَّع بعضهم لبعض القطع عن ظهر قلب، حتى أمثال «يطارده القتلة» أو «يخرج بطارده سبع» . كانت لهذه
المسرحيات القديمة شروح، قد تكون الأبيات أربعة أسطر في أعلى الصحيفة بخط كبير، وسائر الصحيفة بخط دقيق شرح لما فوق، ويقبل التلاميذ على ذلك ولا ينفرون، فإذا قدم لهم شيء يشبه ذلك بالعربية نفروا منه نفوراً شديداً. ومن عجب الأمر أن الكتب التي كنا ندرسها بالإنجليزية كان ورقها أصفر. والورق الأصفر لعله ألين على عين القارئ من الورق الناصع الأبيض» انتهى كلامه، ويؤكده أن مصابيح الإضاءة في شوارع وميادين الكبرى غلب عليها الآن اللون الأصفر.
وقد شهدنا في الكتب الصفراء ظاهرة طباعية عجيبة، لم نشهدها في الكتب البيضاء، وهي ظاهرة طبع كتاب أو كتابين بهامش الكتاب الأصلي، أو بآخره إذا كان له صلة بالكتاب الأصلي. والأمثلة على ذلك كثيرة جداً، لا داعي للتطويل بذكرها، على أن أعجب ما في هذه الظاهرة أن نرى خمسة كتب مطبوعة في كتاب، وفي صفحة واحدة اجتمعت الكتب الخمسة، في الصلب والهامش، مفصولة بجداول، دون أن يختلط بعضها ببعض، أو يبغي بعضها على بعض. وذلك: كتاب شروح التلخيص في علوم البلاغة، ويشتمل على:
1 -
شرح سعد الدين التفتازاني على تلخيص المفتاح للخطيب القزويني.
2 -
مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح لابن يعقوب المغربي.
3 -
عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح، لبهاء الدين السبكي.
4 -
الإيضاح للخطيب القزويني.
5 -
حاشية الدسوقي على شرح السعد.
والثلاثة الأولى طبعت في صلب الكتاب، والاثنان الباقيان بهامشه. وكانت الطبعة الأولى للكتاب بمطبعة بولاق - على الورق الأصفر - سنة 1317 هـ، أي منذ نحو مائة عام، وكانت هذه الطبعة على نفقة مصطفى أفندي المكاوي، المحامي بمدينة الفيوم، والشيوخ فرج الله زكي الكردي، وكيل الشركة الخيرية لنشر الكتب العالمية الإسلامية، من طلبة العلم بالأزهر الشريف، وعبد الحميد أفندي الصمداني.
وقف أيها القارئ الكريم عند اسم «مصطفى أفندي المكاوي المحامي» ، وانظر إلى همم الرجال واهتماماتهم في تلك الأيام! رجل من رجال القانون ينهض للمشاركة في نشر أصول من كتب البلاغة! وأدعُ لك أيها القارئ العزيز التدبر في هذا الذي كان، وما نحن عليه الآن!
وظاهرة طبع الكتب بهامش كتب أخرى، ظاهرة عجيبة فريدة، وهي دالة بوضوح على أن القوم كانوا في سباق لنشر العلم وإذاعته. وما أعلم أن هذه الظاهرة عرفت في غير مطابع مصر واستانبول، في بداية الطباعة العربية على الأقل.
هذا وقد ارتبط الورق الأصفر عند عارفي الكتب وجامعيها، بجودة التصحيح وكمال الإخراج - وتلك حقبة غالية من تاريخ الطباعة في مصر - فقلَّ أن تجد تصحيفاً أو تحريفاً، وجاءت النصوص كاملة موفورة، لا سقط فيها ولا خلل، وذلك لأن القائمين على تصحيح الكتب الصفراء في ذلك الزمان كانوا طبقة من فضلاء العلماء، وكانوا يقومون بعملهم هذا في أمانة تامة وحرصٍ شديد. ويذكر التاريخ من أسماء هؤلاء المصححين العلماء: نصر الهوريني، ومحمد بن عبد الرحمن، المعروف بقُطة العدوي، ومحمد الحسيني، وطه محمود، ومحمد عبد الرسول، ومحمد قاسم، ومحمد الزهري الغمراوي، وعبد الغني محمود.
وكان كثير من أساتذتنا الذين يجمعون الكتب يركضون خلف الطبعة الصفراء، ويسمحون فيها بأغلى الثمن، فإذا جئت أحدهم بطبعة من الكتاب القديم على ورق أبيض، نفر منها نفوراً شديداً، فإذا زيَّنتها له بأن فيها أوائل فقرات، وعلامات ترقيم، لجَّ في إعراضه، وقال:«بِطِينُه ولا غسيل البرك» .
وإن تعجب فعجب: أن الورق الأصفر قد عاد إلى الطباعة مرة أخرى، وأمامي الآن طبعة جيدة جداً من «القاموس المحيط» للفيروزآبادي، على ورق أصفر. وتقع هذه الطبعة في (1750) صفحة، وقد أصدرتها مؤسسة الرسالة ببيروت - الطبعة الثانية 1407 هـ = 1987 م. ثم طبعة محققة من كتاب «مفردات ألفاظ القرآن» للراغب الأصبهاني على ورق أبيض، ولكنه بياض خفيف يميل كل الميل إلى
الأصفر. وهذه الطبعة من منشورات دار القلم بدمشق، والدار الشامية ببيروت.
الطبعة الأولى 1412 هـ = 1992 م.
هذا ولن تزول حيرتي، ولن ينقضي عجبي من حديث «الكتب الصفراء» الحط (1) عليها، إلا إذا جاءني كاتب بكلام محدد مبين موثق، بأسماء هذه الكتب الصفراء، والفنون التي عالجتها والدلالة على مواضع الذم منها، وليس لي إلا شرط واحد: أن يرفق بي الكاتب، فلا يَهجم بي على دهاليز المنهجية والموضوعية والإشكالية، وحركة التاريخ، والحتمية الحضارية، وأن يأتيني الكلام واضحاً قاطعاً، لا ترى فيه عوجاً ولأا أمتاً؛ فإن كثيراً مما نقرأه ونسمعه في هذه الأيام مما ينطبق عليه قول ذلك الأعرابي وقد حضر مجلس الأخفش فسمع كلاماً لم يفهمه، فحار وعجب، فقال له الأخفش: ما تسمع يا أخا العرب؟ فقال: «أراكم تتكلمون بكلامنا في كلامنا بما ليس من كلامنا»
…
نعم إن كثيراً مما نقرأه ونسمعه الآن مما يدبر الرأس ويجعل الأعلى أسفل والأسفل أعلى، وكأنك في مدينة ملاهٍ، أمام تلك الصناديق التي يجلس فيها الصغار: تعلو بهم ثم تهبط، ثم تعلو ثم تهبط، إلى أن يدركهم الدُّوار، أو يُنزل الله عليهم النعاس أمنة منه
…
والملجأ الله.
* * *
(1) كذا في الأصل، ولعلها: والحض عليها.