الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنع آخرين فكأنهم عتبوا عليه فقال: إني أعطى قومًا أخاف هلعهم وجزعهم، وأكل قومًا إلى ما جعل الله في قلوبهم من الخير والغنى منهم، عمرو بن تغلب (1) قال عمرو: فما أحب أن لي بكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حمر النعم.
أخت الرسول التي كانت بين السبايا
قضت ظروف الهزيمة التي نزلت بهوازن في حنين والتي حملت معها كل أموالها ونسائها وأطفالها إلى حيث المعركة .. قضت ظروف الهزيمة (وكما هي شرعة الحرب في الإِسلام وفي كل الأعراف والقوانين السائدة في العالم آن ذاك (2)) أن يقع كل نساء وأطفال هوازن في الأسر وأن يعتبروا جزءًا من الغنيمة التي تقسم بين المحاربين المنتصرين.
وكان من البديهى أن يقع كل نساء سعد بن بكر بن هوازن (أخوال الرسول صلى الله عليه وسلم من الرضاعة) ضمن السبايا في أيدى المسلمين.
وكان من ضمن أولئك السبايا، الشيماء بنت الحارث (3) التي أمها حليمة بنت أبي دوئب السعدية أم الرسول صلى الله عليه وسلم من الرضاعة. وكانت الشيماء تحمل الرسول صلى الله عليه وسلم مع أمها حليمة وتقوم عليه وترعاه عندما كان طفلًا رضيعًا في بني سعد بديار هوازن .. الشيماء هذه التي هي أخت الرسول صلى الله عليه وسلم ومن الرضاعة وقعت سبيّة في أيدى الجيش الإِسلامي يوم حنين ضمن سبى هوازن.
(1) هو عمرو بن تغلب العنبرى من عبد القيس، وقيل من بكر وائل وقيل من النمر بن قاسط. وقيل غير ذلك. قال في أسد الغابة: وجميع ما ذكر في نسبه ورجع إلى أسد بن ربيعة، فهو ربيعى على الاختلاف الذي فيه. سكن عمرو بن تغلب البصرة، وروى عنه الحسن البصري. وعن عمرو بن تغلب روى الحديث الخطير (كما في أسد الغابة) وهو أن من أشراط الساعة أن تكثر التجار. ويظهر القلم، يعني أن التجار يكثرون لكثرة المال، ويكثر الذين يكتبون، فإن الكتابة كانت قليلة في العرب. شهد عمرو أحدًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشاهد بعدها.
(2)
انظر أوسع التفاصيل عن موقف الإِسلام من الرق الحربى ومنه السبايا وذلك في كتابنا الرابع (غزوة بني قريظة) تحت عنوان (الإِسلام والرق)، وأن الرق الحربى في الإِسلام هو من باب العمل الحربى المقابل.
(3)
الشيماء لقب لها. أما اسمها فهو حذافة بنت الحارث السعدية. أسلت الشيماء ورجعت إلى ديار قومها هوازن بعد أن حررها الرسول صلى الله عليه وسلم وأكرمها وخيرها بين أن نقيم عنده أو تعود إلى ديارها.
وكان بعض الذين سبوها من المسلمين قد عنّفوا عليها في السياق. فكانت تقول لهم: إني والله أخت صاحبكم، ولا يصدقونها، وكان الذين أخذوها طائفة من الأنصار وكانوا أشد الناس على هوازن، فلما أتوا بها الرسول صلى الله عليه وسلم قالت: إني أختك من الرضاعة. قال: وعلامة ذلك؟ قالت: عضة عضضتنيها في ظهرى وأنا حاملتك على وركى بوادى السر ونحن يومئذ برعائهم، أبوك أبي وأمك أمى، قد نازعتك الثدى، وتذكر يا رسول الله.
فعرف رسول الله العلامة فوثب قائمًا، ثم بسط لها رداءه وقال لها: اجلسى عليه، ورحب بها ودمعت عيناه وسألها عن أمه وأبيه من الرضاعة فأخبرته موتهما في الزمان، فخيّرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أن تقيم عنده وبين أن تعود إلى قومها قائلًا: إن أحببتِ فأقيمى عندنا محبَّبة مكرمة، وإن أحببت أن ترجعى إلى قومك وَصلتَك رَجعت إلى قومك. قالت: أرجع إلى قومى، ثم أسلمت فأكرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاها نعمًا وشاء، ومما أعطاها عبد وجارية زوّجت أحدهما الآخر.
وجاء في بعض المصادر أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما بسط رداءه لأخته الشيماء قال لها: سلى تعطى. واشفعى تشفعى.
وقالوا: إن الشيماء شفعت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجل من قومها بني سعد اسمه بجاد. هذا الرجل قد استحق عقوبة الإِعدام، لأنه قتل رجل من المسلمين ومثل به، حيث حرّقه بالنار بعد أن قتله. فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم خيله بطلبه، وقال: إن قدرتم على بجاد فلا يفلتن منكم.
قال الواقدي: وكان بجاد من بني سعد وكان قد أتاه رجل من المسلمين فأخذه بجاد فقطّعه عضوًا عضوًا، ثم حرقه بالنار، فكان قد هرب، فأخذته الخيل فضمّوه إلى الشيماء بنت الحارث، وقال عبد الصمد: لما رجعت الشيماء إلى منزلها بالجعرانة بعد أن عرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرمها كلمها النسوة من هوازن في بجاد، فرجعت إلى أخيها الرسول صلى الله عليه وسلم وطلبت منه أن يهب لها بجادًا ويعفو عنه ففعل (1).
(1) مغازي الواقدي ج 3.