الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(578 - 142) وأما تفسير محمد القرظي، فهو عند الطبراني أيضاً: قال: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني أبو صخر،
عن محمد بن كعب القرظي أنه كان يقول في هذه الآية: ثم ليقضوا تفثهم: رمي الجمار، وذبح الذبيحة، وأخذ من الشاربين واللحية، والأظفار، والطواف بالبيت وبالصفا والمروة
(1)
.
الدليل الرابع:
(579 - 143) روى أبو داود، قال: حدثنا ابن نفيل، ثنا زهير، قرأت على عبد الملك بن أبي سليمان، وقرأه عبد الملك على أبي الزبير، ورواه أبو الزبير عن جابر قال: كنا نعفي السبال إلا في حج أو عمرة
(2)
.
[إسناده حسن]
(3)
.
= - وأما الحارث شيخ الطبري في الإسناد الثاني، فهو الحارث بن محمد بن أبي أسامة.
قال الحافظ الذهبي: وثقه إبراهيم الحربي مع علمه بأنه يأخذ الدراهم، وأبو حاتم بن حبان.
وقال الدارقطني: صدوق.
قال الذهبي: وأما أخذ الدراهم على الرواية فكان فقيرا كثير البنات.
وقال أبو الفتح الأزدي وابن حزم: ضعيف! تاريخ بغداد (8/ 218) وتذكرة الحفاظ (2/ 619).
والحسن: هو الحسن بن موسى، ثقة. وبقية رجال الإسناد ثقات.
(1)
تفسير الطبري (17/ 149)، ورجاله كلهم ثقات إلا أبا صخر حميد بن زياد، وحديثه حسن إن شاء الله.
(2)
سنن أبي داود (4201).
(3)
وحسن إسناده الحافظ في الفتح (10/ 350)، إلا أن من يرى أبا الزبير مدلساً قد يعله بالعنعنة. والله أعلم. والحديث سبق تخريجه.
قال الحافظ في الفتح: قوله: " نعفي " بضم أوله وتشديد الفاء أي نتركه وافراً، وهذا يؤيد ما نقل عن ابن عمر، فإن السبال بكسر المهملة وتخفيف الموحدة: جمع سبلة بفتحتين: وهي ما طال من شعر اللحية، فأشار جابر إلى أنهم يقصرون منها في النسك
(1)
.
وقوله: " كنا نعفي " حكاية عن الصحابة، كلهم أو أكثرهم، وهذا يؤيد أن الأخذ من اللحية لم يكن من فعل ابن عمر وحده، ولكن من فعل غالب الصحابة، وهذا الاستدلال يسلم إن كان يطلق السبال على اللحية. والحق أن السبال فيه سبعة أقوال، كلها تدور حول الشارب واللحية،
فقيل: السبلة: مقدم اللحية، وما أسبل منها على الصدر، وهذا نص الأزهري.
وقيل: ما على الذقن إلى طرف اللحية كلها أو مقدمها خاصة.
وقيل: السبلة: هي الدائرة في وسط الشفة العليا.
وقيل: ما على الشارب من الشعر.
وقيل: مجتمع الشاربين.
وقيل: طرف الشارب
(2)
.
(580 - 144) وقد روى ابن أبي شيبة في المصنف، قال: حدثنا عائذ بن حبيب، عن أشعث، عن أبي الزبير،
عن جابر، قال: كنا نؤمر أن نوفي السبال، ونأخذ من الشارب
(3)
.
(1)
الفتح (10/ 350).
(2)
تاج العروس (14/ 327).
(3)
المصنف (5/ 227) رقم 25504، وسنده ضعيف؛ لأن فيه أشعث، وعنعنة أبي =
(581 - 145) وروى الطبراني في المعجم الكبير، قال: حدثنا أحمد بن داود المكي، ثنا قيس بن حفص الدارمي، ثنا سليمان بن الحارث
(1)
، ثنا جهضم بن الضحاك، قال:
مررت بالنرجيج، فرأيت به شيخاً، قالوا: هذا العداء بن خالد بن هوذة، فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: صفه لي، قال: كان حسن السبلة. وكانت العرب تسمي اللحية السبلة
[إسناده ضعيف]
(2)
.
(582 - 146) وجاء إطلاق السبال على الشارب في السنة الصحيحة، فقد روى ابن حبان في صحيحه من طريق معقل بن عبيد الله، عن ميمون
= الزبير عند من عده مدلساً. وقد سبق تخريجه، وقد ترجم ابن أبي شيبة في هذا الباب، فقال: باب ما يؤمر به الرجل من إعفاء اللحية، والأخذ من الشارب، فلما أمر بإعفاء السبال، والأخذ من الشارب كان مقتضى ذلك أن السبال ليس من الشارب، لا لفظاً؛ لأنه عطفه عليه، والعطف يقتضي المغايرة، ولا حكماً، فإن السبال لا يؤخذ منها شيء بخلاف الشارب، والله أعلم.
(1)
الصواب سليم بن الحارث، انظر التاريخ الكبير (4/ 123)، والثقات لابن حبان (6/ 414).
(2)
المعجم الكبير (18/ 14) رقم 19، ورواه ابن حبان في الثقات (4/ 113)، قال: ثنا قيس بن حفص الدارمي به. وذكره البخاري في التاريخ الكبير (2/ 246)، (4/ 123).
وجهضم: ذكره ابن حبان في الثقات (4/ 113)، ولم أقف على توثيق غيره.
وسليم بن الحارث، ذكره ابن أبي حاتم، وسكت عليه في الجرح والتعديل (4/ 215).، ولم أقف على توثيق أحد غير ابن حبان في الثقات (6/ 414).
وقيس بن حفص الدارمي أبو محمد ثقة. وهذا الإسناد على ضعفه إلا أن الشاهد منه لغوي، وليس حكماً شرعياً، ومثل هذا قد يستاهل فيه.
بن مهران، عن ابن عمر، قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم المجوس، فقال: إنهم يوفون سبالهم ويحلقون لحاهم فخالفوهم، فكان ابن عمر يجز سباله، كما يجز الشاة والبعير
(1)
.
والذي يظهر أن السبال على القول بأنه يطلق على اللحية والشارب، فإن المراد منه بحديث جابر:" كنا نعفي السبال " اللحية خاصة، لأن قص الشارب غير موقت بالحج أو العمرة، بل مطلوب أن لا يتركه أكثر من أربعين يوماً، فليس متوقعاً من الصحابة أنهم يعفون شواربهم إلا في الحج أو العمرة، فهذا قرينة أن المراد به شعر اللحية، وعلى هذا التفسير يطابق ما كان يفعله ابن عمر رضي الله عنه، وبه يصح أن الصحابة كلهم أو غالبهم كانوا يأخذون من شعر اللحية في النسك، والله أعلم.
وإذا ثبت أن الصحابة يأخذون من اللحية في النسك، فإن هناك مقدمتين ونتيجة:
المقدمة الأولى: هل كان الصحابة يجهلون الأمر بإعفاء اللحية، هذا الحكم الذي يعرفه آحاد المسلمين في بلادنا؟
المقدمة الثانية: إذا كانوا لا يجهلون الأمر بإعفاء اللحية، فإن السؤال، هل كان الصحابة لا يعرفون لغة مدلول كلمة الإعفاء في الأمر النبوي، وهذا أيضاً لا يمكن أن يقال: إن الصحابة، وهم أهل اللسان، وبلغتهم نزل التشريع، لا يمكن أن يقال: لا يعرفون مدلول كلمة الإعفاء. فبقي أن نقول بعد التسليم بالمقدمتين: وهو كون الأمر بإعفاء اللحية معلوماً لدى الصحابة، ومعنى
(1)
صحيح ابن حبان (5476).
الإعفاء معلوم أيضاً، فيبقى التسليم لفهم الصحابة أولى من التسليم لفهم من دونهم.
فإن قيل: إن الصحابة لم يأخذوا إلا في النسك.
قيل: ثبوته في النسك دليل على جوازه خارج النسك؛ ولأن النسك قيد غير مؤثر، كما لو قرأ الرسول صلى الله عليه وسلم سورة في صلاة، وكانت الصلاة في السفر، لايقال: إن ذكر السفر قيد في استحباب قراءة هذه السورة، والدليل على هذا:
أولاً: اللحية لا تعلق لها بالنسك، وإنما النسك في شعر الرأس خاصة، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم النسك من قوله، ومن فعله، وقال: خذوا عني مناسككم، ولم ينقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم في بيان النسك أن اللحية لها تعلق به، فبطل اعتقاد أن الأخذ منها خاص بالنسك.
وثانياً: أن السلف فهموا جواز الأخذ منها ملطقاً، ولم يقيدوه في النسك فيما أعلم إلا الشافعية فإنه كرهوه خارج النسك، ولم يحرموه، وعبر بعضهم بالأولى كما هي عبارة العراقي، وقد سقتها عند عرض الأقوال.
ثالثاً: ولأني لا أعرف أحداً من السلف حرم الأخذ من اللحية مطلقاً، فمن ادعى تحريم أخذ ما زاد من القبضة من فهم السلف فليأت به، ولا أعلم أحداً قال به إلا من بعض المعاصرين في البلاد النجدية، قاله الشيخ تفقهاً، وقلده طلابه من غير بحث، وهو فهم لم يسبق إليه، ولم يوافق عليه من سائر البلاد الإسلامية، ومن ادعى فهماً من النص لم يسبق إليه فهو رد عليه، وإني أدعو القوم إلى ترك أقوالهم إلى أقوال السلف، ومن دعانا إلى تقليده تاركين مذهب السلف فقد استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.