الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تسلسل الأحداث العسكرية -بعد معركة حنين- على أن القوة الرئيسية ذات الخطر والتي قاتلت المسلمين في حنين تحت قيادة مالك بن عوف، هي من ثقيف، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد انتصاره في حنين لم يبق من قبائل هوازن التي اشتركت في هذه المعركة ضده، من يهتم بأمره سوى ثقيف الذين وجه كل قواته لمطاردتهم، وقاد هذه المطاردة بنفسه، حتى وصل إلى الطائف فوجد ثقيفًا قد تحصنت في قلاعه فضرب عليها الحصار سبعة عشر يومًا، ولكن لشدة امتناعهم بحصونهم في الطائف تركهم صلى الله عليه وسلم دون أن ينال منهم شيئًا، حتى هداهم الله للإسلام، فجاءوا إلى المدينة وأعلنوا إسلامهم طائعين.
مصير قبائل هوازن
وهذا يعني أن قوة جميع القبائل الهوازنية (ما عدا ثقيف) قد تلاشت، لا سيما بعد أن أسلم ملكهم وسيدهم الشاب القائد مالك بن عوف النصرى، وتحول إلى قائد يحارب إلى جانب الإِسلام.
وقبل التحدث عن نتائج مطاردة النبي لثقيف من حنين وضربه الحصار عليهم في قلاعهم، لا بد من إعطاء القاري الكريم لمحة عن تاريخ قبائل ثقيف، وعن مدى مركزها في التاريخ الجاهلى والإِسلام.
تاريخ ثقيف
فالذي يذكره المؤرخون وأصحاب الأنساب، أن ثقيفًا بطن من هوازن. وهوازن هو ابن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عبدنان.
وهوازن الذي تنتسب إليه ثقيف قد تفرّعت عنه فخائذ كثيرة، تجمعهم قبائل رئيسية ثلاث كلها لبكر بن هوازن وهم.
أولًا .. بنو سعد بن بكر.
ثانيًا .. بنو معاوية بن بكر، الذين منهم مالك بن عوف النصرى.
ثالثًا .. بنو منبّه بن بكر. وإلى هذا الأخير تنتسب ثقيف.
وثقيف اسمه قَسى (بفتح القاف كسر السين) ابن منبّه بن بكر بن هوازن، وقد تفرع عن قسى هذا عدة قبائل، اشتهروا فيما بعد باسم أبيهم
ثقيف.
ومن أهم هذه القبائل، بنو جهم بن ثقيف، وبنو عوف بن ثقيف -ومنازل بني عوف هؤلاء في وادي لية- وكانت لهم به حصون، وكل هذه القبائل تقسم إلى قبيلتين هما الأحلاف وبنو مالك، وهم الذين اشتركوا (مشركين) في معركة حنين تحت هذين الأسمين.
أما موطنهم الأصلي فهو الطائف وضواحيها، وكانت ثقيف في الجاهلية قوة حربية لها وزنها، وقيل أن خاضت معركة في الجاهلة مشهورة، انتصرت فيها كلها على خصومها.
فمن تاريخ ثقيف الحربي في الجاهلية أن خثعم (وهم جيل من اليمن) غزو ثقيفا في الطائف فخرجت إليهم ثقيف، على رأسهم سيدهم غيلان بن سلمة، فقاتلهم قتالًا شديدًا حتى هزمهم، بعد أن أحدث فيهم مقتلة عظيمة، وأسر عدة منهم ثم منّ عليهم.
ومن أيامهم التي انتصروا فيها، يوم وادي وجّ، وهو واد مشهور بالطائف. ولعل أعظم الأيام التي انتصرت فيها ثقيف في الجاهلية، هي تلك المعركة التي دارت بينهم وبين بني عامر بن ربيعة من هوازن. فقد جاء في معجم قبائل العرب: أن بني عامر بن ربيعة هؤلاء، جمعوا جموعا كثيرة من أنفسهم وأحلافهم، ثم ساروا إلى ثقيف في الطائف، وكانت بنو نصر بن معاوية أحلافا لثقيف، فلما بلغ ثقيفا مسير بني عامر، استنجدوا ببنى نصر، فأنجدتهم، فخرجت ثقيف إلى بني عامر، وعلى ثقيف غيلان بن سلمة بن متعب، فلقوهم وقاتلتهم ثقيف قتالًا شديدًا، فانهزمت بنو عامر ومن كان معهم وظهرت ثقيف عليهم، فأكثروا فيهم القتل.
وفي سبب تسمية بلدهم بالطائف، ذكر البكرى في معجم ما استعجم أن بني ثقيف عرفوا فضل المكان الذي يسمى اليوم بالطائف، وكان لبنى عامر بن ربيعة من هوازن، فقالوا لبنى عامر: إن هذه بلاد غرس وزرع، وقد رأيناكم اخترتم المراعي عليها، فأضررت بعمارتها وأعمالها، ونحن أبصر بعملها منكم، فهل لكم أن تجمعوا الزرع والضرع وتدفعوا بلادكم هذه إلينا فنثيرها حرثًا (أعنابا وثمارا وشجارًا) ونكظمها كظائم ونحفرها أطواء، ونملأها عمارة