الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال آخرون من الأنصار: والله إنَّ هذا لهو العجب إنَّ سيوفنا لتقطر من دمائهم والغنائم تقسم فيهم (1) وفي رواية للإِمام البخاري: قال الأنصار: إذا كانت شديدة فنحن ندعى ويعطى الغنيمة غيرنا (2)
سيد الخزرج يبلغ الرسول عتاب قومه الأنصار
ودخل سعد بن عبادة (3) سيد الخزرج على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبلغه ما يجد الأنصار في نفوسهم بسبب ما أعطى من غنائم لسادات قريش وزعماء القبائل الأخرى. فقال سعد: إن هذا الحيّ من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفئ الذي أصبت. قسمت في قومك وأعطيت عطايا عظامًا في قبائل العرب، ولم يكن في هذا الحى من الأنصار شيء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأين أنت من ذلك يا سعد، قال: يا رسول الله ما أنا إلا من قومى (4).
وفي بعض المصادر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأين أنت من ذلك يا سعد؟ فقال سعد: ما أنا إلا كأحدهم، وإنا لنحب أن نعلم من أين هذا؟ (5).
الرسول يناقش الأنصار حين عاتبوه بشأن الغنائم
قال رواة الحديث وأصحاب السير أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما بلغه مقالات الأنصار التي تتضمن عتابهم له حين أجزل العطاء من الخمس لبعض سادات العرب، غضب حتى انعكس فعل الغضب على وجهه الشريف. قالوا: وأمر سيد الخزرج سعد بن عبادة أن يجمع له الأنصار ليتحدث إليهم ويشرح لهم الأسباب التي دعته إلى أن يصنع ما صنع من الذي أغضبهم فقالوا ما قالوا .. وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم سعد بن عبادة بأن لا يحضر هذا الاجتماع أحد من غير الأنصار.
وصدع سعد بن عبادة بالأمر فجمع الأنصار (أي ساداتهم) في خيمة
(1) البداية والنهاية ج 4 ص 357 عن الصحيحين من حديث شعبة.
(2)
السيرة الحلبية ج 2 ص 247 والبداية والنهاية ج 4 ص 357 نقلًا عن صحيح البخاري.
(3)
انظر ترجمة سعد بن عبادة في كتابنا (غزوة بدر الكبرى).
(4)
تاريخ الطبري 3 ص 93.
(5)
مغازي الواقدي 3 ص 957.
كبيرة. وأبلغ سعد رسول الله صلى الله عليه وسلم باجتماع الأنصار. فحضر إليهم. وجاء رجال من المهاجرين فردّهم لأنه يريد الاجتماع خاصة بالأنصار.
وقد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأنصار المجتمعين والغضب يعرف في وجهه، ثم ألقى فيهم كلمة قال فيها (بعد أن حمد الله وأثنى عليه بالذي هو أهله): يا معشر الأنصار مقالة بلغتنى عنكم وجَدَة (1) وجدتموها في أنفسكم، ألم آتكم ضلالًا فهداكم الله، وعالة (2) فأغناكم الله، وأعداء فألف الله بين قلوبكم؟ قالوا: بلى، الله ورسوله أمنُّ وأفضل، قال: ألا تجيبونى يا معشر الأنصار؟ قالوا: وماذا نجيبك يا رسول الله؟ ولرسول الله المَنُّ والفضل؟ .
قال: والله لو شئتم قلتم فصدقتم: أتيتنا مكذَّبًا فصدَّقناك، ومخذولًا فنصرناك، وطريدًا فآويناك، وعائلا فآسيناك (3)، وجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار لشئ، وفي بعض الروايات (لعاهة)(4) من الدنيا تألفت به قومًا أسلموا، وكلتكم إلى ما قسم الله لكم من الإِسلام، أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاء والبعير وترجعوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى رحالكم، فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرءًا من الأنصار، ولو سلك الناس شعبًا وسلكت الأنصار شعبًا لسلكت شعب الأنصار. الأنصار شعار والناس دثار (5).
وفي رواية في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للأنصار: (إن قريشًا حديثو عهد بجاهلية ومصيبة، وإني أردت أن أجبرهم وأتألفهم، أما ترضون أن يرجع الناس بالدنيا وترجعون برسول الله إلى بيوتكم؟ قالوا بلى. قال: لو سلك الناس واديًا وسلك الأنصار شعبًا لسلكت وادي
(1) الجدة: بكسر الجيم: والموجدة الغضب.
(2)
العالة: الفقر.
(3)
آسيناك: أعطيناك حتى جعلناك كأحدنا.
(4)
البداية والنهاية ج 4 ص 358.
(5)
سيرة ابن هشام ج 4 ص 142 ومغازي الواقدي ج 3 ص 957 - 958 والبداية والنهاية ج 4 ص 358 وتاريخ الطبري ج 3 ص 93 - 94 صحيح البخاري ج 5 ص 203 والسيرة الحلبية ج 2 ص 247 - 248.
الأنصار أو شعب الأنصار (1).
وفي بعض المصادر أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن أجرى الحوار هذا مع أنصاره وشرح لهم وجهة نظره والسبب الذي جعله يخص بعض القرشيين بالعطاء الجزيل من خمس الغنائم - قال لهم: (أكتب لكم بالبحرين كتابًا من بعدى تكون لكم خاصة دون الناس، فهو يومئذ أفضل ما فتح الله عليه من الأنصار، قالوا: وما حاجتنا بالدنيا بعدك يا رسول الله؟ قال: أما (لا) فسترون بعدى أثرة فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله، فإن موعدكم الحوض، وهو كما بين صنعاء وعمان، وآنيته أكثر من عدد النجوم. اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار، فبكى القوم حتى اخضلَّت لحاهم، وقالوا: رضينا يا رسول الله حظًا وقسمًا. وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرقوا (2).
وذكر أصحاب الحديث والمغازى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أعطى عيينة بن حصن والأقرع بن حابس. كل واحد مائة من الإِبل، قال له سعد بن أبي وقاص: يا رسول الله أعطيت عيينة بن حصن والأقرع بن حابس مائة وتركت جعيل بن سراقة الضمرى (3) فقال: والذي نفسي بيده، لجعيل بن سراقة خير من طلاع الأرض (4) كلها مثل عيينة والأقرع، ولكنى تألفتهما ليسلما، ووكلت جعيل بن سراقة إلى إسلامه (5).
وروى البخاري عن عمرو بن تغلب قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم قومًا
(1) البدابة والنهاية ج 4 357.
(2)
مغازي الواقدي ج 3 ص 958 وسيرة ابن هشام ج 4 ص 242 - 243 والبداية والنهاية ج 4 ص 358 والسيرة الحلبية ج 2 ص 248.
(3)
قال في أسد الغابة: جعال: وقيل جعيل بن سراقة الغفاري وقيل الضمرى، ويقال الثعلبي. وقيل: إنه في عداد بني سواد من بني سلمة. كان جعيل من أهل الصفة وفقراء المسلمين. كان من السابقين الأولين في الإِسلام. شهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم أحدًا وأصيبت عينه في حصار بني قريظة. وكان جعيل دميمًا بشع المنظر. وهكذا فالعبرة بالمخبر لا بالمنظر .. فالرسول صلى الله عليه وسلم قد أغدق هذا الثناء على جعيل لقوة إيمانه وشدة يقينه ولا عليه إن كان بشع المنظر.
(4)
طلاع الأرض: أي ما يملؤها حتى يطلع عنها ويسيل.
(5)
تاريخ الطبري ج 3 ص 91 ومغازي الواقدي ج 3 ص 948 وسيرة ابن هشام ج 4 ص 138.