الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للإسلام كما تقدم تفصيله في هذا الكتاب.
أسباب فشل المسلمين في حصار الطائف:
كما تقدم في هذا الكتاب، كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد قام- يقود جميع جيشه- بمطاردة هوازن من حنين، حتى وصل إلى الطائف، حيث يوجد بها أهم أجنحة هوازن (ثقيف) وفرض الحصار على حصونها، وكان يأمل من وراء هذا الحصار أن تستسلم ثقيف للمسلمين، ولكن ثقيفًا قاومت بعنف واستعصت حصونها، فلم ينجح الحصار، فاضطر النبي صلى الله عليه وسلم إلى فكه وترك ثقيف وشأنها، فما هي أسباب الإسراع بفك الحصار دونما أية نتيجة إيجابية للمسلمين؟ .. يمكن إيجاز الأسباب في الأمور الآتية:
أ- كانت حصون الطائف منيعة بحيث يصعب على مشاة المسلمين وفرسانهم اقتحامها، وكان لدى الجيش الإِسلامي سلاح ثقيل يستخدم عادة في الهجوم على القلاع والحصون، وهذا السلاح هو المنجنيقات والعرّادات والدبابات، وقد استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم هذا السلاح الثقيل بغية تسهيل مهمة اقتحام تلك الحصون، ولكنَّ الدفاع من ثقيف كان شديدًا والأسوار كانت منيعة بحيث لم يكن القذف بالقذائف النارية وغير النارية ذا أثر فعال على هذه الحصون.
ب- المقاومة الشديدة .. مما لا جدال فيه أن ثقيفًا جيل محارب ممتاز، وكانوا من أهم أجنحة هوازن ولا أدل على شجاعتهم من أنهم فقدوا يوم حنين وحدهم مائة قتيل بمن فيهم قائدهم عبد الله بن عثمان. وكانوا -استعدادًا للمقاومة في الحصون- قد أدخلوا في حصونهم من المواد الغذائية ما يكفيهم لسنة كاملة، أما الماء فقد كان موجودًا بكثرة داخل حصونهم.
وقد كانت مقاومتهم للحصار شديدة، وكانوا ماهرين في القصف بالسهام ومقاومة الدبابات التي يستخدمها المهاجون لنقب الأسوار كدروع يحتمون بها، ولقد كان جل اعتمادهم على القوس والنبل، فقد صوبوا سهامهم بمهارة نحو المسلمين وقصفوهم بها بغزارة مما أحدث بينهم عدة إصابات قاتلة، الأمر الذي اضطرهم إلى التراجع بعيدًا عن مرمى السهام.
كذلك عندما حاولت بعض الوحدات الإسلامية استخدام الدبابات (وكانت من الخشب السميك) لفتع ثغرات في أسوار الحصن يدخل منها جند الإِسلام، قابلت ثقيف هذا السلاح الثقيل بسلاح مضاد فعال، وهو قذائف من الحديد المحمى المنصهر، كانت تقذف به هذه الدبابات فتحرقها، الأمر الذي كشف الجنود المحتمين بها، فصاروا عرضة لسهام ثقيف، فاضطروا للتراجع وفشل هجومهم المدَّرع لنقب الأسوار. وهكذا لم تنجح محاولات الجيش الإِسلامي لاقتحام حصون ثقيف عنوة.
ج- صعوبة تطويل أمد الحصار .. لم يبق أمام الجيش الإسلامي إلا أمر واحد لإجبار ثقيف على الاستسلام وهو أن يظل المسلمون محاصرين ثقيفًا حتى ينفد ما لديهم من مواد غذائية، وذلك يستغرق سنة كاملة، والمحارب المسلم في ذلك العهد، لم يتعود (بعد) عَلى البقاء مثل هذه المدة بعيدًا عن أهله وعياله .. فلم ير الرسول صلى الله عليه وسلم البقاء لفرض الحصار وتجميد الجييش أمام حصون ثقيف طوال هذه المدة.
د- عدم خطورة ثقيف .. كذلك يعتبر من الأسباب، أن ثقيفًا (بعد اضمحلال قوة هوازن) لم تعد ذات خطر على الإِسلام بحيث يتحتم على المسلمين تجشيم أنفسهم متاعب الانشغال بحصارها لمدة سنة كاملة، فثقيف بعد دخول جميع عشائر هوازن في الإِسلام بقيت معزولة تمامًا، ومحاطة بالأعداء الذين كانوا أصدقاء وإخوة الأمس، فهؤلاء وحدهم كفيلون بإزعاج ثقيف وتضييق الخناق عليها، كلما سنحت لهم الفرصة، وهو ما حدث (فعلًا) وخاصة بعد أن دخل ملك هوازن وقائدها العام يوم حنين مالك بن عوف في الإِسلام، وصار بنفسه (وهو الشجاع المطاع في قومه) يشن الغارات العنيفة على ثقيف.
هـ - ثبت (وهو الأهم) أن الرسول القائد صلى الله عليه وسلم جاءه الأمر من السماء بأن يفك الحصار عن ثقيف، لأنه سبق في علم الله تعالى أن ثقيفًا نفسها ستأتي طائعة مختارة إلى المدينة لتعلن إسلامها، ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما طلب منه بعض أصحابه (وهو يفك الحصار عن ثقيف) أن يدعو عليها، رفض ودعا لها قائلًا:"اللهم اهد ثقيفًا وائت بها" أو كما قال صلى الله عليه وسلم وهكذا عَجَّل