الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للرزق الواسع والشهرة المستفيضة، ولكنه عزف عن ذلك وولى وجهه شطر القاهرة، حيث الأزهر الشريف، وأئمة القراءة والإقراء.
وفي القاهرة أخذ في القراءة والتلقي والمشافهة والعرض والسماع، فتلقى القراءات العشر الصغرى من طريق الشاطبية والدرة، على الشيخ محمد غنيم، وهو على الشيخ حسن الجريسي الكبير، وهو على العلامة المقرئ أحمد الدري التهامي، وسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، معروف.
ثم تلقى القراءات العشر الكبرى على الشيخ علي عبد الرحمن سبيع، من أول القرآن إلى قوله تعالى في سورة هود (وقال اركبوا فيها)، ثم إن الشيخ عليّاً أرسل خلف الشيخ عامر يقول له: سوف نبدأ بعد ثلاثة أيام، فقال له الشيخ عامر: كيف سنبدأ بعد ثلاثة أيام يا سيدي ونحن قد وصلنا إلى قوله تعالى: (وقال اركبوا فيها)؟ فقال له الشيخ علي: «بعدين ح تعرف» ، ثم توفي الشيخ بعد ثلاثة أيام من هذا الكلام. وكان شيخنا الشيخ عامر إذا ذكر هذه القصة اغرورقت عيناه بالدموع، ويقول:«فكان معنى كلام الشيخ علي أن أيام الآخرة بالنسبة له ستبدأ بعد ثلاثة أيام» .
وتوفي الشيخ علي سبيعة سنة 1927 م.
ثم إن الشيخ عامر شرع في ختمة جديدة على تلميذ الشيخ علي سبيع، وهو الشيخ همام قطب، فقرأ عليه ختمة كاملة بالقراءات العشر الكبرى، من طريق الطيَّبة بالتحرير والإتقان، وقرأ الشيخ همام على الشيخ علي سبيع المذكور، وهو على الشيخ حسن الجريسي الكبير، وهو على الشيخ محمد المتولي، وهو على الشيخ أحمد الدري التهامي، وسنده معروف.
حلقة للإقراء بالأزهر:
وهكذا عرف شيخنا الطريق ولزمه. وبعد أن رسخت قدمه في هذا العلم، رواية ودراية، اتخذ لنفسه حلقة بالجامع الأزهر سنة 1935 م للإقراء والتدريس، وكان في أثناء ذلك مكباً على مخطوطات القراءات بالمكتبة الأزهرية ودار الكتب
المصرية، يقرأ وينسخ، فظهر نبوغه ولفت إليه الأنظار، فاتصل به الشيخ علي محمد الضبَّاع، شيخ المقارئ المصرية يومئذ، واستعان في تحقيقات القراءات العشر الكبرى.
وكان رحمه الله حجة في رسم المصحف الشريف، وقد شارك في تصحيح ومراجعة كثير من المصاحف التي طبعت بمطابع الحلبي والشمرلي، والمطبعة الملكية في عهد الملك فؤاد والملك فاروق رحمهما الله.
وحين أنشئ معهد القراءات تابعاً لكلية اللغة العربية بالأزهر الشريف، سنة 1943 م كان الشيخ على رأس مشايخه وأساتذته، فتخرَّجت على يديه هذه الأجيال الكريمة من خدمة كتاب الله والعارفين بعلومه وقراءاته بمصر وخارج مصر.
ولما أنشأت مصر - غير مسبوقة - إذاعة القرآن الكريم سنة 1963 م، وقدمت من خلالها (المصحف المرتل) أشرف الشيخ على التسجيلات الأولى من هذا المشروع العظيم، وكانت بأصوات المشايخ: محمود خليل الحصري، ومصطفى إسماعيل، ومحمد صديق المنشاوي، وعبد الباسط عبد الصمد، ومحمود علي البنا رحمهم الله أجمعين.
وعلى ذكر الإذاعة فقد كان شيخنا عضواً بارزاً في لجنة اختيار القراء، وكان سيفاً بتاراً، حازماً صارماً في غربلة الأصوات وإجادتها، ولم يكن يقبل الميوعة أو تجاوز الأصول في القراءة والأداء، وطالما اشتكى منه القراء، ورموه بالتعسف والتشدد، وضغطوا عليه بوسائل شتى، ولكنه لم يلن ولم يضعف، وكذلك كان يفعل في لجنة اختيار القراء الذين ترسلهم وزارة الأوقاف المصرية إلى البلدان العربية والإسلامية في شهر رمضان. وقد حُورِب كثيراً في لجنة اختيار القراء بالإذاعة المصرية، وطُلب إقصاؤه أكثر من مرة، وكان الذي يقف وراءه مدافعاً ومنافحاً: الشَّاعر الفحل محمود حسن إسماعيل، إذ كان مستشاراً ثقافيّاً بالإذاعة المصرية، رحمهما الله تعالى.