الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد
المسلم مطلوب منه التميز عن غيره من الكفار، ولهذا نهي أن يلبس لباسهم، وأن يوافقهم في الظاهر، لما في ذلك من التشبه فيهم، والتشبه في الظاهر يقود إلى التشبه بالباطن، وفي الحديث:"من تشبه بقوم فهو منهم"
(1)
.
(1)
أخرجه أحمد (2/ 50،92) وابن أبي شيبة (6/ 471) رقم 33016،وعبد بن حميد (848)، وأبو داود (4031) والطبراني في مسند الشاميين (216)، والبيهقي في شعب الإيمان (1199) من طريق عبد الرحمن بن ثابت، عن حسان بن عطية، عن أبي منيب الجرشي، عن ابن عمر.
قال الحافظ في الفتح (6/ 98): " أبو منيب لا يعرف اسمه، وعبد الرحمن بن ثابت مختلف في توثيقه ". اهـ
بينما قال الحافظ في موضع آخر من الفتح (10/ 271): " أخرجه أبو داود بسند حسن ".
وقال أيضاً (10/ 274): " وثبت أنه قال: من تشبه بقوم فهو منهم. كما تقدم معلقاً في كتاب الجهاد، من حديث ابن عمر، وصله أبو داود. اهـ
قلت: عبد الرحمن بن ثابت مع كونه مختلفاً فيه، فقد تغير بآخرة، فإسناد حديثه هذا إلى الضعف أقرب.
وله شاهد مرسل، أخرجه ابن أبي شيبة (6/ 470) رقم 33015، والقضاعي في مسند الشهاب (1/ 244) رقم 390 من طريق الأوزاعي، عن سعيد بن جبلة، عن طاووس، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال الحافظ في الفتح (6/ 98) وله شاهد مرسل بإسناد حسن.
واختلف على الأوزاعي، فروي عنه مرسلاً كما سبق.
ورواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (231) عن أبي أمية الطرسوسي، عن محمد بن وهب بن عطية، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن أبي منيب الجرشي، عن ابن عمر.
والأول أرجح، لأن الوليد بن مسلم مدلس، وقد عنعنه، وهو يدلس أحاديث الأوزاعي =
وفي قص الشارب وإحفاؤه تحقيق لجانب من جوانب التميز من جهة، وفيه أيضاً من النظافة ما فيه.
قال ابن دقيق العيد: " في قص الشارب واحفائها وجهان:
أحدهما: مخالفة زي الأعاجم، وقد وردت هذه العلة منصوصة في الصحيح، حيث قال:" خالفوا المجوس ".
والثاني: أن زوالها عن مدخل الطعام والشراب أبلغ في النظافة وأنزه من وضر الطعام
(1)
.
وقال الشيخ ولي الدين العراقي في شرح سنن أبي داود: " الحكمة في قص الشوارب أمر ديني، وهو مخالفة شعار المجوس في إعفائه، كما ثبت التعليل
= خاصة. كما أن شيخ الطحاوي أبا أمية الطرسوسي له أوهام إذا حدث من حفظه، كما أن فيه اختلافاً آخر على الأوزاعي، فقد قال الزيلعي في نصب الراية (4/ 347):"أخرجه البزار أيضاً عن صدقة بن عبد الله، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. قال: ولم يتابع صدقة على روايته هذه، وغيره يرويه عن الأوزاعي مرسلا". اهـ
كما رجح رواية الأوزاعي المرسلة أبو حاتم الرازي، كما في العلل لابنه (1/ 319).
ورواه معمر بن راشد في كتاب الجامع (20986) عن قتادة، أن عمر رأى رجلاً قد حلق قفاه، ولبس حريراً، فقال: من تشبه بقوم فهو منهم. وهذا مع كونه موقوفاً على عمر، فإنه من رواية معمر، عن قتادة، وفيها كلام.
كما أن في الباب حديث حذيفة مرفوعاً، رواه البزار في مسنده كما في كشف الأستار (144) والطبراني في الأوسط (8/ 179) رقم 8327 من طريق علي بن غراب، ثنا هشام، عن محمد بن سيرين، عن أبي عبيدة بن حذيفة، عن أبيه مرفوعاً.
قال البزار: لا نعلمه مسنداً إلا عن حذيفة إلا من هذا الوجه، وقد وقفه بعضهم على حذيفة. اهـ
(1)
إحكام الأحكام (1/ 124).
به في الصحيح، وأمر دنيوي: وهو تحسين الهيئة، والتنظف مما يعلق به من الدهن، والأشياء التي تلصق بالمحل كالعسل، والأشربة، ونحوها.
وقد يرجع تحسين الهيئة إلى الدين؛ لأنه يؤدي إلى قبول قول صاحبه، وامتثال أمره من أرباب الأمر كالسلطان، والمفتي والخطيب، ونحوهم، ولعل في قوله تعالى:{وصوركم فأحسن صوركم}
(1)
إشارة إليها، فإنه يناسب الأمر بما يزيد في هذا، كأنه قال: قد أحسن صوركم فلا تشوهوها بما يقبحها، وكذا قوله تعالى حكاية عن إبليس {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}
(2)
فإن إبقاء ما يشوه الخلقة تغيير لها، لكونه تغييراً لحسنها، ذكر ذلك كله تقي الدين السبكي
(3)
.
المقصود بالشارب: الشعر النابت على الشفة العليا، واختلف في جانبيه، وهما السبالان:
فقيل: هما من الشارب، فيشرع قصهما.
وقيل: هما من جملة شعر اللحية. ذكر ذلك الحافظ في الفتح، وسيأتي مزيد بحث إن شاء الله عن ذلك.
وقص الشارب: هو الإطار، وهو طرف الشعر المستدير على الشفة
(4)
.
وقيل: الشارب: اسم لمحل الشعر، كما ذكره في التحقيق.
(1)
غافر: 64.
(2)
النساء: 119.
(3)
تنقيح الفتاوى الحامدية (2/ 330).
(4)
الفواكه الدواني (2/ 305).