الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رأسه قد جرد سيفه والنبي صلى الله عليه وسلم نائم بعيدًا عن سلاحه، غير أن الله تعالى أفشل هذه المحاولة الخطيرة، ونجَّا الرسول صلى الله عليه وسلم من شرها، فقد أشعر الرسول صلى الله عليه وسلم حرسه فاعتقلوا المشرك المتآمر، وحاولوا إعدامه ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم نهاهم عن ذلك.
قال أبو بردة بن نيار (1) وهو من المقربين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما كنا دون
أوطاس، نزلنا ونظرنا إلى شجرة عظيمة، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها وعلَّق
بها رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه وقوسه وقال: وكنت من أقرب أصحابه إليه.
قال: فما أفزعنى إلا صوته. يا أبا بردة، فقلت: لبيك، فأقبلت سريعًا، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وعنده رجل جالس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا الرجل جاء وأنا نائم، فسل سيفى ثم قام به على رأسى ففزعت به، وهو يقول: يا محمد، من يؤمِّنك منى اليوم؟ قلت: الله، قل أبو بردة: فوثبت إلى سيفى فسللته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم شِم (2) سيفك. قال: قلت: يا رسول الله دعنى أضرب عنق عدو الله، فإن هذا من عيون المشركين. قال: فقال لي: أسكت يا أبا بردة. قال: فما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا ولا عاقبه. قال: فجعلت أصيح به في العسكر ليشهده الناس فيقتله قاتل بغير أمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما أنا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كفَّنى عن قتله. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إلهَ عن الرجل يا أبا بردة، قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا أبا بردة إن الله مانعى وحافظى حتى يظهر دينه على الدين كله (3).
تقارير استخبارات هوازن عن الجيش النبوي
وكما هي العادة المتبعة في كل حرب فإن حصول العدو عن المعلومات الكاملة في مختلف القطاعات والمجالات أمر يضعه كل قائد مسؤول في مقدمة خططه وحساباته واستعداداته للمواجهة. وانطلاقًا من هذه القاعدة (وكما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم حين بعث باستخباراته للحصول على المعلومات اللازمة عن
(1) انظر ترجمة أبو بردة في كتابنا (غزوة بدر الكبرى).
(2)
شم -بكسر الشين أي اغمده.
(3)
مغازي الواقدي ج 3.
قوة هوازن، فقد فعل مالك بن عوف النصرى ملك هوازن وقائدها نفس الشيء، فبعد أن سبق المسلمين إلى وادي حنين وعسكر به وبعد أن علم بتحركهم من مكة، قرر أبي يبعث برجال من استخباراته العسكرية تستطلع أمر الجيش النبوي وتحمل إليه المعلومات الهامة عن الجيش النبوي التي يحتاج إليها قائد عام جيش هوازن الذي أصبح على أبواب معركة مصيرية حاسمة على نتائجها يتقرر مصير الوثنية بأكملها.
فقد انتخب مالك بن عوف ثلاثة من رجاله وأمرهم بأن يقوموا بمهمة التجسس على جيش المسلمين لمعرفة مدى قوته، فكوّن منهم جهاز استخبارات خاصًّا للقيام بهذه المهمة.
فقد أمر مالك بن عوف هؤلاء الثلاثة بأن يندسوا في معسكر المسلمين، وينقلوا إليه كل ما يحتاج إلى معرفته عن جيش الإسلام.
فقام هؤلاء الثلاثة بتنفيذ أمر ملكهم وقائدهم فتسللوا (متنكرين) حتى وصلوا إلى المعسكر الإسلامي وجاسوا خلاله دون أن يشعر أحد من المسلمين، فعرفوا عن جيش الإسلام ما حل قواهم المعنوية وجعلهم يستيقنون في أنفسهم أن أحدًا (مهما كان) لن يقدر على أن يتغلب على جيش الإسلام الذي رأوا.
لذلك عادوا إلى ملكهم وقائدهم مالك بن عوف فقدموا له عن جيش المسلمين تقريرًا أغضبه، ولم يكتف جهاز استخبارات مالك، بل أسدوا لقائدهم النصح بأن يتجنب الصدام مع المسلمين، وأن يعود بجيشه إلى ديار هوازن دون أن يلتحم بالجيش النبوي، لأن تلك هي الوسيلة الوحيدة التي بها ينجو مالك وينجِّي جيشه من هزيمة ستكون ماحقة لا محالة.
قدم جهاز استخبارات ملك هوازن تقريره ثم نصحه بعدم الصدام عن قناعة بنوها نتيجة لواقع شهدوه ولمسوه، حينما خالطوا المسلمين في معسكرهم بين مكة وحنين حيث رأوا ما أفزعهم وبث الرعب في نفوسهم.
ولكن مالكًا اتهم استخباراته بالجبن فسخر منهم ومن نصائحهم، كلف رجلًا آخر من رجاله بأن يقدم له تقريرًا عن واقع الجيش الإسلامي، وقد ذهب الرجل إلى معسكر المسلمين للاستكشاف ولكنه عاد إلى القائد مالك