المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌دليل القائلين بأنه يجوز للمرأة دون الرجل - موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط ٢ - جـ ٣

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ خطة البحث

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأولفي تعريف الفطرة

- ‌دليل من قال الفطرة: الخلقة

- ‌دليل من قال: الفطرة: البداءة، والفاطر البادئ

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌دليل من قال: الفطرة السنة

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌دليل من قال الفطرة هي الإسلام

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌دليل من قال الفطرة الميثاق والعهد

- ‌الراجح من هذه الأقوال:

- ‌فرعمناسبة تسمية هذه الخصال خصال الفطرة

- ‌المبحث الثانيذكر خصال الفطرة

- ‌الباب الأولفي الختان

- ‌الفصل الأولفي تعريف الختان

- ‌تعريف الختان في اللغة:

- ‌الختان في الاصطلاح:

- ‌الفصل الثانيفي كيفية الختان

- ‌الفصل الثالثذكر أول من اختتن

- ‌الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الفصل الرابعفي وقت الختان

- ‌أدلة القائلين من سبع إلى عشر

- ‌أدلة القائلين بالاستحباب في اليوم السابع

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌دليل القائلين بكراهة اليوم السابع

- ‌دليل القائلين بأنه يحرم ختانه قبل عشر سنين

- ‌دليل من قال: لا يجب الختان إلا بالبلوغ

- ‌دليل من قال: يجب على الولي أن يختن الصغير قبل البلوغ

- ‌الراجح من الخلاف

- ‌الفصل الخامسفي حكم الختان

- ‌المبحث الأولفي ختان الذكر

- ‌دليل القائلين بأن الختان سنة

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌دليل القائلين بالوجوب

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع:

- ‌الدليل الثامن:

- ‌الدليل التاسع:

- ‌المبحث الثانيفي ختان المرأة

- ‌دليل القائلين بأنه سنة

- ‌دليل القائلين بأنه واجب في حق المرأة

- ‌دليل القائلين بأنه مستحب وليس بسنة

- ‌شبهة وردها:

- ‌فرعفي أنواع الخفاض

- ‌المبحث الثالثفي ختان الخنثى

- ‌دليل القائلين بأنه يختن ولكن من أمته أو زوجته

- ‌دليل القائلين بأن على الإمام أن يزوجه امرأة ختانة

- ‌دليل القائلين لا يجوز ختانه مطلقاً

- ‌دليل من قال يجب ختان فرجيه بعد البلوغ

- ‌الراجح:

- ‌فرعحكم ما لوكان للرجل ذكران

- ‌المبحث الرابعفي حكم ختان الميت

- ‌دليل من قال لا يختن مطلقاً

- ‌التعليل الأول:

- ‌التعليل الثاني:

- ‌التعليل الثالث:

- ‌دليل من قال يختن مطلقا

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌دليل من قال يختن إن كان كبيراً

- ‌الفصل السادسفي من يولد وهو مختون

- ‌دليل من قال يجب إمرار الموسى

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌دليل من قال لا يجب

- ‌فرع

- ‌فرع آخر

- ‌الفصل السابعفي موانع الختان

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌السادس:

- ‌السابعة:

- ‌الفصل الثامنفي عبادة الأقلف

- ‌المبحث الأولفي طهارة الأقلف

- ‌المبحث الثانيفي إمامة الأقلف

- ‌دليل من قال تصح إمامته

- ‌دليل من قال تكره إمامته

- ‌دليل من قال لا تصح صلاته

- ‌المبحث الثالثفي ذبيحة الأقلف

- ‌دليل من قال لا تحل ذبيحته

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌دليل من قال يجوز أكل ذبيحته

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌دليل من قال بالكراهة

- ‌المبحث الرابعفي حج الأقلف

- ‌المبحث الخامسفي شهادة الأقلف

- ‌دليل من قال تقبل شهادته

- ‌دليل من قال ترد شهادته

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الفصل التاسعإجابة الدعوة في وليمة الختان

- ‌دليل من قال بالسنية

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌دليل من قال بالكراهة

- ‌دليل من قال بالإباحة

- ‌الراجح

- ‌الفصل العاشرفي ضمان ما أتلف بالختان

- ‌مذهب الحنفية

- ‌مذهب المالكية:

- ‌المذهب الشافعي:

- ‌المذهب الحنبلي:

- ‌الفصل الحادي عشرفي فوائد الختان

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌السادس:

- ‌السابع:

- ‌الثامن:

- ‌الباب الثانيفي الاستحداد

- ‌تمهيدفي تعريف الاستحداد

- ‌ الاستحداد: لغة

- ‌الاستحداد اصطلاحاً:

- ‌الفصل الأولحكم الاستحداد

- ‌دليل الجمهور على الاستحباب

- ‌دليل القائلين بالوجوب

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الراجح من الخلاف:

- ‌فرعإذا قلنا بأن الاستحداد سنة فهل له أن يجبر زوجته على الاستحداد

- ‌الفصل الثانيفي وقت الاستحداد

- ‌دليل من وقت بالأربعين

- ‌وأجاب القائلون بعدم التوقيب عن هذا الحديث

- ‌الفصل الثالثفي كيفية الاستحداد

- ‌دليل من قال السنة الحلق ويكره النتف للجنسين

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌دليل من قال يزيل الشعر بأي شيء

- ‌دليل من قال الحلق للرجل والنتف للمرأة

- ‌الراجح:

- ‌الفصل الرابعفي حلق شعر الدبر

- ‌دليل من قال بالاستحباب

- ‌دليل من قال لا يشرع

- ‌دليل من قال بالإباحة

- ‌الراجح

- ‌الفصل الخامسفي حلق شعر عانة الميت

- ‌دليل من قال بالتحريم

- ‌دليل من قال بالكراهة

- ‌دليل من قال بالجواز أو الاستحباب

- ‌التعليل الأول:

- ‌التعليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الراجح من الخلاف:

- ‌الفرع الأولإذا قيل بجواز حلق عانة الميت فكيف تؤخذ

- ‌الفرع الثانيهل يدفن مع الميت ما أخذ من شعره وظفره

- ‌الفرع الثالثلا يلي حلق العانة أجنبي

- ‌الفرع الرابعفي استخدام النورة

- ‌الباب الثالثفي تقليم الأظفار

- ‌[تمهيد]

- ‌المبحث الأولتعريف تقليم الأظفار

- ‌المبحث الثانيالدليل على أن تقليم الأظفار من سنن الفطرة

- ‌الفصل الأولفي حكم تقليم الأظفار

- ‌الفرع الأولهل يجبر الزوج زوجه على تقليم الأظفار

- ‌الفرع الثانيتوفير الأظفار في الحرب

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الفصل الثانيهل يستحب تقليم الأظفار يوماً معيناً

- ‌دليل من قال يستحب التقليم يوم الجمعة

- ‌الدليل الأول

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع:

- ‌دليل من قال: يستحب تقليم الأظفار يوم الخميس

- ‌دليل من قال لا توقيت في تقليم الأظفار والمعتبر طولها

- ‌الفصل الثالثفي كيفية تقليم الأظفار

- ‌دليل الشافعية على تقديم المسبحة ثم الوسطى

- ‌دليل استحباب المخالفة بتقديم الخنصر ثم الوسطى ثم الإبهام

- ‌الخلاصة:

- ‌الفصل الرابعفي إزلة الوسخ التي تحت الظفر

- ‌دليل من قال تجب إزالته ولا يصح الوضوء معه

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌دليل من قال: لا تجب إزالته

- ‌دليل من قال يعفى عن يسير النجاسة في الظفر وغيره

- ‌الراجح

- ‌الفصل الخامسفي دفن الظفر والشعر

- ‌دليلهم على هذا الاستحباب

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الفصل السادسفي من قلم أظفاره هل يعيد الوضوء

- ‌دليل من قال ليس عليه شيء

- ‌دليل من قال عليه الوضوء أو مسحه بالماء

- ‌الراجح

- ‌فرعفي غسل رؤوس الأصابع بعد القص

- ‌الباب الرابعفي نتف الإبط

- ‌الفصل الأولحكم نتف الإبط والتوقيت فيه

- ‌الفصل الثانيفي كيفية نتف الإبط

- ‌الفصل الثالثالوضوء من نتف الإبط

- ‌الباب الخامسفي الشارب

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأولحكم قص الشارب

- ‌دليل القائلين بالوجوب

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌دليل القائلين بأن قص الشارب سنة

- ‌الفصل الثانيهل يقص الشارب أو يحلق

- ‌دليل من قال: السنة قص الشارب

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع:

- ‌الدليل الثامن:

- ‌الدليل التاسع

- ‌الدليل العاشر

- ‌الدليل الحادي عشر:

- ‌الدليل الثاني عشر:

- ‌الدليل الثالث عشر:

- ‌الدليل الرابع عشر:

- ‌دليل من قال: السنة الحلق

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع:

- ‌الدليل الثامن:

- ‌دليل من قال بالتخيير بين الحلق والقص

- ‌جواب القائلين بأن السنة القص

- ‌جواب القائلين بالحلق

- ‌الراجح

- ‌فرعكلام أهل العلم في السبالين

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌دليل من قال بقص السبالين

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الفصل الثالثفي التوقيت في قص الشارب

- ‌الباب السادسفي أحكام اللحية

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأولما جاء في أن إعفاء اللحية من الفطرة

- ‌الفصل الثانيفي حكم إعفاء اللحية

- ‌المبحث الأولفي تحريم حلق اللحية

- ‌دليل تحريم حلق اللحية

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الحديث الأول:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌دليل من قال بجواز حلق شعر الخدين

- ‌دليل من قال: حلق اللحية مكروه

- ‌المبحث الثانيحكم الأخذ من اللحية

- ‌دليل من كره أن يأخذ من اللحية شيئاً إلا في النسك

- ‌أدلة القائلين بالأخذ من اللحية

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع:

- ‌الدليل الثامن:

- ‌الدليل التاسع:

- ‌الدليل العاشر:

- ‌الراجح من الأقوال:

- ‌الأدلة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان كثيف اللحية

- ‌الفصل الثالثحلق ما تحت الذقن

- ‌الفصل الرابعفي نتف الشيب

- ‌دليل من قال بالكراهة

- ‌دليل من قال بالتحريم

- ‌دليل من قال بالجواز

- ‌الفصل الخامسفي تغيير الشيب

- ‌المبحث الأولتغيير الشيب بغير السواد

- ‌دليل من قال بالسنية

- ‌الدليل الأول

- ‌الدليل الثاني:

- ‌دليل من قال يباح تغيير الشيب وليس بسنة

- ‌دليل من قال لا يسن تغيير الشيب

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌المبحث الثانيتغيير الشيب بالسواد

- ‌دليل القائلين بالتحريم

- ‌الدليل الأول

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع:

- ‌الدليل الثامن:

- ‌الدليل التاسع:

- ‌دليل القائلين بكراهة الخضاب بالسواد

- ‌دليل من قال يجوز تغيير الشيب بالسواد

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌دليل القائلين بأنه يجوز للمرأة دون الرجل

الفصل: ‌دليل القائلين بأنه يجوز للمرأة دون الرجل

‌الدليل السادس:

أن أبا بكر صبغ بالحناء والكتم، والحناء والكتم يعطي نوعاً من اللون الأسود، وذلك لأن الأسود درجات، منه: الأسود الداكن، ومنه الأسود الفاتح، وبينهما درجات، يسميه بعضهم باللغة المعاصرة البني الغامق، وهي لون من درجات اللون الأسود، فلما أذن في الحناء والكتم دل على إذنه بالأسود، لكن قد يكون الحناء له نفع للبشرة والشعر، فخص بالنص، وهو دليل على جوازه بغير الحناء والكتم مما يعطي لونهما. والله أعلم.

‌دليل القائلين بأنه يجوز للمرأة دون الرجل

.

قالوا: إن الزينة للمرأة مطلوبة، ولذلك جاز لها خضاب اليدين والرجلين، ولا يجوز ذلك في حق الرجل، وجاز لها لبس الذهب دون الرجل، والأحاديث الواردة إنما ثبتت في حق الرجل، كحديث:"وجنبوه السواد " وحديث يكون قوم آخر الزمان يخضبون بهذا السواد، قد جاء في بعض الفاظه: " يخضبون لحاهم بالسواد. والله أعلم.

هذا بعض ما وقفت عليه من أدلة الفريقين، والقول بالتحريم قول قوي، والقول بالكراهة أقوى، وهو قول السواد الأعظم من الأمة، بل إن التحريم إنما هو وجه عند بعض أصحاب الشافعي فقط، والوجه الآخر مكروه فحسب. وما عداهم من المذاهب الأربعة بين مجيز وكاره،

= وقال في مصباح الزجاجة (4/ 93): " هذا إسناد حسن، وقال في الهامش: هذا الحديث معارض لحديث النهي عن السواد، وهو أقوى إسناداً، وأيضا النهي يقدم عند المعارضة. اهـ والصواب أن الحديث ليس بحسن كما عرفت من رجاله. والله أعلم.

ص: 459

فهذا أبو يوسف ومحمد بن الحسن يريان الجواز، وقال ابن عابدين: ومذهبنا أن الصبغ بالحناء والوسمة حسن كما في الخانية. وهذا مالك يقول: لا أعلم فيه شيئاً.

وهذا الإمام أحمد يكره الصبغ، ويفسرها أكثر أصحابه بأنها كراهة تنزيه.

والصواب أن كل ما قيل: مكروه في كتب المذاهب الفقهية، ولم نعلم أنهم يريدون به كراهة التحريم، فإنه يحمل على كراهة التنزيه:

أولاً: لأن اصطلاح الكراهة عند الفقهاء يختلف اصطلاحه في نص الشارع، وإنما اشتهر هذا المصطلح أعني إطلاق الكراهة على كراهة التنزيه عند الفقهاء.

ثانياً: أنهم صرحوا بالمقصود به، فلا نتكلف في صرفه

(1)

.

(1)

قال في الفتاوى الهندية: " وعن الإمام - يعني أبا حنيفة - أن الخضاب حسن بالحناء والكتم والوسمة. وسبق لنا معنى الوسمة أنها الصبغ بالسواد.

والخلاف بين أصحاب أبي حنيفة دائر بين الجواز، وبين الكراهة كراهة تنزيه فقط. فأبو يوسف ومحمد بن الحسن على الجواز، وصححه ابن عابدين، وهو ظاهر عبارة الإمام في وصفه الصبغ بالوسمة أنه حسن.

وقال مالك عن الصبغ بالأسود: لم أسمع فيه شيئاً معلوماً، وغيره ذلك من الصبغ أحب إلي.

وقال في حاشية العدوي (2/ 445): " ويكره صباغ الشعر الأبيض وما في معناه من الشقرة بالسواد من غير تحريم.

وقول مالك: وغيره من الصبغ أحب إلي علله الباجي بقوله: لأنه صبغ لم يصبغ به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفهم أصحابه من هذه اللفظة كراهة التنزيه، واللفظة لا تقتضيه؛ لأن الكراهة حكم شرعي، وما دام لم يسمع فيه شيئاً فينبغي أن تفسر أن غيره من =

ص: 460

وقد حاولت قدر الإمكان عرض أدلة الفريقين بكل حياد؛ لأن نصوص المعرفة حق للقارئ، لا يجوز إذا رجحت قولاً أن أغمط أدلة القول الآخر؛ ولأن فهم النص قد اُوافَق عليه وقد أُخَالف، وفرق بين رأي العالم واجتهاده وبين النص؛ لأن لو جعلنا فهم النص بمنزلة النص ألغينا الاجتهاد، والعصمة

= الصبغ مستحب، وأما هو فلم يصل إلى درجة الاستحباب، وذلك لأنه لم يسمع فيه شيئاً.

وبدليل أن أشهب روى عنه في العتبية: ما علمت أن فيه النهي، وإذا كان لم يعلم فيه نهياً كيف يكون مكروهاً في المذهب، والله أعلم.

وقال في الفواكه الدواني (2/ 307): " ويكره صباغ الشعر بالسواد من غير تحريم ".

وقال في الرسالة: ويكره صبغ الشعر بالسواد من غير تحريم، انظر أسهل المدارك (3/ 364). وإذا نص على أنه من غير تحريم، كيف تحمل الكراهة عند أصحاب مالك على كراهة التحريم.

وقال ابن مفلح في الفروع (1/ 131): " ويكره بسواد، وفاقاً للأئمة، نص عليه، وفي المستوعب والتلخيص والغنية في غير حرب، ولا يحرم ": أي أن هذه الكتب الثلاثة نصت على أنه لا يحرم، ولذلك قال في الإنصاف: وقال في المستوعب والغنية والتلخيص: يكره بسواد في غير حرب، ولا يحرم. انظر الإنصاف (1/ 123).

وقال في الآداب الشرعية (3/ 337): ويكره بالسواد نص عليه، ثم قال: ويحرم بالسواد على الأصح عند الشافعية. فهنا فرق بين المكروه في مذهب الحنابلة وبين الحرام في مذهب الشافعية.

وقال أيضاً: والكراهة في كلام أحمد هل هي للتحريم أو التنزيه؟ على وجهين.

يقصد أن لفظ الكراهة إذا جاء عند أحمد فأصحابه مختلفون في تفسيرها على وجهين.

وقال في مطالب أولي النهى (1/ 89): وكره تغيير الشيب بسواد في غير حرب، وحرم لتدليس. وقال مثله في كشاف القناع (1/ 77).

فهنا واضح أن الكراهة كراهة تنزيه لاختلاف الحكم بين فعله من غير تدليس فيكره، أو يفعل للتدليس فيحرم.

ص: 461

إنما هي للنص، وليست لفهم النص، فلا يخلط بينهما، فيبقى على طالب العلم أن يذكر النصوص، والقارئ يرجح ما يراه، ولا ينبغي أن نصادر حق القارئ بالترجيح، فأتحامل فأسوق كل دليل أراه يؤيد رأيي، ولو كان بتأويل سائغ أو غير سائغ، وأغض الطرف عن أدلة القول الآخر بسبب أنه لم يترجح لي، وأتكلف التأويل، ورحم الله ابن القيم فإنك حين تقرأ له مسألة خلافيه، يجمع لكل قول ما يمكن أن يكون مؤيداً له، ويسوق له الأدلة من هنا وهناك حتى تظن أنه يرى هذا القول، ثم في آخر الأمر يتبين لك أنه لا يراه، ولكن فرق بين أن أعطي كل قول حقه من الأدلة، وبين أن أغمط أدلته خشية أن يترجح لغيري خلاف ما ترجح لي.

وأحكام الإسلام منها ما هو واضح بين، ومنها ما هو خفي، وهو ما عناه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله:" الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات " فبعض المسائل من الأمور المتشابهة، والذي ينبغي على طالب العلم أن يستفرغ وسعه في فهم النص ودلالته، وليست كل مسألة يكون الفرق بين القولين فيهما كما بين السماء والأرض، ففي أحيان كثيرة يكون الترجيح هو اطمئنان النفس وميلها إلى أحد القولين، وهذا الميل يكفي في ترجيح أحد القولين؛ ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ولكن إذا كانت المسألة كذلك ينبغي أن يتورع الإنسان من الطعن في أي من الأقوال المحتملة، والله أعلم.

وإني حين أرجح كراهية تغيير الشيب بالسواد، ذلك لأن ما يختاره الإنسان للناس غير ما يختاره الإنسان لنفسه، فإن على الباحث أن لا يوقِّع بتحريم شيء إلا وقد ظهر له ظهوراً جلياً من نص صريح لا خلاف في ثبوته، وذلك لأنه يخبر عن حكم الشرع، لا عن سلوك يرتضيه لنفسه، والاحتياط

ص: 462

ليس في جانب المنع، بل الاحتياط هو أن لا يتجرأ أحد على التحريم إلا بدليل صريح صحيح، فمن ظهر له هذا، فهو وذاك، ومن لم يظهر له، فمن أين يقوله، والله سبحانه وتعالى يقول:

{وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ}

(1)

بل إن التحريم أشد من الإباحة، وذلك أن الإباحة لا تحتاج إلى دليل، لأنها الأصل بخلاف التحريم.

(1)

الأنعام، آية:116.

ص: 463