الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فمثلوا قلوب بني آدم بالبهائم؛ لأنها تولد كاملة الخلق، ليس فيها نقصان، ثم تقطع آذانها بعد، وأنوفها، فيقال: هذه بحائر، وهذه سوائب. فكذلك قلوب الأطفال في حين ولادتهم ليس لهم كفر حينئذٍ ولا إيمان، ولا معرفة
ولا إنكار، كالبهائم السالمة فلما بلغوا استهوتهم الشياطين، فكفر أكثرهم، وعصم الله أقلهم، ولو كان الأطفال قد فطروا على شيء على الكفر أو الإيمان في أولية أمرهم ما انتقلوا عنه أبداً، ومحال أن يعقل الطفل حال ولادته كفراً أو إيماناً. والله سبحانه وتعالى يقول:
{والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً}
(1)
، فمن
لا يعلم شيئاً استحال منه كفر وإيمان، أو معرفة أو إنكار.
قال ابن عبد البر: هذا القول أصح ما قيل في معنى الفطرة التي يولد الناس عليها، والله أعلم؛ وذلك أن الفطرة السلامة والاستقامة بدليل حديث عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم حاكياً عن ربه عز وجل: إني خلقت عبادي حنفاء. يعني: على استقامة وسلامة. والحنيف في كلام العرب: المستقيم السالم. وإنما قيل للأعرج: أحنف على جهة الفأل. كما قيل للقفر: مفازة.
دليل من قال: الفطرة: البداءة، والفاطر البادئ
.
الدليل الأول:
(438 - 2) استدلوا بما روى الطبري في تفسيره، قال: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان، إبراهيم بن مهاجر،
(1)
النحل، آية:78.
عن مجاهد، قال: سمعت ابن عباس يقول: كنت لا أدري ما فاطر السموات والأرض حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر. فقال أحدهما لصاحبه: أنا فطرتها. يقول: أنا ابتدأتها
(1)
.
[ابن وكيع ضعيف، لكنه قد توبع، وباقي الإسناد رجاله ثقات إلا إبراهيم بن مهاجر فإنه صدوق في حفظه شيء]
(2)
.
(1)
تفسير الطبري (7/ 158).
(2)
تابع محمد بن بشار ابن وكيع، كما في التمهيد (18/ 78)، فقد رواه من طريقه، قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان به.
وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (2/ 258) من طريق أبي عبيدة، حدثني يحيى بن سعيد القطان به.
وإليك أهم ما قيل في إبراهيم بن مهاجر:
قال أحمد: ليس به بأس. وكذا قال الثوري. الجرح والتعديل (2/ 132).
وقال النسائي: ليس بالقوي. الضعفاء والمتروكين (7).
وقال في موضع آخر: لا بأس به. تهذيب الكمال (2/ 211).
وقال ابن عدي: أحاديثه صالحة، ويحمل بعضهاً بعضاً، وهو عندي أصلح من إبراهيم الهجري، وحديثه يكتب في الضعفاء. الكامل (1/ 213).
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم سمعت أبي يقول: إبراهيم بن مهاجر ليس بقوي، هو وحصين بن عبد الرحمن، وعطاء بن السائب قريب بعضهم من بعض، فمحلهم عندنا محل الصدق، يكتب حديثهم، ولا يحتج بحديثهم. قلت لأبي: ما معنى لا يحتج بحديثهم؟.
قال: كانوا أقواماً لا يحفظون، فيحدثون بما لا يحفظون، فيغلطون. ترى في حديثهم اضطراباً ما شئت. الجرح والتعديل (2/ 132).
وسأل الحاكم الدارقطني قلت: فإبراهيم بن مهاجر؟. قال: ضعفوه، تكلم فيه يحيى ابن سعيد وغيره. قلت: بحجة؟. قال: بلى، حدث بأحاديث لا يتابع عليها، وقد غمزه شعبة أيضاً. تهذيب التهذيب (1/ 146). =