الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
في تعريف الفطرة
تعريف الفطرة من حيث اللغة:
جاء في اللسان: فَطَرَ الشيء يَفْطُرُه فَطْراً فانْفَطَر.
وفَطَّره: شقه، وتَفَطَّر الشيء: تشقق، والفَطْر: الشق، وجمعه فُطُور. وفي التنزيل العزيز:{هل ترى من فطور}
(1)
.
وأصل الفَطْر: الشق، ومنه قوله تعالى:{إذا السماء انفطرت}
(2)
: أي انشقت. وفي الحديث: " قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تَفَطَّرت قدماه: أي انشقتا. يقال: تَفَطَّرت وانْفَطَرت بمعنى. وفي التنزيل العزيز:
(3)
، كما قالوا: سيف فطار: فيه صدوع وشقوق. قال عنترة:
وسيفي كالعقيقة وهو كمعي
…
سلاحي لا أفل ولا فطارا
(4)
.
وجاء في كتاب العين: الفُطْر: ضرب من الكَمْأة.
والفُطْرُ: شيء قليل من اللبن يحلب ساعتئذ، تقول: ما احتلبناها إلا فُطْراً. قال المرار: عاقر لم يحتلب منها فُطُرْ.
(1)
الملك: 3.
(2)
الانفطار: 1.
(3)
المزمل: 18.
(4)
اللسان (5/ 55).
وفَطَرْت الناقة: أفْطِرُها فَطْراً: أي حلبتها بأطراف الأصابع.
وقطر ناب البعير: طلع.
وفَطَر الله الخلق: أي خلقهم وابتدأ صنعة الأشياء، وهو فاطر السموات والأرض.
والفطرة: التي طبعت عليها الخليقة من الدين، فطرهم الله على معرفته بربوبيته، ومنه حديث: " كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه
(1)
.
اختلف العلماء في تعريف الفطرة
فقال بعضهم: الفطرة: الخلقة، والفاطر الخالق.
فكأن معنى: كل مولود يولد على الفطرة: أي على خلقة يعرف بها ربه، إذا بلغ مبلغ المعرفة سالماً في الأغلب خلقة وطبعاً، مهيأ لقبول الدين، كما خلق أعينهم وأسماعهم قابلة للمرئيات والمسموعات، فما دامت على ذلك القبول، وعلى تلك الأهلية أدركت الحق ودين الإسلام.
وقيل: معنى الفطرة هي الابتداء. وفطر الله الخلق: أي بدأهم. ويقال: أنا فطرت الشيء: أي أول من ابتدأه.
(1)
العين (7/ 417،418)، وقال في المغرب (ص: 363): " (الْفَطْر) إيجاد الشيء ابتداء وابتداعاً. ويقال: فطر الله الخلق فطراً إذا ابتدعهم. و (الفطرة) الخلقة، وهي من الفطر، كالْخِلْقَة من الخلق في أنها اسم للحالة، ثم إنها جعلت اسماً للخلقة القابلة لدين الحق على الخصوص. وعليه الحديث المشهور: " كل مولود يولد على الفطرة " ثم جعلها اسماً لملة الإسلام نفسها؛ لأنها حالة من أحوال صاحبها، وعليه قوله: قص الأظفار من الفطرة.
وقال في المصباح المنير (ص: 477): (ف ط ر) فطر الله الخلق فطراً: أي خلقهم. والاسم: الفِطْرَة بالكسر. قال تعالى: {فطرت الله التي فطر الناس عليها} الخ ما ذكره ..
فيكون المراد: البداءة التي ابتدأهم عليها: أي على ما فطر الله عليه خلقه من أنه ابتدأهم للحياة، والموت، والشقاء، والسعادة، وإلى ما يصيرون عليه عند البلوغ من ميولهم عن آبائهم واعتقادهم. وذلك ما فطرهم الله عليه مما لا بد من مصيرهم إليه، فقد يفطر على الكفر وقد يفطر على الإيمان
(1)
.
وقيل: الفطرة هي السنة
(2)
.
وقيل: الفطرة، هي الإسلام. قال ابن عبد البر: وهو المعروف عند عامة السلف من أهل العلم بالتأويل
(3)
. ونسبه ابن عبد البر والقرطبي إلى أبي هريرة، وابن شهاب وغيرهما
(4)
.
وقيل: الفطرة المقصود بها ما أخذ الله من ذرية آدم من الميثاق قبل أن يخرجوا إلى الدنيا يوم استخرج ذرية آدم من ظهره، فخاطبهم {ألست بربكم قالوا بلى}
(5)
، فأقروا له جميعاً بالربوبية عن معرفة منهم، ثم أخرجهم من أصلاب آبائهم مخلوقين مطبوعين على تلك المعرفة، وذلك الإقرار. قالوا: وليست تلك المعرفة بإيمان، ولا ذلك الإقرار بإيمان، ولكنه إقرار من الطبيعة للرب، فطرة ألزمها قلوبهم، ثم أرسل إليهم الرسل، فدعوهم إلى الاعتراف له بالربوبية، فمنهم من أنكر بعد المعرفة؛ لأنه لم يكن الله عز وجل ليدعو خلقه
(1)
المنتقى شرح الموطأ (2/ 33)، فتاوى السبكي (2/ 361)، طرح التثريب (7/ 226).
(2)
المجموع (1/ 338)، نيل الأوطار (2/ 310).
(3)
التمهيد (18/ 72).
(4)
التمهيد (18/ 76)، والجامع لأحكام القرآن (14/ 25).
(5)
الأعراف، آية:172.