الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عداوة هوازن للإِسلام
كانت هوازن -كما قلنا - أحد عدوين قويين رئيسيين ظلا على عداء للإسلام وفي حالة حرب معه، وهما هوازن وقريش.
أما قريش، فقد انتهى وجودها السيامى والعسكري والدينى الوثنى بوقوع عاصمتها مكة في أيدى القوات النبوية في العشرين من شهر رمضان عام ثمان للهجرة.
فبقيت (هوازن) وحدها في الميدان، القوة الرئيسية التي عليها أن تواجه الجيش النبوي، وكانت هوازن (كما ذكرنا) ذات قوة عظيمة، وكانت لعدائها للإِسلام ورغبتها في القضاء على قوته العسكرية لينهار من القواعد تعد العدة لمواجهة المسلمين من زمن بعيد يرجع إلى ما قبل فتح مكة.
فقد رأينا كيف أن طلائع الاستكشاف للجيش النبوي (وهو يزحف نحو مكة) ألقت القبض على جاسوس كان يرصد تحركات الجيش النبوي. اتضح على أثر استجواب الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا الجاسوس أنه كان يعمل لحساب (هوازن) بعثت به لينقل لها ما تحتاجه من معلومات عن المسلمين وعن قواتهم العسكرية والجهة التي يقصدونها بتحركاتهم (1).
فهوازن (إذن) كانت تستعد للصدام مع المسلمين حتى قبل أن تتم لهم السيطرة على مكة، بان ذلك واضحًا من بثها الأرصاد والجواسيس لرصد تحركات المسلمين.
المتعداد هوازن للزحف على مكة
وزاد هوازن إصرارًا على الصدام والدخول في معركة فاصلة مع المسلمين، أن وقعت العاصمة المقدسة مكة في قبضة قوات الجيش الإسلامي.
وبات من المؤكد لدى سادة هوازن الوثنيين أن دورهم في المواجهة الحربية مع المسلمين، لا بد أن يكون قريبًا.
وكانت هوازن مستعدة للصدام المسلح والمواجهة الحربية مع المسلمين قبل
(1) انظر تفاصيل قصة هذا الجاسوس في كتابنا الثامن من هذه السلسلة (فتح مكة).
أن تتم السيطرة لهم على العاصمة المقدسة.
غير أن وقوع مكة في أيدى المسلمين ألهب نفوس الهوازنيين حنقًا مشوبًا بالخوف من قوة المسلمين التي باتت ترابط على مقربة من حدود ديارهم.
فزادوا من استعدادهم للحرب، وكانوا كما قلنا قبائل وبطونًا كثيرة تسكن مناطق شاسعة من قلب الجزيرة تتخللها جبال شاهقة ووديان سحيقة كلها مواقع استراتيجية تصلح للدفاع.
ولو أن هوازن تحصنت في بلادها وانتظرت وصول الجيش الإسلامي فتقاتله في أراضيها وبين ديارها، لكان ذلك أصلح لهوازن، وأصعب على جيش الإسلام.
وكانت هذه الفكرة من الناحية العسكرية التعبوية فكرة صائبة بالنسبة لهوازن، لأن تنفيذها يجعل مهمة الجيش الإِسلامي المكلف بإنهاء كل وجود وثنى في جزيرة العرب مهمة صعبة للغاية لأنه ليس من السهل (بل من الصعب جدًّا) على جيش الإسلام الصغير (نسبيًا) أن يقاتل عشرات الألوف من هوازن القبائل الشرسة المحاربة في قمم الجبال الشاهقة وبطون الوديان السحيقة وأمام الحصون المنيعة داخل أراضيهم.
هذه حقيقة من الناحية العسكرية لا غبار عليها، فالجيش الإِسلامي لا يزيد على اثنى عشر ألفًا، بينما المحاربون من قبائل هوازن سوف لا يقلون على أربعين ألفًا إذا ما ظلوا مرابطين في بلادهم المنيعة المحصنة، وعلى المسلمين أن ينازلوا هذا العدد الضخم من هؤلاء المحاربين ذوي القدرة القتالية الممتازة التي اشتهروا بها بين العرب، ومنازلتهم أمر صعب على المسلمين سيكلفهم غاليًا إذا ما اضطروا لمهاجة هوازن في ديارها، لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار مناعة بلادهم وشدة تحصنهم فيها.
وسنرى فيما يأتي من هذا الكتاب، (إن شاء الله) كيف قاومت ثقيف الجيش النبوي (بعد انتصاره في معركة حنين الفاصلة) فلم يتمكن من التغلب على بطن واحد من هوازن، وهم (ثقيف) حيث لم يستطع اقتحام مواقعهم الحصينة التي اعتصموا بها في الطائف ففك الحصار عنهم الذي دام