الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرسول يرضى عن خالد بعد أن غضب عليه
وقد جرت مشادة (في مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم) بين خالد وبعض السابقين الأولين في الإِسلام مثل عبد الرحمن بن عوف وعمار بن ياسر .. حول ما صنع خالد ببنى جذيمة، وكان خالد قد غالط عبد الرحمن بن عوف في الكلام فبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك فقال حديثه المشهور:"يا خالد ذروا لي أصحابي متى يُنكَ أنف الرء يُنكَ، لو كان أُحد ذهبًا تنفقه قيراطًا قيراطًا في سبيل الله لم تدرك غَدوة أو رَوحة من عدوات أو روحات عبد الرحمن بن عوف .. وفي حق عمّار بن ياسر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صه يا خالد لا تقع بأبي اليقظان، فإنه مَن يعادِه يعاده الله، ومن يبغضه يبغضه الله، ومن يسفهه يسفهه الله" (1).
وقد ذكر المؤرخون أن خالد بن الوليد اعتذر لعبد الرحمن بن عوف عما بدر منه وطلب منه الصفح فقد مشى عثمان بخالد إلى عبد الرحمن بن عوف فاعتذر إليه حتى رضي عنه فقال: استغفر لي يا أبا محمد (2).
غير أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا كان قد نهى خالدًا عن التعرض للسابقين الأولين مثل عبد الرحمن بن عوف وعمار بن ياسر، فإن الرسول كذلك نهى الجميع عن سب خالد والتعرض له .. فقد روى الواقدي عن عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد بن الأخنسي عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسبُّوا خالد بن الوليد فإنما هو سيف من سيوف الله سلّه الله على المشركين (3).
وقد رضي الرسول صلى الله عليه وسلم عن خالد بن الوليد (بعد عتبه وعضبه عليه) وكرر الثناء عليه. فقد روي عن أبي الأحوص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: نَعِم عبد الله خالد بن الوليد وأخو العشيرة، وسيف من سيوف الله، سله على الكفار والمنافقين. كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد قدوم علي بن أبي طالب من مهمته التي دفع فيها ديات قتلى بني جذيمة. رضي عن خالد وأقبل عليه (بعد أن
(1) مغازي الواقدي ج 3 ص 880 - 881.
(2)
مغازي الواقدي ج 3 ص 881.
(3)
مغازي الواقدي ج 3 ص 883.
ترضّاه خالد)، وما زال خالد عند الرسول صلى الله عليه وسلم من علية أصحابه حتى توفى الرسول صلى الله عليه وسلم (1).
ولا أدل على أن مكانة القائد خالد بن الوليد ظلت على ما كانت عليه لدى الرسول صلى الله عليه وسلم من أنه صلى الله عليه وسلم جعل خالدًا على مقدمة الجيش عندما تحرك به إلى حنين. فخاض معه (وهو على مقدمة جيشه من الفرسان) تلك المعركة الحاسمة.
وقال الواقدي: ولقد كان (أي خالد) المقدّم حتى مات. ولقد خرج معه صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إلى حنين على مقدّمته، وإلى تبوك، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أكيدر، ودومة الجندل فسبى من سبى، ثم صالحهم. ولقد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بلحارث بن كعب إلى نجران أميرًا وداعيًا إلى الله. ولقد خرج في حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه أعطاه ناصيته، فكانت في مقدمة قلنسوته، فكان لا يلقى أحدًا إلا هزمه الله تعالى، ولقد قاتل يوم اليرموك فوقعت فجعل يقول: القلنسوة .. القلنسوة. فقيل بعد ذلك يا أبا سليمان .. عجبًا لطلبك القلنسوة وأنت في حومة القتال. فقال: إن فيها ناصية النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ألق بها أحدًا إلا وليَّ.
ولقد توفى خالد يوم توفى وهو مجاهد في سبيل الله، وقره بحمص. قال الواقدي: فأخبرنى مَن غسله وحضر موته، ونظر إلى ما تحت ثيابه، ما فيه مصح، ما بين ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم. لقد كان عمر بن الخطاب، الذي بينه وبينه ليس بذلث، ثم يذكره فيترحم عليه ويتندم على ما كان صنع في أمره، ويقول: سيف من سيوف الله تعالى. ولقد نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هبط من لفت (2) في حجته، ومعه رجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هذا؟ فقال الرجل: فلان. فقال: بئس عبد الله فلان. ثم طلع آخر. فقال: من الرجل؟ فقال: فلان. فقال: بئس فلان عبد الله. ثم طلع خالد بن الولد فقال: من هذا؟ قال: خالد بن الوليد. فقال: نعم عبد الله خالد بن الوليد (3).
(1) مغازي الواقدي ج 3 ص 883.
(2)
لفت. قال في معجم البلدان ج 7 ص 333: ثنية بين مكة والمدينة.
(3)
مغازي الواقدي ج 3 ص 883 - 884.