الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شريف، ينزل بالصفاح (1). قال: فما أقدمك إلى نخلة؟ قال: هي أمرع (2) من الصفاح اليوم، ثم قال: نحن على ظهر كما ترى، فألحقنا بالجعرانة، قال فخرج يعدو عراض (3) ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: يا رسول الله، فأسوق الغنم معى إلى الجعرانة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تَسُقْها، ولكن تقدم علينا الجعرانة فنعطيك غنمًا أخرى إن شاء الله.
ثم سأل الأسلمي رسول صلى الله عليه وسلم عن شيء مما يهمه في دينه فقال: يا رسول الله، تدركنى الصلاة وإنا في عطن (4) الإبل، أفأصلى فيه؟ قال: لا. قال فتدركنى وأنا في مراح الغنم، أفأصلى فيه؟ قال: نعم. قال: يا رسول الله، ربما تباعد منا الماء ومع الرجل زوجته فيدنو منها؟ قال: نعم، ويتيمم. قال: يا رسول الله، وتكون فينا الحائض قال: تتيمم. قال: فلحق النبي صلى الله عليه وسلم بالجعرانة فأعطاه مائة شاة (5).
هل استسلمت ثقيف لوحدات من جيش الرسول بعد انصرافه عنها
؟
هكذا انتهى حصار الطائف. فانصرف الرسول صلى الله عليه وسلم عنها دون أن يتمكن جيشه من فتحها. هذا بإجماع المؤرخين وأهل السير.
غير أن هناك روايات تذكر أن وحدات من جيش الإسلام فرضت الحصار على الطائف من جديد بعد انصراف الرسول صلى الله عليه وسلم عنها، وأن هذه الوحدات التي جاءت (في شكل نجدات للجيش النبوي بعد انصرافه) قد ضيقت الحصار على ثقيف حتى استسلمت لهذه الوحدات، ونزلت على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأن ذلك قد تم بقيادة صخر (6) أبي العيلة الأحمسى الذي جاء إلى الطائف بقومه (أحمس (7)، وكانوا من الفرسان).
(1) الصفاح. قال في الصحاح: موضع بين حنين وأنصاب الحرم على يسرة الداخل إلى مكة من مشاش.
(2)
أمرع: أي أخصب، والمريع: الخصيب.
(3)
أي يسير حذاءه معارضًا له.
(4)
العطن (بفتح العين والطاء): مبرك الإِبل حول الحوض.
(5)
مغازي الواقدي ج 3 ص 942.
(6)
هو صخر بن العيلة بن عبد الله بن ربيعة بن عمرو بن علي بن أسلم بن أحمس البجلى عداده في أهل الكوفة. وروى عنه عثمان بن أبي حازم عن أبيه عن جده صخر بن العيلة.
(7)
أحمس. قال في معجم قبائل العرب: بطن من أنمار بن أراش من القحطانية وهؤلاء هم قوم صخر بن العيلة، وأحمس أيضًا: بطن من ضبيعة بن ربيعة بن نزار من العدنانية.
فقد روى أبو داود فقال: حدثنا عمر بن الخطاب أبو حفص حدثنا الفريانى حدثنا أبان حدثنا عمرو -هو ابن عبد الله بن أبي حازم- عن أبيه عن جده صخر -هو أبي العيلة الأحمسى- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا ثقيفًا، فلما أن سمع ذلك صخر، ركب في خيل يمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجده قد انصرف ولم يفتح، فجعل صخر حينئذ عهدا وذمة، لا يفارق هذا القصر (يعني الطائف) حتى ينزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يفارقهم حتى نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكتب إليه صخر: أما بعد فإن ثقيفًا قد نزلت على حكمك يا رسول الله، وأنا مقبل بهم في خيلى، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة جامعة، فدعا لأحمس عشر دعوات (اللهم بارك لأحمس في خيلها ورجالها).
وأتى القوم فتكلم المغيرة بن شعبة (الثقفى) فقال: يا رسول الله إن صخرًا أخذ عمتى ودخلت فيما دخل فيه المسلمون، فدعاه فقال: يا صخر إن القوم إذا أسلموا أحرزوا دماءهم وأموالهم، فادفع إلى المغيرة عمته. فدفعها إليه، وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء لبنى سليم قد هربوا عن الإِسلام وتركوا ذلك الماء. فقال: يا رسول الله أنزلنيه أنا وقومى؟ قال: نعم.
فأنزله وأسلم الأسلميون، فأتوا صخرًا فسألوه أن يدفع إليهم الماء فأبى، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله أسلمنا وأتينا صخرًا ليدفع إلينا ماءنا فأبى علينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا صخر إن القوم إذا أسلموا أحرزوا أموالهم ودماءهم فادفع إليهم ماءهم. قال: نعم يانبي الله، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير عند ذلك حمرة حياء من آخذ الجارية وأخذه الماء، تفرد به أبو داود (1).
قال الإمام ابن كثير في البداية والنهاية (معقبًا على قصة ثقيف وصخر أبي العيلة): قلت: وكانت الحكمة الإلهية تقتضي أن يؤخر الفتح عامئذ لئلا يستأصلوا قتلًا، لأنه قد تقدم أنه صلى الله عليه وسلم لما كان خرج إلى الطائف فدعاهم إلى الله تعالى وإلى أن يؤووه حتى يبلغ رسالة ربه عز وجل، وذلك بعد موت
(1) البداية والنهاية ج 4 ص 351 - 352.