الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحسن إسلامه (1). وعن صفوان نفسه قال: ما زال رسول الله يعطيني من غنائم حنين وهو أبغض الخلق حتى ما خلق الله شيئًا أحب إليَّ منه (2).
عودة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة
.
وبعد أن انتهى الرسول من توزيع الغنائم على الجيش المنتصر، فأعطى كل ذي حق حقه، بموجب قانون تقسيم الغنائم الذي نزل به القرآن، وأعطى المؤلفة قلوبهم من الخمس مئات من الإِبل. وبعد أن أقام بالجعرانة (وهي من الضواحى القريبة من مكة) ثلاثة عشر ليلة، من الخامس ذي القعدة حتى الثامن عشر منه سنة ثمان للهجرة، قرر العودة بأصحابه إلى المدينة.
ولكنه قبل أن ينصرف إلى المدينة دخل مكة المكرمة وأدى وأصحابه نسك العمرة حيث أحرم بالعمرة من الجعرانة التي تقع خارج حدود الحرم.
وبعد أن أكمل وأصحابه مناسك العمرة، تفقد أحوال العاصمة المقدسة ومسقط رأسه، وأقام فيها السلطات المدنية حيث عين عليها حاكمًا يدير شئونها، وهو عتاب بن أسيد. كما أسند إلى فئة الفقهاء والقراء من خيرة أصحابه مهمة تعليم أهل مكة الحديثي العهد بالإسلام -أمور دينهم، فيفقهونهم في الدين، ويقرؤونهم القرآن، ليعرفوا الدين الجديد الذي دخلوا فيه حديثًا- على حقيقته.
ورغم المعاملة السيئة التي كان أهل مكة يعاملون بها الرسول صلى الله عليه وسلم طوال إقامته بين أظهرهم قبل الهجرة، مقد أبدي عطفًا ملحوظًا عليهم، فأوصى عامله الجديد على مكة. أوصاه بأهلها الذين سماهم أهل الله (3). وبعد أن أقام وجيشه بمكة ليلتين غادرها إلى المدينة، وذلك يوم الخميس لعشر بقين من شهر ذي القعدة سنة ثمان للهجرة. وقد استبقى ما تبقى من خمس غنائم حنين وهي آلاف من الجمال والغنم. استبقى هذا المتبقى من الخمس حيث حبسه (عند دخوله مكة للعمرة) بمجنّة بناحية مرّ الظهران (4) وذلك لكى
(1) مغازي الواقدي ج 3 ص 946 وأسد الغابة ج 3 ص 23.
(2)
البداية والنهاية ج 4 ص 360 وأسد الغابة ج 3 ص 23.
(3)
مغازي الواقدي ج 3 ص 959.
(4)
مر الظهران (بفتح الميم) هو المسمى اليوم: وادي فاطمة.
يصطحبه معه ليقسمه على الأعراب المنتشرين ما بين مكة والمدينة تأليفًا لقلوبهم كي يثبت منهم من دخل في الإسلام ويرغب فيه من لم يكن، قد دخل فيه (1).
قال الإِمام الواقدي يصف عملية رحيل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة إلى المدينة بعد انتهاء معركة حنين وحصار الطائف: (وانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجعرانة ليلة الخميس لخمس ليال خلون من ذي القعدة فأقام بالجعرانة ثلاث عشرة، فلما أراد الانصراف إلى المدينة، خرج من الجعرانة ليلة الأربعاء لاثنى عشر بقيت من ذي القعدة ليلًا، فأحرم من المسجد الأقصى الذي تحت الوادي بالعدوة القصوى، وكان مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان بالجعرانة -فأما هذا المسجد الأدنى، فبناه رجل من قريش واتخذ ذلك الحائط عنده- ولم يجز رسول الله صلى الله عليه وسلم الوادي إلّا محرمًا، فلم يزل يلبى حتى استلم الركن. ويقال: لما نظر إلى البيت قطع التلبية، فلما أتى أناخ راحلته على باب بني شيبة، ودخل وطاف ثلاثة أشواط يرمل (2) من الحجر إلى الحجر، ثم خرج فطاف بين الصفا والمروة على راحلته، حتى إذا انتهى إلى المروة في الطواف السابع حلق رأسه عند المروة، حلقه أبو هند (3) عبد بني بياضة، ويقال حلقه خراش بن أمية (4).
ولم يسق رسول الله صلى الله عليه وسلم منها هديًا، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجعرانة فكان كبائب بها، فلما رجع إلى الجعرانة خرج يوم الخميس فسلك في وادي الجعرانة، وسلك معه حتى خرج على سرف (5)، ثم أخذ الطريق حتى انتهى إلى مر الظهران.
(1) انظر البداية والنهاية ج 4 ص 368.
(2)
الرمل هو الإسراع في المشي.
(3)
هو أبو هند الحجاج البياضي، مولى فروة بن عمرو البياضي، اسمه عبد الله، وقيل: يسار، تخلف عن بدر، وشهد ما بعدها من المشاهد، حجم النبي صلى الله عليه وسلم في يافوخه من وجع كان به، وفي أبي هند هذا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما أبو هند امرؤ من الأنصار فأنكحوه وأنكحوا إليه يا بني بياضة (أسد الغابة ج 5 ص 318).
(4)
انظر ترجمة خراش بن أمية في كتابنا (صلح الحديبية).
(5)
(سَرِف بفتح السين وكسر الراء) موضع على ستة أميال من مكة.