الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طلحة الأنصاري (وكان ممن ثبت مع الرسول) فقد قتل وحده من مشركي هوازن خمسة وعشرين رجلا وغنم أسلابهم (1).
جرح قائد الفرسان خالد بن الوليد
وعند عودة المسلمين عن الهزيمة كذلك تعرض كثير من المسلمين للقتل والإصابة بجروح خطيرة (وتلك سنة الحرب).
ومن الذين جرحوا جراحة خطيرة في معركة حنين قائد الفرسان خالد بن الوليد الذي نزف كثيرًا حتى أسند إلى رحله من الضعف لشدة النزيف.
فقد ذكر بعض شهود العيان من الصحابة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما هزم الكفار ورجع المسلمون إلى رحالهم، كان يمشي في المسلمين ويقول: من يدلنى على رحل خالد بن الوليد، حتى دلّ عليه، فوجده قد أسند إلى مؤخرة رحله لأنه قد أثقل بالجراحة، فتفل النبي صلى الله عليه وسلم في جرحه فبرئ (2).
وهكذا وبعد جلاد عنيف وقتال شرس وصبر على القتال من الفريقين، نزلت الهزيمة بهوازن بعد أن كان النصر في جانبهم، وكادت طلائع جيشهم تصل مكة فاتحة.
وحقق الجيش النبوي (بعد تلك الهزيمة المروعة) نصرًا (من الناحية العسكرية) لم يحقق المسلمون مثله طيلة العهد النبوي. فقد انهزم أمام المسلمين عشرون ألف مقاتل من هوازن، بينما لا يزيد عدد المسلمين على اثنى عشر ألفًا. ألفان منهم من أهل مكة الذين لم يمض على دخولهم في الإِسلام أكثر من عشرة أيام.
وفقد مشركو هوازن في معركة حنين التي خسروها مئات القتلى كما وقع منهم في أسر المسلمين حوالي ستة آلاف إنسان. كذلك غنم المسلمون من هوازن غنيمة لم يغنموا مثلها في الكثرة في أية معركة خاضوها في العهد النبوي.
فقد غنم الجيش النبوي يوم حنين أربعة وعشرين ألف بعير (والإبل بعد الخيل) من أعز ما يمتلك العربي في ذلك العصر، كما غنم المسلمون أيضًا أكثر
(1) مغازي الواقدي ج 3.
(2)
السيرة الحلبية ج 2 ص 238.
من أربعين ألف شاة، وغنموا أيضًا عشرات الآلاف من أوقيات الفضة.
أما الذين كتبت لهم النجاة من قوات هوازن فقد عمهم الرعب ولاذوا بالفرار وعلى رأسهم ملكهم وقائدهم مالك بن عوف النصرى.
فقد ابتلعتهم الشعاب والوديان مشتتين فارين يطلب كل منهم النجاة لنفسه، تاركين نساءهم وأطفالهم وأموالهم غنيمة للمسلمين.
إنها كارثة مروّعة نزلت بهوازن لم ينزل مثلها يحيي من العرب في الجزيرة. كارثة حذر (مسبقًا) من حدوثها المحارب المجرب الشهير دريد بن الصمة الهوازنى، وناشد الشاب الملك والقائد لهوازن مالك بن عوف أن لا يوقعها بأهله وعشيرته، حين نصحه بوادى أوطاس قبل المعركة، أن يأمر بإعادة النساء والأطفال والمواشى إلى عُلياء بلاد هوازن، ويلقى المسلمين على متون الخيل، ولكن مالكًا عصى دريدًا، فوقعت الهزيمة والكارثة المدمرة التي حذر دريد مالكًا من وقوعها، ومن تصاريف القدر أن دريد بن الصمة لقى حتفه فقتل يوم حنين مشركًا، وهو ابن مائة وستين سنة، وبقى مالك وأسلم وحسن إسلامه وصار من سيوف الله على المشركين من ثقيف وغيرهم من المجاورين لبلاده.
وقد تحدث شهود العيان عن انتصار المشركين أول الأمر ثم عن هزيمتهم ثانيًا وعن الرعب الذي نزل بهم عقب تراجع المسلمين عن الهزيمة وعودتهم إلى ساحة القتال.
فعن عمرو بن زهير، عن عمر بن عبد الله العبسى عمّن أخبره، عن ربيعة، قال: حدثني نفر من قومنا حضروا يومئذ قالوا: كمنّا لهم (أي المسلمين) في المضايق والشعاب، ثم حملنا عليهم حملة ركبنا أكتافهم حتى أتينا إلى صاحب بغلة شهباء (هو رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وحوله رجال بيض حسان الوجوه فقال شاهت الوجوه، ارجعوا، فانهزمنا، وركب المسلمون اكتافنا وكانت إياها (أي الهزيمة) وجعلنا نلتفت وراءنا ننظر إليهم يكدوننا، فتفرقت جماعتنا في كل وجه، وجعلت الرعدة تسحقنا حتى لحقنا بعُلياء بلادنا، فإن كان ليحكى عنا الكلام ما كنا ندرى به، مما كان بنا من