الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يجب،
(592 - 156) فقد روى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو خالد، عن ابن جريج، عن ابن طاووس، عن أبيه أنه كان يأخذ من لحيته، ولا يوجبه
(1)
.
ولم أقل بوجوبه، لأن الأمر لم يثبت فيه قول أو فعل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، غاية ما فيه النقل عن بعض الصحابة، وأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم لا تدل على الوجوب، فكذلك أفعال غيره من باب أولى، ولو كان مستحباً أو واجباً لجاء الأمر به من الشارع، وما كان ربك نسياً، ولا يقال: إن هذا الفعل بيان للمجمل في قوله صلى الله عليه وسلم: " أعفوا " فيأخذ حكمه؛ لأن فعل بعض الصحابة لا يعطى حكم فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع إمكان الفعل من النبي صلى الله عليه وسلم، فإما أن يقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم وإن كانت له لحية كبيرة إلا أنها لم تبلغ ما يدعو إلى الأخذ منها، فلم تتجاوز القبضة، وهذا هو المنصوص عليه كما سيأتي.
وإما أن يقال: عدم النقل ليس نقلاً للعدم، وهذا مسلم في ظاهره، لكن يبعد أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم يفعله، ولا ينقل بالوقت الذي نقل فيه فعل بعض الصحابة رضوان الله عليهم.
و
الأدلة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان كثيف اللحية
،
(593 - 157) ما رواه البخاري رحمه الله، قال: حدثنا موسى، قال: حدثنا عبد الواحد، قال: حدثنا الأعمش، عن عمارة بن عمير،
عن أبي معمر، قال: قلنا لخباب: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر، قال: نعم. قلنا: بم كنتم تعرفون ذاك؟ قال: باضطراب لحيته
(2)
.
(1)
المصنف (5/ 225) رقم 25483. ورجاله ثقات.
(2)
صحيح البخاري (746).
(594 - 158) وروى مسلم في صحيحه، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل،
عن سماك أنه سمع جابر بن سمرة يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شمط مقدم رأسه ولحيته، وكان إذا أدهن لم يتبين، وإذا شعث رأسه تبين، وكان كثير شعر اللحية. الحديث
(1)
. والله أعلم.
(595 - 159) وروى النسائي، قال: أخبرنا علي بن الحسين، عن أمية بن خالد، عن شعبة، عن أبي إسحاق،
عن البراء، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً مربوعاً، عريض ما بين المنكبين، كث اللحية، تعلوه حمرة، جمته إلى شحمتي أذنيه، لقد رأيته في حلة حمراء، ما رأيت أحسن منه
(2)
.
[رجاله ثقات، والحديث في الصحيحين وليس فيه كث اللحية]
(3)
.
(1)
صحيح مسلم (2344).
(2)
سنن النسائي الصغرى (5232).
(3)
الحديث رواه البخاري (3551) من طريق حفص بن عمر، ورواه البخاري أيضاً (3549) من طريق أبي الوليد، ورواه مسلم (2337) من طريق محمد بن جعفر
ورواه النسائي (5314) من طريق هشيم، أربعتهم، عن شعبة به، بدون ذكر كث اللحية.
ورواه البخاري (5901) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق به، بدون ذكر كث اللحية.
ورواه مسلم (2337) من طريق سفيان الثوري، عن أبي إسحاق به بدون ذكر قوله:" كث اللحية ". ورواه النسائي (5062) من طريق يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه به، وليس فيه هذه الزيادة، ولم أستقص كل الطرق. المهم أن زيادة كث اللحية تفرد بها أمية =
وله شاهد من حديث علي عند أحمد، وفيه ابن عقيل
(1)
، ومن حديث هند بن أبي هالة وهو ضعيف
(2)
.
وكونه صلى الله عليه وسلم كث اللحية لا يلزم منه أنها طويلة؛ فقد فسر أهل اللغة من اللغويين والفقهاء أن كلمة كث تعني الشعر الكثير غير الطويل.
جاء في تاج العروس: " كث اللحية وكثيثها، أراد كثرة أصولها
= بن خالد، وهو صدوق، وقد خالفه من هو أحفظ منه. وله شاهد من حديث علي في المسند
(1)
رواه أحمد في المسند (1/ 89)، قال: حدثنا يونس، حدثنا حماد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن محمد بن علي، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضخم الرأس، عظيم العينين، هدب الأشفار، مشرب العين بحمرة، كث اللحية، أزهر اللون، إذا مشى تكفأ كانما يمشي في صعد، وإذا التفت التفت جميعاً، شثن الكفين والقدمين.
وفي الإسناد ابن عقيل، مختلف فيه، والأكثر على ضعفه.
والحديث رواه البخاري في الأدب المفرد (1315)، والبزار (660)، والبيهقي في دلائل النبوة (1/ 210) من طريق حماد بن سلمة به.
(2)
رواه الطبراني في المعجم (22/ 155) من طريق جميع بن عمر بن عبد الرحمن العجلي، قال: حدثني رجل بمكة، عن ابن لأبي هالة التميمي، عن الحسن بن علي، قال: سألت خالي هند بن أبي هالة التميمي - وكان وصافاً - عن حلية النبي صلى الله عليه وسلم فذكر من صفة الرسول صلى الله عليه وسلم وفيه " كث اللحية " وفي إسناده مبهم.
وفي إسناده أيضاً: جميع بن عمر
قال أبو نعيم الفضل بن دكين: كان فاسقاً. تهذيب التهذيب (2/ 95).
وقال الآجري، عن أبي داود: جميع بن عمر، راوي حديث هند بن أبي هالة، أخشى أن يكون كذاباً. المرجع السابق.
وقال العجلي: جميع لا بأس به، يكتب حديثه، وليس بالقوي. المرجع السابق.
وذكره بن حبان في الثقات (8/ 166).
والحديث رواه البيهقي في شعب الإيمان (2/ 154) من طريق جيمع بن عمير به.
وشعرها، وأنها ليست بدقيقة، ولا طويلة، ولكن فيها كثافة.
وجاء في النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، وهو من أهل اللغة والفقه، قال: كث اللحية: الكثاثة في اللحية: أن تكون غير رقيقة ولا طويلة، ولكن فيها كثافة
(1)
.
فهذا تفسير أهل اللغة والفقه: أن لحية الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرة الشعر، ليست بالطويلة، وإذا لم تكن طويلة لم يستدل على كون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأخذ من لحيته على تحريم الأخذ من اللحية الطويلة.
وكذلك جاء في مسلم: " كان كثير شعر اللحية " لا يلزم منه أن تكون طويلة إلى حد تتجاوز القبضة، والله أعلم.
والأخذ من اللحية ليس واجباً؛ لكون النصوص عن الصحابة مجرد فعل، والفعل المجرد لا يدل على الوجوب، وفي دلالته على الاستحباب نظر، فإن كان من أمور العبادات كان مستحباً، وإن كان من قبيل العادات كان مباحاً.
والقول بتحريم أخذ ما زاد على القبضة قول شاذ، لا أعلم أحداً من السلف قال به، فهؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم، يحكى عن غالبهم كما في أثر جابر وعطاء بن أبي رباح، ومن فعل ابن عمر، ولم ينقل إنكار الصحابة رضوان الله عليهم.
أيظن بالصحابة أنهم يجهلون الأمر بإعفاء اللحية الذي يعرفه عوام المسلمين في بلادنا، خاصة وفيهم ممن روى أحاديث الإعفاء.
أو يظن بهم أنهم لا يعرفون مدلول كلمة (أعفوا) وهم أهل اللسان، وبلسانهم نزل القرآن، أو يظن أننا أشد غيرة من الصحابة، حيث ننكر على
(1)
النهاية في غريب الحديث (4/ 152).
من أخذ من لحيته، وقصر في هذا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أنصح الناس.
وهؤلاء أئمة التابعين، عطاء في مكة، والقاسم في المدينة، وقتادة، والحسن وابن سيرين في البصرة
(1)
، والشعبي
(2)
، وإبراهيم النخعي في الكوفة
(3)
، وطاوس في اليمن، وغيرهم من أئمة الفقه والدين يرون جواز الأخذ من اللحية، فهذه بلاد المسلمين في زمن التابعين لا تكاد ترى بلداً إلا وفيه من العلماء من يذهب إلى جواز الأخذ من اللحية، ولا يعلم لهم مخالف، أيظن بهم أنهم قد ظلوا في هذه المسألة؟ قد ظللت إذاً، وما أنا من المهتدين.
وهؤلاء الأئمة الأربعة يذهبون إلى جواز الأخذ منها وأضيق المذاهب مذهب الشافعي رضي الله عنه فإنه قيد جواز الأخذ في النسك
(4)
، وإذا كان الأخذ
(1)
سبق لي أن نقلت عنهم نصوصهم فيما سبق.
(2)
المجموع (1/ 342).
(3)
مصنف ابن أبي شيبة (5/ 225) رقم 25482 قال: حدثنا غندر، عن شعبة، عن منصور، قال: كان إبراهيم يأخذ من عارض لحيته. وسنده على شرط الشيخين.
وروى ابن عبد البر في التمهيد (24/ 146) قال: وروى الثوري، عن منصور، عن عطاء، أنه كان يعفي لحيته إلا في حج أو عمرة. قال منصور: فذكرت ذلك لإبرهيم، فقال: كانوا يأخذون من جوانب اللحية. وانظر الفتح (10/ 350).
(4)
الشافعي نص على إستحبابه في النسك، وليس له نص في حكم الأخذ منها خارج النسك، وكنت فهمت من نصه أن يقصر الإستحباب على النسك، وليس فهمي هذا صحيحاً، وإنما الصحيح أن يقال: نص الشافعي على إستحباب الأخذ في النسك، وليس له نص في الأخذ منها خارج النسك، فقد يكون مباحاً عنده، وقد يكون مكروهاً، وإنما أصحابه المتأخرين فرقوا بين النسك وبين غيره، فقال العراقي الأخذ منها خلاف الأولى خارج النسك، وبالغ النووي فأوصل الحكم للكراهة فقط، والله أعلم.
منها في النسك لا ينافي الإعفاء، فكذلك الأخذ منها في غير النسك
(1)
.
(1)
وقولي: إن الأئمة يرون جواز الأخذ هذا في الجملة، بل منهم من استحبه، ومنهم من أوجبه، ومنهم من أباحه، وإليك النقول:
فالحنفية لهم قولان: أحدهما: وجوب الأخذ من اللحية، انظر الدر المختار (2/ 44)، والثاني: أن الأخذ منها من السنة، فليس الأخذ عندهم مباحاً فقط.
قال في البحر الرائق (3/ 12): " قال أصحابنا: الإعفاء تركها حتى تكث وتكثر، والقص سنة فيها، وهو أن يقبض الرجل لحيته فما زاد منها على قبضة قطعها، كذلك ذكر محمد في كتاب الآثار عن أبي حنيفة، قال: وبه نأخذ " اهـ. ونقل نحوه في الفتاوى الهندية. (5/ 358). وانظر حاشية ابن عابدين (6/ 407).
وأما مذهب الإمام مالك، فقد جاء في المدونة (1/ 430): " قلت لابن القاسم: هل كان مالك يوجب على المحرم إذا حل من إحرامه أن يأخذ من لحيته وشاربه وأظفاره؟ قال: لم يكن يوجبه، ولكن كان يستحب إذا حلق أن يقلم، وأن يأخذ من شاربه ولحيته، وذكر مالك أن ابن عمر كان يفعله. واستحباب مالك الأخذ منها ليس مقيداً في النسك، ومع أنه يستحب الأخذ منها، فهو يكره أن تطول جداً، وإليك النقول في ذلك:
قال الباجي في المنتقى (7/ 266):" روى ابن القاسم عن مالك لا بأس أن يؤخذ ما تطاير من اللحية. قيل لمالك: فإذا طالت جداً. قال: أرى أن يؤخذ منها، وتقص ". اهـ
وقول الإمام مالك: " لا بأس " لا يعني التخيير، فقد جاء في الفواكه الدواني (2/ 307):" وحكم الأخذ الندب، (فلا بأس) هنا هو خير من غيره، والمعروف لا حد للمأخوذ، وينبغي الاقتصار على ما تحسن به الهيئة ".
وقال القرطبي في المفهم (1/ 512): " لا يجوز حلق اللحية، ولا نتفها، ولا قص الكثير منها، فأما أخذ ما تطاير منها، وما يشوه ويدعو إلى الشهرة طولاً وعرضاً فحسن عند مالك وغيره من السلف ".
وقال القاضي عياض في شرحه لصحيح مسلم (2/ 64): " وأما الأخذ من طولها وعرضها فحسن، ويكره الشهرة في تعظيمها وتحليتها كما تكره في قصها وجزها، وقد اختلف السلف هل لذلك حد، فمنهم من لم يحدد إلا أنه لم يتركها لحد الشهرة، ويأخذ منها، وكره =
. . . . . . . . . . . . . . . . . .
= مالك طولها جداً، ومنهم من حدد، فما زاد على القبضة فيزال، ومنهم من كره الأخذ منها إلا في حج أو عمرة ". فهنا النص عن مالك أنه كان يكره طولها جداً.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (24/ 145): " اختلف أهل العلم في الأخذ من اللحية، فكره ذلك قوم، وأجازه آخرون. ثم ساق بسنده عن ابن القاسم، قال: سمعت مالكاً يقول: لا بأس أن يؤخذ ما تطايل من اللحية وشذ. قال: فقيل لمالك: فإذا طالت جداً فإن من اللحى ما تطول، قال: أرى أن يؤخذ منها وتقصر ". اهـ
وأما النقل عن الشافعي رحمه الله، فقد قال في الأم (2/ 232):" وأحب إلي لو أخذ من لحيته وشاربه، حتى يضع من شعره شيئاً لله، وإن لم يفعل فلا شيء عليه؛ لأن النسك إنما هو في الرأس لا في اللحية". اهـ
وأما النقول عن الإمام أحمد رحمه الله، فإليك هي:
جاء في كتاب الوقوف والترجل للخلال (ص: 129): " أخبرني حرب، قال: سئل أحمد عن الأخذ من اللحية؟
قال: كان ابن عمر يأخذ ما زاد عن القبضة. وكأنه ذهب إليه - قلت له: ما الإعفاء؟ قال: يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كأن هذا عنده الإعفاء.
قلت: وعليه فالإمام أحمد يرى أن إعفاء اللحية، والأخذ ما زاد على القبضة لا يتنافيان، فليس المراد بالإعفاء إطالة اللحية إلى حد الشهرة. ثم قال موصولاً بالكلام السابق.
" أخبرني محمد بن هارون أن إسحاق حدثهم، قال: سألت أحمد عن الرجل يأخذ من عارضيه؟ قال: يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة. قلت: فحديث النبي صلى الله عليه وسلم أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى؟ قال: يأخذ من طولها، ومن تحت حلقه، ورأيت أبا عبد الله يأخذ من طولها، ومن تحت حلقه. وهذا النص في أحكام أهل الملل للخلال (ص: 11).
وجاء في مسائل أحمد رواية ابن هانئ (2/ 151): " سألت أبا عبد الله عن الرجل يأخذ من عارضيه؟؟
قال: يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة.
قلت: فحديث النبي صلى الله عليه وسلم: " أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى " قال: يأخذ من طولها ومن تحت حلقه، ورأيت أبا عبد الله يأخذ من عارضيه، ومن تحت حلقه.
وهذا ابن عبد البر
(1)
، والقاضي عياض
(2)
، وابن جرير الطبري
(3)
،
(1)
التمهيد (24/ 145): " واختلف أهل العلم في الأخذ من اللحية، فكره ذلك قوم وأجازه آخرون، ثم ساق بسنده عن ابن القاسم قال: سمعت مالكاً يقول: لا بأس أن يؤخذ ما تطاير من اللحية وشذ، قال: فقيل لمالك: فإذا طالت جداً، فإن من اللحى ما تطول؟ قال: أرى أن يؤخذ منها وتقصر
وقد روى سفيان، عن ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يعفي لحيته إلا في حج أو عمرة.
وذكر الساجي، حدثنا بندار وابن المثنى، قالا: حدثنا عبد الوهاب، حدثنا عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان إذا قصر من لحيته في حج أو عمرة كان يقبض عليها، ويأخذ من طرفها ما خرج عن القبضة.
قال ابن عبد البر: هذا ابن عمر روى:" أعفوا اللحى" وفهم المعنى، فكان يفعل ماوصفنا، وقال به جماعة من العلماء في الحج وغير الحج.
وروى ابن وهب، قال: أخبرني أبو صخر، عن محمد بن كعب في قوله:{ثم ليقضوا تفثهم} [الحج: 29] قال: رمي الجمار، وذبح الذبيحة، وحلق الرأس، والأخذ من الشارب واللحية والأظافر، والطواف بالبيت، وبالصفا والمروة ".
وكان قتادة يكره أن يأخذ من لحيته إلا في حج أو عمرة، وكان يأخذ من عارضيه، وكان الحسن يأخذ من طول لحيته، وكان ابن سيرين لا يرى بذلك بأساً.
وروى الثوري، عن منصور، عن عطاء أنه كان يعفي لحيته إلا في حج أو عمرة. قال منصور: فذكرت ذلك لإبراهيم، فقال: كانوا يأخذون من جوانب اللحية. اهـ
(2)
إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 64).
(3)
نقل العيني في عمدة القاري (22/ 46،47): " وقال الطبري: فإن قلت ما وجه قوله: " أعفوا اللحى "، وقد علمت أن الإعفاء الإكثار، وأن من الناس من إذا ترك شعر لحيته اتباعاً منه لظاهر قوله: " أعفوا " فيتفاحش طولاً وعرضاً ويسمج حتى يصير للناس حديثاً ومثلاً؟
قيل: قد ثبتت الحجة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على خصوص هذا الخبر، وأن اللحية محظور =
والطيبي
(1)
والغزالي من الشافعية
(2)
، والحافظ ابن حجر
(3)
يرون جواز الأخذ من اللحية.
وقال ابن تيمية: وأما إعفاء اللحية فإنه يترك، ولو أخذ ما زاد على القبضة لم يكره، نص عليه
(4)
. فقل بالله عليك مَنِ العلماء غيرهم؟ أفيكون قول يراه كل هؤلاء من لدن الصحابة حتى عصر الإمام أحمد، أفيكون قولاً شاذاً مخالفاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم. وقد اعترض على أحمد ابن هانئ بأحاديث الأعفاء، فأخبربأن هذا من الإعفاء والله أعلم.
= إعفاؤها، وواجب قصها على اختلاف من السلف في قدر ذلك وحده.
فقال بعضهم: حد ذلك أن يزاد على قدر القبضة طولاً، وأن ينتشر عرضاً فيقبح ذلك، وروى عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه رأى رجلاً قد ترك لحيته حتى كبرت، فأخذ يجذبها، ثم قال: ائتوني بجلمتين، ثم أمر رجلاً فجز ما تحت يده، ثم قال: اذهب فأصلح شعرك، أو أفسده، يترك أحدكم نفسه حتى كأنه سبع من السباع، ثم قال:
وقال آخرون: يأخذ من طولها وعرضها ما لم يفحش أخذه، ولم يحدوا في ذلك حداً. الخ كلامه رحمه الله، فهذا ابن جرير الطبري يرى وجوب الأخذ من اللحية.
(1)
قال الطيبي في شرح المشكاة (8/ 254): عن الأخذ من اللحية: " هذا لا ينافي قوله صلى الله عليه وسلم: " أعفوا اللحى "؛ لأن المنهي هو قصها، كفعل الأعاجم، أو جعلها كذنب الحمام، فالمراد بالإعفاء التوفير منه، كما في الرواية الأخرى، والأخذ من الأطراف قليلاً لا يكون من القص في شيء ". اهـ
(2)
المجموع (1/ 344).
(3)
فتح الباري (10/ 350).
(4)
شرح العمدة في الفقه (1/ 236).