الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليال بعث عليًّا إليها فهدمها وأخذ ما كان لها، فأقبل به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فكان فيما أخذ سيفان كان الحارث بن أبي شمر الغساني ملك غسان أهداهما لها. أحدها يسمى مخذمًا، والآخر رسوبًا، وهما سيفا الحارث اللذان ذكرهما علقمة في شعره فقال:
مظاهر سربالى حديد عليهما
…
عقيلا سيوف مخذم ورسوب
فوهبهما النبي صلى الله عليه وسلم لعلي، فيقال: إن ذا الفقار سيف على أحدهما. ويقال: إن عليًّا وجد هذين السيفين في الفلس وهو صنم طئ حيث بعثه النبي صلى الله عليه وسلم فهدمه. (1)
- 2 -
حملة هدم العزى 25 رمضان سنة ثمان للهجرة
.
قامت بها دورية قتال مكونة من ثلاثين فارسا قام بقيادتهم خالد بن الوليد الذي كلفه الرسول صلى الله عليه وسلم بهدم العزّى (وهي أعظم الأصنام عند قريش).
وقد ذكر أصحاب المغازي والسير أن خالد بن الوليد ذهب بفرسانه إلى العزّى (وهي مقامة بأحد روافد وادي نخلة المسمى اليوم بوادى اليمانية) فهدمها.
قال الواقدي: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الجمعة لعشر ليال بقين من رمضان فبث السرايا في كل وجه، أمرهم أن يغيروا على من لم يكن على الإِسلام فخرج هشام بن العاص إلى يلملم وبعث خالد بن سعيد بن العاص في ثلاثمائة قِبَل عُرنَة (2).
وبعث خالد بن الوليد إلى العزّى يهدمها، وقال ابن إسحاق: كانت بنخلة، كانت بيتًا يعظمه هذا الحي من قريش وكنانة ومضر كلها، وكانت سدنتها وحجابها من بني شيبان (3) من بني سليم (4).
(1) كتاب الأصنام ص 15.
(2)
عرنة (بضم العين وفتح الراء): واد حذاء عرفات بين عرفات والمزدلفة.
(3)
شيبان (بفتع الشين): اسم يطلق على عدة قبائل عربية، وشيبان هنا، هم بطن من سليم وهم حلفاء بني هاشم.
(4)
انظر ترجمة سليم في كتابنا (فتح مكة).
فلما سمع صاحبها (أي سادنها) السلمي بمسير خالد إلها، وأسند في الجبل الذي هي فيه وهو يقول:
أيا عزّ شدى شدة لا شوى لها
…
على خالد ألقى القناع وشمرى
أيا عز إن لم تقتلى المرء خالدًا
…
فبوئى بإثم عاجل أو تنصرّى (1)
فلما انتهى إليها خالد هدمها ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (2).
وفي رواية بعض المؤرخين، أن خالدًا لما هدم العزى ورجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال له: هدمت؟ قال: نعم يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل رأيت شيئًا ما؟ قال: لا. قال: فارجع فإنك لم تهدمها فارجع إليها فاهدمها. فرجع خالد وهو متغيظ، فلما انتهى إليها جرد سيفه، فخرجت إليه امرأة سوداء عريانة، ناشرة الرأس فجعل السادن يصيح بها. قال خالد وأخذنى اقشعرار في ظهرى فجعل يصيح:
أيا عزّ شدى شدة لا تكذبى
…
على خالد ألقى القناع وشمرى
أيا عز إن لم تقتلى المرء خالدا
…
فبوئى بذنب عاجل أو تنصّرى
فأقبل خالد بالسيف إليها وهو يقول:
يا عزّ كفرانك لا سبحانك
…
إني وجدت الله قد أهانك
فضربها بالسيف فجزلها (3) باثنين ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: نعم تلك العزى وقد يئست أن تعبد ببلادك أبدًا ثم قال خالد، أي رسول الله، الحمد لله الذي أكرمنا وأنقذنا من الهلكة. إني كنت أرى أبي يأتي إلى العزى بحتره (4). مائة من الإبل والغنم فينبها للعزى ويقيم عندها ثلاثًا ثم ينصرف إلينا مسرورًا. فنظرت إلى ما مات عليه أبي وذلك الرأي الذي كان يعاش في فضله، كيف خدع حتى صار يذبح لحجر لا يسمع ولا يبصر، ولا يضر ولا ينفع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذا الأمر إلى الله، فمن يسّره للهدى تيسر، ومن يسره للضلالة كان فيها. وكان هدم العزى
(1) أو تنصرى: أن انتصرى.
(2)
سيرة ابن هشام ج 4 ص 97.
(3)
جزل بمعنى قطع.
(4)
قال في الصحاح: الحتر، بكسر الحاء: العطية اليسيرة، وبالفتح: الصدر.