الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فدارت بين الفريقين تلك المعركة التاريخية الحاسمة التي هي موضوع دراستنا الرئيسية في هذا الكتاب.
جيوب المقاومة حول مكة قبل هوازن
غير أنه رغم زوال سلطان قريش (الأم الكبرى للوثنية) فقد بقيت حوالي مكة (غير هوازن) جيوب مقاومة للوثنية من العرب .. رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهى مقاومتها ويخضعها لسلطان التوحيد قبل أن يدخل في المعركة الفاصلة مع قبائل هوازن.
فبعد أن استتب الأمر للمسلمين وتمت لهم السيطرة الكاملة على مكة المكرمة. بعث الرسول صلى الله عليه وسلم بعدة وحدات من جيشه من مكة، للعمل على إزالة أي أثر من آثار الوثنية في المنطقة. فقامت هذه الوحدات بهدم كل ما تبقى من أصنام في تلك المناطق الواقعة في الجنوب والجنوب الشرقي من مكة المكرمة.
فهدمت وحدات الجيش الإِسلامي صنم (مَناة) وصنم (العُزَّى) وهما من أعظم الأصنام التاريخية المعظمة عند العرب، واللذين جاء ذكرهما في القرآن الكريم، كما هدمت غيرهما من الأصنام التي هي المظهر الرئيسى للوثنية.
والعمليات الحربية التي قام بها الجيش الإسلامي من مكة (قبل معركة حنين) هي خمس عمليات عسكرية. وهي:
- 1 -
سرية المشلل (1) عام ثمان للهجرة
وهي دورية قتال قام بها من مكة سعد بن زيد الأشهلى لهدم صنم مَنَاة بالمشلل فقام بهدم الصنم ذكر ذلك الواقدي في مغازيه. إلا أنه لم يذكر أية تفاصيل عن كيفية هدم الصنم كيف كان موقف عبَّده. هل حدثت منهم مقاومة أم لا؟ .
(1) المشلل (بضم أوله وفتح ثاني مع الكسر .. ) قال الكلبي في كتابه الأصنام .. المشلل، مكان على ساحل البحر بقديد بين مكة والمدينة.
فكل ما قاله الواقدي: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن زيد الأشهلى إلى مناة بالمشلل فهدمه. ومناة من أقدم الأصنام التي كان العرب يعبدونها، فهي أقدم من العزى وسائر الأصنام كلها. قال الكلبى في كتابه الأصنام: ومناة أقدم أصنام العرب، وكانت العرب تسمى عبد مناة، وزيد مناة، وكان منصوبًا على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد، بين مكة والمدينة، وكانت العرب جميعًا تعظمه وتذبح حوله، وكانت الأوس والخزرج ومن ينزل المدينة ومكة، وما قارب من الموضع يعظمونه ويذبحون به ويهدون له.
وكان أولاد معدّ على بقية من دين إسماعيل عليه السلام وكانت ربيعة ومضر على بقية من دينه، ولم يكن أحد أشدّ تعظيمًا له (أي مناة) من الأوس والخزرج.
وقال الكلبى: كانت الأوس والخزرج ومن يأخذ بأخذهم من عرب أهل يثرب وغيرها، فكانوا يحجون فيقفون مع الناس المواقف كلها، ولا يحلقون رؤوسهم فإذا نفروا، أتوا (مَناة) فحلقوا رؤوسهم عنده وأقاموا عنده، لا يرون لحجهم تمامًا إلا بذلك، فَلإعظام الأوس والخزرج (لمنَاة) يقول عبد العزّى بن وديعة المزني أو غيره من العرب.
إني حلفت يمين صدق برة
…
بمناة عند محل آل الخزرج
وكانت العرب في الجاهلية يسمون الأوس والخزرج جميعًا .. الخزرج، فلذلك يقول .. (عند محل آل الخزرج).
ومناة هذه ذكرها الله عز وجل فقال {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} : كانت لهذيل وخزاعة (1).
ويخالف الكلبى الإمام الواقدي. فيذكر أن الذي تولى هدم (مناة) هو الإمام علي بن أبي طالب فيقول: وكانت قريش وجميع العرب تعظمه (أي مناة)، فلم يزل على ذلك حتى خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة سنة ثمان من الهجرة، وهو عام فتح الله عليه، فلما سار من المدينة أربع ليال أو خمس
(1) كتاب الأصنام ص 13 - 14.