الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- صلى الله عليه وسلم مكة وسار إلى حرب هوازن، قلت أسير من قريش إلى هوازن بحنين، فعسى إن اختلطوا أن أصيب من محمَّد غِرَّة فأقتله فأكون أنا الذي قمت بثأر قريش كلها وفي لفظ: اليوم أدرك ثأرى من محمَّد - لأن أباه وعمه. قتلا يوم أحد قتلهما حمزة رضي الله عنه وأقول لو لم يبق من العرب والعجم أحد لا أتبع محمدًا، لا يزداد ذلك الأمر عندي إلا شدة، فلما اختلط الناس، ونزل صلى الله عليه وسلم عن بغلته أصلتُّ السيف (1) ودنوت منه، ورفعت السيف حتى كدت أوقع به الفعل، رفع إليَّ شواظ من نار كالبرق كاد يهلكنى، فوضعت يدي على بصرى خوفًا عليه، فنادانى صلى الله عليه وسلم يا شيبة، أن مني فدنوت منه، فالتتفت إلي وتبسَّم وعرف الذي أريد منه فمسح صدري، ثم قال: اللهم أعذه من الشيطان، قال شيبة: فوالله لهو كان الساعة إذن أحب إلى من سمعى وبصري ونفسى، وأذهب الله ما كان فيّ، ثم قال صلى الله عليه وسلم: أدنُ فقاتل فتقدمت أمامه أضرب بسيفى، الله أعلم أنى أحب أن أقيه بنفسى كل شيء ولو كان أبي حيا ولقيته في تلك الساعة لأوقعت به السيف، فجعلت ألزمه فيمن لزمه حتى تراجع المسلمون كروا كرة واحدة، وقربت إليه صلى الله عليه وسلم بغلته فاستوى عليها قائما وخرج في أثرهم حتى تفرقوا في كل وجه أي المشركون، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل من يقدر عليه واتبعهم المسلمون يقتلونهم، حتى قتلوا الذرية فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل الذرية (2).
دور المرأة المسلمة في معركة حنين
وفي معركة حنين، كان للمرأة المسلمة دورًا مشرفًا، فقد كان ضمن الجيش النبوي نسوة أربع من نساء الأنصار ثبتن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، على رأسهن أم عمارة (3) صاحبة المواقف المشهورة في معركة أحد، فقد روي سليمان بن هلال عن أمَّ عمارة رضي الله عنها قالت: لما كان يومئذ والناس منهزمون في كل وجه وأنا وأربع نسوة في يدي سيف لي صارم وأم سليم (4) معها خنجر قد حزمته على وسطها، وهي يومئذحامل بعبد الله بن
(1) صلت السيف: جَرَّدَهُ من غمده متهيئًا للضرب.
(2)
السيرة الحلبية ج 2 ص 235 - 336.
(3)
انظر ترجمة أم عمارة في كتابنا الثاني (غزوة أحد).
(4)
انظر ترجمة أم سليم فيما مضى من سلسلتنا هذه.
أبي طلحة (1) وأم سليم (2) وأم الحارث (3) قالوا: فجعلت (أم عمارة) تسلّه وتصيح بالأنصار (لما انهزم المسلمون): أية عادة هذه؟ ما لكم وللفرار. قالت: وانظر إلى رجل من هوازن على جمل أورق معه لواء يوضع جمله في أثر المسلمين، فأعترض له فأضرب عرقوب الجمل فيقع على عجزه. وأشد الرجل، فلم أزل أضربه حتى أثبته، وأخذت سيفا له وتركت الجمل يخرخر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم مصلت السيف بيده قد طرح غمده ينادى يا أصحاب سورة البقرة، قال: وكر المسلمون فجعلوا يقولون: يا بني عبد الرحمن، يا بني عبيد الله، يا خيل الله، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سمى خيله خيل الله، وجعل شعار المهاجرين بني عبد الرحمن، وجعل شعار الأوس بني عبيد الله، فكرت الأنصار، ووقفت هوازن حلب ناقة فتوح (4)، ثم كانت إياها، فوالله ما رأيت هزيمة كانت مثلها، ذهبوا في وجه، فرجع ابناى إلى -حبيب وعبد الله ابنا زيد- بأسارى مكتفين، فأقوم لهم من الغيظ، فأضرب عنق واحد منهم، وجعل الناس يأتون بالأسارى، فرأيت في بني مازن بن النجار ثلاثين أسيرًا. وكان المسلمون قد بلغ أقصى هزيمتهم مكة، ثم كرّوا بعد وتراجعوا، فأسهم لهم النبي صلى الله عليه وسلم جميعًا (5).
(1) هو شيبة بن عثمان بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عمان بن عبد الدار القرضى العبدرى الحجبى من أهل مكة يكنى أبا عثمان وقيل أبا صفية، وأبو عثمان يعرف بالأوقص، كان أبوه يحمل لواء المشركين يوم أحد قتله (مشركًا) علي بن أبي طالب، أسلم شيبة يوم الفتح في الظاهر، ولكنه صحح إسلامه يوم حنين، قال ابن الأثير في أسد الغابة: كان شيبة من خيار المسلمين، ودفع له رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة وإلى ابن عمه عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، وقال: خذوها خالدة مخلدة تالدة إلى يوم القيامة يا بني طلحة لا يأخذها منكم إلا ظالم، وشيبة هو جد بني شيبة الذين يلون حجابة البيت الذين بأيديهم مفتاح الكعبة إلى يومنا هذا، كان شيبة من رواة الحديث. حج بالناس سنة تسع وثلاثين وذلك كحل وسط حينما اختلف أنصار معاوية وعلى حيث كل مهم يريد أن يكون أميرًا على الحجيج (انظر الإصابة) توفي شيبة سنة تسع وخمسين.
(2)
أم سليط قال في أسد الغابة: امرأة من المبايعات حضرت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد قال عمر بن الخطاب: كانت تزفر لنا القرب يوم أحد.
(3)
أم الحارث هذه هي جدة عمارة بن عزية، وهي من الأنصار من الخزرج قاله ابن عبد البر.
(4)
قال في الإصحاح: الفتوح من النوق الواسعة الإحليل.
(5)
مغازي الواقدي ج 3 ص 902 و 903.